الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (36): أخْبَرَنا عِمْرَانُ بنُ حُدَيْرٍ (37)، عن نَصْر (38) بن عاصِمٍ اللَّيْثِيِّ، قال: أوْهَمَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللهِ عنه، في القَعْدَةِ، فَسَبَّحُوا به، فقال: سُبْحَانَ اللهِ هكذا. أي قُومُوا. ورَوَى بإسْنَادِهِ مِثْلَ ذلك عن سَعْدٍ. ورَوَاهُ الآجُرِّىُّ عن معاويةَ (39)، وعن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، وقال: إنِّي سَمِعْتُكُم تَقُولُونَ سُبْحَانَ اللهِ لِكَيْما أجْلِسَ، فَلَيْسَتْ تلك السُّنَّة، إنما السُّنَّة التي صَنَعْتُ. وقد ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ بُحَيْنَةَ (40). فأمَّا إنْ سَبَّحُوا به قَبْلَ قِيَامِهِ فلم يَرْجِعْ، تَشَهَّدُوا لأَنْفُسِهم، ولم يَتْبَعُوه في تَرْكِهِ؛ لأنه تَرَكَ وَاجِبًا تَعَيَّنَ فِعْلُه عليه، فلم يكنْ لهم مُتَابَعَتُه في تَرْكِهِ. ولو رَجَعَ إلى التَّشَهُّدِ بعد شُرُوعِه في القِرَاءةِ لم يكنْ لهم مُتَابَعَتُه في ذلك؛ لأنَّه أخْطَأ. فأمَّا الإِمامُ، فمتى فَعَلَ ذلك عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، بَطَلَتْ صَلَاتُه؛ لأنَّه زَادَ في الصَّلاةِ مِن جِنْسِها عَمْدًا، أو تَرَكَ واجِبًا عَمْدًا، وإن كان جَاهِلًا بالتَّحْرِيمِ أو نَاسِيًا، لم تَبْطُلْ؛ لأنَّه زَادَ في الصَّلَاةِ سَهْوًا. ومتى عَلِمَ بِتَحْرِيمِ ذلك وهو في التَّشَهُّدِ، نَهَضَ، ولم يُتِمَّ الجُلُوسَ. ولو ذَكَرَ الإِمامُ التَّشَهُّدَ قبلَ انْتِصَابِه، وبعدَ قِيَامِ المَأْمُومِينَ، وشُرُوعِهم في القِرَاءَةِ، فرَجَعَ، لَزِمَهُم الرُّجُوعُ؛ لأنَّ الإِمامَ رَجَعَ إلى وَاجِبٍ، فَلَزِمَهم مُتَابَعَتُه، ولا اعْتِبَارَ بِقِيَامِهم قَبْلَه.
فصل:
وإنْ نَسِىَ التَّشَهُدَ دُونَ الجُلُوسِ له، فحُكْمُه في الرُّجُوعِ إليه حُكْمُ ما لو نَسِيَه مع الجُلُوسِ؛ لأنَّ التَّشَهُّدَ هو المَقْصُودُ. فأمّا إن نَسِىَ شَيْئًا من
= 1/ 238. والترمذي، في: باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 160.
(36)
سقط من: الأصل.
(37)
هو أبو عبيدة البصري، ثقة، توفى سنة تسع وأربعين ومائة. وفى التقريب 2/ 82 أنه السدى، وفى التهذيب 8/ 125 أنه السدوسي.
(38)
في م: "مضر" تحريف.
(39)
في م: "ابن مسعود" خطأ، وتقدم في صفحة 420.
(40)
في صفحة 420.
الأذْكَارِ (41) الواجِبَةِ، كتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، وقَوْلِ: رَبّ اغْفِرْ لي بين السَّجْدَتَيْنِ، وقَوْلِ: رَبَّنَا ولك الحَمْدُ. فإنَّه لا يَرْجِعُ إليه بعدَ الخُرُوجِ مِن مَحَلِّه؛ لأنَّ مَحلَّ الذِّكْرِ رُكْنٌ قد وَقَعَ مُجْزِئًا صَحِيحًا. فلو رَجَع إليه لكانَ زِيَادَةً في الصَّلَاةِ، وتَكْرَارًا لِرُكْنٍ، ثم يَأْتِى بالذِّكْرِ في رُكُوعٍ أو سُجُودٍ زَائِدٍ غيرِ مَشْرُوعٍ، بِخِلافِ التَّشَهُّدِ، ولكنَّه يَمْضِي ويسجدُ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِه، قياسًا على تَرْكِ التَّشَهُّدِ. الصُّورةُ الثَّانِيَة، قامَ مِن السَّجْدَةِ الأُولَى، ولم يجلِسْ لِلْفَصْلِ بينَ السَّجْدَتَيْنِ، فهذا قد تَرَكَ رُكْنَيْنِ؛ جِلْسَةَ الفَصْلِ، والسَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ. فلا يَخْلُو من حَالَيْنِ: أحَدِهما، أن يَذْكُرَ قبلَ الشُّرُوعِ في القِرَاءَةِ، فيَلْزَمُه الرُّجُوعُ. وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ. ولا أعْلَمُ فيه مُخَالِفًا، فإذا رَجَع، فإنَّه يَجْلِسُ جِلْسَةَ الفَصْلِ، ثم يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثم يَقُومُ إلى الرَّكْعَةِ الأُخْرَى. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافِعِيِّ: لا يَحْتَاجُ إلى الجُلُوسِ؛ لأنَّ الفَصْلَ قد حَصَلَ بالقِيامِ. وليسَ بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ الجِلْسَةَ وَاجِبَةٌ، ولا يَنُوبُ عنها القِيامُ كما لو عَمَدَ ذلك. فأمَّا إنْ كان جَلَسَ لِلْفَصْلِ، ثم قامَ ولم يَسْجُدْ، فإنَّه يَسْجُدُ، ولا يَلْزَمُه الجُلُوسُ. وقيل: يَلْزَمُه؛ لِيَأْتِىَ بالسَّجْدَةِ عن جُلُوسٍ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه أَتَى بالجِلْسَةِ، فلم تَبْطُلْ بِسَهْوٍ بَعْدَها كالسَّجْدَةِ الأُولَى، ويَصِيرُ كأنَّه سَجَدَ عَقِيبَ الجُلُوسِ. فإنْ كان يَظُنُّ أنَّه سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وجلس جِلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ، لم يُجْزِه عن جِلْسَةِ الفَصْلِ؛ لأنَّها هَيْئَةٌ، فلا تَنُوبُ عن الوَاجِبِ، كما لو تَرَكَ سَجْدَةً من رَكْعةٍ، ثم سجد لِلتِّلاوَةِ. وهكذا الحُكْمُ في تَرْكِ رُكْنٍ غيرِ السُّجُودِ، مثلِ الرُّكُوعِ، أو الاعْتِدَالِ (42) عنه؛ فإنَّه يَرْجِعُ إليه متَى ذَكَرَه، قبلَ الشُّرُوعِ في قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الأُخْرَى، فيَأْتِى به، ثم بما بعدَه؛ لأنَّ ما أتَى به بعدَه غيرُ مُعْتَدٍّ به؛ لِفَوَاتِ
(41) في الأصل: "الأحكام".
(42)
في الأصل: "والاعتدال".
التَّرْتِيبِ. الحالِ الثَّانِى، تَرَكَ رُكْنًا؛ إمَّا سَجْدَةً، أو رُكُوعًا، سَاهِيًا، ثم ذَكَرَه بعدَ الشُّرُوعِ في قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ التي تَلِيها، بَطَلَتِ الرَّكْعَةُ التي تَرَكَ الرُّكْنَ فيها (43)، وصارَت التي شَرَعَ في قِرَاءَتِها مَكانَها. نَصَّ علَى هذا أحمدُ، في رِوَايَةِ الجَماعَةِ (44)، قال الأثْرَمُ: سألْتُ أبا عبدِ اللهِ، عن رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَةً، ثم قامَ لِيُصَلِّىَ أُخْرَى، فذكَرَ أنَّه إنَّما سَجَدَ لِلرَّكْعَةِ الأُولَى سَجْدةً واحِدَةً؟ فقال: إن كانَ أوَّلَ ما قام قبلَ أن يُحْدِثَ عَمَلًا (45) للأُخْرَى، فإنَّه يَنْحَطُّ ويَسْجُدُ، ويَعْتَدُّ بها. وإن كان قد (46) أحْدَثَ عَمَلًا (45) للأُخْرَى، ألْغَى الأُولَى، وجَعَلَ هذه الأُولَى. قلتُ: يَسْتَفْتِحُ أو يُجْزِىءُ الاسْتِفْتَاحُ (47) الأوَّلُ؟ قال: لا يَسْتَفْتِحُ، ويُجْزِئُه الأوَّلُ. قلتُ: فَنَسِىَ سَجْدَتَيْنِ من رَكْعَتَيْنِ؟ قال: لا يَعْتَدُّ بِتَيْنِك (48) الرَّكْعَتَيْنِ، والاسْتِفْتَاحُ ثابِتٌ. وهذا قَوْلُ إسحاقَ. وقال الشَّافِعِيُّ: إنْ ذَكَرَ الرُّكْنَ المَتْرُوكَ قبلَ السُّجُودِ في الثَّانِيَةِ، فإنَّه يَعُودُ إلى السَّجْدَةِ الأُولَى. وإن ذَكَرَه بعد سُجُودِهِ في الثَّانِيَةِ وقَعتْ (49) عن الأُولَى؛ لأنَّ الرَّكْعَةَ الأُولَى قد صَحَّ فِعْلُها، وما فَعَلَهُ في الثَّانِيَةِ سَهْوٌ (50) لا يُبْطِلُ الأُولَى، كما لو ذَكَرَ قبل القِرَاءَةِ. وقد ذَكَرَ أحمدُ هذا القَوْلَ عن الشَّافِعِيِّ وقَرَّ بِهِ، وقال: هو أشْبَهُ. يَعْنِى من قَوْلِ أصْحابِ أبي حَنِيفَةَ. إلا أنَّه اخْتَارَ القولَ الذي حَكَاهُ عنه الأثْرَمُ. وقال مالِكٌ: إن تَرَكَ سَجْدَةً فَذَكَرَها قبلَ رَفْعِ رَأْسِه من رُكُوعِ الثَّانِيَةِ، [سجَدها، واعْتَدَّ برَكْعةِ الأُولَى، وإن ذكرَها بعدَ رَفْع رأْسِه من رُكوعِ الثانية](51)، ألْغَى الأُولَى. وقال الحسنُ،
(43) في م: "منها".
(44)
في الأصل: "جماعة".
(45)
في م: "عمله".
(46)
سقط من: م.
(47)
في الأصل: "بالاستفتاح".
(48)
في الأصل: "بتلك".
(49)
في م: "وقعتا".
(50)
في م: "سهوا".
(51)
سقط من: م.