الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيد، وإما أن يكونا جنسا واحدا فيجوز بيعهما بشرط التماثل وأن يكون يدا بيد، وعلى التقديرين فلا يمنع بيع أحدهما بالآخر. انظر البناية (7/ 369 - 370).
وعلى هذا حملوا النهي على النسيئة دون النقد.
21 - باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها
• عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري.
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (10) عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه البخاريّ في البيوع (2194)، ومسلم في البيوع (1534: 49) كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه البخاري (1486) من طريق عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر نحوه، وزاد:"وكان إذا سئل عن صلاحها قال: "حتى تذهب عاهته".
• عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري.
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1535) من طرق عن إسماعيل، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ومن هذا الوجه رواه كل من أبي داود (3368)، والترمذي (1226)، والنسائي (4551).
قال البيهقي (5/ 303): وذكر السنبل في هذا الحديث مما تفرّد به أيوب السختياني، عن نافع من بين أصحاب نافع، وأيوب ثقة حجة، والزيادة من مثله مقبولة، وهذا الحديث مما اختلف البخاري ومسلم في إخراجه في الصحيح، فأخرجه مسلم، وتركه البخاري، فقد روى حديث النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها: يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، وعبيد اللَّه بن عمر، والضحاك بن عثمان، وغيرهم، عن نافع، لم يذكر واحد منهم فيه النهي عن بيع السنبل حتى يبيض غير أيوب، ورواه سالم بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن دينار، وغيرهما عن ابن عمر، لم يذكر واحد منهم فيه ما ذكر أيوب، ورواه جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، وزيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن عباس، وأبو هريرة، وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر واحد منهم فيه ما ذكر أيوب إلا ما رواه حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الثمر حتى يزهو". انتهى.
والزهو في التمر أن يحمر، أو يصفر، وذلك إمارة الصلاح فيها، ودليل سلامتها من الآفة.
وقوله: "عن السنبل حتى يبيض" ظاهره بيع الحب في السبل إذا اشتد، وأبيض، وبه قال جمهور العلماء: أبو حنيفة، ومالك، وأهل المدينة والكوفة، ومنعه الشافعي بحجة الغرر
والجهالة. ولكن نقل ابن التركماني عن الشافعي أنه لما وصلته هذه الزيادة رجع عن قوله، وذلك أنه لا يجوز عنده قياس مع وجود الحديث.
• عن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة قال: كنا في سفر، ومعنا ابن عمر، فسألته، فقال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يُسبح في السفر قبل الصلاة، ولا بعدها. قال: وسألت ابن عمر عن بيع الثمار، فقال نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة. قلت: يا أبا عبد الرحمن، وما تذهب العاهة؟ وما العاهة؟ قال: طلوع الثريا.
صحيح: رواه الإمام أحمد (5012، 5015)، والطبراني في الكبير (13287)، والبيهقي (5/ 300) كلهم من طريق ابن أبي ذئب، عن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة فذكره. وإسناده صحيح.
وقوله: "طلوع الثريا" هو علامة ذهاب عاهة الثمار، وسيأتي مثله عن زيد بن ثابت.
• عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو. فقلنا لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر، وتصفر، أرأيت إن منع اللَّه الثمرة بم تستحل مال أخيك.
متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (2208)، ومسلم في المساقاة (1555) كلاهما عن قتيبة، حدّثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس فذكره. واللّفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.
• عن أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تُزهِيَ. فقيل له: يا رسول اللَّه، وما تزهي؟ فقال:"حين تحمر". وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إذا منع اللَّه الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه".
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (11) عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك فذكره. ورواه البخاري في البيوع (2198)، ومسلم في المساقاة (1555) كلاهما من طريق مالك به.
وأكد مسلم بروايته عن محمد بن عباد، عن عبد العزيز بن محمد، عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن لم يثمرها اللَّه فبم يستحل أحدكم مال أخيه" بأن قوله: "أرأيت إذا منع اللَّه. . . " مرفوع.
ولكن قال أبو حاتم، وأبو زرعة بعد أن سألهما عبد الرحمن عن حديث رواه محمد بن عباد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن حميد، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن لم يثمرها اللَّه فبم يستحل أحدكم مال أخيه" فقالا: هذا خطأ، إنما هو كلام أنس.
قال أبو زرعة: "كذا يرويه الدراوردي، ومالك بن أنس مرفوعا. والناس يروونه موقوفة من كلام أنس". انتهى. "العلل"(1/ 378 - 379).
وكذلك قال الدارقطني في "التتبع"(ص 475 - 478): "وقد خالف مالكا جماعة منهم إسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وهشيم، ومروان، ويزيد بن هارون، وغيرهم، قالوا فيه: قال أنس: "أرأيت إن منع اللَّه الثمرة". وأخرج أيضًا حديث إسماعيل بن جعفر، عَن حميد. وقد فصل
كلام أنس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما عن رواية ابن عباد فقال: إنه أسقط كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى بكلام أنس ورفعه عَن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا خطأ قبيح". انتهى.
وذكر البيهقي (5/ 300) سفيان الثوري ممن وقفه على أنس، وقال:"ومالك بن أنس جعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وتابعه على ذلك الدراوردي من رواية محمد بن عباد عنه". انتهى.
ورد على هؤلاء جميعًا الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (2/ 190 - 191)، فقال:"يزعم قوم أنه من قول أنس بن مالك، وهذا باطل بما رواه مالك وغيره من الحفاظ في هذا الحديث إذ جعلوه مرفوعًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روى أبو الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله". انتهى.
وأما الحافظ ابن حجر فقال في التلخيص (3/ 28): "وقد بينت في المدرج أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهم، وبيانها عند مسلم".
ولكن قال في "الفتح"(4/ 398 - 399) بعد أن نقل تعقب أبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني:"وليس في جميع ما تقدم ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا؛ لأن مع الذي رفعه زيادة على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه. وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يقوي رواية الرفع في حديث أنس، ولفظه: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لو بعت من أخيك ثمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ". انتهى.
وأما حديث جابر بن عبد اللَّه فهو الآتي.
وللحديث طريق آخر: رواه أبو داود (3371)، والترمذي (1228)، وابن ماجه (2217)، وصحّحه ابن حبّان (4993)، والحاكم (2/ 19) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، ولفظه:"نهى عن بيع العنب حتى يسود، وبيع الحب حتى يشتد".
وزاد البعض: "وبيع الثمر حتى يزهو".
قال الترمذي: "حسن غريب".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".
ولكن أعله البيهقي (5/ 303) بما ليس بعلة، فقال: هذا الحديث تفرد به حماد بن سلمة عن حميد من بين أصحاب حميد. . . ".
قلت: حماد بن سلمة ثقة، فلا يضر تفرده، وقد قال الإمام أحمد: حماد بن سلمة أعلم الناس بحديث حميد، وأصح حديثًا. وقال أيضًا: هو أثبت الناس في حميد الطويل، سمع منه قديمًا، يخالف الناس في حديثه.
فمثل هذا لو تفرد فلا يضر تفرده، ويشهد له حديث ابن عمر على هذه الزيادة. انظر للمزيد
"المنة الكبرى"(4/ 87 - 88).
• عن جابر بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لو بعت من أخيه تمرا، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ".
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (1554) عن أبي الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج، أن أبا الزبير أخبره عن جابر بن عبد اللَّه فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول فذكر الحديث.
• عن جابر بن عبد اللَّه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تُشقح. قال: فقلت لسعيد: وما تُشقح؟ قال: تحمار، وتصفار، ويؤكل منها.
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (2196)، ومسلم في البيوع (4536: 84) من طريق سليم ابن حيان، حدّثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه قال فذكره.
• عن جابر قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شيء منه إِلَّا بالدينار والدرهم إِلَّا العرايا.
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (2189) من طريق ابن جريج، عن عطاء، وأبي الزبير، عن جابر فذكره.
ورواه مسلم في البيوع (1536: 53) عن رجلين آخرين، عن أبي الزبير به الشطر الأول منه فقط، ولم يقل:"ولا يباع شيء منه. . . . ".
ورواه من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بلفظ:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه".
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها".
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1538) عن أبي كريب محمد بن العلاء، حدّثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن ابن أبي نُعم، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه من وجه آخر عن ابن شهاب، حدّثني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وزاد فيه:"ولا تبتاعوا الثمر بالتمر".
وأما ما روي عنه بلفظ: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتى تقسم، وعن بيع النخل حتى تحرز من كل عارض، وأن يصلي الرجل بغير حزام". فهو ضعيف.
رواه أبو داود (3369) من حديث شعبة، عن يزيد بن خمير، عن مولى لقريش، عن أبي هريرة فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا البيهقي (2/ 240) مختصرًا. وفيه رجل لم يسم.
• عن أبي البختري قال: سألت ابن عباس عن بيع النخل، فقال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل، وحتى يوزن. قال: فقلت: ما يوزن؟ فقال رجل عنده: حتى يُحزَر.
متفق عليه: رواه البخاري في السلم (2246)، ومسلم في البيوع (1537) كلاهما من طريق شعبة، أخبرنا عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البختري الطائي فذكره. واللفظ لمسلم.
ولفظ البخاري نحوه إِلَّا أنه قال: سألت ابن عباس عن السلم في النخل. ووقع عنده: "حتى يُحرز" بدل "يحزر".
قال الحافظ في الفتح (4/ 432): "وقوله: "حتى يحرز" بتقديم الراء على الزاي، أي يحفظ، ويصان. وفي رواية الكشميهني: بتقديم الزاي على الراء، أي يوزن أو يخرص. قال: وصوب عياض الأول، ولكن الثاني أليق بذكر الوزن".
• عن ابن عباس كان يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يباع الثمر حتى يُطعم".
صحيح: رواه أحمد (2247)، والطبراني في الكبير (1187، 1188)، وصحّحه ابن حبان (4988) كلهم من طريق عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس فذكره.
وأما الحاكم (2/ 37) فرواه من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وصحّحه.
وفيه سماك بن حرب، وهو مضطرب في حديث عكرمة، فكان من الأولى أن يخرج الطريق الأول.
• عن زيد بن ثابت قال: كان الناس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُمان، أصابه مرض، أصابه قشام -عاهات يحتجون بها-، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما كثرت عنده الخصومة في ذلك:"فإما لا فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر" كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم.
صحيح: رواه أبو داود (3372)، وأحمد (216662)، والبيهقي (5/ 301 - 302) كلهم من حديث يونس بن محمد قال: سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما ذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال فذكر الحديث نحوه. هكذا قال أبو داود.
وعلقه البخاري في صحيحه (2193) قال: قال الليث عن أبي الزناد، عن عروة، عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال فذكره.
قال (أي أبو الزناد): وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا، فيتبين الأصفر من الأحمر.
قال أبو عبد اللَّه (أي البخاري): رواه علي بن بحر، حدثنا حكام، حدثنا عنبسة، عن زكريا، عن أبي الزناد، عن سهل، عن زيد.
وأما أحمد فرواه عن يونس بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد قال: قال زيد بن ثابت: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، ونحن نبتاع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. فذكر نحوه.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن بن أبي الزناد فيه كلام يسير، إِلَّا أنه توبع.
وأبو الزناد هو عبد اللَّه بن ذكوان والد عبد الرحمن.
قوله: "جذ الناس" بالجيم والذال المعجمة الثقيلة، أي قطعوا ثمر النخل. والجذاذ صرام النخل، وهو قطع ثمرتها وأخذها من الشجر.
وقوله: "الدمان" فسر بفساد الطلع، وتعفنه، وسواده.
وقوله: "قُشام" فسر في رواية بأنه شيء يصيبه حتى لا يرطب. وقيل: أن ينتقص ثمر النخل قبل أن يصير بلحا.
وقوله: "فإما لا" أصلها "إن" الشرطية، و"ما" زائدة، فأدغمت، والمعنى: إن لم تفعل كذا فافعل كذا.
وقوله: "حتى تطلع الثريا" أي مع الفجر في أول فصل الصيف، وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز، فالمعتبر في الحقيقة النضج، وطلوع الثريا علامة له.
وقول البخاري: "رواه ابن بحر". هو شيخه القطان الرازي. وحكام هو ابن سلم الرازي أيضًا. وعنبسة -بسكون النون- هو ابن سعيد الكوفي، عرف بالرازي أيضًا.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود -كما سبق- عن أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة بن خالد، عن يونس بن محمد فهو غير عنبسة بن سعيد الذي ذكره البخاري، كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 395 - 396)، فهما اثنان، ومن ظن أنهما واحد فقد وهم.
وقال: "وليس لعنبسة بن سعيد في البخاري سوى هذا الموضع الموقوف بخلاف عنبسة بن خالد".
• عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبيعوا ثماركم حتى يبدو صلاحها، وتنجو من العاهة".
حسن: رواه الإمام أحمد (24407) والحارث في مسنده -بغية الباحث- (ص 470) من حديث عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة فذكرته.
ورواه أيضًا (25268) عن أبي عامر قال: حدثنا خارجة بن عبد اللَّه، عن أبي الرجال، عن أمه عمرة، عن عائشة فذكرته.
قال عبد اللَّه: قال أبي: "خارجة ضعيف الحديث".
قلت: خارجة بن عبد اللَّه هو ابن سلمان بن زيد بن ثابت، قال ابن معين:"ليس به بأس". وقال أبو حاتم: "شيخ حديثه صالح". ومن هذا الطريق رواه أيضًا الطحاوي في شرحه (4/ 23)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 134).
ثم هو لم ينفرد به، بل تابعه عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبيه، كما سبق. ولكن أرسله مالك في البيوع (12) عن أبي الرجال، فلم يذكر فيه عائشة. والحكم لمن وصله.
قال الدارقطني في العلل (14/ 425): "يرويه أبو الرجال، واختلف عنه: فرواه خارجة بن عبد اللَّه بن سليمان، عن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، وتابعه ابن أبي الرحال عن أبيه.
ورواه مالك عن أبي الرحال، عن عمرة مرسلًا. ومن عادة مالك أن يرسل أحاديث". انتهى.
فلم ير إرسال مالك علة قادحة في الحديث؛ لأنه جعل الإرسال من عادة مالك احتياطا، وغيره يرويه موصولًا.
وقال ابن عبد البر بعد أن أسند الحديث من طريق خارجة بن عبد اللَّه، وذكر من شواهده حديث ابن عمر، وأبي سعيد:
"وروي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة كلها صحاح ثابتة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، وحتى تزهي، وحتى تحمر، وحتى تُطعم، وحتى تخرج من العاهة. ألفاظ كلها محفوظة، ومعناها واحد". انتهى.
وفي معناه ما روي عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحها". قيل: وما صلاحها؟ قال: "تذهب عاهتها، ويخلص صلاحها".
رواه البزار -كشف الأستار (1291) - من طريق ابن أبي يعلى، عن عطية، عن أبي سعيد فذكره.
وذكره الهيثمي في "المجمع"(4/ 102)، وعزاه أيضًا إلى الطبراني في الأوسط، وقال:"وفي إسناد البزار عطية، وهو ضعيف، وقد وثق. وفي إسناد الطبراني جابر الجعفي، وهو ضعيف، وقد وثق". انتهى.
وفي الباب أيضًا عن أبي أمامة، وسعد بن أبي وقاص، وعلي بن أبي طالب، وكلها ضعيفة.
فقه هذا الباب:
1 -
العمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بيع الثمار قبل بدو الصلاح للعلة التي ذكرت في الحديث.
2 -
ولكن لو باع، واشترط القطع لجاز باتفاق أهل العلم؛ لأنه يأمن بالقطع من الهلاك بالآفة والعاهة. وفيه انتفاء العلة التي جاء النهي من أجلها.
3 -
وبدو الصلاح يختلف باختلاف أنواع الثمرة، ففي الرطب حتى يصير بسرا، وهو أن يرى فيه نقط الحمرة، والسواد. وفي الكوخ والكمثرى والمشمش والتفاح بأن يطيب بحيث يستطاع