الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب التبكير في التجارة وغيرها
روي في هذا الباب عن صخر بن وداعة الغامدي، وابن عمر، وأبي هريرة، وعلي، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام، وأنس، وابن عباس، وعائشة، ونبيط بن شريط، وأبي بكرة، وجابر، وكعب بن مالك، والنواس بن سمعان، وعمران بن حصين، وأبي ذر، وبريدة، وواثلة، والعرس ابن عميرة، وأبي رافع. وفي كلها مقال، ولكن مجموعها يدل على أن له أصلا.
وإليكم دراسة أحاديث بعضهم بالتفصيل، والآخرين بالإجمال.
1 -
حديث صخر بن وداعة الغامدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اللهم بارك لأمتي في بكورها" قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها أولى النهار. وكان صخر رجلا تاجرا، وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار، فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضع ماله؟
رواه أحمد (15438) -واللفظ له-، وأبو داود (2606)، والترمذي (1212)، وابن ماجه (1236)، وابن حبان (4755)، والبيهقي (9/ 151) كلهم من حديث عطاء بن يعلى، عن عمارة ابن حديد، عن صخر الغامدي فذكره. ومنهم من اقتصر على اللفظ المرفوع، ولم يذكر قصة صخر في تجارته.
قال الترمذي: "حديث حسن. ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث".
وقال عبد الحق الإشبيلي: "حديث أبي داود حسن".
وتعقبه ابن القطان في "الوهم والإيهام"(3/ 458 - 486): أما قوله: "حديث أبي داود حسن" فخطأ. وقال: وعمارة بن حديد هذا مجهول الحال، ولا يعرف روى عنه إلا يعلى بن عطاء، وقد سئل عنه أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، فقال كل واحد منهما فيه:"مجهول". انتهي.
ونقل المنذري في "الترغيب والترهيب"(2630) عن أبي عمر النمري (أي ابن عبد البر): "صخر بن وداعة الغامدي، وغامد في الأزد، سكن الطائف، وهو معدود في أهل الحجاز. روي عنه عمارة بن حديد، وهو مجهول، لم يرو عنه غير يعلى الطائفي، ولا أعرف لصخر غير حديث "بورك لأمتي في بكورها" وهو لفظ رواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم". انتهى كلامه.
وقال أبو حاتم: "لا أعلم في "اللهم بارك لأمتي في بكورها" حديثا صحيحا. وفي حديث يعلى فيه عمارة بن حديد، وهو مجهول". (انظر العلل 2/ 268).
ومع ذلك ذكر ابن حبان عمارة بن حديد في كتابه "الثقات"، وأخرج له في صحيحه.
2 -
حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".
رواه ابن ماجه (2238)، وعبد بن حميد (757) كلاهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني، عن عبيد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ومحمد بن عبد الرحمن الجدعاني "متروك"، كما في التقريب.
وقال العقيلي في "الضعفاء الكبير" في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني: "ويُروى من غير طريقه بإسناد جيد".
كذا قال! ولم أقف على إسناد يقال: إنه جيد، اللَّهم إلا ما ذكره ابن عدي عن محمد بن خالد بن يزيد، نا إبراهيم بن سلم ابن أخي العلاء، نا يحيى بن سعيد القطان، نا عبيد الله بن عمر بإسناده.
وفيه متابعة للجدعاني، ولكن آفته إبراهيم بن سلم، فقد قال ابن عدي:"منكر الحديث ليس بالمعروف". ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 315).
وله طريق ثالث، وفيه محمد بن الفضل، قال أحمد:"ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب". ذكره ابن الجوزي.
3 -
حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم بارك لأمتي في بكورها يوم الخميس".
رواه ابن ماجه (2237) عن أبي مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا محمد بن ميمون المدني، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.
ومحمد بن ميمون المدني لعله الزعفراني أبو النضر ضعيف عند أكثر أهل العلم.
وشيخه عبد الرحمن بن أبي الزناد مختلف فيه، فضعفه ابن معين، وأحمد، والنسائي، وغيرهم، ومشاه البعض، وهو حسن الحديث في الشواهد والمتابعات.
4 -
حديث علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم بارك لأمتي في بكورها".
رواه أبو يعلي (425)، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1320)، والبزار -كشف الأستار (1248) -، والعقيلي في الضعفاء (2/ 323) كلهم من حديث عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي بن أبي طالب فذكره.
قال البزار: "لا نعلمه عن علي مرفوعا إلا بهذا الإسناد، والنعمان بن سعد لا نعلم أسند عنه إلا عبد الرحمن بن إسحاق. وهو عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي حدث عنه عبد الواحد ابن زياد، ومحمد بن فضيل، وأبو معاوية، والقاسم بن مالك المزني. ومروان بن معاوية صالح الحديث". انتهي.
وقال الهيثمي في "المجمع"(4/ 60): "عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف".
قلت: عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث الواسطي أبو شيبة ضعفه جمهور أهل العلم، منهم أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، والعجلي، وغيرهم. وذكر العقيلي هذا الحديث من مناكيره.
ونقل الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 478) عن البخاري أنه قال: "يضعف عبد الرحمن، ونظرت في حديثه فإذا حديثه مقارب".
وانفرد البزار بقوله: "صالح الحديث".
5 -
حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللَّهم بارك لأمتي في بكورها".
رواه أبو يعلى (5406، 5409) من طريقين عن علي بن عابس النخعي أبي الحسن، حدثنا العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
وفيه علي بن عابس النخعي الأسدي الكوفي ضعيف، ضعفه ابن معين. وقال الجوزجاني (57):"ضعيف واهي الحديث". وضعفه النسائي، والأزدي. وقال ابن حبان:"فحش خطؤه فاستحق الترك". وفي التقريب: "ضعيف".
وبه أعله أيضا الهيثمي في "المجمع"(3/ 60) بعد أن عزاه لأبي يعلى، والطبراني في الكبير.
وفيه ثمة علة أخرى، وهي أن المسيب وهو ابن رافع الأسدي الكوفي لم يسمع من عبد الله بن مسعود شيئا، كما قال الإمام أحمد. انظر "جامع التحصيل"(768).
6 -
وحديث عبد الله بن سلام: رواه أبو يعلى، والطبراني في الكبير.
وفيه هشام بن زياد، وهو ضعيف جدا.
7 -
وحديث أنس: رواه البزار (كشف الأستار 1249).
وقال البزار: "عنبسة لين الحديث".
كذا قال! وتعقبه ابن القطان في "الوهم والإيهام"(3/ 486): "وليس كذلك، بل هو عندهم في عداد من يضع الحديث قاله أبو حاتم. وقال الترمذي عن البخاري: "هو ذاهب الحديث". انتهى. وقال الهيثمي: "متروك".
8 -
وحديث ابن عباس: رواه البزار (كشف الأستار 1250).
وفيه عمرو بن مساور ضعيف. وقال البزار: "ولم يكن بالقوي".
9 -
وحديث عائشة: رواه البزار (كشف الأستار (1247)، وفيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، وهو ضعيف.
10 -
وحديث نبيط بن شريط: رواه الطبراني في الصغير.
قال الهيثمي: "وفيه جماعة لم أعرفهم".
11 -
وحديث أبي بكرة: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه الخليل بن زكريا، وهو كذاب.
12 -
وحديث جابر: رواه الطبراني في الأوسط. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات إلا شيخ الطبراني أحمد بن مسعود المقدسي. لم أجد من ترجمه".
13 -
وحديث كعب بن مالك: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عمار بن هارون، وهو متروك.
14 -
وحديث النواس بن سمعان الكلابي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عمار بن هارون، وهو متروك.
15 -
وحديث عمران بن حصين: رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وفيه المعلى بن نزلة،
وهو متروك. انظر "مجمع الزوائد"(4/ 60 - 61).
16 -
وحديث أبي ذر: قال ابن الجوزي: "تفرد به علي بن هشام، عن عفان، وعلي كالمجهول، وهو أنه وُجد في كتابه فلا يعول عليه". انتهي.
17 -
وحديث بريدة: رواه ابن السكن قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين ابن الحسن المروزي، حدثنا أوس بن عبد الله المروزي، حدثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكر الحديث. ساقه ابن القطان في "الوهم والإيهام"(3/ 488).
وفيه أوس بن عبد الله بن بريدة المروزي قال البخاري: "فيه نظر". وقال الدارقطني: "متروك". كذا في الميزان. وكلام الدارقطني نقله أيضا ابن الجوزي في "العلل المتناهية". وقال ابن القطان: "أوس بن عبد الله المذكور منكر الحديث".
18 -
وحديث واثلة: له طريقان، ففي الطريق الأول: عمر بن هارون، قال يحيى:"كذاب خبيث". وفي الطريق الثاني: حكيم بن خذام، قال الرازي:"متروك الحديث". وفيه محمد بن الوليد. قال ابن عدي: "كان يضع الحديث، ويوصله، ويسرق". قاله ابن الجوزي.
19 -
وحديث العرس بن عميرة: يرويه يحيى بن زهدم قال ابن حبان: "يروي عن أبيه نسخة موضوعة، لا يحل كتبها إلا على التعجب". ذكره ابن الجوزي.
20 -
وحديث أبي رافع: رواه العقيلي في "الضعفاء"(1/ 236) من طريق الحسن بن عمرو بن سيف العبدي قال: حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبيد الله بن أبي رافع فذكره.
نقل العقيلي عن البخاري قال: "حدثنا الحسن بن عمرو، وهو كذاب".
ونقل ابن الجوزي عن الدارقطني أنه قال: "تفرد به علي بن سويد عن عبيد الله بن أبي رافع، وتفرد به الحسن بن عمرو بن سيف. قال علي بن المديني، والبخاري: الحسن كذاب". انتهى.
وقد ورد في بعض الأحاديث تخصيص البكور يوم الخميس والسبت، وكلها لا يصح.
ذكر أحاديث هؤلاء الهيثمي في "المجمع"(3/ 61 - 62)، وبين عللها، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 314 - 327)، وقال:"هذه الأحاديث كلها لا تثبت". ثم بين عللها، وكذا قال أيضا ابن القطان في "الوهم والإيهام" (3/ 488):"وليس هو عندي بصحيح". وقد سبق مثل هذا القول من أبي حاتم بأنه قال: "لا أعلم فيه حديثا صحيحا".
قلت: وهو كما قال، ولكن تشهد كثرة شواهده، واختلاف مخارجه بأن له أصلا، وإن لم يثبت أحد بعينه. فلا وجه لكلام المنذري في "الترغيب والترهيب" بعد أن ذكر عدد الصحابة، فقال:"وفي كثير من أسانيدها مقال، وبعضها حسن". وكذلك ما نقله السخاوي في "المقاصد الحسنة"(ص 99) عن شيخه (وهو الحافظ ابن حجر)، فقال:"قال شيخنا: ومنها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وفيها الحسن والضعيف".