الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يثْبُتُ في حقِّها شىءٌ من أحكامِ الحرائِرِ، إلَّا في نقل المِلْكِ خاصَّةً، لكنْ يُسْتحَبُّ لها سَتْرُ رأْسِها، لتخرُج من الخلافِ، وتأخُذَ بالاحْتياط.
200 - مسألة؛ قال: (وَمَنْ ذَكَرَ أنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى، أَتَمَّهَا، وقَضَى المَذْكُورَةَ، وَأَعَادَ الَّتِى كَانَ فِيهَا إذَا كَانَ الوَقْتُ مُبْقًى)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ التَّرْتِيبَ واجبٌ في قضاءِ الفَوَائِتِ. نَصَّ عليهِ أحمدُ (1) في مَواضِعَ، [قال، في رِوَايَةِ أبي داوُدَ، فيمَنْ ترَكَ صلاةَ سَنَةٍ: يُصَلِّيهَا، ويُعِيدُ كُلَّ صلاةٍ صَلَّاهَا وهو ذاكِرٌ لمَا تركَ مِن الصَّلاةِ](2). [وقدْ رُوِىَ عن](3) ابْنِ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، ما يَدُلُّ على وُجوبِ التَّرْتِيبِ، ونَحْوُه عَنِ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِىِّ، ورَبِيعَة، ويَحْيَى الأنصارِيِّ، ومالكٍ، واللَّيْثِ، وأبى حنيفةَ، وإسحاقَ. وقالَ الشافعيُّ: لا يجِبُ؛ [لأنَّ قضاءَ الفريضةِ فائِتةٌ، فلا يجبُ التَّرتيبُ فيه، كالصِّيام](4). ولَنا، [ما رُوِىَ] (5): أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاتَهُ [يومَ الخَنْدَقِ](5) أرْبَعُ صلواتٍ، فَقَضَاهُنَّ مُرَتَّباتٍ. وقال (6):"صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِى أُصَلِّى (7) ". ورَوَى الإِمامُ أحمدُ (8)، بإسْنَادِهِ، عن أبي جُمُعَة حَبِيب بن سِبَاع، وكان قد أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عامَ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: "وعن".
(4)
سقط من: م.
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
في الأصل: "وقد قال".
(7)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيهن يبدأ، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 291. والنسائي، في: باب كيف يقضى الفائت من الصلاة، من كتاب المواقيت، وفى: باب الأذان للفائت من الصلوات، وباب الاجتزاء لذلك كله بأذان واحد، من كتاب الأذان. المجتبى 1/ 240، 2/ 15. والبيهقي، في: باب الأذان والإقامة للجمع بين صلوات فائتات، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 1/ 402، 403. وانظر ما تقدم في صفحة 157 في تخريج قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلى".
(8)
في: المسند 4/ 106.
الأحزابِ صَلَّى المغْرِبَ، فلَمَّا فَرَغَ قال:"هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّى صَلَّيْتُ العَصْرَ؟ " فقالُوا: يا رسُولَ اللهِ ما صلَّيْتَها. فأَمَرَ المُؤَذِّنَ فأقامَ الصلاةَ، فصلَّى العصرَ، ثم أعادَ المغرِبَ. [وهذا يدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الترْتِيبِ](9). ورَوَى (10) نَافِعٌ، عنِ ابْنِ عمرَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ نَسِىَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَامَ فَلْيُصَلِّ مَعَ الإِمَامَ، فَإِذَا فَرَغَ مِن صَلَاتِهِ (11) فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ الَّتِى نَسِىَ، ثُمَّ لْيُعِدِ الصَّلَّاةَ الَّتِى صَلَّاهَا مَعَ الإِمَامِ". [روَاه أبو يَعْلَى المَوْصِلِىُّ، في "مُسْنَده"، بإسْنادٍ حسنٍ](9). وَرُوِىَ مَوْقُوفًا عن ابْنِ عمر. ولأنَّهما صلاتَانِ مُؤَقَّتَتَانِ، فوجبَ تَرْتِيبُهما (12) كالمَجْمُوعَتَيْنِ.
إذا ثبَتَ هذَا، فإنَّه يَجِبُ التَّرْتِيبُ فيها وإنْ كثُرَتْ (13)، نَصَّ عليهِ أحمدُ، [قال، في رواية أبي داود، في مَن ترك صلاةَ سَنَةٍ: يُصلِّيها، ويعيدُ كلَّ صلاةٍ صلَّاها وهو ذاكِرٌ لِمَا تَرَكَ](14). وقال مالكٌ، وأبو حنيفَة: لا يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي أَكْثَرَ مِنْ صلاةِ يومٍ ولَيْلَةٍ؛ لأنَّ اعْتِبَارَهُ فيما زادَ [على ذلكَ](15) يَشُقُّ، ويُفْضِى إلى الدُّخُولِ في التَّكْرَارِ، فسقَطَ، كالتَّرْتِيب فِي قَضَاءِ صِيَامِ (15) رَمَضَانَ. ولَنا، أنَّها صَلَواتٌ واجِبَاتٌ، تُفْعَلُ في وقتٍ يَتَّسِعُ لها، فوجبَ فيها التَّرْتِيبُ كالخَمْسِ، وإفْضَاؤُه إلى التَّكْرَارِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ، كتَرْتِيبِ الرُّكوعِ على السُّجودِ،
(9) سقط من: الأصل.
(10)
بعد هذا في م: "أبو حفص بإسناده عن". وانظر ما يأتي بعد إيراد الحديث.
(11)
سقط من: م.
والحديث أخرجه الإِمام مالك، في: باب العمل في جامع الصلاة، من كتاب قصر الصلاة في السفر. الموطأ 1/ 168. والدارقطني، في: باب الرجل يذكر صلاة وهو في أخرى، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 421. والبيهقي، في الباب نفسه. السنن الكبرى 2/ 221.
(12)
في م: "الترتيب فيهما".
(13)
في م زيادة: "وقد".
(14)
سقط من: م.
(15)
سقط من: الأصل.
وهذا التَّرْتِيبُ شرطٌ في الصلاةِ، فلو أخَلَّ بِه لم تصِحَّ صلاتُه، بدلِيلِ ما ذَكَرْنَاه من حديثِ أبي جُمُعَةَ، وحديثِ ابْنِ عمرَ، ولأَنَّهُ تَرْتِيبٌ واجبٌ في الصلاةِ، فكانَ شرطًا لصِحَّتِهَا (15)، [كالتَّرْتِيبِ في](16) المَجْمُوعَتَيْنِ، والرُّكوعِ والسُّجود. إذا ثَبَتَ هذا عُدْنَا إلى مَسْأَلَةِ الكِتَابِ، وهى إذا أحْرَمَ بالحَاضِرةِ، ثم ذَكَرَ في أثنائهَا أنَّ عليهِ فَائِتةً، والوَقْتُ مُتَّسِعٌ، فإنه يُتِمُّهَا، ويَقْضِى الفائتَةَ، ثم يُعِيدُ الصلاةَ التي كان فيها، سواءٌ كانَ إمامًا أو مَأْمُومًا أو مُنْفَرِدًا. هذا ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ وأبى بكرٍ، وهو قولُ ابْنِ عمر، ومالكٍ، واللَّيْثِ، وإسحاقَ، في المَأْمُوم. وهو الذي نَقَلَهُ الجماعةُ عن أحمدَ في المأْموم، ونَقَلَ عنهُ جماعةٌ في المُنْفَرِدِ، أنَّه يَقْطَعُ الصلاةَ ويَقضِى الفائتَةَ. وهو قولُ النَّخَعِىِّ، والزُّهْرِىِّ، وَرَبِيعَة، ويحيى الأَنْصَارِىِّ في المُنْفَرِدِ [دون غيرِه](17)، (18) ونُقِل عن أحمدَ في المُنْفَرِد، أنَّه يُتِمُّ الصلاةَ، وفى المَأْمومِ أنَّه يقْطعُ الصلاةَ. ونقَل حَرْبٌ في الإِمامِ، أنَّه ينْصرفُ، ويسْتأنِفُ المَأْمُومون. فكان في الجميعِ روايتان؛ إحداهما، يقْطَعُها ويقْضِى الفائِتَةَ. والأخْرَى، يُتِمُّها ويُعِيدُ الفائِتَةَ، ثم يُعيدُ التي كان فيها. وقال طاوُس، والحسن، والشَّافِعىُّ، وأبو ثَوْر: يُتِمُّ صلاتَه، ويقْضِى الفائِتَةَ لا
(15) سقط من: الأصل.
(16)
في م: "كترتيب".
(17)
في م: "وغيره".
(18)
من هنا إلى آخر قوله: "ويعيدهما جميعا" جاء في م: "وروى حرب عن أحمد، في الإمام: ينصرف، ويستأنف المأمومون. قال أبو بكر: لا ينقلها غير حرب، وقد نقل عنه في المأموم، أنه يقطع، وفى المنفرد، أنه يتم الصلاة. وكذلك حكم الإمام يجب أن يكون مثله، فيكون في الجميع أداء روايتان؛ إحداهما يتمها. وقال طاوس والحسن والشافعي وأبو ثور: يتم صلاته، ويقضى الفائتة لا غير. ولنا، على وجوب الإِعادة، حديث ابن عمر، وحديث أبي جمعة، ولأنه ترتيب واجب، فوجب اشتراطه لصحة الصلاة، كترتيب المجموعتين. ولنا، على أنه يتم الصلاة قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}. وحديث ابن عمر، وحديث أبي جمعة أيضًا، قال: يتعين حمله على أنه. ذكرها وهو في الصلاة، فإنه لو نسيها حتى يفرغ من الصلاة لم يجب قضاؤها، ولأنها صلاة ذكر فيها فائتة، فلم تفسد، كما لو كان مأموما، فإن ظاهر المذهب أنه يمضى فيها. قال أبو بكر: لا يختلف كلام أحمد، إذا كان وراء الإمام، أنه يمضى مع الإمام، ويعيدهما جميعا".
غيرُ. وهذا مَبْنِىٌّ على الخلافِ في وُجوب التَّرْتيبِ، وقد مضَى ذِكْرُه. ويدُلُّ لنا على وُجوب الإِعادةِ، حديثُ أبى جُمُعةَ، وحديثُ ابنِ عمر، والعباس (19) الذي تقدَّم. والأوْلَى أنْ يُتِمَّ الصلاةَ؛ لقولِ اللَّه تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (20). وللخَبَريْن. قال أبو حفص العُكْبَرِىُّ: يتعيَّن حَمْلُ حديثِ أبى جُمُعةَ على أنَّه ذكَر الفائتةَ في الصلاة، فإنَّه لو نَسِيَها حتى يفرُغَ مِن الصلاة لم يجبْ قضاؤُّها. قال أبو بكر: لا يخْتلفُ كلامُ أحمدَ، أَنَّه إذا كان مع الإِمامِ، أنه يمْضِى، ويُعيدُهما جميعًا. واخْتَلَفَ قولُه فيما (21) إذا كانَ وَحْدَهُ، قالَ (22): والذي أقولُ، إنه يَمْضِى، لأنه يَشْنُعُ أنْ يَقْطَعَ ما دَخَلَ فيهِ قبلَ [أنْ يُتِمَّهُ](22)، فإنْ مَضَى الإِمامُ في صلاتِهِ بعدَ ذكرِهِ، [فهل تصِحُّ صلاةُ المَأْمُومِينِ؟ فيه وجهان، انْبَنَى](23) على ائْتِمَامِ المُفْتَرِض بالمُتنَفِّلِ، والأَوْلَى أنَّه يَصِحُّ؛ لما سنَذْكُرُهُ فيما بعدُ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. [وإن انْصَرَف، فالمَنْصُوصُ أنَّ المَأْمُومِين يسْتأْنِفُونَ صلاتهم، ويتخرَّج أنَّهم يُتمُّون صلاتَهم، ويبْنُون عليها، كما لو يسبقُه الحَدَثُ، كلُّ مَوْضعٍ له قُلْنا: يمْضِى في صلاتِه. فهو على سبيلِ الاسْتحْبابِ، وليس بواجبٍ؛ لأنَّها صلاةٌ لا يُعْتَدُّ بها، فلم يجب المُضِىُّ فيها](24). قالَ مُهَنَّا: قُلْتُ لأحمدَ، إنِّي كُنْتُ في صلاةِ العَتَمَةِ، فذكَرْتُ أنِّى لم أَكُنْ صَلَّيْتُ المغرِبَ، فَصَلَّيْتُ العَتَمَةَ، ثم صَلَّيْتُ (25) المغرِبَ والعَتَمَةَ؟ قال: أصَبْتَ. فَقُلْتُ: أليس كان يَنْبَغِى أن أَخْرُجَ حين
(19) لم يسبق ذكر لحديث العباس. ولعل الكلمة مصحفة.
(20)
سورة محمد 33.
(21)
سقط من: م.
(22)
سقط من: الأصل.
(23)
في م: "انبنت صلاة المأمومين".
(24)
في م: "وإذا قلنا يمضى في صلاته، فليس ذلك بواجب، فإن الصلاة تصير نفلا، فلا يلزم ائتمامه".
(25)
في م: "أعدت".