الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عرفت أنه لم يتابع كما نصّ عليه الترمذي.
وأما قول أبي حاتم: لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير، فتُعقِّب بأنه روى عنه أيضًا أبو قزعة سعيد بن حجير كما مضى.
وكذلك لا يصح ما روي عن حذيفة بن أسيد، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى البيت قال:"اللَّهُم! زد بيتك تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًا ومهابة".
رواه الطبراني في "الكبير"(3053) وفيه عاصم بن سليمان الكوزي وهو متروك كما قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 238).
ومن العلماء من كذبه ورماه بالوضع كالدارقطني وابن حبان وغيره.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"تُرفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصّلاة، واستقبال البيت، وعلى الصّفا والمروة، والْمَوْقِفَيْن، والجمرتين".
رواه الشافعي في الأم (2/ 169) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، قال: حُدّثت عن مقسم مولي عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، فذكر نحوه. وفيه انقطاع.
وله شاهد مرسل عن سفيان الثوريّ، عن أبي سعيد الشامي، عن مكحول قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة فرأي البيت رفع يديه وكبّر وقال: "اللهم! أنت السلام، ومنك السلام، فحيّنا ربَّنا بالسّلام. اللَّهمّ! زدْ هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا، ومهابة، وزدْ من حجَّه أو اعتمره تكريمًا وتشريفًا وتعظيمًا وبرًّا".
رواه البيهقيّ (5/ 73)، وأبو سعيد الشامي مجهول.
وروي مثل هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
رواه البيهقيّ من طريق يحيى بن معين، ثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن طريف، عن حُميد ابن يعقوب، سمع سعيد بن المسيب يقول: سمعت من عمر رضي الله عنه كلمة ما بقي أحدٌ من الناس سمعها غيري، سمعته يقول إذا رأى البيت:"اللَّهمّ! أنت السّلام، ومنك السّلام فحيّنا ربَّنا بالسّلام". وهذا إسناد جيّد.
وممن كان يرفع يديه عند رؤية البيت: ابن عمر، وابن عباس، ومن الأئمة: سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم. انظر "شرح السنة" للبغويّ (7/ 99 - 100).
24 - باب وجوب ستر العورة في الطّواف
• عن أبي هريرة، قال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ: "لا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1622) من طريق يونس (هو ابن يزيد الأيلي)، ومسلم في الحج (1347) من طريق يونس، وعمرو (وهو ابن الحارث) كلاهما عن ابن شهاب الزهريّ، حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره، واللفظ لمسلم وزاد.
قال ابن شهاب: فكان حميد بن عبد الرحمن يقول: "يوم النحر الحج الأكبر" من أجل حديث أبي هريرة.
• عن أبي هريرة، قال: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى: "أَنْ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ".
قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عبد الرحمن: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَة وَأَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (4655) عن سعيد بن عفير، حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، وأخبرني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال (فذكره).
وقوله: "وأخبرني" قال الكرماني: بواو العطف إشعارًا بأنه أخبره أيضًا بغير ذلك، قيل: فهو عطف على مقدّر.
ودلّ الحديث على أن أبا بكر كان هو الأمير على الناس في تلك الحجّة، وكان عليٌّ هو المأمور بالتأذين بذلك، وكأنّ عليًّا لم يطق التأذين وحده واحتاج إلى من يعينه على ذلك فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره يساعدونه على ذلك كما جاء في حديث رواه الإمام أحمد (7977) من طريق محرز بن أبي هريرة، عن أبيه أبي هريرة، قال: كنت مع علي بن أبي طالب حيث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة.
هكذا جمع الطحاويّ في "مشكله" وسيأتي مزيد من التحقيق في موضعه في قضية العهد الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين.
لأنه وقع في رواية أحمد المشار إليها: "ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإنّ أجله أو أمده إلى أربعة أشهر".
والصّحيح أنّ أجله إلى مدته لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)} [سورة التوبة: 4].
وهو الذي يدل عليه ما جاء في "جامع الترمذي" عن علي: "وكان بينه وبين النبيّ صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدّته، ومن لا مدّة له فأربعة أشهر".
وسيأتي كلّ هذه الأمور بالتفصيل في موضعه.
وأمّا ما روي عن أبي بكر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة لأهل مكة: "لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته، والله بريء من المشركين ورسولُه".
قال: فسار بها ثلاثًا، ثم قال لعلي رضي الله عنه:"الحقه فرد عليَّ أبا بكر وبلِّغها أنت".
قال: ففعل. قال: فلما قدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم أبو بكر بكي. قال: يا رسول الله! حدث فيَّ شيءٌ؟ قال: "ما حدث إلّا خير، لكن أُمرت أن لا يبلغه إلّا أنا أو رجل مني" ففيه نكارة.
رواه الإمام أحمد (4)، وأبو يعلى (104) من حديث وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثيع، عن أبي بكر، فذكره.
وزيد بن يثيع تفرّد بالرواية عنه أبو إسحاق، ولم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، فمثله لا يكون "ثقة" كما قال الحافظ في "التقريب"، ثم روى في خبره ما ينكر عليه، وهو قوله:"ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني".
وأخرجه الجوزجانيّ في "الأباطيل"(1/ 128 - 131) وقال: "هذا حديث منكر". ثم رواه من حديث الإمام أحمد وغيره أيضًا وقال: "فهذه الروايات كلّها مضطربة مختلقة منكرة".
وقال الخطابيّ في كتاب "شعار الدين": وقوله: "لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي" هو شيء جاء به أهل الكوفة عن زيد بن يثيع، وهو متهم في الرواية، منسوب إلى الرّفض. وعامّة من بلّغ عنه غير أهل بيته، فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام ويعلم الأنصار القرآن، وبعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة، فأين قول من زعم: أنه لا يبلغ عنه إلا رجل من أهل بيته؟ ! ". راجع "منهاج السنة" (5/ 63).
قلت: ثم هو قد اضطرب في رواية هذا الحديث، فمرة قال: عن أبي بكر، فجعله من مسنده. وأخرى قال: سألت عليًا بأيّ شيء بُعثت؟ قال: "بأربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدّته، ومن لا مدّة له فأربعة أشهر".
رواه الترمذيّ (871) عن علي بن خشرم، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، قال (فذكره).
قال الترمذي: "حديث حسن".
ورواه الإمام أحمد (594) وصحّحه الحاكم (4/ 178) كلاهما من حديث سفيان بإسناد، مثله. وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد".
وله أسانيد أخرى ذكرها الدّارقطني في "العلل"(3/ 163) وقال: "ما رواه ابن عيينة عن أبي