الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع ما جاء في الاستقراض والتفليس
1 - باب الاستعاذة من الدين
• عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة، ويقول:"اللهمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم". فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ -يا رسول اللَّه- من المغرم! قال: "إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الاستقراض (2397)، ومسلم في المساجد (589) كلاهما من طريق الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة فذكرته. واللّفظ للبخاريّ.
وأما ما روي عن أبي سعيد يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أعوذ باللَّه من الكفر والدين". فقال رجل: يا رسول اللَّه، أتعدل الدين بالكفر؟ فقال:"نعم" فهو ضعيف.
رواه النسائي (3473) عن محمد بن عبد اللَّه بن يزيد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حيوة، وذكر آخر، قال: حدّثنا سالم بن غيلان التُجيبي أنه سمع دراجا أبا السمح، أنه سمع أبا الهيثم، أنه سمع أبا سعيد فذكره.
ودراج أبو السمح مختلف فيه إلا أنه ضعيف في أبي الهيثم، وفي غيره يحسن.
وأخرجه الحاكم (1/ 572) من هذا الوجه، وقال: صحيح الإسناد. كأنه لم ينتبه إلى علة خفية.
2 - باب التشديد في الدين
• عن ابن عمر قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من حالت شفاعته دون حد من حدود اللَّه عز وجل فقد ضاد اللَّه في أمره. ومن مات وعليه دين فليس بالدينار ولا بالدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات. ومن خاصم في باطل -وهو يعلمه- لم يزل في سخط اللَّه حتى ينزع. ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللَّه ردغة الخبال حتى يخرج مما قال".
صحيح: رواه الإمام أحمد (5385) عن حسن بن موسى قال: حدّثنا زهير بن معاوية، حدّثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن راشد قال: خرجنا حجاجا عشرة من أهل الشام، حتى أتينا مكة، فذكر الحديث، قال: فأتيناه، فخرج إلينا -يعني ابن عمر-، فقال فذكر الحديث.
وصحّحه الحاكم (2/ 27)، وأخرجه أيضًا البيهقي (6/ 82) كلاهما من طريق زهير بن معاوية
به. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
ورواه أبو داود (3597) من هذا الطريق نفسه إلا أنه اختصره، ولم يذكر فيه الدين.
وقوله: "أسكنه اللَّه في ردغة الخبال" الردغة طين ووحل كثير، جمعه ردغ ورِداغ.
والخبال في الأصل الفساد، ويكون في الأفعال، والأبدان، والعقول. وقد ورد تفسيره في الحديث أنه عصارة أهل النّار. انظر "النهاية"(2/ 8، 215).
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين".
حسن: رواه أحمد (9679، 10156)، والدارمي (2633)، والبيهقي (6/ 76) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل عمر بن أبي سلمى بن عبد الرحمن بن عوف، فإنه مختلف فيه، فضعفه النسائي، ومشاه الآخرون، وهو حسن الحديث، وقد توبع، إلا أن هذا الإسناد هو أصح ما جاء في هذا الحديث، كما قال الدارقطني في "العلل"(9/ 305).
قلت: وهو كما قال، وقد تابعه إبراهيم بن سعد، فرواه عن أبيه سعد بن إبراهيم باسناده مثله.
رواه الترمذيّ (1079) من حديث عبد الرحمن بن مهدي، وابن ماجه (2413) عن أبي مروان العثماني، والبغوي في شرحه (2147) عن الشافعي، كلهم عن إبراهيم بن سعد.
قال البغوي: "هذا حديث حسن".
وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن، وهو أصح من الأول".
وهو يقصد ما رواه زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فأسقط منه عمر بن أبي سلمة.
وكذلك رواه صالح بن كيسان، عن سعد بن إبراهيم. رواه الحاكم (2/ 26 - 27)، وقال:"صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لرواية الثوري قال فيها: "عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة" هو إبراهيم بن سعد على حفظه وإتقانه أعرف بحديث أبيه من غيره". انتهى.
إلا أنه لم يخرج رواية سفيان الثوري، هو أصح ما جاء في هذا الحديث.
قلت: عمر بن أبي سلمة توبع، وهو ما رواه ابن حبان في صحيحه (3061) من طريق إسحاق ابن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر نحوه.
وللحديث أسانيد أخرى ذكرها الدارقطني في علله، ورجح رواية سفيان الثوري، كما مضى، ولم يذكر رواية عبد الرزاق التي هي أيضًا صحيحة.
ولكنه قال: واختلف على صالح بن كيسان، فقيل: عنه، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي
هريرة. قال ذلك محمد بن عبد اللَّه الرقاشي، عن مسلم بن خالد عنه.
وسعد بن إبراهيم زهري، فإن كان أراد بقوله:"الزهري" سعد بن إبراهيم، وإلا فقد وهم.
وقال المعلق: أخرج الدارقطني في الأفراد، وقال: غريب من حديث الزهريّ، تفرّد به محمد ابن عبد اللَّه الرقاشي، عن مسلم بن خالد، عن صالح بن كيسان، عنه. أطراف الغرائب (2/ 312).
وفي هذا دلالة واضحة أنه لم يقف على رواية عبد الرزاق.
• عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "من فارق الروح والجسد وهو بريء من ثلاث: الكنز والغلول والدين دخل الجنّة".
صحيح: رواه الترمذيّ (1572)، وابن ماجه (2412)، وأحمد (22427)، وابن حبان (198)، والحاكم (2/ 26)، والبيهقي (5/ 355)، والدارمي (2634) كلهم من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره.
وإسناده صحيح. وسعيد بن أبي عروبة اختلط بأخرة، ولكن في الإسناد من روى عنه قبل الاختلاط.
وقوله: "الكنز" وفي روايات أخرى: "الكبر". ولكن قال الترمذيّ: "هكذا قال سعيد: "الكنز". وقال أبو عوانة في حديثه: "الكبر". ولم يذكر فيه: عن معدان. ورواية سعيد أصح". انتهى.
وهو يقصد ما رواه هو (1572) عن قتيبة، حدّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر والغلول والدين دخل الجنّة".
هكذا قال الترمذيّ، ولكن رواه الحاكم من طريق أبي داود الطيالسي، وعفان بن مسلم قالا: حدّثنا أبو عوانة بإسناده، وذكر فيه معدان بن أبي طلحة بين سالم بن أبي الجعد وثوبان.
وقال: "صحيح على شرط الشيخين".
فلعل الترمذيّ لم يقف على رواية أبي داود الطيالسي، كما أني لم أجده في مسنده، فانظر أين أخرجه?
• عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته ليس ثم دينار ولا درهم".
حسن: رواه ابن ماجه (2414) عن محمد بن ثعلبة بن سواء، قال: حدّثنا عمي محمد بن سواء، عن حسين المعلم، عن مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وإسناده حسن من أجل مطر الوراق؛ فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إلا في روايته عن
عطاء، فإنه يضعف فيه، وهو من رجال الصحيح.
وقد حسّنه أيضًا المنذري في "الترغيب والترهيب"(2802).
• عن عقبة بن عامر يقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها". قالوا: وما ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: "الدَّين".
حسن: رواه أحمد (17320، 17407)، والطبراني في الكبير (17/ 328)، وأبو يعلى (1739)، والحاكم (2/ 26)، والبيهقي (5/ 355)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 509) كلهم من طرف عن بكر بن عمرو المعافري، عن شعيب بن زرعة المعافري أنه سمع عقبة بن عامر يقول فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
وإسناده حسن من أجل شعيب بن زرعة المعافري، روى عنه جمعٌ، وذكره ابن حبان ذكره في "الثقات"(4/ 356)، ولم أجدْ من تكلم فيه، وهو من رجال "التعجيل".
وفي الباب ما روي عن أبي موسى الأشعري عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أعظم الذنوب عند اللَّه أن يلقاه بها عبد -بعد الكبائر التي نهى اللَّه عنها- أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء".
رواه أبو داود (3342) عن سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، حدثني سعيد بن أبي أيوب، أنه سمع أبا عبد اللَّه القرشي يقول: سمعت أبا بردة بن أبي موسى الأشعري يقول: عن أبيه فذكره.
ورواه الإمام أحمد (19495) من وجه آخر عن سعيد بن أبي أيوب قال: سمعت رجلا من قريش يقال له أبو عبد اللَّه كان يجالس جعفر بن ربيعة قال: سمعت أبا بردة الأشعري يحدث عن أبيه فذكره.
وأبو عبد اللَّه القرشي، وقيل: بالتصغير، مصري "مقبول". أي عند المتابعة.
وفي الباب ما روي عن ابن عباس قال: قدمت عبر المدينة، فاشترى النبي صلى الله عليه وسلم منها، فربح أواقي، فقسمها في أرامل بني عبد المطلب، وقال:"لا أشتري شيئًا ليس عندي ثمنه".
رواه أبو داود (3344)، وأحمد (2093)، والحاكم (2/ 24)، والبيهقي (5/ 356) كلهم من طرق عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. واللّفظ لأحمد.
ولفظ أبي داود: اشترى من عير تبيعا، وليس عنده ثمنه، فأربح فيه، فباعه، فتصدق بالربح على أرامل بني عبد المطلب، وقال:"لا أشتري بعدها شيئًا إلا وعندي ثمنه".
وإسناده ضعيف من أجل شريك، وهو ابن عبد اللَّه القاضي، سيء الحفظ. وسماك في روايته عن عكرمة مضطرب.
وأما الحاكم فقال: "قد احتج البخاري بعكرمة، واحتج مسلم بسماك وشريك. والحديث صحيح، ولم يخرجاه".
والصحيح أن البخاري لم يحتج بعكرمة في رواية سماك عنه، كما أن مسلما لم يحتج بسماك عن عكرمة، وكذلك شريك، وإنما أخرج له في المتابعات.
وقد بوب البخاري بقوله: "باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته". وفيه إشارة إلى تضعيف حديث ابن عباس.
قال الحافظ في "الفتح": "فهو جائز، وكأنه يشير إلى ضعف ما جاء عن ابن عباس مرفوعا، وقال: تفرّد به شريك، عن سماك، واختلف في وصله وإرساله".
قوله: "العير" بكسر العين، وسكون الياء: الإبل التي تحمل المتاع.
وقوله: "تبيعا" الذي يتبع أمه في المرعى.
وروي أيضًا عن سمرة قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"هاهنا أحد من بني فلان". فلم يجبه أحد، ثم قال:"هاهنا أحد من بني فلان". فلم يجبه أحد، ثم قال:"هاهنا أحد من بني فلان". فقام رجل، فقال: أنا يا رسول اللَّه. فقال: "ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين؟ أما إني لم أنوه بكم إلا خيرا، إن صاحبكم مأسور بدينه". فلقد رأيته أدى عنه حتى ما بقي أحد يطلبه بشيء. إلا أنه منقطع.
رواه أبو داود (3341)، والنسائي (4685)، وأحمد (20231)، والحاكم (2/ 26) كلهم من طريق سعيد بن مسروق، عن الشعبي، عن سمعان (وهو ابن مشنج)، عن سمرة فذكره.
ورواه أبو داود الطيالسي (932) عن شعبة، قال: أخبرني فراس، قال: سمعت الشعبي، قال: سمعت سمرة بن جندب، يقول: فذكره.
وكذلك رواه أحمد (20124)، والحاكم، وغيرهما، ولم يذكروا بينهما سمعان.
قال البخاري في "التاريخ الكبير": "لا نعلم لسمعان سماعا من سمرة، ولا للشعبي سماعا من سمعان".
قلت: وكذلك قول الشعبي في رواية أبي داود الطيالسي: سمعت سمرة غلط. قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(6/ 323): "حديث شعبة عن فراس، عن الشعبي، سمعت سمرة غلط، بينهما سمعان بن مشنج".
وفي "العلل"(550) قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: هكذا رواه أبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن فراس، عن الشعبي، قال: سمعت سمرة. والشعبي لم يسمع من سمرة".
قلت: الخطأ فيه من فراس وهو ابن يحيى الهماني، فإنه كان يخطئ.