الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب من وجد ماله بعينه عند مفلس فهو أحق به
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الاستقراض (2402)، ومسلم في المساقاة (1559: 22) كلاهما عن أحمد بن عبد اللَّه بن يونس، حدّثنا زهير بن حرب، حدّثنا يحيى بن سعيد، أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول فذكره.
ورواه مسلم (24) من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ: "إذا أفلس الرجل فوجد الرجل متاعه بعينه فهو أحق به".
وفي رواية أخرى: "فهو أحق به من الغرماء".
وأما ما روي عن عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس، فقال: لأقضين بينكم بقضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به" فهو ضعيف.
رواه أبو داود (3523)، وابن ماجه (2360)، والشافعي (2/ 163)، والحاكم (2/ 50 - 51)، والبيهقي (6/ 46) كلهم من طريق ابن أبي ذئب قال: حدثني أبو المعتمر بن عمرو بن رافع، عن ابن خلدة الزرقي -وكان قاضي المدينة-، فذكره.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد".
قلت: وفيه أبو معتمر لم يرو عنه سوى ابن أبي ذئب، وذكره الذهبي في الميزان، وقال:"لا يعرف". وقال غيره: "مجهول".
والحديث يدل على أن الرجل إذا أفلس فأدرك الرجلُ متَاعه بعينه فهو أحق به من غيره، وبه قال كثير من أهل العلم، وقد قضى بها عثمان، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، ولا يعلم لهما مخالف في الصحابة، وهو قول عروة بن الزبير، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
وقال أبو حنيفة: هو أسوة للغرماء، واستدل بالذي يأتي بعده.
17 - باب من قال: هو أسوة للغرماء في الموت والحياة
روي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل باع سلعة، فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس، ولم يكن قبض من ثمنها شيئًا فهي له، وإن كان قبض من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء".
وقال دعلج: "فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء". وهذا الحديث روي مسندا ومرسلا.
فأما المسند فرواه الدارقطني (3/ 29) من ثلاثة أوجه عن إسماعيل بن عياش، نا موسى بن
عقبة، عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة فذكره.
ومن أحد هذه الوجوه وهو عبد اللَّه بن عبد الجبار الخبائري، عن إسماعيل بن عياش رواه أبو داود (3522) من طريقه عن إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي [قال أبو داود: هو محمد بن الوليد أبو الهذيل الحمصي]، عن الزهري بإسناده، وزاد في آخر الحديث:"اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء".
وإسماعيل بن عياش ضعيف إلا في أهل بلده، والزبيدي حمصي من أهل بلده، فروايته عنه مقبولة، إلا أن حديثه هذا خطأ.
قال الدارقطني: "إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا الحديث عن الزهري مسندا، وإنما هو مرسل".
قلت: هو يشير إلى المرسل الذي رواه مالك في البيوع (87)، وعنه أبو داود (3520)، وعبد الرزاق (8/ 264)، والبيهقي (6/ 46 - 47) كلهم من حديث ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه، ولم يقض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجده بعينه فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء". أي بدون ذكر أبي هريرة.
هكذا رواه مالك مرسلا، وهو كذلك في جميع الموطآت، كما قال ابن عبد البر. وكذلك رواه الشافعي عن مالك مرسلا.
وأما عبد الرزاق فاختلف عليه، ففي المصنف مرسل، كما ذكرت، ورواه عبد اللَّه بن بركة الصنعاني عنه موصولا، كما ذكره ابن عبد البر في "التمهيد"(8/ 406).
قال أبو داود: "حديث مالك أصح". (يعني المرسل).
وقال في المراسيل (162): "روي مسندا، وليس بالقوي، وروي مسندا قصة الموت، وهو لا يصح مسندا، وقصة الإفلاس مشهور صحيح مسند".
قلت: وتابع إسماعيل بن عياش اليمانُ بن عدي عن الزبيدي، إلا أنه خالف في شيخ الزهريّ، فقال: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أيما رجل مات وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء".
رواه ابن ماجه (2361)، والدارقطني (3/ 30)، والبيهقي (1/ 48) كلهم من هذا الوجه. قال الدارقطني:"اليمان بن عدي ضعيف الحديث".
وضعّفه أيضًا الإمام أحمد من أجل رفع هذا الحديث. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب.
والخلاصة فيه أن الحديث لا يصح موصولا من طريق الزهري؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش، واليمان بن عدي، وكلاهما ضعيف.