الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَشْرُوعٌ في الصَّلَاةِ، أشْبَهَ سُجُودَ صُلْبِ الصَّلَاةِ.
فصل:
وإن نَسِىَ السُّجُودَ حتى شَرَعَ في صَلَاةٍ أُخْرَى، سَجَدَ بعد فَرَاغِه منها، في ظَاهِرِ كَلَام الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه في المَسْجِدِ. وعلَى قَوْلِ غيرِه، إنْ طَالَ الفَصْلُ لم يَسْجُدْ، وإلَّا سجد.
فصل: وسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُه الصَّلاةَ وَاجِبٌ. وعن أحمدَ أنَّه (13) غيرُ واجِبٍ. ولعلَّ مَبْنَاها على أنَّ الوَاجِباتِ التي شُرِعَ السُّجُودُ لِجَبْرِها غيرُ وَاجِبَةٍ، فيكونُ جَبْرُها غيرَ وَاجِبٍ. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"كَانَتِ الرَّكْعَةُ والسَّجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ"(14). ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ به في حَدِيثِ ابْنِ مسعودٍ وأبِى سَعِيدٍ، وفَعَلَه، وقال:"صَلُّوا كما رَأْيْتُمُونِى أُصَلِّى"(15). وقولُه: "نَافِلَةً" يَعْنِى أن له ثَوَابًا فيه، كما أنَّه سَمَّى الرَّكْعَةَ أيضًا نَافِلَةً، وهى وَاجِبَةٌ علَى الشَّاكِّ (16) بلا خِلَافٍ. فأمَّا المَشْروعُ (17) لما لا يُبْطِلُ عَمْدُه الصَّلَاةَ فغيرُ واجِبٍ. قال أحمدُ: إنَّما يَجِبُ السُّجُودُ فيما رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِى وما كان في مَعْنَاهُ، فنَقِيسُ علَى زِيَادَةِ خَامِسَةٍ سَائِرَ زِيَادَاتِ الأفْعَالِ من جِنْسِ الصَّلَاةِ، وعلى تَرْكِ التَّشَهُّدِ، تَرْكَ غيرِه من الوَاجِبَاتِ، وعلى التَّسْلِيمِ من نُقْصَانٍ، زِيَادَاتِ الأقْوالِ المُبْطِلَةِ عَمْدًا.
فصل: فإن تَرَكَ الوَاجِبَ عَمْدًا؛ فإن كان قبلَ السَّلامِ، بَطَلَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه أخَلَّ بِوَاجِبٍ في الصَّلاةِ عَمْدًا، وإن تَرَكَ الوَاجِبَ بعدَ السَّلَامِ، لم تَبْطُلْ صَلَاتُه؛
(13) سقط من: م.
(14)
تقدم تخريجه في صفحة 408، وهو بهذا اللفظ عند أبي داود وابن ماجه.
(15)
تقدم في صفحة 137، 157.
(16)
في م: "الساهى".
(17)
في م: "السجود".
لأنَّه جَبْرٌ لِلْعِبَادَةِ خَارِجٌ منها، فلم تَبْطُلْ بِتَرْكِه كجُبْراناتِ (18) الحَجِّ، وسواءٌ كان مَحَلُّه بعدَ السَّلَامِ أو كان (19) قبلَه، فَنَسِيَه، فصارَ بعد السَّلَامِ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على بُطْلَانِ الصَّلَاةِ، ونُقِلَ عنه التَّوَقُّفُ، فنَقَلَ عنه الأثْرَمُ في مَن نَسِىَ سُجُودَ السَّهْوِ، فقال: إن كان في سَهْوٍ خَفِيفٍ، فأرْجُو أنْ لا يكونَ [به بَأْسٌ] (20). قلتُ: فإن كان فيما سَهَا فيه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هاه. ولم يُجِبْ، فَبَلَغَنِى عنه أنَّه يَسْتَحِبُّ أنْ يُعِيدَ. فإذا كان هذا في السَّهْوِ، ففى العَمْدِ أوْلَى.
218 -
مسألة؛ قال: (وإذا (1) نَسِىَ أَرْبَعَ سَجَداتٍ من أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وذَكَرَ وهو في التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدةً، تُصِحُّ لَهُ رَكْعَةً، ويَأْتِى بِثلَاثِ رَكَعَاتٍ، ويَسْجدُ لِلسَّهْوِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن أبِى عَبْدِ اللَّه، رحمه الله، والرِّوَايَةُ الأُخْرَى، قال: كَأَنَّ هذَا يَلْعَبُ، يَبْتَدِىءُ الصَّلَاةَ من أوَّلِهَا)
هذه المَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ على مَن تَرَكَ رُكْنًا من رَكْعَةٍ، فلم يَذْكُرْهُ إلَّا في التي بعدَها، وقد ذَكَرْنا أنَّه إذا لم يَذْكُرْهُ حتى شَرَعَ في قِرَاءَةِ التي بَعْدَها، بَطَلَتْ، فلمَّا شَرَعَ في قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ههنا قبلَ ذِكْرِ سَجْدَة الأُولَى، بَطَلَت الأُولَى، ولما شَرَعَ في قِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ قبلَ ذِكْرِ سَجْدَةِ الثَّانِيةِ، بَطَلَت الثَّانِيَةُ، وكذلك الثَّالِثَةُ، تَبْطُلُ بالشُّرُوعِ في قِرَاءَةِ الرَّابِعَةِ، فلم يَبْقَ إلَّا الرَّابِعَةُ، ولم يَسْجُدْ فيها إلَّا سَجْدَةً فيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ حينَ ذَكَرَ، وتَتِمُّ له رَكْعَةٌ، ويَأْتِى بِثَلاثِ رَكَعَاتٍ. وهذا قَوْلُ مالِكٍ، واللَّيْثِ؛ لأنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ بِشُرُوعِه في الثَّانِيَةِ قبل إتْمَامِ الأُولَى. وفيه رِوَايَةٌ أُخْرَى عن أَحْمَدَ، أنَّ صَلاتَهُ تَبْطُلُ، ويَبْتَدِئها؛ لأنَّ هذا يُؤَدِّى إلى أن يكونَ مُتَلَاعِبًا بصَلاتِه، ثم يَحْتاجُ إلى إلْغاءِ عَمَلٍ كَثِيرٍ في الصَّلاةِ، فإِنَّ بينَ التَّحْرِيمَةِ
(18) في م خطأ: "كبرانات".
(19)
سقط من: م.
(20)
في م: "عليه".
(1)
في م: "وإن".