الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أوْ نَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّهِ إذَا أصْبَحَ أوْ ذَكَرَ". رَوَاه ابنُ مَاجَه (25). وهذا صَرِيحٌ فى مَحَلِّ النِّزَاعِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أن يَتَعَمَّدَ تَرْكَ الوِتْرِ حتى يُصْبِحَ؛ لهذا الخَبَرِ، ولأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "فَإذَا خَشِىَ أحَدُكُمْ الصُّبْحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى". مُتَّفَقٌ عليه (26). وهكذا قال مالِكٌ. وقال: من فاتَتْهُ صلاةُ اللَّيْلِ فله أنْ يُصَلِّىَ بعدَ الصُّبْحِ قَبلَ أن يُصَلِّىَ الصُّبْحَ، وحكاه ابنُ أبى موسى (27)، في "الإِرْشادِ". مَذْهَبا لأحمدَ، قِيَاسًا على الوِتْرِ، ولأنَّ هذا الوَقْتَ لم يَثبُتِ النَّهْىُ فيه صَرِيحًا، فكان حُكمُه خَفِيفا.
فصل:
فأما قَضاءُ سُنَّةِ الفَجْرِ بعدَها فَجائِزٌ، إلَّا أنَّ أحمدَ اخْتارَ أن يَقْضِيَهما مِن الضُّحَى، وقال: إنْ صَلَّاهُما بعد الفَجْرِ أجْزَأ، وأمَّا أنا فأَخْتَارُ ذلك. وقال عَطَاءٌ، وابنُ جُرَيْجٍ والشَّافِعِىُّ: يَقْضِيهما بعدَها؛ لما رُوِىَ عن قَيْسِ بن قَهْدٍ،
(25) في: باب من نام عن وتر أو نسيه، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 375. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الدعاء بعد الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 331، والترمذي، في: باب ما جاء في الرجل ينام عن الوتر أو ينساه، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 252. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 31، 44.
(26)
أخرجه البخاري، في: باب الحلق والجلوس في المسجد، من كتاب الصلاة، وفى: باب ما جاء في الوتر، وباب الوتر على الدابة، من كتاب الوتر، وفى: باب كيف كان يصلى النبي صلى الله عليه وسلم وكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل، من كتاب التهجد. صحيح البخاري 1/ 127، 2/ 30 - 32، 64. ومسلم، في: باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 516، 517، 519. كما أخرجه أبو داود، في: باب صلاة الليل مثنى مثنى، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 305. والترمذي، في: باب ما جاء أن صلاة الليل مثنى مثنى، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 226، 227. والنسائي، في: باب كيف صلاة الليل، وباب كيف الوتر بواحدة، من كتاب قيام الليل. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة الليل ركعتين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 418. والدارمى، في: باب في صلاة الليل، وباب كم الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 340، 372. والإمام مالك، في: باب الأمر بالوتر، من كتاب صلاة الليل. الموطأ 1/ 123. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 5، 9، 10، 30، 40، 44، 48، 49، 54، 58، 66، 71، 75، 76، 79، 113، 119، 133، 134.
(27)
هو أبو على محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمى القاضي، المتوفى سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وكتابه الإرشاد في فروع المذهب. مفاتيح الفقه الحنبلى 2/ 63.
قال: رَآنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أُصَلِّى رَكْعَتَىِ الفَجْرِ بعدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، فقال:"ما هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يا قَيْسُ؟ ". قلتُ: يا رسولَ اللهِ لم أَكُنْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ، فهما هَاتَانِ. رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ، وأبو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (28). وسُكوتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ على الجَوازِ، ولأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَضَى سُنَّةَ الظُّهْرِ بعدَ العَصْرِ، وهذه في مَعْناها، ولأنَّها صَلَاةٌ ذاتُ سَبَبٍ، فأشْبَهَتْ رَكْعَتَى الطَّوَافِ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا يَجُوزُ؛ لِعُمُومِ النَّهْىِ، ولما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِما بَعْدَ مَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ". رواهُ التِّرْمِذِىُّ (29)، وقال: لا نَعْرِفُه إلَّا مِن حديثِ عَمْرِو بنِ عاصمٍ. قال ابنُ الجَوْزِىِّ، رحمه الله: وهو ثِقَةٌ، أخْرَجَ عنه البُخَارِىُّ. وكان ابنُ عمرَ يَقْضِيهما من الضُّحَى، وحَدِيثُ قَيْسٍ مُرْسَلٌ، قالَه أحمدُ، والتِّرْمِذِىُّ، لأنَّه يَرْوِيه مُحَمَّدُ بنُ إبْرَاهِيمَ عن قَيْسٍ، ولم يَسْمَعْ منه، ورُوِىَ من طَرِيقِ يَحْيَى بن سَعِيدٍ عن جَدِّهِ (30)، وهو مُرْسَلٌ أيضًا، ورَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (31)، قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ: إنِّي لم أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَىِ الفَجْرِ. قال: "فَلَا، إذًا". وهذا يَحْتَمِلُ النَّهْىَ. وإذا كان الأمرُ هكذا كان تَأْخِيرُها إلى وَقْتِ الضُّحَى أحْسَنَ؛ لِنَخْرُجَ من الخِلَافِ، ولا نُخَالِفَ عُمَومَ الحَدِيثِ، وإن فَعَلَها فهو جائِزٌ؛ لأنَّ هذا الخبرَ لا يقصر عن الدَّلَالَةِ على الجَوَازِ. واللَّه أعلمُ.
(28) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 447. وأبو داود، في: باب من فاتته متى يقضيها، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 291، 292. والترمذي، في: باب ما جاء في من تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، من كتاب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 215. وابن ماجه، في: باب ما جاء في من فاتته الركعتان. . . إلخ، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 365.
(29)
في: باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس، من كتاب المواقيت. عارضة الأحوذى 2/ 216.
(30)
في سنن الترمذي: "عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جده قيس".
(31)
في: باب ما جاء في من تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 215.