الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريق أفلح بن حميد، قال: سمعت القاسم بن محمد، عن عائشة، فذكرته.
14 - باب أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة بفسخ الحجّ لمن لم يكن معه الهدي
• عن عائشة، قالت: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُرَى إِلا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1561)، ومسلم في الحج (1211: 128) كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، فذكرته.
وفي رواية عند مسلم (130) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن علي بن الحسين، عن ذكوان مولي عائشة، عن عائشة، قالت: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَرْبَعِ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ خَمْسٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَهُوَ غَضْبَانُ! فَقُلْتُ: مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللهِ! أَدْخَلَهُ اللهُ النَّار! قَال: "أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ؟ ".
قَالَ الْحَكَمُ: كَأنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ -أَحْسِبُ- وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا.
• عن عائشة، قالت: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا نَذْكُرُ إِلا الْحَجَّ حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي! فَقَالَ:"مَا يُبْكِيكِ؟ " فَقُلْتُ: وَاللهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ، قَالَ:"مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي" قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ:"اجْعَلُوهَا عُمْرَةً". فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1211: 120) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته. ثم ساق مسلم حديث حماد، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لبينا بالحج، حتى إذا كنا بسرف حضتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي" وساق الحديث بنحو حديث الماجشون.
فتبين من هذا أن حديث حماد لا يخالف حديث الماجشون في فسخ الحجّ إلى العمرة.
ولكن رواه أبو داود (1782) عن أبي سلمة موسي بن إسماعيل، ثنا حماد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: لبّينا بالحجّ حتى إذا كنا بسرف حضتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال:"ما يبكيك؟ يا عائشة! ". قلت: حضتُ، ليتني لم أكن حججت. فقال:"سبحان الله! ! إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم". فقال: "انسكي المناسك كلّها غير
أنّ لا تطوفي بالبيت". فلما دخلنا مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة، إلّا من كان معه الهدي".
فهذا التخيير الذي في حديث حماد (هو ابن سلمة) فيه نكارة لأنّ الصحيح أنّ التخيير وقع في ذي الحليفة أما في سرف فإما الترغيب وإما الجزم، ويدل عليه أنّ مسلمًا قال بعد ما ساقه من حديث حماد:"بنحو الماجشون" وفي حديث الماجشون الجزم بفسخ الحج إلى العمرة في قوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوها عمرة".
فإمّا أن يكون حماد بن سلمة قد روي عن وجهين، فوهم في أحدهما، أو من روى عنه أخطأ عليه.
ولحماد بن سلمة إسناد آخر رواه عن حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر، أنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وأصحابه ملبين بالحجّ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي".
رواه الإمام أحمد (4822) عن روح وعفان، قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، فذكره، مطوّلًا. وظاهر إسناده صحيح.
ورواه الإمام أحمد من ثلاثة أوجه أخرى عن حميد وهو ابن أبي حميد الطويل، عن بكر وهو ابن عبد الله المزني، عن ابن عمر، فكلّهم خالفوا حمادًا في قوله:"من شاء".
ومن هذه الأوجه الثلاثة:
الوجه الأول: يزيد بن هارون، عن حميد، بإسناده، قال بكر: قلت لابن عمر: إنّ أنسًا حدّثنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أهلّ بعمرة وحجّ، فقال: وهل أنسي، إنما أهلذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجّ وأهللنا معه، فلما قدم قال:"من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة" وكان مع النبيّ صلى الله عليه وسلم هدي فلم يحل.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (4996).
والوجه الثاني: سهل بن يوسف، عن حميد، بإسناده نحوه.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (5147).
والوجه الثالث: محمد بن أبي عدي، عن حميد بإسناده نحوه.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (5509).
فهؤلاء الثلاثة كلّهم ثقات قد خالفوا حمادًا في قوله: "من شاء".
فالظاهر أنّ الخطأ فيه يعود إلى حماد بن سلمة؛ لأنه تغيّر حفظه بآخرة فلا يقبل منه إذا خالف الثقات. ومن طريق حميد، عن بكر مخرّج في الصحيحين ولم يذكر فيه:"من شاء".
• عن أنس بن مالك قال: قدم عَلِيّ رضي الله عنه مِن الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بِمَ أَهَلَلْتَ؟ "، قَال: بما أهلَّ به النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "لَولا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1558)، ومسلم في الحج (1250) كلاهما من طريق عبد الصمد، حدّثنا سَليم بن حيان، قال: سمعت مروان الأصفر، عن أنس بن مالك، فذكره. ولفظهما سواء.
• عن أبي موسى، قال: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: "بِمَ أَهْلَلْتَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟ ". قُلْتُ: لا. قَالَ: "فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ". فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ في إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِمَارَةِ عُمَرَ فَإِنِّي لَقَائِمٌ بِالْمَوْسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَال: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ في شَأْنِ النُّسُكِ؟ ! فَقُلْتُ: أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ بِشَيْءٍ فَلْيَتَّئِدْ فَهَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَبِهِ فَأْتَمُّوا، فَلَمَّا قَدِمَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ في شَأْنِ النُّسُكِ؟ قَال: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ عز وجل قَال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (1559)، ومسلم في الحج (1221: 155) كلاهما من طريق سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، فذكره، واللفظ لمسلم.
وفي رواية له أيضًا (1222) من طريق إبراهيم بن موسى، عن أبي موسى؛ أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: ببعض فتياك، فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النُّسك بعدُ، حتّى لقيه بعدُ. فسأله، فقال عمر: قد علمتُ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد فعله وأصحابُه. ولكن كرهتُ أن يظلُّوا معرّسين بهنَّ في الأراك، لم يروحون في الحجِّ تقطرُ رؤسُهم.
• عن بكر (هو ابن عبد الله المزنيّ) أَنَّهُ ذَكَرَ لابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ:"مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً". وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَدْىٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِمَ أَهْلَلْتَ؟ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ". قالَ: أَهْلَلْتُ بما أهَلَّ بهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "فَأَمْسِكْ فَإِنَّ معَنا هَدْيًا".
صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (4353، 4354) عن مسدّد حدّثنا بشر بن المفضّل، عن حميد الطّويل، حدّثنا بكر، فذكره.
• عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ". فَلَمْ يَكُنْ مَعِي
هَدْيٌ فَحَلَلْتُ وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحْلِلْ، قَالَتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَلَسْتُ إِلَى الزُّبَيْرِ فَقَالَ: قُومِي عَنِّي! فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ؟ ! .
صحيح: رواه مسلم في الحج (1236) من طريق ابن جريج، حدّثني منصور بن عبد الرحمن، عن أمِّه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر، فذكرته.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 103) عن ابن فضيل، عن يزيد، عن مجاهد، قال: قال عبد الله بن الزبير: أفردوا الحجّ ودعوا قول أعماكم هذا! . فقال عبد الله بن عباس: إنّ الذي أعمى الله قلبه لأنت، ألا تسأل أمَّك عن هذا؟ ! فأرسل إليها، فقالت: صدق ابن عباس جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجًا، فجلعناها عمرة، فحللنا الإحلال كلّه حتّى سطعت المجامر بين الرجال والنساء.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (26917)، والطبراني في "الكبير"(24/ رقم (234).
ويزيد هو ابن أبي زياد الهاشميّ تكلم فيه جماهير أهل العلم إلا أن ابن سعد وثّقه. قال ابن حبان: كان صدوقًا إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وتغيّر، وكان يلقّن ما لُقِّن، فوقعت المناكير في حديثه.
وقوله: "سطعت" أي ارتفعت أي تداولوها بينهم للتبخر بها.
• عن ابن عباس، قال: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الأَرْضِ ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا ، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ وَعَفَا الأَثَر، وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَر. فقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الْحِلِّ؟ قَال:"حِلٌّ كُلُّهُ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1564)، ومسلم في الحج (1240) كلاهما من حديث وُهيب، حدّثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
• عن عبد الله بن عباس، قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلا مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (1085)، ومسلم في الحجّ (1240: 202) كلاهما من حديث أيوب، عن أبي العالية البراء، عن ابن عباس، فذكره.
واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم:"أن يحولوا إحرامهم بعمرة إلا من كان معه الهدي". ولكن رواه مسلم (1240: 199) عن نصر بن علي الجهضميّ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أيوب، عن أبي العالية البراء، أنه سمع ابن عباس يقول: أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجّ، فقدم لأربع مضين من ذي الحجة، فصلى الصبح، وقال لما صلى الصبح:"من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عمرة".
فقوله: "من شاء" لم أجده إلا في هذه الرواية، وفي الروايات الأخرى الأمر بجعلها عمرة. ثم
ذكر مسلم الروايات الأخرى ومنها رواية أبي داود المباركي وقال في رواية هؤلاء جميعًا: "وصلي الصبح بالبطحاء". خلا الجهضميّ فإنه لم يقله.
قلت: رواية المباركي هذه ذكرها ابن حبان في صحيحه (3794).
ورواه البخاريّ في الحج (1085) من طريق أيوب بإسناده ولم يذكر فيه البطحاء، كما لم يذكر فيه قوله:"من شاء" بل فيه: "أمرهم أن يجعلوها عمرة".
• عن عبد الله بن عباس، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَال: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمَرْةً إِلا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْي".
صحيح: رواه البخاريّ في الحجّ (1572) عن أبي كامل فضيل بن حسين البصريّ، حدّثنا أبو معشر، حدّثنا عثمان بن غياث، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره، بطوله.
• عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كلّه، فإنّ العمرة قد دخلت في الحجّ إلى يوم القيامة".
صحيح: رواه مسلم في الحج (1241) من طريقين محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ العنبريّ كلاهما عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.
• عن ابن عباس، قال: أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ أَصْحَابُهْ بِحَجِّ، فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلا من سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ، فَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عبيد الله فِيمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَلَمْ يَحِلَّ.
صحيح: رواه مسلم في الحج (1239) من طريق معاذ بن معاذ، عن شعبة، حدّثنا مسلم القُرِّيّ، سمع ابن عباس يقول (فذكره).
ثم رواه من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة بإسناده غير أنه قال:"وكان ممن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيد الله، ورجل آخر، فأحلا".
فقدّم مسلمٌ رواية معاذ بن معاذ عن شعبة التي فيها الإثبات، وأتبعها بالرّواية التي فيها النّفي، فكأنه يرجِّح رواية الإثبات، وإن كان الناس قد اختلفوا في معاذ بن معاذ، وجعفر بن محمد غندر أيّهما أثبت في شعبة؟ والظّاهر من صنيع مسلم أنه يرجّح رواية معاذ في هذا الحديث؛ لوجود قرائن أخرى تقويه مثل حديث جابر وغيره. والله أعلم.
• عن ابن عباس، أنه كَانَ يقول: لا يَطُوفُ بالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلا غَيْرُ حَاجٍّ إِلا حَلَّ. قُلْتُ (أي ابن جريج) لِعَطَاءٍ مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قَال: مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)} قَال: قُلْتُ فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (4396)، ومسلم في الحج (1245) كلاهما من حديث ابن جريج، قال: حدثني عطاء، قال: كان ابن عباس يقول (فذكره). واللّفظ لمسلم.
ولفظ البخاريّ نحوه إلا أنه قدم أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم على قوله إنما كان بعد المعرف وقبله.
• عن كريب مولى عبد الله بن عباس، عن عبد الله بن عباس، قال: قلت له: يا أبا العباس! ، أرأيت قولك: ما حج رجل لم يسق الهدي معه، ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة، وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدي إلا اجتمعت له عمرة وحجة، والناس لا يقولون هذا؟ فقال: ويحك، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومن معه من أصحابه لا يذكرون إلا الحج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت، ويحل بعمرة، فجعل الرجل منهم يقول: يا رسول الله! ، إنما هو الحج؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه ليس بالحج، ولكنها عمرة".
حسن: رواه أحمد (2360) عن يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن كريب، فذكره.
وإسناده حسن من أجل تصريح محمد بن إسحاق، وقد جاء في الصحيح باختصار.
وأمّا ما روي عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا أهلّ الرجل بالحجّ ثم قدم مكة، فطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حلّ، وهي عمرة" فهو ضعيف.
رواه أبو داود (1791) عن عبيد الله بن معاذ، حدّثني أبي، حدّثنا النّهاس، عن عطاء، عن ابن عباس، فذكره.
والنّهاس هذا -بتشديد الهاء- ابن الخطاب القيسيّ البصريّ ضعيف باتفاق أهل العلم.
وأعلّه أبو داود بمخالفته لابن جريج؛ فإنه رواه عن عطاء، عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، فقال: دخل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم مهلّين بالحجّ خالصًا، فجعلها النبيّ صلى الله عليه وسلم عمرة.
• عن جابر بن عبد الله، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحجّ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرة.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (1570)، ومسلم في الحجّ (1216) كلاهما من طريق حماد ابن زيد، عن أيوب، قال: سمعت مجاهدًا، حدّثنا جابر بن عبد الله، فذكره، واللفظ للبخاريّ.
• عن جابر، قال: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُهِلِّينَ
بِالْحَجِّ لا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ.
قَالَ عَطَاءٌ فَقَالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا! فَقَالَ جَابِرٌ بِكَفِّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ:"بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهِ! لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ".
فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هِيَ لَنَا أَوْ لِلأَبَدِ؟ فَقَال: "لا بَلْ لِلأَبَدِ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (2505) عن أبي النعمان، حدّثنا حمّاد بن زيد، أخبرنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن جابر، فذكره.
ورواه مسلم في الحج (1216: 141) من وجه آخر عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، بإسناده، نحوه.
• عن ابن عمر، أنّ حفصة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله! ، ما شأن النّاس حلّوا ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال:"إنّي لبّدتُ رأسي وقلّدتُ هديي، فلا أحلّ حتى أنحر".
متفق عليه: رواه مالك في الحجّ (180) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، فذكره. رواه البخاري في الحج (1566) ومسلم في الحج (1229) كلاهما من طريق مالك به.
• عن أبي سعيد، قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِلا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَرُحْنَا إِلَى مِنًى أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ.
صحيح: رواه مسلم في الحجّ (1247) عن عبيد الله بن عمر القواريريّ، حدّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدّثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره.
• عن سراقة بن جُعشم، قال: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا في هذا الوادي فقال: "ألا إنّ العمرة قد دخلتْ في الحجّ إلى يوم القيامة".
صحيح: رواه ابن ماجه (2977)، والنسائي (2806) كلاهما من حديث عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن سراقة، فذكره واللفظ لابن ماجه، ولفظ النسائي قريب منه.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (17582)، والحاكم (3/ 619).
ثم رواه الإمام أحمد (17583) من وجه آخر عن عبد الملك الزراد يقول: سمعت النزال بن سبرة صاحب علي يقول: سمعت سراقة يقول (فذكر نحوه)، وزاد في آخره:"وقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع".
وفي إسناده داود بن يزيد وهو الأودي ضعيف إلّا أنه توبع كما سبق.
وللحديث طرق أخرى غير أن ما ذكرتها أصحها.
• عن الرّبيع بن سبرة، عن أبيه، قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ قَالَ لَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلَجِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ! ، اقْضِ لَنَا قَضَاءَ قَوْمٍ كَأَنَّمَا وُلِدُوا الْيَوْمَ. فَقَالَ:"إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَدْخَلَ عَلَيْكُمْ فِي حَجِّكُمْ هَذَا عُمْرَةً، فَإِذَا قَدِمْتُمْ فَمَنْ تَطَوَّفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ إِلا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ".
صحيح: رواه أبو داود (1801) عن هنّاد بن السّريّ، حدّثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز، حدّثني الربيع بن سبرة، عن أبيه، فذكره.
وأخرجه عبد الرزاق (14041) وعنه الإمام أحمد (15345) عن معمر، قال: أخبرني عبد العزيز ابن عمر بإسناده مطوّلًا. وسيذكر في موضعه.
• عن البراء بن عازب قال: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْيَمَنِ قَالَ: فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَوَاقِيَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: وَجَدْتُ فَاطِمَةَ رضي الله عنها قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَقَدْ نَضَحَتِ الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ، فَقَالَتْ: مَا لَكَ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا قَالَ: قُلْتُ لَهَا إِنِّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: "كَيْفَ صَنَعْتَ؟ "، فَقَالَ: قُلْت: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"فَإِنِّي قَدْ سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ" قَالَ: فَقَالَ لِي: "انْحَرْ مِنَ الْبُدْنِ سَبْعًا وَسِتِّينَ أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ، وَأَمْسِكْ لِنَفْسِكَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَأَمْسِكْ لِي مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ مِنْهَا بَضْعَةً".
حسن: رواه أبو داود (1797)، والنسائيّ (2745) كلاهما من حديث يحيى بن معين، حدّثنا حجّاج، حدّثنا يونس، عن أبي إسحاق، عن البراء، فذكره.
وإسناده حسن من أجل يونس وهو ابن أبي إسحاق فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وأبوه أبو إسحاق رمي بالاختلاط ولكن لم يكن اختلاطه فاحشًا إنما كان لكبر سنّه؛ ولذا أنكر الذهبي رميه بالاختلاط فقال في الميزان:"من أئمة التابعين بالكوفة وأثباتهم إلا أنه شاخ ونسي ولم يختلط، وقد سمع منه سفيان بن عيينة، وتغيّر قليلًا".
واقتصر ابن الصّلاح على من روى عنه بعد الاختلاط على بن عيينة فقط.