الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ولا تَجِبُ الإِعَادَةُ. قال القاضي: لا تَجِبُ، رِوَايَةً واحِدَةً. وقال بعضُ أصْحابِنا فيها رِوَايَةً أُخْرَى: إنَّها تَجِبُ مع إمَامِ الحَىِّ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بها. ولَنا، أنَّها نَافِلَةٌ، والنّافِلَةُ لا تَجِبُ، وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"لا تُصَلِّ صَلَاةً في يومٍ، مَرَّتَيْنِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (19). ومعناه واجِبَتَانِ. واللهُ أعْلمُ، والأمْرُ للاسْتِحْبَابِ. فعَلَى هذا إنْ قَصَدَ الإِعادَةَ فلم يُدْرِكْ إلّا رَكْعَتَيْنِ، فقال الآمِدِىُّ: يجوزُ أن يُسَلِّمَ معهم؛ لأنَّها نَافِلَةٌ، ويُسْتَحَبُّ أن يُتِمَّها؛ لأنَّه قَصَدَها أرْبَعا. ونَصَّ أحمدُ، رحمه الله، على أنَّه يُتِمُّها أَرْبَعا؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم:"وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا"(20).
236 - مسألة؛ قال: (في كُلِّ وَقْتٍ نُهِىَ عن الصَّلَاةِ فِيهِ، وَهُوَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ)
اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في الأوْقاتِ المَنْهِىِّ عن الصَّلاةِ فيها؛ فذَهَبَ أحْمدُ، رحمه الله، إلى أنَّها مِن بعدِ الْفَجْرِ حتى ترْتَفِعَ الشَّمْسُ قَدْرَ (1) رُمْحٍ، وبعدَ العَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وحالَ قِيَامِ الشَّمْسِ حتى تَزُولَ، وعدَّها أصْحابُه خَمْسةَ أوْقاتٍ؛ من الفَجْرِ إلى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ، ومِن طُلُوعِها إلى ارْتِفَاعِها وَقْتٌ، وحالَ قِيامِها وَقْتٌ، ومن العَصْرِ إلى شُرُوعِ الشَّمسِ في الغُرُوبِ وَقْتٌ، وإلى تَكَامُلِ الغُرُوبِ وَقْتٌ. والصَّحِيحُ أنَّ الوَقْتَ الخَامِسَ مِن حين تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ إلى أنْ تَغْرُبَ؛ لأنَّ عُقْبَةَ بنَ عامِرٍ قال: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كان رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَنْهانَا
(19) في: باب إذا صلى مع جماعة ثم أدرك جماعة يعيد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 136. كما أخرجه النسائي، في: باب سقوط الصلاة على من صلى مع الإمام في المسجد جماعة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 88.
(20)
تقدم في صفحة 116.
(1)
في الأصل: "قيد".
أنْ نُصَلِّىَ فِيهِنَّ، وأن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا؛ حين تَطْلُعُ الشَّمْسُ بازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وحين يَقُومُ قائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ، وحين تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتى تَغْرُبَ (2). فجعل هذه ثَلاثةَ أوْقاتٍ، وقد ثَبَتَ لنا وَقْتَانِ آخَرَانِ بحديثِ عمرَ وأبى سعيدٍ (3)، فيكونُ الجميعُ خَمْسَةً. ومن جَعَلَ الخَامِسَ وَقْتَ الغُرُوبِ، فلأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَصَّه بالنَّهْىِ في حَدِيثِ ابْنِ عمرَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إذا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأخِّرُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَغِيبَ"(4). وفي حَدِيثٍ: "وَلَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُم طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا (5). وعلى كل حالٍ فهذه الأوْقاتُ المَذْكُورَةُ مَنْهِىٌّ عن الصَّلاةِ فيها، وهو قولُ الشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: إنما المَنْهِىُّ عنه الأوْقات الثَّلَاثَةُ التي في حديثِ عُقْبَةَ؛ بِدلِيلِ تَخْصِيصِها بالنَّهْىِ في حَدِيثِه وحَدِيثِ ابْنِ عمرَ. وقولُه: "لا تُصَلُّوا بَعْدَ العَصْرِ إلَّا أن تُصَلُّوا والشَّمْسُ مُرْتَفِعةٌ". رَوَاه أبو داودَ (6). وقالت عَائِشَةُ: وَهِمَ عمرُ إنَّما نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ أو غُرُوبَهَا. ولَنا، ما ذَكَرْنا من الأحادِيثِ في أوَّلِ البابِ، وهى صَحِيحَةٌ
(2) تقدم في صفحة 514.
(3)
تقدم في صفحة 513.
(4)
تقدم في صفحة 514.
(5)
أخرجه البخاري، في: باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس، وباب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وباب من لم يكره الصلاة الا بعد العصر والفجر، من كتاب المواقيت، وفى: باب مسجد قباء، من كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة. صحيح البخاري 1/ 152، 153، 2/ 76، 77. ومسلم، في: باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، وباب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 567، 568، 571. كما أخرجه النسائي، في: باب النهى عن الصلاة بعد العصر، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 223، 224. والإمام مالك، في: باب النهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، من كتاب القرآن. الموطأ 1/ 220، 221. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 13، 19، 24، 33، 63، 106، 6/ 255.
(6)
عن على رضى اللَّه عنه، في: باب من رخص في الركعتين بعد العصر إذا كانت الشمس مرتفعة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 293.