الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعندهم فضول من تمر قوتهم أن يبتاعوا بذلك التمر من رطب تلك النخلات بخرصها.
وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى جواز هذه الصور، منهم الأوزاعيّ، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وغيرهم.
وقد فصّلت القول فيه في "المنة الكبرى"(5/ 98 - 107)، فراجعه لمعرفة المزيد.
19 - باب جواز العرايا فيما دون خمسة أوسق
• عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق.
متفق عليه: رواه مالك في البيوع (14) عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاريّ في البيوع (2190)، ومسلم في البيوع (1541) كلاهما من طريق مالك به مثله.
زاد مسلم: يشك داود قال: خمسة، أو دون خمسة.
• عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أذن لأصحاب العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول: "الوسق، والوسقين، والثلاثة، والأربعة".
حسن: رواه الإمام أحمد (14868)، وأبو يعلى (1780)، وصحّحه ابن حبان (5008)، وابن خزيمة (2469) كلهم من حديث محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حَبان، عن جابر فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وهو مدلس إلا أنه صرّح بالتحديث.
"والأوسق" جمع وسق، وهو ستون صاعا، والصاع خمسة أرطال وثلث، والمجموع ثلاث مائة صاع، وهي تساوي اليوم (700) كيلو جرام تقريبا.
20 - باب النهي عن بيع الرطب بالتمر
• عن زيد أبي عياش أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد: أيتهما أفضل؟ قال: البيضاء. فنهاه عن ذلك. وقال سعد: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أينقص الرطب إذا يبس؟ " فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك.
حسن: رواه مالك في البيوع (22) عن عبد اللَّه بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره فذكره.
ومن طريق مالك رواه أبو داود (3359)، والترمذي (1225)، والنسائي (4549)، وابن ماجه (2264)، وأحمد (1515)، وابن حبان (4997)، والحاكم (2/ 38)، والبيهقي (5/ 294) كلهم
من هذا الطريق.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم".
وتابع مالكا إسماعيل بن أمية، والضحاك بن عثمان، وأسامة بن زيد.
وخالفهم جميعا يحيى بن أبي كثير، ومن طريقه رواه أبو داود (3360)، والدارقطني (3/ 49)، والحاكم (2/ 38 - 39)، والبيهقي (5/ 294)، فزاد في آخر الحديث:"نسيئة".
قال الدارقطني: "واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ، وهو مالك بن أنس".
وقال البيهقي بعد أن نقل كلام الدارقطني: "والعلة المنقولة في هذا الخبر تدل على خطأ هذه اللفظة، وقد رواه عمران بن أبي أنس، عن أبي عياش نحو رواية الجماعة".
والخلاصة أن ذكر "نسيئة" في هذا الحديث شاذ.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح إجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح، خصوصا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد اللَّه بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه لما خشياه من جهالة زيد أبي عياش".
قلت: زيد أبو عياش هو زيد بن عياش المدني، وثّقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 311).
وقوله هذا يدل على أنه لو لم تكن هذه العلة عندهما لأخرجاه، والأمر ليس كما قال؛ فإنهما لم يلتزما إخراج جميع ما صح.
قوله: "البيضاء" نوع من البر أبيض اللون.
و"السلت" نوع آخر غير البر، وهو أدق حبا منه.
وقال بعضهم: البيضاء هو الرطب من السُلت، وهذا أليق بمعنى الحديث بدليل أنه شبهه بالرطب مع التمر، ولو اختلف الجنس لم يصح التشبيه.
وقال الخطابي: "وهذا الحديث أصل في أبواب كثيرة من مسائل الربا، وذلك أن كل شيء من المطعوم مما له نداوة ولجفافه نهاية فإنه لا يجوز رطبه بيابسه، كالعنب والزبيب، واللحم النيء بالقديد ونحوهما".
وقال: "وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن بيع الرطب بالتمر غير جائز، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل. وبه قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن. وعن أبي حنيفة جواز بيع الرطب بالتمر نقدا، ويشبه أن يكون تأويل الحديث عنده على النسيئة دون النقد". انتهى.
وذلك أن الرطب والتمر إما أن يكونا جنسين مختلفين، فيجوز بيعهما ولو متفاضلين إذا كان يدا