الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الأَرْضِ شَرْقِيًّا وَغَرْبِيًّا. وَهَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قَوْمُكِ رَفَعُوا بَابَهَا؟ ". قَالَتْ: قُلْتُ: لا، قَال: "تَعَزُّزًا أَنْ لا يَدْخُلَهَا إِلا مَنْ أَرَادُوا، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا يَدَعُونَهُ يَرْتَقِي حَتَّى إِذَا كَادَ أَنْ يَدْخُلَ دَفَعُوهُ فَسَقَطَ". قَالَ عبد الملك لِلْحَارِثِ:"أَنْتَ سَمِعْتَهَا تَقُولُ هَذَا؟ ". قَال: نَعَمْ قَالَ: فَنَكَتَ سَاعَةً بِعَصَاهُ ثُمَّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تَحَمَّلَ".
صحيح: رواه مسلم في الحج (1333: 403) عن محمد بن حاتم، حدّثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير، والوليد بن عطاء يحدّثان عن الحارث ابن عبد الله بن أبي ربيعة، قال عبد الله بن عبيد:"وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته" فذكر بقية الحديث.
• عن أَبِي قَزَعَةَ أَنَّ عبد الملك بْنَ مَرْوَانَ بَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ قَال: قَاتَلَ اللهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ سَمْعْتُهَا تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ! لَوْلا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِن الْحِجْرِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرُوا فِي الْبِنَاءِ".
فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عبد الله بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لا تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا.
قَال: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ لَتَرَكْتُهُ عَلَى مَا بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ.
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (1333: 404) عن محمد بن حاتم، حدّثنا عبد الله بن بكر السهميّ، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن أبي قزعة، فذكره.
41 - باب استحباب الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف العمرة، وفي الطّواف الأول في الحجّ
• عن ابن عمر، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ يَخُبُّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1617)، ومسلم في الحج (1261: 230) كلاهما من طريق عبيد الله (هو ابن عمر)، عن نافع، عن ابن عمر، واللّفظ للبخاريّ.
وفي رواية عند البخاريّ (1604) من طريق فليح، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"سعى النبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشواط، ومشى أربعة في الحجّ والعمرة".
وفي رواية أخرى عند مسلم (1262) عن عبيد الله بن عمر، به، بلفظ: "رَمَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من
الْحَجَرِ إلى الْحَجَرِ ثَلاثًا، ومَشَى أربعًا".
• عن ابن عمر، قال: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1262) من طريق ابن المبارك، عن عبيد الله بن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
• عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف.
صحيح: رواه مالك في الحج (107) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره. ومن طريقه رواه مسلم في الحج (1263).
• عن ابن عباس، قال: قَدِمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُم الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَجَلَسُوا مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ وَأَمَرَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاثَةَ أَشْوَاطٍ وَيَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لِيَرَى الْمُشْركُونَ جَلَدَهُمْ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ؟ هَؤْلاءِ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا! ! .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (1602)، ومسلم في الحج (1266) كلاهما من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره، واللفظ لمسلم.
قوله: "ويمشوا ما بين الرّكنين" أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين، فإنهم ما كانوا في تلك الجهة.
• عن أبي الطّفيل، قال: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ هَذَا الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيَ أَرْبَعَةِ أَطْوَافٍ أَسُنَّةٌ هُوَ، فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ . قَالَ: فَقَال: صَدَقُوا وَكَذَبُوا! . قَال: قُلْتُ: مَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَال: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ فَقَالَ الْمْشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ مِن الْهُزَالِ، وَكَانُوا يَحْسُدُونَهُ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاثًا وَيَمْشُوا أَرْبَعًا. قَال: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَن الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّهٌ هُوَ، فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ . قَال: صَدَقُوا وَكَذَبُوا! . قَال: قُلْتُ: وَمَا قَوْلُكَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَال: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ، يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّدٌ، هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِن الْبُيُوتِ.
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ وَالْمَشْي
وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1264) من حديث سعيد بن إياس الجريريّ، وعبد الله بن أبي حسين، وعبد الملك بن سعيد بن الأبحر، كلّهم من حديث أبي الطفيل.
ورواه الإمام أحمد (2707) من حديث أبي عاصم الغنويّ، عن أبي الطفيل بأطول مما رواه مسلم. ورواه أيضًا أبو داود (1885) إلا أنه اختصره.
وأبو عاصم الغنويّ هذا وثقه ابن معين كما في "التهذيب"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولكن لم يعرفه أبو حاتم، كما أنه لم يرو عنه سوى حماد بن سلمة؛ ولذا قال الحافظ في "التقريب":"مقبول" أي إذا توبع، وقد توبع في أكثر أجزاء الحديث. انظر حديثه كاملًا في باب سبب رمي الجمرات.
وقوله: "صدقوا وكذبوا" يعني صدقوا في أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت ثلاثًا، وكذبوا في قولهم: إنه سنة مقصودة متأكدة؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجعله سنة مطلوبة دائمًا على تكرار السنين، وإنما أمر به تلك السنة لإظهار القوّة عند الكفّار، وقد زال ذلك المعني.
هذا معنى كلام ابن عباس وهو مذهبه بأنّ الرّمَل ليس بسنة، والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ذهبوا إلى أنّ الرمل سنة مستحبة يصح الطواف بدونه، ولكنه تفوته الفضيلة ولا دم عليه.
وإليه يشير قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نحب أن نتركهـ" كما سيأتي.
وقد جاء عن ابن عباس خلاف هذا بأن الرّمل سنة، وهو ما يأتي:
• عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران في عمرته بلغ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ قريشا تقول: ما يَتَباعَثُونَ من العَجَف، فقال أصحابه: لو انْتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحَسَوْنا من مَرَقِه، أَصْبحنا غدًا حين ندخلُ على القومِ وبنا جَمامة قال: لا تَفعلُوا ولكن اجْمعُوا لي من أزوادِكم فجمعوا له وبَسَطُوا الأنطاعَ، فأكلوا حتى تولّوا، وحَثَا كلُّ واحدٍ منهم في جرابه، ثم أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجدَ، وقعدتْ قريش نحو الحجْر، فاضطَبعَ بردائِه، ثم قال:"لا يَرَي القومُ فيكم غَميزةً". فاستلم الرُّكن، ثم دخل حتى إذا تغَيَّبَ بالرُّكن اليماني مشي إلى الرُّكن الأسود، فقالتْ قريش: ما يرضون بالمشي إنّهم لَينْقُزُون نَقْزَ الظِّبَاء، ففعل ذلك ثلاثةَ أطْوافٍ، فكانت سنّة.
قال أبو الطُّفيل: وأخبرني ابن عباس: أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجّة الوداع.
حسن: رواه الإمام أحمد (2782) عن محمد بن الصباح، حدّثنا إسماعيل -يعني ابن زكريا-،
عن عبد الله -يعني ابن عثمان-، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع"(3/ 279): "هو في الصحيح باختصار، ورجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال، إلا أن عبد الله بن عثمان -وهو ابن خثيم- صدوق"، وهو من رجال مسلم. ورواه أبو داود (1889) وصحّحه ابن خزيمة (2707)، وابن حبان (3812) كلّهم من طرق عن يحيي بن سليم، عن ابن خثيم إلا أن أبا داود وابن خزيمة اختصراه.
فقوله: "كانت سنة" لعلّه رجع عن قوله الأوّل لما تبين له، وأبو الطّفيل سمع منه في المرة الأولى الإنكار، ثم سمع منه الإقرار، فروى على وجهين، والله تعالى أعلم. ثم قصة ابن عباس كانت في عمرة القضاء، وحديث جابر وابن عمر وغيرهما كان في حجة الوداع، وهو متأخر.
وقوله فيما مضى: "إلّا إبقاء عليهم".
أي إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يمنعهم من الرمل في الأشواط الثلاثة إلا استمرارًا لما فعله هو وأصحابه في عمرة القضاء، وهذا التفسير يكون موافقًا لقوله:"كانت سنة".
وقول أبي الطفيل: وأخبرني ابن عباس: "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع" أي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أعاد الرمل في حجة الوداع أيضًا.
وفيه إشارة إلى استمراره وإن كان السبب الذي من أجله رمل قد انتهى.
وهذا القول الثاني من ابن عباس كان موافقًا لجمهور أهل العلم بأنّ الرّمل في الأشواط الثّلاثة سنة.
• عن أسلم مولي عمر، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لِلرُّكْنِ: أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُم الله. ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.
صحيح: رواه البخاريّ في الحج (1605) عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، به، فذكره.
• عن عمر بن الخطاب، قال: فِيمَ الرَّمَلانُ الْيَوْمَ، وَالْكَشْفُ عَن الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَطَّأَ الله الإِسْلامَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ؟ ! مَعَ ذَلِكَ لا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
حسن: رواه أبو داود (1887) عن أحمد بن حنبل -وهو في مسنده (317) -، وابن ماجه (2952) كلّهم من حديث هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر يقول (فذكره).
وإسناده حسن من أجل الكلام في هشام بن سعد، وهو المدني أبو عماد مختلف فيه، فضعّفه ابن معين والنسائي، ومشّاه غيرهم فهو حسن الحديث.