الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحَبُّ الكلامِ إلَى اللهِ أَنْ يقولَ العبدُ وهو ساجدٌ: رَبِّ إِنِّى ظلمتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى. رَواهُما سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ". وعن أبِى هُرَيْرةَ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في سجودِهِ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وآخِرَهُ، وسِرَّهُ وعَلَانِيَتَهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (7) - فحسنٌ (8)؛ لِأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قاله. وقد قال: "وأمَّا السُّجُودُ فَأَكْثُروا فِيه مِنَ الدُّعَاءِ، فقَمِنٌ (9) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ". حديثٌ صحيحٌ (10). وقال القاضي: لا تُسْتَحَبُّ الزِّيادةُ على: "سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى" في الفَرْضِ، وفى التَّطَوُّعِ روَايَتَانِ؛ لأنَّه، لم يُنْقَلْ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيهِ سِوَى الأمْرُ بالتَّسْبِيحِ، وقد ذَكَرْنَا هذه الأخْبارَ الصحيحةَ، وسُنَّةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أن تُتَّبَعَ، والأمْرُ بِالتَّسْبِيحِ لا يَنْفِى الأمْرَ بِغيرِه، كما أنَّ أمْرَه بِالتَّشَهُّدِ في الصَّلاةِ لم يَنْفِ كَوْنَ الدعاءِ مَشْرُوعًا، ولو سَاغَ كونُ الأمْرِ بالشَّىءِ نَافِيًا لغيرِه لكان الأمْرُ بالدُّعاءِ نَافِيًا للتَّسْبِيحِ؛ لصِحَّةِ الأمْرِ به، وفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم له فيه.
165 - مسألة؛ قال: (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا)
يَعْنِى إذا قَضَى سُجودَهُ رفَعَ رأسَه مُكَبِّرًا، وجلس، واعْتَدَلَ، ويكونُ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِه مع ابْتدَاءِ رَفْعِه، وانْتِهاؤُه مع انْتِهَائِه. وهذا الرَّفْعُ والاعتدالُ عنه واجبٌ. وبهذا قالَ الشَّافِعِىُّ. وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: ليس بواجبٍ، بل يَكْفِى عند أبي حنيفةَ أنْ يَرْفَعَ رأسَه مثلَ حَدِّ السَّيْفِ؛ لأنَّ هذه جَلْسةُ فَصْلٍ بين مُتَشَاكِلَيْنِ فلم تكنْ واجبَةً، كجَلسَةِ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسىءِ في صلاتِهِ:"ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا". مُتَّفَقٌ عليه (1)، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَفْعَلُه، ولم يُنْقَلْ أنَّه أخَلَّ به، قالتْ عائشةُ: وكانَ - تَعْنِى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إذا رَفع
(7) أخرجه مسلم، في: باب ما يقال في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 350. وأبو داود، في: باب في الدعاء في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 203.
(8)
في جواب "إن" المتقدمة في أول الفصل.
(9)
أي حقيق وجدير.
(10)
تقدم تخريجه، في صفحة 181.
(1)
تقدم تخريج حديث المسىء صلاته، في صفحة 127، 146.
مِن السَّجْدةِ لم يَسْجُدْ حتَّى يَسْتَوِىَ قاعدًا. [رَوَاهُ مُسْلِمٌ](2). ولأنَّه رَفْعٌ واجبٌ، فكان الاعْتدالُ عنه واجِبًا، كالرَّفعِ مِن السَّجْدةِ الأخيرةِ، ولا يُسَلَّم لهم أنَّ جَلْسةَ التَّشَهُّدِ غيرُ واجبةٍ.
166 -
مسألة؛ قال: (فَإِذَا جَلَسَ وَاعْتَدَلَ يَكُونُ جُلُوسُهُ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، ويَنْصِبُ رِجْلَهُ (1) اليُمْنَى)
السُّنَّةُ أنْ يجلسَ بين السَّجْدتينِ مُفْتَرِشًا، وهو أنْ يَثْنِىَ رِجْلَه اليُسْرى، فيَبْسُطَها، ويجلس عليها، ويَنْصِبَ رِجْلَه اليُمْنَى ويُخْرِجَها مِن تحْتِه، ويَجْعَلَ بُطُونَ أصابِعِه على الأرْضِ مُعْتَمِدًا عليها؛ لتكونَ أطْرَافُ أصابِعِها إلى القِبْلَةِ. قال أبو حُمَيْدٍ، (2) في صِفَةِ صلاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثم ثَنَى رِجْلَهُ اليُسْرَى، وقَعَدَ عليْها، ثم اعْتَدَلَ حتَّى رَجَعَ كلُّ عَظْمٍ في (3) مَوضِعِه، ثم هَوَى ساجِدًا. وفى حديثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الذي رَوَتْه عائشةُ: وكانَ يَفْرشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى، ويَنْصِبُ اليُمْنَى. [رَوَاه مُسْلِمٌ](4).
ويُسْتَحَبُّ أنْ يَفْتَحَ أصابِعَ رِجْلِهِ اليُمْنَى، فَيَسْتَقْبِلَ بها القِبْلَةَ، [ومَعْناه أنْ يَثْنِيَها نحوَ القِبْلَةِ] (5). قال الأثرَمُ: تَفَقَّدْتُ أبا عبدِ اللهِ، فرأَيْتُه يفتحُ أصابِعَ رِجْلِهِ اليُمْنَى، فيَسْتَقْبِلُ بها القِبْلَةَ. ورَوَى بإِسنادِهِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ، قال: كُنَّا نُعَلَّمُ إذا جلسنا في الصَّلاةِ، أنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ مِنَّا قَدَمَهُ اليُسْرَى، ويَنْصِبَ قدمَهُ اليُمْنَى على صَدْرِ قدمِه، فإنْ كانتْ إِبْهَامُ أحدِنَا لِتَنْثَنِى فَيُدْخِلُ يدهُ حتى يَعْدِلَها. وعن ابْنِ عمرَ، قال: مِنْ سُنَّةِ الصلاةِ أنْ يَنْصِبَ القدمَ اليُمْنَى،
(2) في م: "متفق عليه". وهو حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير. الذي تقدم تخريجه في صفحة 142 من هذا الجزء.
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريج حديث أبي حميد، صفحة 122.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في م: "متفق عليه"، وتقدم تخريجه في صفحة 142.
(5)
سقط من: الأصل.