الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثَّانِيةُ لَا يَسْتَفْتِحُ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُه عنْ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ، وهى أَهَمُّ منه. قال ابْنُ مَنْصُور: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: سُئِلَ - يعني سُفْيانَ - أَيَسْتَعِيذُ الإِنْسَانُ خَلْفَ الإِمَامِ؟ قال: إنَّمَا يَسْتَعِيذُ مَنْ يَقْرَأُ. قال أحمدُ: صَدَقَ. وأمَّا مَنْ يُسَنُّ لَهُ القِرَاءَةُ وَهُوَ المَأْمُومُ فِي صَلَاةِ الإِسْرَارِ، فإنَّهُ يَسْتَفْتِحُ ويَسْتَعِيذُ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: إنْ كان مِمَّنْ يَقْرَأُ خَلْفَ الإِمامِ تَعَوَّذَ، وإذا كان مِمَّنْ لا يَقْرَأُ فلا، قال اللهُ تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (48).
184 - مسألة؛ قال: (الاسْتِحْبَابُ، أَنْ يَقْرَأَ في سَكَتَاتِ الإِمَامِ، وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ)
هذا قولُ [كثِيرٍ مِن](1) أهلِ العِلْمِ، [كان ابن مسعودٍ، وابنُ عمرَ، وهشامُ بنُ عامرٍ (2) يقْرأُونَ ورَاءَ الإِمامِ فيما أسَرَّ به. وقالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إذا جَهَرَ فلا تَقْرَأْ، وإذا خافتَ فاقْرَأْ]. (3) ورُوِىَ نحوُ (4) ذَلِكَ عن [عبد اللَّه بن عمر، وعُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبةَ (5)، ومُجاهد، والحسن، والشَّعْبيّ، و](6) سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، وسَعيدِ بنِ جُبَيْر، [والقاسمِ بْنِ محمدٍ](7)، ونافِعِ بنِ جُبَيْر (8)، والحَكَمِ، والزُّهْرِيِّ (9).
(48) سورة النحل 98.
(1)
في م: "أكثر".
(2)
هشام بن عامر بن أمية النجارى الأنصاري الصحابي، سكن البصرة، وبها توفى. انظر: أسد الغابة 5/ 403.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: "معنى".
(5)
أبو عبد اللَّه عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة الهذلى المدني، ثقة، فقيه، كثير الحديث والعلم، شاعر، توفى سنة أربع أو خمس وتسعين. تهذيب التهذيب 7/ 23، 24.
(6)
سقط من: م، وورد منه فيها:"الحسن"، كما تقدم ذكر ابن عمر في: م.
(7)
سقط من: الأصل، ومكانه فيه:"وأبي سلمة بن عبد الرحمن". ويأتي قوله.
(8)
أبو محمد نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني، تابعي ثقة، توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك، وقال الواقدى: سنة تسع وتسعين. تهذيب التهذيب 10/ 405.
(9)
في الأصل "وعروة". ويأتي قول عروة.
وقالَ أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ: للْإِمَامِ سَكْتَتَانِ، فاغْتَنِمُوا (10) فيهما القراءَةَ بفاتحةِ الكِتَابِ، إذا دَخَلَ في الصلاةِ، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} . وقالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: أما أنا فأغْتَنِمُ مِن الإمَامِ اثْنَتَيْنِ، إذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، فأَقْرَأُ عندها، وحينَ يَخْتِمُ السورةَ، فأقرَأُ قبل أنْ يَرْكَعَ.
(11)
وقالتْ طائفةٌ: لا يَقْرأُ خلفَ الإِمام في الجَهْر ولا الإِسْرار. فروَى سعيدٌ، في "سُنَنِه": حدَّثنا إسماعيل بن عيَّاش، عن عمر بن محمد بن زيد، عن مَن حدَّثه: تسْعة مِن أصْحابِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يقرأون خلفَ الإِمام فيما جهَر، ولا فيما لا يجْهَر؛ عليّ، وابنِ عبَّاس، وابن مسعود، وأبو سعيد، وزيد بن ثابت، وعُقْبة بنُ عامر، وجابر، وابنُ عمر، وحُذَيْفة بن يَمانٍ. وقال إبراهيم النَّخَعِيُّ: إنَّما أحْدثَ الناسُ القراءة خلفَ الإمام زمانَ المُخْتار (12)؛ لأنَّه كان يُصلِّى بهم صلاةَ النَّهار، ولا يُصلِّى بهم صلاةَ اللَّيْلِ، فاتَّهمُوه، فقرأُوا خلفَه. وقال ابن سِيرِين: لا أعلمُ مِن السُّنَّةِ القراءةَ خلفَ الإِمام. وقال ابنُ مسعود، والأسْودُ: وَدَدْتُ أنَّ مَن قرأَ خلفَ الإِمام مُلِىءَ فُوهُ تُرابًا. وكره إبراهيم القراءةَ خلفَ الإِمام. وقال: يكْفِيكَ قراءةُ الإِمام. وهذا قولُ الثَّوْرِيّ، وابنِ عُيَيْنةَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لِمَا روَى جابر،
(10) في الأصل: "فاغتنم".
(11)
من هنا إلى آخر الفصل يختلف ما ورد في م عن الأصل، فقد جاء في م:"وقال الثوري، وابن عيينة، وأبو حنيفة: لا يقرأ الإمام بحالٍ؛ لما ذكرنا في المسألة التي قبل هذا. ولنا، قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا أسْررتُ بقراءتي فاقرأوا". رواه الترمذي والدارقطني. ولأنَّ عموم الأخبار يقتضى القراءةَ في حق كل مصلٍّ، فخصصناها بما ذكرناه من الأدلة، وهى مختصة بحال الجهر، وفيما عداه يبقى على العموم، وتخصيص حالة الجهر بامتناع الناس في القراءة فيها يدل على أنهم كانوا يقرأون في غيرها. قال الإمام أحمد، رحمه اللَّه تعالى، في الإمام يقرأ وهو لا يسمع: يقرأ. قيل له: أليس قد قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}؟ فقال: هذا إلى أي شيء يستمع؟ . ويسن له قراءة السورة مع الفاتحة في مواضعها".
(12)
المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، تابعى (أو في صحبته نظر) ثائر شجاع، قتل سنة سبع وستين. الإِصابة 6/ 349 - 353، سير أعلام النبلاء 3/ 538 - 544.