الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبيع الثنيا المنهي عنه أن يبيع ثمر حائطه، ويستثني منه جزءا غير معلوم، ولكن لو استثنى منه جزءا معلوما لجاز البيع.
52 - باب النهي عن بيع المصرّاة
• عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تُصرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر".
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (96) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاري في البيوع (2150)، ومسلم في البيوع (1515: 11)، كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم أيضًا (1524: 28) من طريق همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها:"إذا ما أحدكم اشترى لقحة مصراة أو شاة مصراة، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إما هي، وإلا فليردها وصاعًا من تمرٍ".
• عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع شاة مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها، ورد معها صاعا من تمر".
صحيح: رواه مسلم في البيوع (1524: 24) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وفي رواية عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة به مثله، إلا أنه قال:"فإن ردها رد معها صاعا من طعام، لا سمراء".
وفي رواية عن ابن سيرين أيضًا بلفظ: "من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين: إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء".
وقد أشار البخاري إلى هذا الاختلاف في رواية ابن سيرين عقب حديث الأعرج عن أبي هريرة المتقدم في الباب، فقال:"وقال بعضهم عن ابن سيرين: "صاعا من تمر". ولم يذكر "ثلاثا"، والتمر أكثر. اهـ.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا باع أحدكم الشاة أو اللِقحة فلا يُحَفِّلها".
صحيح: رواه النسائي (4481)، وأحمد (7699)، وابن حبان (4969) من حديث عبد الرزاق -وهو في مصنفه (14864) -: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، أخبرني أبو كثير، أنه سمع أبا هريرة فذكره. وإسناده صحيح.
"والتحفيل" هو جمع اللبن في ضرع الناقة.
"واللقحة" هي الناقة الناتجة.
• عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يُتَلَقَّى جَلَبٌ، ولا يبع حاضر لباد، ومن اشترى شاة مصراة أو ناقة -قال شعبة: إنما قال: ناقة مرة واحدة- فهو فيها بآخر النظرين إذا هو حلب، إن ردها رد معها صاعا من طعام".
قال الحكم: أو قال: "صاعا من تمر".
صحيح: رواه أحمد (18819)، والبيهقي (5/ 319) كلاهما من حديث شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
وإسناده صحيح، ولا تضر الجهالة بالصحابي، كما هو معلوم.
وقوله: "صاعا من طعام، أو صاعا من تمر" شك من أحد الرواة، لا أنه على التخيير؛ ليكون موافقا للأحاديث الثابتة. قاله البيهقي.
وقد أفتى بذلك من الصحابة عبد اللَّه بن مسعود.
رواه البخاري في البيوع (2149، 2164) من وجهين عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد اللَّه قال:"من اشترى شاة محفلة، فردها، فليرد معها صاعا من تمر. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُلقى البيوع".
وكذلك رواه عبد الرزاق (8/ 198) عن الثوري، والبيهقي (5/ 317) من حديث يعلى بن عبيد، كلاهما عن الأعمش، عن خيثمة، عن عبد اللَّه قال:"إياكم والمحفلات؛ فإنها خلابة، ولا تحل الخلابة لمسلم". ولكن زاد البيهقي بين خيثمة وبين عبد اللَّه "الأسود".
ورواه ابن ماجه (2241)، وأحمد (4125)، وأبو داود الطيالسي (292)، وعنه البيهقي (5/ 317) كلهم من حديث المسعودي، عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد اللَّه، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق-، فذكر الحديث مثله.
وجابر هو أبن يزيد الجعفي، وهو ضعيف. والمسعودي هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عتبة اختلط قبل موته. والصحيح أنه موقوف.
وسئل الدارقطني عن حديث خيثمة، عن ابن مسعود: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع المحفلات من الغنم.
فقال: أسنده أبو شهاب عن الأعمش، عن خيثمة.
وغيره يرويه موقوفا. وهو الصواب". (العلل 5/ 47 - 48).
ثم رواه عن أبي القاسم بن منيع، حدثنا محمد بن جعفر الوركاني، حدثنا أبو شهاب بذلك مرفوعا. وليس غيره.
وقال في أطراف الغرائب: "تفرد به محمد بن جعفر الوركاني، عن أبي شهاب، عن الأعمش،
عنه". انتهى.
وأما ما روي عن عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس من باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها مثلي لبنها -أو قال: مثل لبنها- قمحا". فهو ضعيف.
رواه أبو داود (3446)، وابن ماجه (2240)، والبيهقي (5/ 319) كلهم من حديث عبد الواحد ابن زياد قال: حدثنا صدقة بن سعيد الحنفي قال: حدثنا جميع بن عمير التيمي قال: حدثنا عبد اللَّه ابن عمر فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل جميع بن عمير التيمي، قال فيه البخاري:"فيه نظر". وقال ابن حبان: "رافضي يضع الحديث". إلا أن العجلي قال: "تابعي ثقة". وهو من تساهله، وحسن الترمذي بعض حديثه. وكذلك فيه صدقة بن سعيد الحنفي، ضعفه الساجي، وابن وضاح.
وفي الباب أيضًا ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تستقبلوا السوق، ولا تحفلوا، ولا يُنَفِّق بعضكم لبعض".
رواه الترمذي (1268)، وأحمد وابنه عبد اللَّه (3313)، وأبو يعلى (1345)، والبيهقي (5/ 317) كلهم من طريق أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وسماك هو أبن حرب الكوفي ثقة، وثّقه ابن معين وغيره، ولكن ضعّفه جمهور أهل العلم في روايته عن عكرمة؛ فإنه مضطرب فيه، كما قال أحمد، وابن المديني، والعجلي، وابن المبارك، وغيرهم.
وأما الترمذي فقال: "حسن صحيح". كأنه لم يأخذ بهذه العلة.
وقال: "والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا بيع المحفلة، وهي المصراة، لا يحلبها صاحبها أياما ونحو ذلك؛ ليجتمع اللبن في ضرعها، فيغتر بها المشتري، وهذا ضرب من الخديعة والغرر".
قوله: "لا تصروا" بفتح التاء والصاد، ويأتي معناه اللغوي.
وفيه دليل على نهي التصرية، سواء قصد بها البيع أم لا؛ لما فيه من إيذاء الحيوان، وهو محرم. فإذا باع مع التصرية فإنه ارتكب المحظورين: إيذاء الحيوان، وغش المشتري. وما جاء بلفظ:"لا تصروا الإبل والغنم للبيع" فهو للغالب.
وقيل: إن النهي خاص بالبيع، ويجوز نصرية الحيوان لغير البيع.
وقوله: "فإن رضيها أمسكها" فيه دليل على صحة البيع مع التصرية إن رضي بها المشتري.
وقوله: "وصاعا من تمر" أي: ورد صاعا من تمر.
اختلاف أهل العلم واللغة في اشتقاق المصراة.
قال الشافعي: التصرية أن تربط أخلاف الناقة والشاة، وتترك من الحلب اليومين والثلاثة، حتى يجتمع لها لبن، فيراه المشتري كثيرا، ويزيد في ثمنها؛ لما يرى من كثرة لبنها، فإذا حلبها بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنتين عرف أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غرور للمشتري.