الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو حنيفةَ: لا يَتَعَيَّنُ السلامُ للْخُرُوجِ مِن الصلاةِ، بلْ إذَا خرَجَ بِما يُنَافِى الصلاةَ مِنْ عَمَلٍ أو حَدَثٍ أو غيرِ ذلك، جازَ، إلَّا أنَّ السلامَ مَسْنُونٌ، وليس بواجِبٍ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يُعَلِّمْهُ المُسِىءَ في صلاتِه، ولو وَجَبَ لأمَرَهُ به، لأنَّهُ لا يَجُوزُ تَأْخِيرُ البَيانِ عن وقتِ الحاجةِ، ولأنَّ إحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ غيرُ واجِبَةٍ، فكذلكَ الأُخْرَى. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ، وتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ"(1) ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُسَلِّمُ مِنْ صلاتِهِ (2)، ويُديمُ ذلكَ ولَا يُخِلُّ بهِ، وقد قال:"صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى"(3). ولأنَّ الحَدَثَ يُنَافِى الصلاةَ، فلا يَجِبُ فيها، وحديثُ الأعْرابِىِّ أجَبْنَا عنه فيما مَضَى.
فصل:
ويُشْرَعُ أنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ عن يَمِينِه ويَسَارِه. رُوِىَ ذلك عن أبي بكرٍ الصَّدِّيق، وعلىٍّ، وعمَّارٍ، وابْنِ مسعودٍ، رضىَ اللهُ عنهم. وبه قال نافِعُ بنُ عبدِ الحَارِثِ (4)، وعَلْقَمَة، وأبو عبدِ الرحمنِ السُّلَمِىُّ (5)، وعطاءٌ، والشعبىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وقالَ ابْنُ عمر، وأنَسٌ، وسَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ (6)، وعائشةُ، والحسنُ، وابْنُ سِيرِينَ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، ومالكٌ، وَالأوزَاعِىُّ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً واحِدَةً. وقال عَمَّارُ بنُ أبى
(1) تقدم في صفحة 127.
(2)
أخرجه ابن ماجه، في: باب التسليم، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 296. والدارمي، في: باب التسليم في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 310. وانظر ما يأتي في أنه كان يسلم تسليما أو تسليمة.
(3)
تقدم في صفحة 137، 157.
(4)
نافع بن عبد الحارث بن حُبالة الخزاعي، أسلم يوم الفتح، وأمَّره عمر على مكة. الإصابة 6/ 408.
(5)
أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن حبيب بن رُبَيِّعة السلمى الكوفى القارىء، تابعى ثقة، توفى بين السبعين والثمانين. تهذيب التهذيب 5/ 183، 184.
(6)
أبو مسلم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، صحابى جليل، شهد بيعة الرضوان، توفى سنة أربع وسبعين، وهو ابن ثمانين سنة. طبقات ابن سعد 4/ 2/ 38 - 41، تهذيب التهذيب 4/ 150 - 152.
عَمَّارٍ (7): كانَ مسجِدُ الأنصارِ يُسلِّمون فيهِ تَسْليمتَيْن، وكانَ مسجِدُ المُهاجِرينَ يُسَلِّمُونَ فيه تَسْلِيمَةً. [ولِمَا رَوَتْ](8) عائشةُ، رَضِىَ اللَّه عنها، قالتْ: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً واحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِه. وعن سَلَمةَ بن الأكْوَعِ قالَ: "رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلَّى (9) فَسَلَّمَ مَرَّةً (10) واحدَةً"، رَواهُما ابْنُ ماجَه (11). ولأنَّ التَّسْلِيمَةَ الأُولَى قد خرجَ بها مِن الصلاةِ، فلم يُشْرَعْ ما بعدَها كالثَّالثة (12). ولَنا، ما رَوَى ابنُ مسعودٍ، قال: رأيتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ حتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ، عن يَمِينِهِ ويَسَارِهِ. وعن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إنَّمَا يَكْفِى أحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وشِمَالِهِ". رَواهما مُسْلِمٌ (13). وفى لفظٍ لحديثِ ابْنِ مسعودٍ: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُسَلِّمُ عن يَمِينِهِ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ"، وعن يَسَارِهِ:"السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ". قَالَ التِّرْمِذِىُّ: حديثُ ابْنِ مسعودٍ حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ. وحديثُ عائشةَ يَرْوِيهِ
(7) أبو عمرو عمار بن أبى عمار، مولى بنى هاشم، تابعى ثقة، توفى في ولاية خالد بن عبد اللَّه القسرى على العراق (105 - 120 هـ). تهذيب التهذيب 7/ 404.
(8)
في الأصل: "وروت".
(9)
في م زيادة: "فيه".
(10)
في م: "تسليمة".
(11)
في: باب من يسلم تسليمة واحدة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 297. كما أخرج الترمذي حديث عائشة، رضى اللَّه عنها، في: باب منه (ما جاء في التسليم في الصلاة)، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 89.
(12)
في م: "كالثانية".
(13)
لم نجد الأول عند مسلم، وأخرجه أبو داود، في: باب في السلام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 288. والترمذي، في: باب ما جاء في التسليم في الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 88. والنسائي، في: باب التكبير عند الرفع من السجود، من كتاب التطبيق، وفى: باب كيف السلام على اليمين، وباب كيف السلام على الشمال، من كتاب السهو. المجتبى 2/ 182، 3/ 52، 53. وابن ماجه، في: باب التسليم، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 296. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 386، 390، 394، 406، 408، 409، 414، 427، 438، 444، 448، 465. =