الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ". رَواهُما مُسْلِمٌ (14). وهذا يَدُلُّ على أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما فَعَلَه لِسَبَبٍ، وهو قَضاءُ ما فَاتَه من السُّنَّةِ، وأنَّه نَهَى عن الصَّلَاةِ بعدَ العَصْرِ، كما رَوَاهُ غَيْرُهما، وحَدِيثُ عائشةَ يَدُلُّ على اخْتِصَاصِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بذلك، ونَهْيِهِ غيرَه، وهذا حُجَّةٌ على مَن خالَفَ ذلك، فإنَّ النِّزَاعَ إنَّما هو في غيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد ثَبَتَ ذلك مِن غيرِ مُعَارِضٍ له.
فصل:
فأمَّا التَّطَوُّعُ لِسَبَبٍ غيرِ ما ذَكَرَه الْخِرَقِىُّ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، رحمه الله، في الوِتْرِ أنَّه [يُجَوِّزُ فِعْلَه] (15) قبلَ صلاةِ الفَجْرِ. قال الأَثْرَمُ: سَمعتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ: أَيُوتِرُ الرَّجُلُ بعدَ ما يَطْلُعُ (16) الفَجْرُ؟ قال: نعم. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وحُذَيْفَةَ، وأبِى الدَّرْداءِ، وعُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، وفَضَالَةَ بنِ عُبَيدٍ (17)، وعائشةَ، وعَبْدِ اللهِ بنِ عامِرِ بن رَبِيعَةَ (18)، وعمْرِو بن شُرَحْبِيل، وقال أَيُّوب السَّخْتَيَانِىُّ وحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: إنَّ أكْثَرَ وِتْرَنا لَبَعْدَ
(14) في: باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 571، 572. والأول أخرجه أيضًا النسائي، في: باب الرخصة في الصلاة بعد العصر، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 226. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 188. والثانى أخرجه أيضًا البخاري، في: باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها، من كتاب المواقيت، وفى: باب إذا كلم وهو يصلى فأشار بيده واستمع، من كتاب السهو، وفى: باب وفد عبد القيس، من كتاب المغازى. صحيح البخاري 1/ 153، 2/ 88، 5/ 214. وأبو داود، في: باب الصلاة بعد العصر، من كتاب التطوع. سنن أبي داود 1/ 293. والدارمى، في: باب في الركعتين بعد العصر، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 334، 335.
(15)
في أ، م:"يفعله".
(16)
في أ: "طلع".
(17)
أبو محمد فضالة بن عبيد بن ناقد الأنصاري الأوسى الصحابى، أول مشاهده أحد، وشهد فتح مصر، وتوفى سنة ثلاث وخمسين. أسد الغابة 4/ 363، 364.
(18)
أبو محمد عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة العنزى الصحابى، وهو الأصغر، توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربع سنين، توفى سنة خمس وثمانين. أسد الغابة 3/ 287، 288. وفى ا:"عبد الرحمن بن عامر" خطأ.
طُلُوعِ الفَجْرِ. وبه قال مالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه خَرَجَ بعد طُلُوعِ الفَجْرِ، فقال: لَنِعْمَ ساعَةُ الوِتْرِ هذه (19). ورُوِىَ عن عاصِمٍ (20)، قال:"جاءَ ناسٌ إلى أبى موسى، فسَألُوه عن رَجُلٍ لم يُوتِرْ حتى أذَّنَ المُؤَذِّنُ؟ قال: لا وِتْرَ له، فَأَتَوْا عَلِيًّا فسَألُوه فقال: أغْرَقَ في (21) النَّزْعِ، الوِتْرُ ما بينَه وبينَ الصَّلاةِ (22). وأنْكَرَ ذلك عَطَاءٌ، والنَّخَعِىُّ، وسعيدُ بن جُبَيْرٍ، وهو قولُ أبى موسى على ما حَكَيْنا، واحْتَجُّوا بِعُمُومِ النَّهْىِ. ولَنا، ما رَوَى أبو بَصْرَةَ الغِفَارِىُّ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إن اللَّه زَادَكُمْ صَلَاةً فَصَلُّوها ما بين العشَاءِ إلى صَلَاةِ الصُّبْحِ، الوِتْر الوِتْر". رَوَاهُ الأثْرَمُ، واحْتَجَّ به أحمدُ (23)، ولأنَّه قَوْلُ مَن سَمَّيْنا من الصَّحابةِ، وأحادِيثُ النَّهْىِ الصَّحِيحَة ليستْ صَرِيحَةً في النَّهْىِ قبلَ صلاةِ الفَجْرِ، على ما قَدَّمْنَاه، إنَّما فيه حديثُ ابْنِ عمرَ وهو غَرِيبٌ، وقد رَوَى أبو هُرَيْرَةَ (24) قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ
(19) أخرجه عبد الرزاق، في: باب أي ساعة يستحب فيها الوتر، من كتاب الصلاة. المصنف 3/ 18. والبيهقي، في: باب من أصبح ولم يوتر فليوتر ما بينه وبين أن يصلى الصبح، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 479. والهيثمى، في: باب في الوتر أول الليل وآخره وقبل النوم، من كتاب الصلاة. وقال: أخرجه الطبراني في الأوسط، وفيه الحسن بن أبي جعفر الحضرى، وهو متروك. مجمع الزوائد 2/ 246.
(20)
أي ابن ضمرة.
(21)
ليس في السنن الكبرى.
(22)
أخرجه البيهقي، في: باب من أصبح ولم يوتر فليوتر ما بينه وبين أن يصلى الصبح، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 2/ 479، 480.
(23)
أخرجه في: المسند 6/ 7، 397.
ونحوه حديث خارجة بن حذافة، الذي أخرجه أبو داود، في: باب استحباب الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 327. والترمذي، في: باب ما جاء في فضل الوتر، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 241. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 369، 370.
(24)
كذا جاء، وهو من حديث أبى سعيد. انظر التخريج التالى.