الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما في رواية مهنا عنه، عن المحرم يموت هل يُغطّى وجهه؟ فقال: قد اختلفوا فيه عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: لا يغطى رأسه. قلت: أيهما أعجب إلك، يغطى وجه المحرم إذا مات أو لا يغطى؟ قال: أما الرأس فلا أرى أن يغطوه، وأما الوجه فأرجو أن لا يكون به بأس". انظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام (2/ 52 - 53).
وقد رُوي عن جماعة من الصحابة منهم ابن عباس نفسه، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وابن الزبير، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله أنهم أجازوا للمحرم أن يغطى وجهه، فهم مخالفون لا بن عمر في ذلك.
وأمّا ما روي عن عثمان بن عفان، قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يخمِّر وجهه وهو محرم". فالصواب أنه موقوف.
رواه الدارقطني في "العلل"(3/ 13) عن أبي بكر الشافعيّ، قال: حدّثنا موسى بن الحسن، ثنا القعنبيّ، ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان، فذكره.
قال الدارقطني: "هكذا كان في كتاب أبي بكر مرفوعًا، والصواب موقوف". ثم ساق بإسناده عن سفيان (هو ابن عيينة)، قال: سمعت عبد الله بن أبي بكر يقول: أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة: "أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج مخمرًا وجهه بقطيفة أرجوان في يوم صائف وهو محرم".
قال ابن عيينة: كان سفيان الثوريّ يغلط فيه، يقول عن الفُرافصة. انتهى.
والفُرافصة هو ابن عمير الحنفيّ أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي وجهه وهو محرم. رواه مالك في الحج (14) عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد أنه قال: أخبرني الفُرافصة بن عمير الحنفيّ، فذكره.
وأخرجه البيهقيّ (5/ 54) من وجه آخر عن يحيى بن سعيد.
والخلاصة فيه كما قال بعض أهل العلم أن حديث الباب خاص بالمحرم الذي يموت، وحديث عثمان للمحرم الحي عند الحاجة.
وهو عكس ما قال به العلماء الحنفية أن حديث ابن عباس يحمل على المحرم الحي دون الميت المحرم، فحكمه عندهم كسائر الأموات في تغطية الرأس والوجه.
6 - باب ما جاء في تظليل المحرم
• عن أمّ الحصين، قالت: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلالًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِن الحَرِّ حَتَّي رَمَي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1298: 312) عن أحمد بن حنبل، حدّثنا محمد بن سلمة، عن أبي
عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن الحصين، عن أمّ الحصين جدته قالت، فذكرته.
• عن عبد الله بن عمر، قال: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ! مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِن الثِّيَابِ فِي الإِحْرَام؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا الْعَمَائِمَ، وَلا الْبَرَانِسَ إِلا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَس الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِن الْكَعْبَيْن، وَلا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلا الْوَرْسُ وَلا تَنْتَقِب الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَس الْقُفَّازَيْنِ".
تابعه موسى بن عقبة، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، وجويرية، وابن إسحاق في النّقاب والقفازين.
صحيح: رواه البخاريّ في جزاء الصيد (1838) عن عبد الله بن يزيد، حدّثنا اللّيث، حدّثنا نافع، عن ابن عمر، به.
وقول البخاريّ: "تابعه موسى بن عقبة
…
إلخ" يعني تابعوا ليثًا عن نافع في ذكر النّقاب والقفازين مرفوعًا.
ورواه مالك عن نافع، ولم يرفعه، فرجّح البخاريّ أن زيادة الثقة مقبولة.
وذكر أيضًا أبو داود (1825) بعد أن روى من طريق اللّيث مرفوعًا أن حاتم بن إسماعيل، ويحيى بن أيوب، وموسى بن عقبة رووا هذه الزيادة عن نافع على ما قال الليث.
ثم قال: ورواه موسي بن طارق عن موسى بن عقبة موقوفًا على ابن عمر، وكذلك رواه عبيد الله ابن عمر ومالك وأيوب موقوفًا.
وذكر أبو داود ممن رفعه إبراهيم بن سعيد المديني وهو شيخ من أهل المدينة ليس له كبير حديث.
وأخرجه (1826) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا إبراهيم بن سعيد المديني، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين".
قلت: إبراهيم بن سعيد هذا مجهول كما أشار إليه أبو داود بأنه غير معروف. قال الحافظ في التقريب: "مجهول الحال". ولكنه توبع كما سبق.
• عن ابن عمر: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَي النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَن الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ والزَّعْفَرَانُ مِن الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا أَوْ خُفًّا.
حسن: رواه أبو داود (1827) عن أحمد بن حنبل، حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: فإن نافعًا مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر، فذكره.
قال أبو داود: "روي هذا الحديث عن ابن إسحاق عن نافع. وعبدة بن سليمان، ومحمد بن
سلمة عن محمد بن إسحاق إلى قوله: "وما مسّ الورس والزعفران من الثياب" ولم يذكرا ما بعده.
وصحّحه الحاكم (1/ 486) ورواه من طريق الإمام أحمد وقال: "صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.
قلت: وذلك على منهج الحاكم، وإلا فإن مسلمًا لم يحتج بابن إسحاق، والحديث في مسند الإمام أحمد من وجهين:
أحدهما: عن يعلى بن عبيد، حدّثنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينهى النساء في الإحرام عن القفاز والنقاب، وما مسّ الورس والزّعفران من الثياب"(4740).
والثاني: عن يزيد، أخبرنا محمد -يعني ابن إسحاق-، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر، وهو ينهي الناس إذا أحرموا عما يكره لهم:"لا تلبسوا العمائم، ولا القميص، ولا السّراويلات، ولا البرانس، ولا الخفين، إلا أن يضطر مضطر إليهما فليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا ثوبًا مسّه الورس ولا الزّعفران". قال: وسمعته ينهى النساء عن القفازين والنقاب، وما مسّ الورس والزعفران من الثياب".
وأمّا رواية يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق فلم أجدها في المسند
وأمّا المعصفر فليس بطيب، روي ذلك عن جابر؛ ولذا كانت عائشة رضي الله عنها تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة.
ورُوي عن حقة بنت عمرو وكانت قد صلت إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنها كانت إذا أرادت أن تحرم وضعت عبيتها في حجرها ولبست من ثيابها ما تشاء والمعصفر، فتهل".
رواه الطبرانيّ في "المعجم الكبير"(24/ 215) من حديث شريك، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز، عنها.
قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 220): "ورجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال إلا أن شريكًا وهو ابن عبد الله النخعيّ تغيّر حفظه منذ ولي القضاء، فلا يؤمن من وقوع الوهم والخطأ في حديثه.
وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز استعمال الثياب المعصفرة للمحرمة.
وقال أصحاب الرأي هو طيب تجب به الفدية. انظر: "شرح السنة"(7/ 244 - 245).
والعُصْفُر: نبات صيفيٌّ من الفصيلة المركبة أنبوبية الزهر، يستعمل زهره تابلًا، ويستخرج منه صبغ أحمر يصبغ به الحرير ونحوه. كذا في المعجم الوسيط.
• عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله (يعني ابن عمر): كان يصنع ذلك -يَعْنِي يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ-، ثُمَّ حَدَّثَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ