الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: ويُسْتَحَبُّ للإِمامِ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ، يَلْتَفِتُ عن يَمِينِه، فَيَقُولُ: اسْتَوُوا. رَحِمَكُم اللهُ. وعن يَسَارِهِ كذلك؛ لِما ذَكَرْنَا مِن الحديثِ، وعن محمد بنِ مُسْلِمٍ، قال: صَلَّيْتُ إلى جَنْبِ أنَسِ بنِ مالكٍ يومًا، فقال: هل تَدْرِى لمَ صُنِعَ هذا العُودُ؟ قُلْتُ: لا واللهِ. فقال: لأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا قامَ إلى الصلاةِ أخذَهُ بيَمِينِه، فقال:"اعْتَدِلُوا، وسَوُّوا صُفُوفَكُمْ". ثُمَّ أخَذَهُ بِيَسَارِهِ، وقال:"اعْتَدِلُوا، وسَوُّوا صُفُوفَكُمْ". [رَوَاهُ أبو داوُد](53). وعنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ". مُتَّفَقٌ عليه (54).
140 - مسألة؛ قال أبو القاسم: (وإذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ)
وجُمْلَتُهُ أنَّ الصلاةَ لا تَنْعَقِدُ إلا بقولِ: "اللهُ أكبرُ". عند إمامِنَا، ومالكٍ. وكان ابن مَسْعود، وطَاوُس، وأيُّوبُ (1)، ومالكٌ، والثورِيُّ، والشافِعِيُّ، يقولُون: افْتِتَاحُ الصلاةِ التَّكْبِيرُ. وعلى هذا عَوَامُّ أهْلِ العِلْمِ في القَدِيمِ والحديثِ، إلَّا أنَّ الشافعيَّ قال: تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: اللهُ الأكبرُ. لِأنَّ الأَلِفَ والَّلامَ لم تُغَيِّرْه عن بِنْيَتِه ومعْناهُ، وإنَّما أفادت التعرِيفَ. وقال أبو حنيفَة: تَنْعقِدُ بِكُل اسْمٍ لِلّهِ تعالى على وَجْهِ التَّعْظِيمِ، كَقَوْلِهِ: اللهُ عَظِيمٌ. أو كَبِيرٌ، أوْ جَلِيلٌ. وسبحان اللهِ. والحْمَدُ لِلّهِ. ولا إنهَ إلَّا اللهُ. ونحوِه. قال الحَاكِمُ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ اللَّه تعالى على
(53) سقط من: م. وأخرجه أبو داود، في: باب تسوية الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 155. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 254.
(54)
أخرجه البخاري، في: باب إقامة الصف من تمام الصلاة، من كتاب الأذان 1/ 184، 185. ومسلم، في: باب تسوية الصفوف وإقامتها. . . إلخ من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 324. وأبو داود، في: باب تسوية الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 155. وابن ماجه، في: باب إقامة الصفوف، من كتاب الإقامة. سنن ابن ماجه 1/ 317. والدارمي، في: باب إقامة الصفوف، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 289. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 177، 254، 274، 279، 291.
(1)
أبو بكر أيوب بن أبي تميمة السختياني، من فقهاء التابعين بالبصرة، توفى سنة إحدى وثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي 89.
وَجْهِ التعظِيمِ، أشْبَهَ قولَه: اللهُ أكبرُ. واعْتَبَر ذلك بالخُطْبَةِ، حيثُ لم يَتَعَيَّنْ لَفْظُهَا. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ". رواهُ أبو داوُد (2). وقال لِلْمُسِىءِ في صلاتِهِ: "إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ". مُتَّفَقٌ عليه (3). وفى حديثِ رِفاعَةَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ امْرِىءٍ حَتَّى يَضَعَ الوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ، فَيَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ"(4). وكانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ الصلاةَ بِقولِهِ: "اللهُ أكْبَرُ". لم يُنْقَلْ عنه عُدُولٌ عن ذلك حتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وهذا يَدُلُّ على أنه لا يَجُوزُ العُدُولُ عنهُ، وما قالَه أبو حنيفَة يُخَالِفُ دَلَالَةَ الأخْبارِ، فلا يُصارُ إليه، ثم يَبْطُلُ بِقولِهِ (5): اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى. ولا يَصِحُّ القِيَاسُ على الخُطْبَةِ، لأنَّه لم يَرِدْ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فيها لفظٌ بعَيْنِهِ في جميعِ خُطَبِهِ، ولا أمْرٌ به، ولا يُمْنَعُ من الكلام فيها والتَّلَفُّظِ بما شَاء من الكلامِ المُبَاحِ، والصلاةُ بِخِلافِه، وما قالهُ الشافعيُّ عُدُول عن المَنْصُوصِ، فأشْبَهَ ما لو قال: اللهُ العَظِيمُ.
(2) في: باب فرض الوضوء، وباب الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر ركعة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 15، 145. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، من أبواب الطهارة، وفى: باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 1/ 15، 2/ 37. وابن ماجه، في: باب مفتاح الصلاة الطهور، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 101. والدارمي، في: باب مفتاح الصلاة الطهور، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 175. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 123، 129.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم. . . إلخ، وباب حدثنا مسدد، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 192، 193، 200، 201. ومسلم، في: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . . إلخ، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 298. كما أخرجه أبو داود، في: باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 197. والترمذي، في: باب ما جاء في وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 97. والنسائي، في: باب فرض التكبيرة الأولى، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 96. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 437.
(4)
حديث رفاعة أخرجه أبو داود، في: باب صلاة من لا يقم صلبه في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 198. والترمذي، في: باب وصف الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 95، 96. والدارمي، في: باب في الذي لا يتم الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 305. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 340. والحاكم، في: المستدرك 1/ 241، 242. والبيهقي، في: باب من سها فترك ركنا. . . إلخ، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 345.
(5)
أي بقول المصلى. وفى الأصل: "بقول".