الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوله، ولم أسمع فيه بشيء.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وعتيق بن يعقوب شيخ قرشي من أهل المدينة".
فلما بلغه حديث أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت، وغيرهما رجع عما كان يفتي به.
وروى ذلك أيضًا الحازمي في كتابه "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 166 - 167) عن أبي سعيد الرقاشي قال: إن عكرمة مولى ابن عباس قدم البصرة، فجلسنا إليه في المسجد الجامع، فقال: ألا تنهون شيخكم هذا -يعني الحسن بن أبي الحسن- يزعم أن ما تبايع به المسلمون يدا بيد، الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، والزيادة فيه حرام، فأنا أشهد أن ابن عباس أحله. فقال أبو سعيد الرقاشي: فقلت: ويحك! أما تعلم أني كنت جالسا عند رأسه، وأنت عند رجليه، فجاءه رجل، فقال: عليك. فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أردت أن أسأل ابن عباس عن الذهب بالذهب، فقلت: اذهب؛ فإنه يزعم أنه لا بأس به، فكشف عمامته عن وجهه، ثم جلس ابن عباس، فقال:"أستغفر اللَّه، واللَّه ما كنت أرى إلا أن ما تبايع به المسلمون من شيء يدا بيد إلا حلالا، حتى سمعت عبد اللَّه بن عمر، وعمر بن الخطاب حفظا من ذلك عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لم أحفظ، فأستغفر اللَّه".
وأما ما روي عن سعيد بن جبير أنه لم يرجع عن قوله في الصرف حتى مات. فهو ضعيف مخالف لما ثبت من رجوعه عن الصرف، فلا يلتفت إليه.
وأما حديث أسامة "لا ربا إلا في النسيئة" فبعد صحة إسناده إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لكونه في الصحيحين لا بد من تأويله؛ لأن المسلمين أجمعوا على ترك العمل بظاهره.
فمن جملة تأويلاته ما قاله الإمام الشافعي: قد يكون أسامة بن زيد سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسأل عن الصنفين المخلفين مثل الذهب بالورق، والتمر بالحنطة، أو ما اختلف جنسه متفاضلا يدا بيد، فقال:"إنما الربا في النسيئة". أو تكون المسألة سبقته بهذا فأدرك الجواب، ولم يحفظ المسألة أو شك فيها. انظر "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 166).
ومنها أن حديث أسامة مجمل، وحديث عبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وغيرهما مبين، فوجب العمل بالمبين، وتنزيل المجمل عليه. هذا جواب الشافعي رحمه الله أيضًا. انظر شرح النووي على مسلم (11/ 25).
وفي الموضوع تفاصيل أخرى، ذكرتها في "كتاب المدخل إلى السنن الكبرى"(1/ 4 - 9)، وكذلك في "المنة الكبرى"(5/ 41 - 59)، فإني ذكرت فيها كثيرا من التفاصيل عن الربا.
13 - باب جواز بيع الذهب بالفضة أو العكس إذا كان يدا بيد
• عن أبي المنهال. قال: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف،
وكل واحد منهما يقول: هذا خير مني، فكلاهما يقول:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالوَرِق دينا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (2180، 2181)، ومسلم في المساقاة (1589) كلاهما من حديث شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت أبا المنهال فذكره.
• عن أبي المنهال عبد الرحمن بن مطعم قال: باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة، فقلت: سبحان اللَّه! أيصلح هذا؟ فقال: سبحان اللَّه! واللَّه لقد بعتها في السوق فما عابه أحد، فسألت البراء بن عازب، فقال قدم النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نتبايع هذا البيع، فقال:"ما كان يدا بيد فليس به بأس، وما كان نسيئة فلا يصلح". والق زيد بن أرقم، فاسأله؛ فإنه كان أعظمنا تجارة، فسألت زيد بن أرقم، فقال مثله.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (3939، 3940) عن علي بن المديني، ومسلم في المساقاة (1589) عن محمد بن حاتم بن ميمون - كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع أبا المنهال قال فذكره. ولفظهما سواء.
ويحمل هذا على بيع الجنسين.
• عن أبي المنهال قال: كنت أتجر في الصرف، فسألت البراء بن عازب، وزيد ابن أرقم عن الصرف، فقالا: كنا ناجرين على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسألنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الصرف، فقال:"إن كان يدا بيد فلا بأس. وإن كان نساء فلا يصلح".
صحيح: رواه البخاريّ في البيوع (2060، 2061) من طريقين عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي المنهال فذكره.
• عن أبي المنهال قال: إن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه، وما كان نسيئة فردوه.
صحيح: رواه الإمام أحمد (19307) عن يحيى بن أبي بكير، حدّثنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت عمرو بن دينار يذكر عن أبي المنهال فذكر الحديث.
هذا هو الصحيح من حديث أبي المنهال بأن السؤال وقع في بيع الذهب بالورِق متفاضلا ونسيئة، فأجاز ما كان يدا بيد، وزد ما كان نسيئة، وهو ما يسمى عند الفقهاء بالصرف.
وأما ما رواه الحميدي في مسنده (2/ 317 - 318) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال قال: باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل، فقلت: ما أرى هذا