الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجَوارِى، أخْرجَهُ (144) الأثْرَمُ. [ورُوِى أيضًا] (145) عن عبدِ الرحمنِ بن يَزِيدَ قال: كنتُ رابعَ أَرْبعَةٍ، أو خامِسَ خمسةٍ، مع عبدِ اللهِ، فجاءَ ابْنٌ له صغِيرٌ عليهِ قُمُصٌ من حَرِيرٍ، فدعاهُ، فقالَ له: مَنْ كساكَ هذا؟ قال: أُمِّى. فأخذَهُ عبدُ اللهِ فَشَقَّهُ. والوَجْهُ الآخَرُ، ذكَرَهُ أصحابُنَا، أنَّه يُبَاحُ؛ لأنَّهم غيرُ مُكَلَّفِينَ، فلا يَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِلُبْسِهِمْ، [كما لو ألْبَسَهُ دَابَّةً](146)، [ولأنَّهم مَحَلٌّ للزِّينةِ، فأشْبَهُوا النِّساءَ](147). والأوَّلُ أصَحُّ؛ لظَاهِرِ الحديثِ، وفِعْلِ الصحابَةِ. ويَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بتَمْكِينِهِمْ مِن [المُحَرَّماتِ كَتَمْكِينِهِمْ مِن شُرْبِ](148) الخمرِ، وأَكْلِ الرِّبَا، وغيرِهما، وكونِهِمْ مَحَلَّ الزِّينَةِ مع تَحْرِيمِ الاستِمْتَاعِ بهم. [أَبْلَغُ في](149)[التحريم، ولذلك حَرُم على النِّساءِ التَّبَرُّجُ بالزِّينَةِ للأجانبِ، وضُرِب عليهنَّ الحِجَابُ، وإنَّما أُبِيحَ لهنَّ التَّزَيُّنُ للأزْواجِ، لِحلِّهِنَّ لهم، ترْغيبًا في الاسْتمتاعِ المباحِ](150).
193 - مسألة؛ قال: (وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَتْرِ العَوْرَةِ صَلَّى جَالِسًا [يُومِىءُ إيماءً]
(1))
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ العَادمَ للسُّتْرَةِ [لا تَسْقطُ عنه الصَّلاةُ. لا نعلمُ فيه خِلافًا؛ وذلك لأنَّ هذا شرطٌ للصلاة، فلا تسقطُ الصلاةُ بالعَجْزِ عنه، كالاسْتقبال والوضوءِ، ولأنَّه واجبٌ في الصلاةِ، فأشْبَهَ أرْكانَ الصلاةِ، فإذا عَدِمَ السُّتْرةَ فإنَّه يُصلِّى قاعِدًا (2). ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ. وقال بهِ عطاءٌ، وعِكْرِمَةُ، وقتادَةُ، والأوْزَاعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ويُومِىءُ بالرُّكوعِ
(144) في الأصل: "رواه".
(145)
سقط من: الأصل.
(146)
في الأصل: "كالبهائم".
(147)
في م: "ولأنه محل الزينة فهم كالنساء".
(148)
في الأصل: "الحرام كإعانتهم على شرب".
(149)
في م: "يقتضى".
(150)
في م: "لا الإباحة، بخلاف النساء. واللَّه أعلم".
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
في م: "الأولى له أن يُصلى قاعدا".
والسُّجودِ. وهذا مذهبُ أبي حنيفةَ. وقالَ مُجَاهِدٌ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وابْنُ المُنْذرِ: يُصَلِّى قائمًا، برُكُوعٍ وسجودٍ؛ لقولِهِ صلى الله عليه وسلم:"صَلِّ قائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَجَالِسًا". رَوَاهُ البُخارىُّ (3). ولأنه مُسْتَطِيعٌ للقيامِ من غيرِ ضَرَرٍ، فلم يَجُزْ تَرْكُه له كالقادرِ على السَّتْرِ. ولَنا، ما رَوَى الخَلَّالُ، بإسْنادِهِ عن ابنِ عمرَ، فِي قومٍ انْكَسَرَتْ بهم (4) مراكِبُهُمْ، فخرجُوا عُرَاةً، قال: يُصَلُّونَ جُلُوسًا، يُومِئُونَ إيمَاءً برُءُوسِهِمْ. ولم يُنْقَلْ خلافُهُ، ولأنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِن القيامِ بدلِيلِ أمرينِ: أحدُهُما، أنَّه يَسْقُطُ مع القُدْرَةِ بحَالٍ، والقيامُ يَسْقُطُ في النافِلَةِ. والثانى، أنَّ القِيَامَ يَخْتَصُّ الصَّلاةَ، والسَّتْرُ يَجِبُ فيها وفى غيرِها، فإذا لم يكنْ بُدٌّ مِن ترْكِ أحدِهما، فَتَرْكُ أخَفِّهِمَا أَوْلَى مِن تَرْكِ آكدِهما. [ولأنَّه إذا صلَّى قاعدًا أوْمأَ بالرُّكوعِ والسُّجودِ، فقد أتَى ببدَلٍ عن المتْروكِ، وإذا صلَّى قائمًا وركع وسجد، لم يأْتِ ببَدَلٍ عن السَّتْرِ](5). والحديثُ محمولٌ على حالٍ (6) لا تَتَضَمَّنُ تَرْكَ السُّتْرَةِ. فإنْ قِيلَ: فالسَّتْرُ لَا يَحْصُلُ [كله، و](7) إنَّما يَحْصُلُ بعضُهُ، فلا يَفِى بتَرْكِ القيامِ. قُلنا: إن قُلْنَا العورةُ الفَرْجَانِ. فقد حصَلَ سَتْرُهما (8). وإنْ قلنا: [إنَّهما بعض العورةِ، فهما](9) آكَدُها وُجُوبًا فِي السَّتْرِ، وأفْحشُها في النَّظَرِ، فكان سَتْرُهما أوْلَى.
(3) في: باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، من كتاب التقصير. صحيح البخاري 2/ 59، 60. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة القاعد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 218. والترمذي، في: باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 166. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة المريض، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 386. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 426.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: "ولأنه إذا استتر أتى ببدل عن القيام والركوع والسجود، والستر لا بدل له".
(6)
في م: "حالة".
(7)
سقط من: م.
(8)
في م: "الستر".
(9)
في م: "العورة ما بين السرة والركبة فقد حصل ستر".
[وإذَا ثَبَتَ هذا، فليسَ على مَنْ صَلَّى في هذه الحالِ إعَادَةٌ؛ لأنَّهُ شَرْطٌ مِن شرائِطِ الصلاةِ عَجَزَ عنهُ، فَسَقَطَ، كما لو عَجَزَ عنِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ فصَلَّى إلى غيرِها](10). وإنْ صَلَّى العُرْيَانُ قائمًا، [وركع وسجد](11) صحَّتْ صلاتُهُ أيضًا (12) في ظاهرِ كلامِ أحمدَ، رحمه الله، وهُو قَولُ أصحابِ الرَّأْىِ. وقال ابْنُ جُرَيْجٍ: يَتَخَيَّرُونَ بينَ [القِيامِ والقُعودِ؛ لأنَّه لا بُدَّ له مِن تَرْكِ أحدِ الواجبَيْن، وأيُّهما تَرَكَه فقد أتَى بالآخَرِ.](13)[وقد رُوِىَ عن أبي عبدِ اللهِ، رحمه الله، ما يَدُلُّ على أنَّهم يُصَلُّونَ قِيامًا وقُعُودًا؛ فإنَّهُ قد قالَ في العُرَاةِ: يقُومُ إمامُهمْ في وسَطِهِمْ. ورَوَى عنهُ الأثْرَمُ، إنْ تَوَارَى بعضُهم ببعضٍ فصَلَّوْا قيَامًا، فهذَا لا بأسَ بِهِ. قيل له: فَيُومِئُونَ أو يَسْجُدُونَ؟ قالَ: سُبْحَانَ اللهِ، السُّجُودُ لا بُدَّ منه. فهذَا يدُلُّ على أنه لا يُومِىءُ بالسُّجودِ في حَالٍ، وأنَّ الأفْضلَ في الخَلْوَةِ القيامُ، إلَّا أنَّ الخَلَّالَ قالَ: هذا تَوَهُّمٌ مِن الأثْرمِ. قال: ومعنَى قولِ أحمدَ: "يقومُ وسَطَهم". أىْ يكونُ وسَطَهم، لم يُرِدْ بهِ حقيقَةَ القيامِ](14)[وعلى كُلِّ حالٍ فَيَنْبَغِى لمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا أنْ يَضُمَّ بعضَهُ إلى بعضٍ، ويَسْتُرَ ما أمكنَ سَتْرُهُ](15) قِيلَ لأبي عبدِ اللهِ: يَتَرَبَّعُونَ أو يَتَضَامُّونَ؟ قال: لا بل يتضامُّونَ. [وإذا قلنا: يَسْجُدُون بالأرضِ. فإنَّهُمْ يتَضَامُّونَ أيضًا. وعن أحمدَ: أنه يَتَرَبَّعُ موضِعَ القيامِ. والأوَّلُ أوْلَى](16).
(10) في الأصل: "وليس على المصلى لذلك إعادة، لأنه صلى كما أمر، فكان كما لو صلى إلى غير القبلة عند العجز عن الاستقبال".
(11)
سقط من: م.
(12)
سقط من: م.
(13)
في م: "الصلاة قياما وقعودا".
(14)
سقط من: الأصل.
(15)
في الأصل: "وعلى أي حال صلى فإنه ينضام ويتستر مهما أمكنه، ولا يتربع، ولا يتجافى في حال من الأحوال".
(16)
في الأصل: "وقد قيل: إنهم يتربعون في حال القيام. والأول أولى".