الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النومَ. فأما حدِيثُهُم فباطِلٌ يَرْوِيهِ الحكَمُ (27) ابنُ سعدٍ، وقد نَهَى أحمد، رحمه الله، عن حدِيثِهِ، وضعَّفَهُ ابن المُبَارَكِ، وقال البخارِىُّ: تركُوهُ. وفى إسنادِهِ خارِجَةُ بن مُصْعَب (28)، وهو ضعِيفٌ أيضًا. ولا يصِحُّ قيَاسُهُ على المجنونِ؛ لأنَّ المجنونَ تتطَاوَلُ مُدَّتُه غالبًا، وقد رُفِعَ القلمُ عنه، ولا يلْزَمُهُ صيامٌ، ولا شيءٌ من أحكامِ التَّكْلِيفِ، وتَثْبُتُ الوِلايةُ عليهِ، ولا يجُوزُ على الأنبياء عليهم السلام، والإِغْمَاءُ بخِلَافِهِ، وما لا يُؤَثِّرُ في إسقاطِ الخَمْسِ لا يُؤَثِّرُ في إسقَاطِ الزَّائِدِ عليها، كالنومِ.
فصل:
ومَنْ شَرِبَ دواءً فزَالَ عَقْلُهُ به نَظَرْتَ؛ فإنْ كان زَوَالًا لا يدومُ كثيرًا، فهو كالإغماءِ، وإن كان يتَطَاوَلُ، فهو كالجنونِ. وأما السُّكْرُ، ومَنْ شَرِبَ مُحَرَّمًا يُزِيلُ عَقْلَهُ وقتًا دون وقتٍ، فلا يُؤَثِّرُ في إسقاطِ التَّكْلِيفِ، وعليه قَضَاءُ ما فاتَهُ في حالِ زَوالِ عَقْلِه. لا نعْلَمُ فيه خلَافًا؛ لأنَّه (29) إذا وجَبَ عليهِ القَضَاءُ بالنومِ المُبَاحِ، فبالسُّكْرِ المُحَرَّمِ أوْلَى.
فصل: وما فِيهِ السُّمُومُ من الأدْوِيَةِ؛ إنْ كان الغَالبُ من شُرْبِهِ واستِعْمَالِهِ الهَلَاكُ به، أو الجنونُ، لم يُبَحْ شُرْبُه، وإن كان الغَالِبُ منه السلامةُ ويُرْتَجَى منه المَنْفَعَةُ، فالأوْلَى إباحَةُ شُرْبِه، لِدَفْعِ ما هو أخطَرُ منه، كغَيْرِهِ من الأدوِيَةِ، ويحْتَمِلُ أن لا يُبَاحَ؛ لأنَّه يُعَرِّضُ نفسَه للهلاكِ، فلم يُبَحْ، كما لو لم يُرِدْ به التَّدَاوِى. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ كثيرًا من الأدوِيَةِ يُخَافُ منه، وقد أُبيحَ لدَفْعِ ما هو أضَرُّ منه، فإذا قُلنا يَحْرُمُ شُرْبُهُ، فهو كالمُحَرَّمَاتِ من الخَمْرِ ونحوِه، وإن قلنا يُباحُ، فهو كسائرِ الأدوِيَةِ المُبَاحَة. واللهُ أعلمُ.
(27) في م: "الحاكم" خطأ. وهو أبو عبد اللَّه الحكم بن عبد اللَّه بن سعد الأيْلِىّ. انظر ترجمته في: الضعفاء الصغير، للبخاري 31، الضعفاء والمتروكين، للنسائي 30، المجروحين، لابن حبان 1/ 248. الضعفاء الكبير، للعقيلى 1/ 256، ميزان الاعتدال، للذهبى 1/ 572 - 574.
(28)
أبو الحجاج خارجة بن مصعب الضبعى السرخسي، توفى بخراسان سنة ثمان وستين ومائة. التاريخ الكبير، للبخاري 2/ 1/ 205، الضعفاء الصغير، له 41، الضعفاء والمتروكين، للنسائي 37، المجروحين، لابن حبان 1/ 288، الضعفاء الكبير، للعقيلى 2/ 25، 26، ميزان الاعتدال 1/ 625، 626.
(29)
في م: "ولأنه".