الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فيسْقُط السُّجودُ؛ لأنَّ ظُهورَها](2) بالسُّجودِ أكثرُ وأفْحَشُ، [فَوَجَبَ أنْ يَسْقُطَ](3). ورُوِىَ أنَّهم يَسْجُدُونَ بالأرْضِ؛ لأنَّ السُّجودَ آكَدُ مِنَ القيامِ؛ لكونِهِ مقصُودًا في نفسِهِ، ولا يسقُطُ فيما يَسْقُطُ فيه القيامُ، وهو صلاةُ النَّافِلَةِ، فلهذا لم يَسْقُطْ [وقد اخْتلفَ (4) عن أحمدَ، في القيامِ أيضًا؛ فرُوِىَ عنه أنَّ العُراةَ يُصلُّون قيامًا، فإنَّه قال في العُراةِ: يقومُ إمامُهم في وَسَطِهم. وروَى عنه الأثْرَمُ أنَّه قال: إنْ تَوارَى بعضُهم ببعضٍ؛
فصلَّ
وا قيامًا، فهذا لا بأْسَ به. قيل: فيُومِئُون أم يسْجدون؟ قال: سبحانَ اللَّه، السُّجودُ لا بُدَّ منه. فهذا يدُلُّ على أنَّ السُّجودَ لا يَسْقُطْ، وأنَّ الأفضلَ القيامُ في الخَلْوةِ، إلَّا أنَّ الخَلَّالَ قال: هذا توَهُّمٌ مِنَ الأثْرَمِ، ومعنى قوله: يقومُ في وسَطِهم. كقولِه تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (5). لم يُرِدْ به القيامَ على رِجْلٍ] (6).
فصل: فإنْ كان مع العُراةِ واحدٌ له ثَوْبٌ، لزمَتْهُ الصلاةُ فيهِ، لأنه قادِرٌ على السُّتْرَةِ. فإنْ أعارَهُ وصَلَّى عُرْيَانًا، لم تَصِحّ صلاتُهُ؛ [لأنَّه قادرٌ على السَّتْرِ](7). ويُسْتَحَبُّ أنْ يُعِيرَهُ بعدَ صلاتِهِ فيهِ لغيرِهِ، ليُصَلِّىَ فيهِ؛ لقولِ اللهِ تعالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (8). ولا يَجِبُ عليه ذلك، بخلافِ ما لو كان معه طَعَامٌ فاضِلٌ عن حاجَتِه، ووجَدَ مَنْ به ضَرُورَةٌ، لزِمَ إعْطَاؤُه إيَّاه؛ لأنَّها حالُ ضَرُورَةٍ، فإذا بَذَلَهُ لهم صَلَّى فيه واحِدٌ بعدَ واحدٍ، ولم تَجُزْ لهم الصَّلاةُ عُراةً؛
(2) في م: "وظهورها".
(3)
سقط من الأصل.
(4)
أي النقلُ.
(5)
سورة آل عمران 75.
(6)
سقط من: م.
(7)
في م: "لتركه الواجب عليه"
(8)
سورة المائدة 2.
لأنَّهمْ قادرُونَ على السَّتْرِ، إلَّا أنْ يخافُوا ضِيقَ الوقتِ، [فيُصلُّون عُراةً إلَّا الواحدَ الذي يُعِيرُ الثَّوْبَ. ويَحْتَمِلُ أنْ ينتَظرَ جميعهُم الثَّوْبَ، فيُصلِّىَ فيه واحدٌ بعد واحدٍ وإن فاتَ الوقتُ؛ لأنَّه قدَر على شَرْطِ الصَّلاةِ، فلم تصِحَّ صلاتُه بدُونِه، كواجِدِ الماءِ لا يتيَمَّمُ وإن خاف فَواتَ الوقتِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّهم](9) لو كانُوا في سفِينَةٍ في موضعٍ ضيِّقٍ، لا يُمْكِنُ جميعُهم الصَّلاةَ فيه (10) قيامًا صَلَّى واحدٌ بعدَ واحدٍ، إلَّا أنْ يَخَافُوا فواتَ الوقتِ [فيُصَلِّىَ واحدٌ قائمًا والبَاقون قُعودٌ. وقد](11) نَصَّ الشافعيُّ على هذا. والقيامُ آكَدُ مِن السُّتْرَةِ عنْدهُ. وعلى رِوَايةٍ لَنا، [والوَجْهُ الآخَرُ أقْيَسُ عندى، فإنَّ المُحافظةَ على الشَّرْطِ مع إمْكانِه أوْلَى مع إدراكِ الوقتِ، بدليلِ ما لو وَجَدَ ما لا يُمكنُه استعمالُه إلَّا بعدَ فَواتِ الوقتِ، أو سُتْرةً يخافُ فواتَ الوقتِ إن تشاغَلَ بالمَشْىِ إليها، والاسْتتارِ بها](12). [فأوْلَى أنْ يكونَ الوقتُ مُقَدَّمًا على السَّتْرِ](13). فإنِ امْتَنَعَ صاحبُ الثَّوبِ مِنْ إعارَتِهِم (14)، أو ضَاقَ الوقتُ عن أكثرَ مِن صلاةٍ، فالمُسْتَحَبُّ أنْ يؤُمَّهُم صاحبُ الثَّوبِ، ويقفَ بين أيْدِيهِم، فإنْ كان أُمِّيًّا وهم قُرَّاءٌ، صَلَّى الباقُونَ (15) جماعةً على ما أسْلَفْنا. [قال القاضي: يُصَلِّى هو مُنْفرِدًا] (16)، (17) لأنَّه لا يجوزُ أن يَؤُمَّهم؛ لكَوْنِه أُمِّيًّا، ولا
(9) في م: "فيصلى فيه واحد والباقون عراة. وقال الشافعي: لا يصلِّى أحد عريانا، وينتظر الثوبَ وإن خرج الوقت. ولا يصح، فإن الوقت آكد من القيام، بدليل ما".
(10)
سقط من الأصل.
(11)
في م: "فيصلون قعودا".
(12)
سقط من: م.
(13)
سقط من الأصل.
(14)
في الأصل: "إعارته".
(15)
في الأصل: "العراة".
(16)
في الأصل: "ويصلى صاحب الثوب منفردا".
(17)
من هنا إلى قوله: "أخذه الرجال" جاء مكان هذا في م: "وإذا أراد صاحب الثوب إعارة ثوبه، ومعهم نساء، استحب أن يبدأ بهن؛ لأنهن آكد في الستر. وإذا صلين فيه أخذه. فإذا تضايق الوقت، وفيهم قارىء، فالمستحب أن يبدأ به؛ ليكون إمامهم. وإن أعاده لغير القارئ صار حكمه حكم صاحب الثوب. فإن استووا، ولم يكن الثوب لواحد منهم، أقرع بينهم، فمن خرجت له القرعة فهو أحق. وإن لم يستووا فالأولى به =