الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• عن ابن عباس، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَقَال: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ". فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَاب
…
الحديث.
صحيح: علقه البخاريّ في الحج (1572) عن أبي كامل فضيل بن حسين البصريّ، حدّثنا أبو معشر (هو يوسف بن يزيد البرّاء)، حدّثنا عثمان بن غياث، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكر الحديث بطوله.
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 434): "وصله الإسماعيليّ، قال: حدّثنا القاسم المطرّز، حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا أبو كامل، فذكره بطوله، لكنه قال: "عثمان بن سعد" بدل "عثمان بن غياث" وكلاهما بصريّ وله رواية عن عكرمة، لكن عثمان بن غياث ثقة، وعثمان بن سعد ضعيف، وقد أشار الإسماعيلي إلى أنّ شيخه القاسم وَهِم في قوله: "عثمان بن سعد".
ويؤيّده أنّ أبا مسعود الدّمشقيّ ذكر في "الأطراف" أنه وجده من رواية مسلم بن الحجاج عن أبي كامل، كما ساقه البخاريّ" انتهى.
قلت: ورواية مسلم له في خارج الصحيح؛ لأنّ الحديث من أفراد البخاريّ كما في "تحفة الأشراف"(5/ 150).
65 - باب هل على القارن سعيٌ واحدٌ أو سعيان
؟
• عن عائشة أنها قالت: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا". قالت: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ". قالت: فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عبد الرحمن ابْن أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَال: "هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ". قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لحجّهم. وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1556) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الحج (1211: 111) عن يحيى بن يحيى التميميّ، كلاهما عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.
والحديث في موطأ يحيى الليثي في الحج (223) عن مالك، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد،
ولم يسق لفظه، وإنما أحال على الحديث الذي قبله وهو من رواية مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته بتمامه، غير أنه زاد فيه:"وأمّا الذين كانوا أهلّوا بالحجّ، أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا".
قلت: والمقصود بالطّواف هنا السعي الذي كان قبل الحجّ كما قال البيهقي وغيره، وذلك بيّن في حديث جابر بن عبد الله كما سيأتي.
ولكن يشكل على هذا ما رواه أبو داود (1896) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة:"أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رموا الجمرة".
فإن كانت تقصد بالطّواف هنا طواف الإفاضة فهو ليس خاصًا بمن كانوا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم قارنين، بل حتّى من حلَّ بعمرة، ثم أهلّ بالحجّ أيضًا طاف طواف الإفاضة بعد رمي الجمرة.
وإن كانت تقصد بالطّواف السّعي، فالصحيح أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن كان معه سعوا قبل رمي الجمرة عندما قدموا مكة.
فالظاهر أن هذا خطأ أو وهم وقع من بعض الرواة الذين اختصروا حديث عائشة في الحج؛ ولذا قال الحافظ ابن عبد البر: "الاضطراب عن عائشة في حديثها في الحجّ عظيم، وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه، ودفع بعضهم بعضًا ببعض، ولم يستطيعوا الجمع بينها، ورام قوم الجمع بينها في بعض معانيها. وكذلك أحاديثها في الرضاع مضطربة أيضًا. وقال بعض العلماء في أحاديثها في الحج والرضاع: إنما جاء من قبل الرّواة. وقال بعضهم: بل جاء ذلك منها، فالله أعلم" انتهى. انظر: التمهيد (8/ 226 - 227).
وقوله: وقال بعضهم: "بل جاء منها" فيه نظر؛ لأنه لا يتصور منها وهي عالمة وفقيهة أن تحدّث أو تفتي وفيه اضطراب. فالظّاهر كما قلت وقع خطأ من بعض الرواة الذين اختصروا الحديث، أو رووه بالمعنى.
• عن عائشة، أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِك".
صحيح: رواه مسلم في الحج (1211: 133) عن حسن بن علي الحلوانيّ، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني إبراهيم بن نافع، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة، فذكرته.
• عن عبد الله بن عمر، أنه قال حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ: إِنْ صُدِدْتُ عَن الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أهلّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ إِنَّ عبد الله نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلا وَاحِدٌ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلا وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ
أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ، فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى.
متفق عليه: رواه مالك في الحج (99) عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ورواه البخاريّ في المحصر (1813)، ومسلم في الحج (1230: 180) كلاهما من طريق مالك، به، مثله. إلّا أن في لفظ البخاريّ:"ثم طاف لهما طوافًا واحدًا".
وفي لفظ مسلم: "فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعًا، وبين الصّفا والمروة سبعًا لم يزد عليه، ورأى أنه مجزئ عنه
…
".
• عن نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ وِإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ فَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ البَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلا وَاحِدٌ، اشْهَدُوا -قَالَ ابْنُ رُمْحٍ: أُشْهِدُكُمْ- أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي. وَأَهْدَي هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَنْحَرْ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (1640)، ومسلم في الحج (1230: 182) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث، عن نافع، فذكره.
وقول ابن عمر: "كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم" دليل على رفع ما فعله ابن عمر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن ليس على القارن إلّا سعي واحد.
ورواه أيوب عن نافع، عن ابن عمر بهذه القصّة، ولم يذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم إلّا في أوّل الحديث حين قيل له: يصدُّوكَ عن البيت. قال: "إذن أفعل كما فعلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم". ولم يذكر في آخر الحديث: "هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم" كما ذكره الليث بن سعد.
هكذا رواه مسلم من طريق حماد وإسماعيل بن عليّة كلاهما عن أيوب.
ورواه البخاريّ (1639) من حديث ابن علية، عن أيوب، فذكره بطوله.
فظهر من هذا أنّ نافعًا مرة وقفه على ابن عمر، وأخرى رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وممن رفعه أيضًا عن نافع: عبيد الله بن عمر كما في الحديث الآتي.
• عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا".
حسن: رواه الترمذيّ (948)، وابن ماجه (2975) كلاهما من حديث عبد العزيز بن محمد (وهو الدراورديّ) عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (5350)، وصححه ابن خزيمة (2745)، وابن حبان (3915).
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح".
قلت: وكذا أعلّه أيضًا الطّحاويّ (3830) فقال: "إنّ هذا الحديث خطأ؛ أخطأ فيه الدّراورديّ فرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنّما أصله عن ابن عمر عن نفسه، هكذا رواه الحفّاظ".
وتكلم فيه أيضًا النسائيّ فقال: "ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر".
قلت: الدراورديّ صدوق أخرج له الشيخان وغيرهما فمن الممكن أنه رواه بالمعنى كما رواه عبد الرزاق عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه قرن بين الحج والعمرة وسعى لهما سعيًا واحدًا، وقال:"هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم".
ورواه أيضًا سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر:"أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم طاف لقرانه طوافًا واحدًا ولم يحله ذلك". رواه كله الدارقطنيّ (2594، 2595).
لأنّ قول ابن عمر كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يساوي في معناه: "من أحرم بالحجّ والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما".
لأنّ الدّراورديّ روى الحديث من وجهين مرة باختصار دون القصة - كما مضى. وأخرى بالقصة كما رواه عنه الدّارقطني (2591) عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنّه أهلّ بالعمرة فلما أتي ذا الحليفة قال:"ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أدخلت الحج على العمرة، فطاف لهما طوافًا واحدًا وسعى لهما سعيًا واحدا وقال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم".
إن صحَّ هذا فإنّ الدراورديّ لم يخالف ما رواه غيره عن عبيد الله بن عمر، ومن الممكن أيضًا أن نافعًا روي من وجهين كما ثبت عنه في الصحيحين وغيرهما، فروى الدراوردي من أحد هذه الوجوه، وروى غيره من الوجه الآخر وإن كانوا هم أكثر ولكن لا مخالفة بينه وبينهم في معني الحديث، وبهذا صحَّ قول الترمذيّ:"حسن صحيح" وصحَّ قوله أيضًا: والذين لم يرفعوا أصح، لأنهم أكثر، والجمع بين هذه الطرق أولى من تخطئة الثقات والله تعالى أعلم.
• عن جابر بن عبد الله قال: لم يطف النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه بين الصّفا والمروة إلّا طوافًا واحدًا، طوافَهُ الأوّل.