الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُرَيْرَةَ (36)، [وابنُ مسعودٍ](37)، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْل ذلك. وعن أبي مالِكٍ قال: قلتُ لأَبِى: يا أبَةَ، إنَّك قد صَلَّيْتَ خَلْفَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبى بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلىٍّ ههُنا بالكُوفَةِ نَحْوًا من خَمْس سِنِينَ، أكانوا يَقْنُتُونَ؟ قال: أي بُنَىَّ مُحْدَثٌ (38). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. والعَمَلُ عليه عندَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وقال إبراهيمُ النَّخَعِىُّ: أوَّلُ من قَنَتَ في صَلاةِ الغَدَاةِ علىٌّ، وذلك أنَّه كان رَجُلًا مُحَارِبًا يَدْعُو على أعْدائِه. ورَوَى سعيدٌ في "سُنَنِه" عن هُشَيْمٍ، عن عُرْوَةَ الهَمْدانِىّ، عن الشَّعْبِىِّ قال: لمَّا قَنَتَ عَلِىٌّ في صَلَاةِ الصُّبْحِ، أنْكَرَ ذلك النَّاسُ. فقال علىٌّ: إنَّما اسْتَنْصَرْنَا على عَدُوِّنَا هذا. وعن أبي هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه قال (39): إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان لا يَقْنُتُ في صَلَاةِ الفَجْرِ، إلَّا إذا دَعَا لِقَوْمٍ، أو دَعَا على قَوْمٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وحَدِيثُ أنَسٍ يَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ طُولَ القِيَامِ، فإنَّه يُسَمَّى قُنُوتًا. وقُنُوتُ عمرَ يَحْتَمِلُ أنَّه كان في أوْقَاتِ النَّوَازِلِ؛ فإنَّ أكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عنه أنَّه لم يَكُنْ يَقْنُتُ، ورَوَى ذلك عنه جَمَاعَةٌ، فَدلَّ على أنَّ قُنُوتَه كان في وَقْتِ نَازِلَةٍ.
فصل:
فإن نَزَلَ بالمُسْلِمينَ نَازِلَةٌ، فلِلْإِمَامِ أنْ يَقْنُتَ في صَلاةِ الصُّبْحِ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ سُئِلَ عن القُنُوتِ في الفَجْرِ؟ فقال: إذا نَزَلَ بالمُسْلِمِينَ أمْرٌ (40)، قَنَتَ الإِمَامُ، وأمَّنَ مَنْ خَلْفَه. ثم قال: مثلُ
(36) حديث أبي هريرة أخرجه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، في الأبواب السابقة، والمواضع السابقة عدا صحيح مسلم فهو في 1/ 467، 468.
(37)
في النسخ: "وأبو مسعود". وانظر لحديث ابن مسعود: نصب الراية 2/ 127.
(38)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ترك القنوت، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 192. وابن ماجه، في: باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 393. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 472، 6/ 394.
(39)
سقط من: ا، م.
(40)
في م: "نازلة".
مَا نَزَلَ بالمُسْلِمِينَ من هذا الكَافِرِ. يَعْنِى بَابَك (41). قال أبو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أحمدَ يُسْأَلُ عن القُنُوتِ في الفَجْرِ؟ فقال: لو قَنَتَ أيَّامًا مَعْلُوَمةً، ثم يَتْرُكُ، كما فَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، لَوْ (42) قَنَتَ على الخُرَّمِيَّةِ، لَوْ قَنَتَ على الرُّوم (43). والخُرَّمِيَّةُ: هم أصْحَابُ بَابَك. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ؛ وذلك لما ذَكَرْنا مِن أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو على حَىٍّ من أحْيَاءِ العَرَبِ، ثم تَرَكَهُ. وأن عليًّا قَنَتَ، وقال: إنَّما اسْتَنْصَرْنَا على عَدُوِّنَا هذا. ولا يَقْنُتُ آحَادُ النَّاسِ. ويقولُ في قُنُوتِه نَحْوًا ممَّا قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابه (44). وَرُوِى عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه كان يقولُ في القُنُوتِ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ، والمُسْلِمِينَ والمُسْلِمَاتِ، وأَلِّفْ بين قُلُوبِهِمْ، وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وانْصُرْهُم على عَدُوِّكَ وعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أهْلِ الكِتَابِ، الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، ويُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ خَالِفْ بين كَلِمَتِهِمْ، وزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وأَنْزِلْ بِهِمْ بأْسَكَ الذِى لا يُرَدُّ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ (45) ". ولا يَقْنُتُ في غيرِ الصُّبْحِ من الفَرائِض. قال عبدُ اللهِ، عن أَبِيه: كلُّ شَىْءٍ يَثْبُتُ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في القُنُوتِ إنَّما هو في الفَجْرِ، ولا يَقْنُتُ في الصَّلَاةِ الَّا في الوِتْرِ والغَدَاةِ، إذا كان مُسْتَنْصِرًا، يَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَقْنُتُ في الفَجْرِ والمَغْرِبِ؛ لأنَّهما صَلَاتَا جَهْرٍ في طَرَفَىِ النَّهَارِ. وقيل: يَقْنُتُ في صَلَاةِ الجَهْرِ كُلِّها، قِيَاسًا
(41) كان ابتداء أمر بابك الخرمى سنة إحدى ومائتين، بالخروج على الدولة العباسية، وادعى أن روح جاويدان ابن سهل دخلت فيه وأخذ في العيث والفساد، وتفسير جاويدان الدائم الباقى. ومعنى خرم فرج، وهى مقالات المجوس، والرجل منهم ينكح أمه وأخته وابنته، ولهذا يسمونه دين الفرج، ويعتقدون مذهب التناسخ، وأن الأرواح تنقل من حيوان إلى آخر، وانتهى أمر بابك بأن قتل نفسه، بعد أن هزمه الأفشين. الكامل 6/ 328، 510، 515. وانظر فهرس الأعلام في الكامل.
(42)
في أ، م:"أو".
(43)
في أ، م:"الدوام" تحريف.
(44)
سقط من: الأصل.
(45)
أخرجه البيهقي، في: باب دعاء القنوت، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 210، 211.