الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُمْرٌ (78). فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أَرَى هَذِهِ الحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ". فَقُمْنَا سِرَاعًا لِقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى نَفَرَ بعضُ إِبِلِنَا، فأخَذْنَا الأكْسِيَةَ، فَنَزَعْنَاهَا عنها، والأحاديثُ الأُوَلُ أَثْبَتُ وَأبْيَنُ في الحُكْمِ؛ فإنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لرَدِّ السَّلَامِ عليه يَحْتَمِلُ أن يكونَ لمَعْنًى غيرِ الحُمْرَةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّها كانَتْ مُعَصْفَرَةً، وهو مَكْرُوهٌ، وحديثُ رَافِعٍ يَرْوِيه عنهُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، ولأن الحُمْرَةَ لَوْنٌ، فهى كسائرِ الألْوَانِ.
فصل:
وقد رَوَى أبو داوُد (79)، عن أبي رِمْثَةَ (80)، قال: انْطَلَقْتُ مع أبي نحوَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فرأيتُ عليهِ بُرْدَيْنِ أخضَرَيْنِ. وبإسْنَادِهِ (81) عن قَتادَةَ، قال: قُلْنَا لأنَسٍ: أيُّ اللِّبَاسِ كانَ أحَبَّ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال الحِبَرَةُ (82). مُتَّفَقٌ عليهِ (83). وبإسْنادِهِ (84) عن ابْنِ عُمَرَ (85)، أنه قِيلَ له: لِمَ تَصْبُغُ بالصُّفْرَةِ؟ فقالَ: إنِّي رأيْتُ
(78) في النسخ: "أحمر". والمثبت في سنن أبي داود.
(79)
في: باب في الخضرة، من كتاب اللباس، وفى: باب في الخضاب، من كتاب الترجل. سنن أبي داود 2/ 374، 403. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الثوب الأخضر، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 254، 255. والنسائي، في: باب الزينة للخطبة للعيدين، من كتاب العيدين. المجتبى 3/ 151. والإِمام أحمد: في: المسند 2/ 227، 228، 4/ 163.
(80)
في النسخ: "أبي دمنة" تحريف.
(81)
أي أبي داود، وأخرجه في: باب في لبس الحبرة، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 373. وانظر التخريج الآتي.
(82)
الحبرة، وزان عنبة: ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط. وكانت أحب إليه لأنها ليس فيها كثير زينة.
(83)
أخرجه البخاري، في: باب البرود والحبرة والشملة، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 189. ومسلم، في: باب فضل لباس الحبرة، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1648. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في أحب الثياب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذي 7/ 280. والنسائي، في: باب لبس الحبرة، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 179. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 134، 184، 251، 291.
(84)
في: باب في وقت الإِحرام، من كتاب المناسك، وفى: باب في المصبوغ بالصفرة، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 1/ 410، 411، 2/ 374. كما أخرجه البخاري، في: باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 53. ومسلم، في: باب الإِهلال من حيث تنبعث الراحلة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 844. والنسائي، في: باب الخضاب بالصفرة، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 121. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 110.
(85)
في النسخ: "ابن عميرة" خطأ.
رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ بها، ولم يكنْ - يَعْنِى - أحبَّ إليه منها، وقد كانَ يَصْبُغُ بها ثيابَهُ كُلَّهَا حتَّى عِمَامَتَهُ. وبإسْنَادِهِ (86) عن ابْنِ عباسٍ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّها مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ".
الفَصْلُ الرَّابِعُ: فيما يَحْرُمُ لُبْسُه، [والصَّلاةُ فيهِ](87)، وهو قِسْمَانِ؛ قِسْمٌ تَحْرِيمُهُ عامٌّ في الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، وقِسْمٌ يَخْتَصُّ تَحْريمُهُ بِالرِّجَالِ. فالأَوَّلُ، ما يَعُمُّ تَحْرِيمُهُ، وهو نَوْعانِ: أحدُهُما، النَّجِسُ لا تصِحُّ الصلاةُ فيهِ، ولا عليهِ؛ لأَنَّ الطهارةَ مِن النَّجَاسَةِ شَرْطٌ، وقد فاتَتْ. والثاني، المَغْصُوبُ، [لا يَحِلُّ لُبْسُه، ولا الصَّلاةُ فيه](88) وهل تَصِحُّ الصلاةُ فيهِ؟ على رِوَايَتَيْنِ؛ إحداهُمَا، لا تصِحُّ. والثَّانِيةُ تصحُّ، وهو قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لا يَخْتَصُّ الصَّلاةَ، ولا النَّهْىَ يَعُودُ إليها، فلم يَمْنَعِ الصِّحَّةَ، كما لو غَسَلَ ثَوْبَهُ مِن النَّجَاسَةِ بماءٍ مَغْصُوبٍ، وكما لو صَلَّى وعلَيْه (89) عمامَةٌ مَغْصُوبَةٌ. ووَجْهُ الرِّوَايَةِ الأُولَى، أنَّه اسْتَعْمَلَ في شَرْطِ العِبَادَةِ ما يَحْرُمُ عليهِ اسْتِعْمَاله، فلم تَصِحَّ، كما لو صَلَّى فِي ثوبٍ نَجِسٍ، ولأنَّ الصلاةَ قُرْبَةٌ وطَاعَةٌ، وهو مَنْهِيٌّ عنها علَى هذا الوجهِ، فكيفَ يَتَقَرَّبُ بما هو عاصٍ به، أو يُؤْمَرُ بما هو مَنْهِيٌّ عنهُ. وأما إذا صَلَّى في عمامَةٍ مَغصُوبَةٍ، أو في يدهِ خاتَمٌ من ذهبٍ، فإنَّ الصَّلاةَ تَصِحُّ؛ لأن النَّهْىَ لا يعُودُ إلى
(86) في: باب في الأمر بالكحل، من كتاب الطب، وفى: باب في البياض، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 335، 336، 373. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما يستحب من الأكفان، من أبواب الجنائز. عارضة الأحوذي 4/ 215. وابن ماجه، في: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، من كتاب الجنائز، وفي: باب البياض من الثياب، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 1/ 473، 2/ 1181. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 247، 274، 328، 355، 363.
(87)
سقط من: الأصل.
(88)
سقط من: م.
(89)
في الأصل: "من".
شَرْطِ الصلاةِ، إذ العمامَةُ ليستْ شرْطًا فيها. [وإنْ صَلَّى في دارٍ مَغْصُوبَةٍ، فالخلَافُ فيها كالخلَافِ في الثوبِ المَغْصُوبِ](90)، إلَّا أن أحمدَ، قال في الجُمُعَةِ: يُصَلِّى في مَواضِعِ (91) الغَصْبِ؛ لأنها تَخْتَصُّ بمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، فالمَنْعُ [من الصلاةِ فيهِ إذا كانَ غَصْبًا](92) يُفْضِى إلى تَعْطِيلِهَا. [فلذَلكَ أجازَ فعْلَهَا فيهِ، كما أجازَ صلاةَ الجُمُعَةِ خَلْفَ الخوارِجِ وأهلِ البِدَعِ والفُجُورِ، كيْلا يُفْضِى إلى تَعْطِيلِها](93). القسمُ الثاني، ما يَخْتَصُّ تَحْرِيمُهُ بِالرِّجَالِ دونَ النِّسَاءِ، وهو الحريرُ، والمَنْسُوجُ (94) بالذَّهَبِ، والمُمَوَّهُ به، فهو حرامٌ لُبْسُهُ، وافْتِرَاشُهُ في الصلاةِ وغيرِها؛ لِما رَوَى أبو موسَى، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"حَرَامٌ لِبَاسُ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِى، وَأُحِلَّ لإِنَاثِهِمْ". أخرجَهُ أبو داوُد، والتِّرْمِذِيُّ (95)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعن عمر بن الخطَّابِ، رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ؛ فَإِنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنيا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ". مُتَّفَقٌ عليه (96). ولا نَعْلَمُ في تَحْرِيمِ لُبْسِ ذلكَ على الرِّجَالِ اخْتِلَافًا، إلَّا
(90) في الأصل: "فالحكم في الصلاة في الدار المغصوبة كالحكم في الصلاة في الثوب المغصوب".
(91)
في م: "المواضع".
(92)
في الأصل: "منها في المغصوب".
(93)
في الأصل: "فاتبع فعلها فيه كإباحتها خلف أهل البدع والفجور لذلك".
(94)
سقطت واو العطف من: م.
(95)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الحرير والذهب، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذي 7/ 220. والنسائي، في: باب تحريم الذهب على الرجال، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 139. ولم نجده عن على عند أبي داود، وإنما فيه نحوه عن على رضي الله عنه، وكذلك عند ابن ماجه. انظر: باب في الحرير للنساء، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 372. وباب لبس الحرير والذهب للنساء، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1189.
(96)
أخرجه البخاري، في: باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 193. ومسلم، في: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . . إلخ، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1641، 1642. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الحرير والديباج، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذي 10/ 258. وابن ماجه، في: باب كراهية لبس الحرير، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1187، 1188. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 20، 36، 37، 39.