الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجل أسامة بن زيد وشيخه عمرو بن شعيب، فإنهما حسنا الحديث.
وقوله: "فإذا استرد الواهب" أي بعد أن سمع مثل الكلب الذي يعود في قيئه، فإن الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها، ولكنه كالكلب الذي يعود في قيئه فإن شاء ارتجع، وإن شاء ترك، ففيه ترهيب وتحذير من العودة إلى الهبة.
• عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده. والعائد في هبته كالعائد في قيئه".
حسن: رواه النسائي (3689)، والدارقطني (3/ 43)، والبيهقي (6/ 179)، وأحمد (6705) كلهم من طرق عن عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب بإسناده مثله.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب؛ فإنه حسن الحديث.
قال البيهقي: "ويحتمل أن يكون عمرو بن شعيب رواه من الوجهين، فحسين المعلم حجة، وعامر الأحول ثقة".
وقال الترمذي عقب رواية حديث حسين المعلم عن عمرو بن شعيب: "هذا حديث حسن صحيح. قال الشافعي: لا يحل لمن وهب هبة أن يرجع فيها إلا الوالد فله أن يرجع فيما أعطى ولده، واحتج بهذا الحديث".
قلت: وهو كما قال الشافعي؛ لأن الوالد ليس كغيره من الأجانب والأباعد، وقد جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للأب حقا في مال ولده، فقال:"أنت ومالك لأبيك". فرجوعه في هبته من ولده أولى من مال ولده. وأما من لم يأخذ بهذا الحديث فتأوله بأن له الرجوع عند الحاجة إليه.
10 - باب من يحرم عليه قبول الهدية
• عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد يقال له: ابن اللتبية-، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا لي، أهدي لي. قال: فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمد اللَّه، وأثنى عليه وقال:"ما بال عامل أبعثه، فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه. أم لا! والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر".
متفق عليه: رواه البخاري في الأيمان والنذور (6636)، ومسلم في كتاب الإمارة (1832) كلاهما من حديث الزهري، عن عروة، عن أبي حميد الساعدي قال فذكره.
• عن عمر بن الخطاب قال: حملت على فرس في سبيل اللَّه، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي
-صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تشتره، وإن أعطاكهـ بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".
متفق عليه: رواه مالك في الزكاة (50) عن زيد بن أسلم، عن أبيه، سمعت عمر بن الخطاب فذكره.
ومن طريقه رواه البخاري في الهبة (2623)، ومسلم في الهبات (1620).
• عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شفع لأخيه بشفاعة، فأهدي له هدية عليها، فقبلها، فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا".
حسن: رواه أبو داود (3541) عن أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا ابن وهب، عن عمر بن مالك، عن عبيد بن أبي جعفر، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم، عن أبي أمامة فذكره.
وإسناده حسن من أجل خالد بن أبي عمران؛ فإنه حسن الحديث.
وشيخه القاسم هو ابن عبد الرحمن الدمشقي أبو عبد الرحمن، مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث أيضًا. وأما عبيد اللَّه بن أبي جعفر فهو ثقة من رواة الصحيح، فلا حجة لمن تكلم فيه.
ورواه الإمام أحمد (22251) من طريق ابن لهيعة، حدثنا عبيد اللَّه بن أبي جعفر بإسناده مثله. وابن لهيعة فيه كلام معروف، ولكنه توبع. وللحديث أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها.
ولا مخالفة بين هذا الحديث وحديث ابن عمر: "من أتى إليكم معروفا فكافئوها". وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد (5365)، وأبو داود (5109)، وصحّحه ابن حبان (3408)، والحاكم (1/ 412) انظر تخريجه في كتاب الزكاة.
فإن حديث الباب يدل على الترهيب من قبول الهدية من شفع لأخيه فأهدي له هدية فقبلها.
وحديث ابن عمر يدل على مكافأة من فعل معروفا غير الشفاعة، وأبواب المعروف كثيرة، فلا معارضة بين الحديثين.
وأما الهدية التي يقدمها ليكف الظلم عنه، أو ليأخذ حقه الواجب فكانت هذه الهدية حراما على الآخذ، وجاز للمقدم أن يدفعها إليه؛ ليأخذ حقه. انظر للمزيد "مجموع فتاوى ابن تيمية"(31/ 285 - 287).
وأما ما روي عن أنس بن مالك مرفوعا: "إذا أقرض أحدكم قرضا، فأهدى له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك". فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (2432) عن هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عباس قال: حدثني عتبة ابن حميد الضبي، عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.