الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمَّا إنْ دَعَا إنْسَانٌ في الرَّكعةِ الآخِرَةِ بآيَةٍ [مِن القُرْآنِ مِثل ما فَعَلَ الصِّدِّيقُ، فقد رُوِىَ عن أحمدَ: أنه سُئِلَ عن ذلكَ؟ فقالَ: إنْ شَاءَ قالَهُ، ولا نَدْرِى أكانَ ذلكَ قرَاءَةً مِنْ أبى بكرٍ أوْ دُعَاءً؟ فهذَا يَدُلُّ على أنه لا بأسَ بذلكَ؛ لأنه دُعَاءٌ في الصلاةِ فلم يُكْرَهْ، كالدُّعَاءِ في التَّشَهُّدِ](10).
190 - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ وَعَلَيْهِ مَا يَسْترُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ ورُكْبَتِهِ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ)
وجُمْلَةُ ذلكَ أنَّ سَتْرَ العَوْرةِ عن النَّظرِ بما لا يَصِفُ البَشَرَةَ واجبٌ، وشَرْطٌ لصِحَّةِ الصلاةِ (1). وبهِ قالَ الشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وقال بعضُ أصْحابِ مالكٍ: سَتْرُهَا واجبٌ، وليس بِشَرْطٍ لصحةِ الصلاةِ. وقالَ بعضُهم: هي شَرْطٌ مع الذِّكْرِ دُونَ السَّهْوِ (2). [احْتَجُّوا على أنَّها ليست شَرْطًا بأنَّ وُجُوبَهَا لا يخْتَصُّ بالصلاةِ، فلم يكنْ شَرْطًا، كاجْتِنَابِ الصَّلاةِ في الدَّارِ المَغْصُوبَةِ](3). [ولَنا: ما روتْ عائشةُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قالَ](4): "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ". رَوَاهُ أبو داوُدَ وَالتِّرْمِذِىُّ (5)، وقالَ حديثٌ حسنٌ، وقَالَ سلمة بنُ الأكْوَعِ: قلتُ يا رسولَ
(10) في الأصل: "فلا بأس به؛ لفعل الصديق رضى اللَّه عنه، ولأنه دعاء في الصلاة، أشبه ما لو دعا بغير آية، وكدعاء التشهد".
(1)
بعد هذا في الأصل زيادة: "في قول أكثر أهل العلم"، ثم أتى النقل عن ابن عبد البر، وسيرد في م فيما بعد.
(2)
في الأصل زيادة: "وقال بعضهم: الستر واجب، وليس شرطا؛ لأن وجوبه غير مختص بالصلاة، فلم يشترط لها، كقضاء الدين عند الطلب به".
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: "ولنا، قول النبي صلى الله عليه وسلم".
(5)
أخرجه أبو داود، في: باب المرأة تصلى بغير خمار، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 149. والترمذي، في: باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 169. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب إذا حاضت الجارية لم تصلّ إلا بخمار، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 215. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 150، 218، 259.
اللهِ، إنِّي أكُونُ في الصَّيْدِ (6)، فأُصَلِّى في القَمِيصِ الواحدِ؟ قالَ:"نَعَمْ، وَازْرُرْهُ ولَوْ بِشَوكَةٍ (7) ". حديثٌ حسنٌ. [وما ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بالإِيمانِ والطَّهارَةِ، فإنها تَجِبُ لِمَسِّ المصْحَفِ، والمسألةُ ممنوعةٌ](8)، قالَ ابن عبدِ البَرِّ: احْتَجَّ من قالَ السَّتْرُ مِن فرائِضِ الصلاةِ، بالإِجْماعِ على إفْسَادِ مَنْ ترَكَ ثَوْبَهُ وهو قَادِرٌ على الاسْتِتَارِ به، وصَلَّى عُرْيَانًا، قال: وهذا أجمعُوا عليْه كُلُّهم. [إذا ثبَت هذا، فالكلامُ في حَدِّ العورةِ، والصَّالِحُ في المذهب، أنَّها مِن الرَّجُلِ](9) ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. نَصَّ عليهِ أحمدُ فِي روايةِ جَماعةٍ، وهو قولُ مالكٍ، والشَّافعىِّ، [وأصْحاب الرَّأْىِ](10)، وأكثرِ الفقهاءِ، [وعن أحمدَ] (11) رِوَايَةٌ أُخْرَى أنَّها الفَرْجَانِ. قال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ: ما العورةُ؟ قالَ: الفَرْجُ والدُّبُرُ. وهذا قولُ ابْنِ أبى ذِئْبٍ، وداوُد؛ لِما رَوَى أنَسٌ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يومَ خَيْبَر، حَسَرَ الإِزَارَ عن فَخِذِهِ، حتى إنِّي لأنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ البُخارِىُّ. (12) وروت عائشةُ قالتْ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بيتِهِ كَاشِفًا عن فَخِذِهِ، فاسْتأذَنَ أبو بكرٍ، فأذِنَ له وهو على ذلك، ثم اسْتأذنَ عمرُ فأذِنَ له وهو على ذلك (13). وهذا يَدُلُّ على أنه ليس بعَوْرَةٍ،
(6) في م: "الصيف". تحريف.
(7)
بعد هذا في الأصل زيادة: "رواهما ابن ماجه والترمذي، وقال في كل واحد منهما".
والحديث أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يصلى في قميص واحد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 147. والبيهقي، في: باب الدليل على أنه يزره [أي القميص] إن كان جيبه واسعا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 240. وذكر الترمذي أن في الباب عن سلمة بن الأكوع. انظر: باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 135.
(8)
سقط من: الأصل.
(9)
في الأصل: "وحد العورة".
(10)
في م: "وأبى حنيفة".
(11)
في م: "وفيه".
(12)
بعد هذا في م: "وقال: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط". ويأتى في الأصل بعد ذكر حديث جرهد. وأخرج البخاري حديث أنس، في: باب ما يذكر في الفخذ، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 103، 104. كما أخرجه مسلم، في: باب غزوة خيبر، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 142. والنسائي، في: باب البناء في السفر، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 107.
(13)
أخرجه مسلم، في: باب من فضائل عثمان بن عفان، رضى اللَّه عنه، من كتاب فضائل الصحابة. =
ولأنَّه ليس بمَخْرَجٍ للْحَدَثِ، فلم يكنْ عَوْرةً، كالسَّاقِ. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، ما رَوَى [الخَلَّالُ بإسْنادِهِ، والإمامُ أحمدُ، في "مُسْنَدِهِ"، عن](14) جَرْهَدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَآهُ قد كَشَفَ عن فَخذِهِ، فقالَ:"غَطِّ فَخِذَكَ؛ فَإِنَّ الفَخِذَ مِن العَوْرَةِ (15) ". [قال البُخارِىُّ (16): حديثُ أَنَسٍ أسْنَدُ، وحديثُ جَرْهَدٍ أحْوَطُ](17). ورَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (18)، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ لِعَلِىٍّ رَضِىَ اللهُ عنهُ:"لَا تَكْشِفْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ فَخِذَ حَىٍّ، وَلَا مَيِّتٍ". [وهذا صريحٌ في الدَّلَالَةِ، فكانَ أوْلَى](19). ورَوَى أبو بكرٍ، بإسْنادِهِ، عن أبي أيُّوب الأنْصارِىِّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أسْفَلُ السُّرَّةِ وفَوْقَ الرُّكْبَتَيْنِ (20) مِنَ العَوْرَةِ (21) ". ورَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ، (22) بِإسْنادِهِ عن عمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ،
= صحيح مسلم 4/ 1866. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 71، 6/ 155، 288.
(14)
سقط من: الأصل. ويأتى فيه: "رواه الإمام أحمد في مسنده". بعد حديث جرهد.
(15)
أخرجه أبو داود، في: باب النهى عن التعرى، من كتاب الحمام. سنن أبي داود 2/ 363. والترمذي، في: باب ما جاء أن الفخذ عورة، من أبواب الاستئذان والآداب. عارضة الأحوذى 10/ 239. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 478، 479، كما أخرجه الدارقطني، في: باب في بيان العورة والفخذ منها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 224.
(16)
في: باب ما يذكر في الفخذ، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 103.
(17)
من: الأصل، وتقدم في الحاشية 12 موقعه في: م.
(18)
في الأصل أن أبا داود أيضًا رواه. وهو فيه، حيث أخرجه أبو داود، في: باب النهى عن التعرى، من كتاب الحمام. سنن أبي داود 2/ 343، 364، والدارقطني، في: باب في بيان العورة، والفخذ منها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 225. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في غسل الميت، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه 1/ 469.
(19)
سقط من: الأصل.
(20)
في الأصل: "الركبة".
(21)
روى نحوه الإمام أحمد، عن عبد اللَّه بن عمرو، في المسند 2/ 187.
(22)
في: باب الأمر بتعليم الصلوات والضرب عليها وحد العورة التي يجب سترها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 230. كما أخرجه أبو داود، في: باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، من كتاب الصلاة، وفى: باب في قوله: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 1/ 115، 2/ 384.