الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب من قال بقطع التلبية عند دخول مكة
• عن نافع، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إِذَا دَخَل أَدْنَى الْحَرَم أَمْسَكَ عَن التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1573) من طريق إسماعيل بن علية. ومسلم في الحج (1259) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، عن نافع، به. واللفظ للبخاري. ومسلم نحوه لكنه لم يذكر الإمساك عن التلبية.
ورواه البخاريّ في الحج أيضًا (1553) معلقًا من طريق عبد الوارث (هو ابن سعيد العنبريّ) عن نافع، به، نحوه، وفيه: "
…
ثم يلبّي حتى يبلغ الحرم ثم يمسك".
قلت: وهذا للمعتمر أو المتمتع للعمرة إلى الحجّ، ثم إنّه يبدأ بالتلبية يوم التروية إلى أن يرمي الجمرة كما في الباب الذي يليه.
11 - باب استحباب الاستدامة على التلبية في الحج إلى رمي جمرة العقبة يوم النحر
• عن أسامة بن زيد، قال: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَاتٍ فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشِّعْبَ الأَيْسَرَ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنَاخَ، فَبَالَ ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الْوَضُوءَ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا. فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ أَمَامَكَ"، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى، ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ جَمْعٍ.
قَالَ كُرَيْبٌ: فَأَخْبَرَنِي عبد الله بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى بَلَغَ الْجَمْرَةَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1669)، ومسلم في الحج (1280) كلاهما عن طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد، به، فذكره.
• عن عبد الله بن عباس، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يُلبي حتى رمي الجمرة.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1685)، ومسلم في الحج (1281) كلاهما من حديث ابن جريج، أخبرني عطاء، أخبرني ابن عباس، فذكره.
• عن الفضل بن عباس -وَكَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ للنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: "عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ"، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ
مُحَسِّرًا -وَهُوَ مِنْ مِنًى- قَال: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَي بِهِ الْجَمْرَةُ". وَقَالَ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَي الْجَمْرَةَ.
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (1282) من طريق أبي الزبير، عن أبي معبد مولي ابن عباس، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، فذكره.
• عن عكرمة قال: أفضتُ مع الحسين بن علي من المزدلفة فلم أزل أسمعه يُلبِّي حتى رمي جمرة العقبة، فسألتُه فقال: أفضتُ مع أبي من المزدلفة فلم أزل أسمعه يُلبِّي حتى رمي جمرة العقبة، فسالتُه فقال: أفضتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم من المزدلفة فلم أزل أسمعه يُلبِّي حتى رمَي جمرة العقبة.
حسن: رواه الإمام أحمد (915) وأبو يعلى (321) والطحاوي في "شرح المشكل"(3921) والبيهقي (5/ 138) كلهم من حديث محمد بن إسحاق قال: حدثني أبانُ بن صالح عن عكرمة قال: فذكره.
زاد الطحاوي، قال:"فرجعتُ إلى ابن عباس فأخبرتُه فقال عبد الله بن عباس: صدق، أخبرني الفضلُ أخي أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لبَّى حتى انتهى".
وإسنادُه حسن من أجل محمد بن إسحاق، وهو وإنْ كان مدلسًا إلا أنه صرّح بالتحديث في رواية البيهقي وأبي يعلي.
وقولُه: "حتى رمي الجمرة" يُفهم منه الانتهاء من رمي جمرة العقبة سبع حصيات، وقد جاء مصرَّحًا به في الحديث الآتي.
• عن الفضل بن عباس قال: أفضتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، فلم يزل يُلبِّي حتى رمي جمرة العقبة، يكبِّر مع كل حصاةٍ، ثم قطَع التلبيةَ مع آخرها حصاةً.
حسن: رواه ابنُ خزيمة (2887) عن عمر بن حفص الشيباني -وفي المطبوعة: محمد بن عمر، وهو خطأ- ثنا حفص بن غياث، ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عمر بن حسين، عن ابن عباس، عن أخيه الفضل، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمر بن حفص الشيباني -شيخ ابن خزيمة-، وفي "التهذيب":"واحتج به ابنُ خزيمة في صحيحه" وفي "التقريب": "صدوق".
قال ابنُ خزيمة: "فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاةٍ، لا، مع أولها".
وارتضاه الحافظ في "الفتح"(3/ 533) وقال: "وإن المراد بقوله: حتى رمَي جمرة العقبة، أي أتم رميها".
ورَوى هذا الحديث ابنُ حزم في كتاب حجة الوداع من حديث أبي الزبير، عن أبي معبد مولي
ابن عباس، عن الفضل بن عباس، ولفظه:"ولم يزل عليه السلام يُلبِّي حتى أتم رمي جمرة العقبة"، ذكره ابنُ التركماني في الجوهر النقي، وقال:"إسنادُه جيد".
ولكنْ استغربه البيهقي (5/ 137) وقال: "تكبيره مع كل حصاةٍ" كالدلالة على قطعه التلبية بأول حصاةٍ، كما رُوينا في حديث عبد الله بن مسعود، وقوله:"يُلبِّي حتى رمي الجمرة" أراد به حتى أخذ في رمي الجمرة".
وقال: "وأما ما في رواية الفضل بن عباس من الزيادة فإنها غريبة، أوردها محمد بن إسحاق بن خزيمة، واختارها، وليست في الروايات المشهورة عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس" انتهى.
قلت: الغريب في الأمر أن البيهقي روي بعد ذلك حديث عبد الله بن مسعود، وفيه تهليل، وتكبير، وهو ما يأتي.
• عن ابن سخبرة قال: غدوتُ مع عبد الله بن مسعود من مني إلى عرفات، فكان يُلبِّي، قال: وكان عبد الله رجلًا آدم له ضفران عليه مِسحةُ أهل البادية، فاجتمع عليه غوغاءُ من غوغاء الناس، قالوا: يا أعرابي! ، إن هذا ليس يوم تلبية، وإنما هو يومُ تكبير، قال: فعند ذلك التفتَ إليّ فقال: أجهل الناسُ أم نسوا، والذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق لقد خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمي جمرة العقبة، إلا أن يخلطها بتكبير، أو تهليل.
حسن: رواه الإمام أحمد (3961) وابنُ خزيمة (2806) والحاكم (1/ 461، 462) وعنه البيهقي (5/ 138) كلهم من حديث صفوان بن عيسى، أخبرنا الحارث بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن عبد الله بن سخبرة، فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وإسناده حسن من أجل الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
والنكارةُ في حديثه ما رواه عنه الدراوردي، كما قال أبو حاتم، وهذا ليس منها.
ورواه الطحاوي في "شرح المشكل"(3929، 3930) من وجهين آخرين: عبد الله بن المبارك، والدراوردي، كلاهما عن الحارث بن أبي ذُباب به نحوه. فلم ينفرد الدراوردي، بل تابعه عبد الله ابن المبارك، وقبله صفوان بن عيسي. ففي حديث عبد الله بن مسعود الجمعُ بين التكبير، والتهليل.
قال ابنُ عبد البر في "التمهيد"(13/ 81): "وقال أحمد، وإسحاقُ، وطائفة من أهل النظر والأثر: لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة بأسرها" قالوا: وهو ظاهر الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبِّي حتى رَمي جمرة العقبة، ولم يقل أحدٌ من رواة هذا الحديث: حتى رمَي بعضَها،