الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب أخذ الأجرة على تعليم القرآن والرقية به
• عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، واللَّه إني لأرقي، ولكن واللَّه لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلا. فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقي: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكروا له، فقال:"وما يدريك أنها رقية". ثم قال: "قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما" فضحك النبي صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الإجارة (2276)، ومسلم في السلام (2201: 65) من طريق أبي بحر (هو جعفر بن أبي وحشية)، عن أبي المتوكل (هو الناجي)، عن أبي سعيد الخدري قال فذكره. واللّفظ للبخاريّ.
• عن ابن عباس أن نفرا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ -أو سليم-، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؛ إن في الماء رجلا لديغا -أو سليما-؟ فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب اللَّه أجرا حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول اللَّه، أخذ على كتاب اللَّه أجرا؟ فقال عليه السلام:"إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللَّه".
صحيح: رواه البخاريّ في الطب (5737) عن سيدان بن مضارب أبي محمد الباهلي، حدّثنا أبو معشر البصري -هو صدوق- يوسف بن يزيد البراء قال: حدثني عبيد اللَّه بن الأخنس أبو مالك، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس فذكره.
• عن خارجة بن الصلت، عن عمه أنه مر بقوم، فأتوه، فقالوا: إنك جئت من
عند هذا الرجل بخير، فارق لنا هذا الرجل. فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه، ثم تفل فكأنما أنشط من عقال، فأعطوه شيئا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كل، فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق".
وفي رواية: فأعطوه مائة شاة.
حسين: رواه أبو داود (3420، 3896، 3897، 3901)، وابن ماجه (6111)، وأحمد (21835)، وصحّحه ابن حبان (6110)، والحاكم (1/ 559 - 560) كلّهم من طرق عن عامر الشعبي، عن خارجة بن الصلت، عن عمه فذكره.
واسم عمه عِلاقة بن صُحار. وقيل: عبد اللَّه بن عِثير.
قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قلت: إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت؛ فإنه لم يوثّقه أحد غير ابن حبان، وروى له اثنان، ونقل المزي في تهذيبه في ترجمة عامر الشعبي الراوي عن خارجة بن الصلت: عن أبي بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدث الشعبي عن رجل، فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه.
واختصره ابن حجر في ترجمة الشعبي، فأصاب، وفي ترجمة خارجة بن الصلت فأخطأ، فنسب هذا القول إلى ابن أبي خيثمة نفسه.
ثم قول ابن معين هذا قد لا يكون مطردا في كل من روى عنه الشعبي، إلا ما يطمئن به القلب من القرائن، وقد تكلمت بإسهاب في هذا الموضوع في كتابي "دراسات في الجرح والتعديل" فراجعه لزاما.
فقه هذا الباب: أحاديث هذا الباب تدل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وجواز شرطه.
وكان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، وكان عمر بن الخطاب يرزق كل واحد منهم خمسة عشر درهما كل شهر.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة (4/ 346 رقم 2028) عن وكيع، عن صدقة بن موسى الدمشقي -وفي رواية: الدقيقي-، عن الوضين بن عطاء قال فذكره. ورواه البيهقي (6/ 124) من وجه آخر عن وكيع، وقال: وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع.
إلا أن الوضين بن عطاء لم يدرك زمان عمر بن الخطاب.
وذكر البخاري في ترجمة الباب (4/ 452): "وقال الشعبي: لا يشترط المعلم، إلا أن يعطي شيئا فليقبله. وقال الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر المعلم. وأعطى الحسن دراهم عشرة. ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا".