الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنْكَرْ، فيكونُ إجماعًا، ولأنه ذَكَرٌ تَصِحُّ صلاتهُ، فاعْتُدَّ بأذانِه، كالعَدْلِ البَالِغِ. ولا خِلَافَ في الاعْتِدَادِ بأذانِ مَنْ هو مَسْتُورُ الحالِ، وإنَّمَا الخِلَافُ فيمَنْ هو ظاهِرُ الفِسْقِ.
ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ المُؤَذِّنُ عَدْلًا أمينًا بالغًا، لأنه مُؤْتَمَنٌ يُرْجَعُ إليه في الصلاةِ والصيامِ، فلا يُؤْمَنُ أنْ يَغُرَّهم بأذانِه إذا لم يكنْ كذلك، ولأنَّه يُؤَذِّنُ على موْضِعٍ عالٍ، فلا يؤمَنُ منه النَّظَرُ إلى العَوْرَاتِ.
وفى الأذانِ المُلَحَّنِ وَجْهان: أحدُهما، يَصِحُّ؛ لأنَّ المقصُودَ يَحْصُلُ منه، فهو كغيرِ المُلَحَّنِ. والآخَرُ، لا يَصِحُّ؛ لِما رَوَى الدَّارقُطْنِىُّ (6)، بإسنادِهِ عنِ ابْنِ عبَّاس قال، كان للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنٌ يُطَرِّبُ (7)، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ، فإنْ كانَ أذَانُكَ سَهْلًا سَمْحًا، وإِلَّا فَلا تُؤَذِّنْ".
فصل:
ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ المُؤَذِّنُ بَصِيرًا؛ لأنَّ الأعمى لا يَعْرِفُ الوقتَ، فربمَّا غلِطَ، فإنْ أذَّن الأعمَى صَحَّ أذانهُ، فإنَّ ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كانَ يُؤَذِّنُ للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، قال ابن عمرٍو (8): كان رَجُلًا أعمى لا يُنَادِى حتَّى يُقالَ لَهُ "أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ" رَوَاهُ البخاريُّ (9). ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ معه بَصِيرٌ يُعَرِّفُه الوقتَ، أوْ يُؤَذِّنَ بعدَ مُؤَذِّنٍ بَصِيرٍ، كما كان ابن أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بعد أذانِ بلَالٍ. ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ عَالِمًا بالأوقاتِ؛ لِيَتَحَرَّاهَا، فيُؤَذِّنَ في أولها، وإذا لم يكنْ عالِمًا فَرُبَّما غَلِطَ وأَخْطَأ. فإنْ أذَّنَ الجاهِلُ صَحَّ أذانُهُ، فإنَّه إذا صَحَّ أذانُ الأعمى فالجاهِلُ
= وانظر ترجمة أبي بكر بن أنس، وذكر ابنه عبد اللَّه، في تهذيب التهذيب 12/ 23.
(6)
في: باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 239.
(7)
التطريب: التَّغَنِّى.
(8)
أي عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
(9)
أخرجه البخاري، في: باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 160. والإمام مالك، في: باب قدر السحور من النداء، من كتاب الصلاة. الموطأ 1/ 74، 75. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 123.