الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنَّه أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ"، فقُمْتُ مع بلَالٍ، فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عليه، ويُؤَذِّنُ به، فسَمِعَ ذلك عمر بنُ الخطابِ وهو في بَيْتِه، فخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءهُ، فقال يا رسولَ اللهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لقد رأَيْتُ مثلَ الذي رأى. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلِلَّهِ الحَمْدُ". روَاهُ الأثْرمُ، وأبو داود (42)، وذَكَرَ التِّرْمِذِىُّ آخِرَهُ بهذا الإِسناد (43)، وقال: هو حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ. وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على أن الأذانَ مَشْرُوعٌ للصّلواتِ الخَمْسِ.
121 - مسألة؛ قال أبو القاسم: (ويَذْهَبُ أبُو عَبْدِ اللهِ، رحمه الله، إلَى أذَانِ بِلَالٍ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، أشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، أشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ
، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ، [حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ](1)، حَىَّ عَلَى الفَلَاحِ، حَىَّ عَلَى الفَلَاحِ، اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، لَا إلهَ إلَّا اللهُ.)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ اختيارَ أحمدَ، رحمه الله، من الأذانِ أذَانُ بِلَالٍ، رضى اللهُ عنهُ، وهو كمال وَصَفَ الْخِرَقِىُّ. وجاء في خبرِ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ، وهو خَمْسَ عشرةَ كِلمَةً، لا تَرْجِيعَ فيه. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وإسحاقُ. وقَال مالك، والشَّافِعِىُّ، ومَنْ تَبِعَهُمَا من أهلِ الحِجَازِ: الأذانُ المسْنُونُ أذانُ أبي مَحْذُورَةَ، وهو مِثْلُ ما وَصَفْنَا، إلَّا أنَّه يُسَنُّ التَّرْجِيعُ، وهو أنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، يَخْفِضُ بِذلك صَوْتَهُ، ثم يُعِيدُهُمَا رافِعًا بهما صَوْتَهُ، إلا أنَّ مالكًا قال: التَّكْبِيرُ في أوَّلِهِ مَرَّتَانِ حَسْبُ. فيكونُ الأذانُ عندَهَ سَبْعَ عشرةَ كلمةً، وعند الشَّافِعِىِّ تِسْعَ عشرةَ كلمةً. واحْتَجُّوا بما رَوَى أبو مَحْذُورَة، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَقَّنَهُ الأذانَ، وألقَاهُ عليه، فقال له تقولُ: "أَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، أَشْهَدُ
(42) أخرجه أبو داود، في: باب كيف الأذان، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 116، 117. وابن ماجه، في: باب بدء الأذان، من كتاب الأذان. سنن ابن ماجه 1/ 232، 233. والدارمى، في: باب بدء الأذان، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 268، 269. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 43، 5/ 246.
(43)
في: باب ما جاء في بدء الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 305.
(1)
سقط من: الأصل.
أَنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ (2)، ثمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ. أَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، أشْهَدُ أَنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ" (3). ثم ذَكَرَ سَائِرَ الأذَانِ. [أخْرجَه مسلم](4)، واحْتَجَّ مالك بأنَّ ابن مُحَيْرِيزٍ (5)، قال: كان الأذانُ الذي يُؤَذِّنُ به أبو مَحْذُورَة، اللهُ أَكبرُ اللهُ أكبرُ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ. [أخْرجَه مسلم](6). ولَنا، حديثُ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ، والأخْذُ بِهِ أَوْلَى؛ لأنَّ بلالًا كان يُؤَذِّنُ بهِ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دائِمًا، سَفَرًا وحَضَرًا، وأقَرَّهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم على أذانِهِ بعدَ أذانِ أبي مَحْذُورَةَ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ: إلى أىِّ الأذانِ يَذْهَبُ؟ قال: إلى أذانِ بِلَالٍ، رواهُ محمدُ بنُ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ إبراهِيم، عن محمد بنِ عبدِ اللهِ بْنِ زيدٍ، ثم وَصَفَهُ. قِيلَ لأبِى عبدِ اللهِ: ألَيْسَ حديثُ أبِى مَحْذُورَةَ بعدَ حديثِ عبدِ اللهِ بْنِ زيدٍ؛ لأن حديثَ أبِى مَحْذُورَة بعدَ فَتْحِ مكة؟ فقال: أليس قد رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ فأَقَرَّ بِلَالًا على أذانِ عبدِ اللهِ بْن زيدٍ؟ وهذا من الاخْتِلَافِ المُبَاح، فإن رجَّع فلا بأْسَ. نَصَّ عليه أحمد. وكذلِك قال إسحاقُ؛ فإنَّ الأمْرَيْن كلاهما قد صَحَّ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ويَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما أَمَرَ أبا مَحْذُورَةَ بِذِكْرِ
(2) في الأصل: "صوته".
(3)
بعد هذا في م زيادة: "أخرجه مسلم". ويأتى.
(4)
في م: "متفق عليه".
والحديث أخرجه مسلم، في: باب صفة الأذان، من كتاب الأذان. صحيح مسلم 1/ 287. وأبو داود، في: باب كيف الأذان، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 117 - 119. والنسائي، في: باب خفض الصوت في الترجيع في الأذان، من كتاب الأذان، وباب كيف الأذان، وباب الأذان في السفر، من كتاب الأذان 2/ 4 - 7. وابن ماجه، في: باب الترجيع في الأذان، من كتاب الأذان. سنن ابن ماجه 1/ 234، 235. والدارمى، في: باب الترجيع في الأذان، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 271. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 408، 409.
(5)
أي عبد اللَّه بن محيريز، الذي يرويه عن أبي محذورة.
(6)
في م: "متفق عليه". وانظر الموضع السابق ذكره في التخريج، من صحيح مسلم. وانظر: الاستذكار، لابن عبد البر 2/ 80، 81.