الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما ذَكَرْنا كصلاة الفَجْرِ](19)، فأمَّا صلاةُ النَّهَارِ فيُتِمُّها أَرْبَعًا.
فصل:
ولا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِلسَّهْوِ في صلاةِ جنازةٍ؛ لأنَّها لا سُجُودَ في صُلْبِها، ففى جَبْرِها أوْلَى، ولا في سُجُودِ تِلَاوَةٍ؛ لأنَّه لو شُرِعَ لَكانَ الجَبْرُ زَائِدًا على الأصْلِ، ولا في سُجُودِ سَهْوٍ. نَصَّ عليه أحْمَدُ. وقال إسْحاقُ: هو إجْمَاعٌ؛ لأنَّ ذلك يُفْضِى إلى التَّسَلْسُلِ، ولو سَهَا بعد سُجُودِ السَّهْوِ لم يَسْجُدْ لذلك. واللهُ تعالى أعْلمُ.
220 - مسألة؛ قال: (ومن تَكَلَّمَ عَامِدًا أو سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُه)
أمَّا الكلامُ عَمْدًا، وهو أن يَتَكَلَّمَ عَالِمًا أنَّه في الصَّلَاةِ، مع عِلْمِه بِتَحْرِيمِ ذلك لِغَيْرِ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، ولا لأمْرٍ يُوجِبُ الكَلَامَ، فتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إجْماعًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ من تَكَلَّمَ في صلاتِه عَامِدًا وهو [لا يُرِيدُ إصْلَاحَ](1) صلاتِه، أنَّ صلاتَهُ فَاسِدَةٌ. وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"إن هذه الصَّلَاةَ لا يَصْلُحُ فيها شيءٌ من كَلَامِ النَّاسِ، إنَّما هِىَ التَّسْبِيحُ والتَّكْبِيرُ وقِرَاءَةُ القُرْآنِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2). وعن زَيْدِ بن أرْقَمَ قال: كُنّا نَتَكَلَّمُ في الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ أحَدُنَا صَاحِبَه وهو إلى جَنْبِه، حتى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3) فأُمِرْنَا بالسُّكُوتِ. مُتَّفَقٌ عليه (4). ولِمُسْلِمٍ: ونُهِينَا عن الكَلَامِ. وعن ابنِ مَسْعُودٍ قال: كنا نُسَلِّمُ على
= 44، 49، 51، 58، 66، 71، 76، 77، 79، 81، 83، 119، 133، 134، 141، 148، 155. وانظر: المسند 1/ 31، 45، 54.
(19)
في أ، م:"ما ذكرناه في صلاة الفجر".
(1)
في م: "يريد صلاح".
(2)
تقدم في صفحة 236.
(3)
سورة البقرة 238.
(4)
أخرجه البخاري، في: باب ما ينهى من الكلام في الصلاة، من كتاب العمل في الصلاة، وفى: باب وقوموا للَّه قانتين مطيعين، من كتاب التفسير. صحيح البخاري 2/ 78، 79، 2/ 38. ومسلم، في: باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 383. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في نسخ الكلام في الصلاة، من أبواب الصلاة، وفى: باب حديث أبى بكر =
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهو في الصَّلاةِ فيَرُدّ علينا، فلمَّا رَجَعْنا من عند النَّجَاشِىِّ سَلَّمْنا عليه، فلم يَرُدَّ علينا، فقلْنا: يا رسولَ اللَّه، كُنَّا نُسَلِّمُ عليكَ (5) في الصَّلاةِ فتَرُدُّ علينا. قال:"إنَّ في الصَّلَاةِ لَشُغْلًا". مُتَّفَقٌ عليه (6). ورَواهُما (7) أبو دَاوُدَ، ولَفْظُه في حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فلما قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ، قال:"إنَّ اللهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإنَّ اللهَ قَدْ أحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا في الصَّلَاةِ".
فأمَّا الكلامُ غيرَ ذلك، فيُقَسَّمُ خمسةَ أقسامٍ: أحَدُها، أن يَتَكَلَّمَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الكلامِ في الصَّلاةِ. قال القاضي في "الجامعِ": لا أعْرِفُ عن أحمدَ نَصًّا في ذلك. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَبْطُلَ صلاتُه؛ لأنَّ الكلامَ كان مُبَاحًا في الصَّلاةِ، بدليلِ حديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وزيدِ بنِ أرْقَمَ، ولا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّسْخِ في حَقِّ مَنْ لم يَعْلَمْه، بدليلِ أنَّ أهْلَ قُبَاءَ لم يَثْبُتْ في حَقِّهِم حُكْمُ نَسْخِ القِبْلَة قبلَ عِلْمِهِم، فبَنَوْا على صلاتِهِم، بخِلافِ النَّاسِى، فإنَّ الحُكْمَ قد ثَبَتَ في حَقِّه، وبِخلَافِ الأكْلِ في الصَّوْمِ جَاهِلًا بتَحْرِيمِه، فإنَّه لم يكنْ مُبَاحًا، وقد دَلَّ على صِحَّةِ هذا حديثُ مُعَاوِيَةَ بن الحَكَمِ السُّلَمِىِّ، قال: بَيْنَا أنا أُصَلِّى مع رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ عَطَسَ رَجُلٌ من القَوْمِ، فقلتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ. فَرَمَانِى القَوْمُ بأبْصَارِهِمْ، فقلتُ: وَاثُكْلَ أُبَيَّاهُ، ما شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَىَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهمْ على أَفْخَاذِهِمْ، فلما رَأَيْتُهُم يُصَمِّتُونِى، لَكِنِّى سَكَتُّ، فلمَّا صَلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأبِى هو وأُمِّى، ما رَأيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَه ولا بَعْدَه أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فوَاللهِ ما كَهَرَنِى (8) ولا ضَرَبَنِى ولا شَتَمَنِى،
= الشيبانى، (تفسير سورة البقرة) من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 2/ 195، 196، 11/ 107. والنسائي، في: باب الكلام في الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 16.
(5)
سقط من: ا، م.
(6)
تقدم في صفحة 88.
(7)
في الأصل: "ورواهن". والضمير يعود على حديث ابن مسعود بروايتيه السابقة والآتية. وانظر: سنن أبي داود 1/ 211، 212. والنسائي، في الباب السابق. المجتبى 3/ 16، 17. والبخاري، في: باب قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 9/ 187. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 377، 435، 463.
(8)
في أ، م:"قهرنى". والمثبت في الأصل، وتقدم الحديث في صفحة 236.
ثم قال؛ "إنَّ هذِه الصَّلَاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِىَ التَّسْبِيحُ والتَّكْبِيرُ وقِرَاءَةُ القُرْآنِ". أو كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. [روَاه مُسْلِمٌ](9) فلم يَأْمُرْه بالإِعادةِ، فدَلَّ على صِحَّتِها. وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ. والأوْلَى أنْ يُخَرَّجَ هذا على الرِّوَايَتَيْنِ في كلامِ النَّاسِى؛ لأنَّه مَعْذُورٌ مثلُه. القِسْمُ الثَّانِى، أن يتكلَّمَ نَاسِيًا، وذلك نَوْعانِ؛ أحَدُهما، أن يَنْسَى أنَّه في صلاةٍ، ففيه رِوايتان. إحْدَاهما، لا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ. وهو قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَكَلَّمَ في حديثِ ذِى اليَدَيْنِ، ولم يَأْمُرْ مُعَاوِيَةَ بنَ الحَكَمِ بالإِعادةِ إذْ تَكَلَّمَ جَاهِلًا، وما عُذِرَ فيه بالجَهْلِ عُذِرَ فيه بالنِّسْيَانِ. والثَّانية، تَفْسُدُ صَلَاتُه. وهو قولُ النَّخَعِىِّ، وقَتَادَةَ، وحَمَّادِ بن أبي سليمان، وأصْحَابِ الرَّأْىِ؛ لِعُمُومِ أحاديثِ المَنْعِ من الكلامِ، ولأنَّه ليس من جِنْسِ ما هو مَشْرُوعٌ في الصَّلاةِ، فلم يُسَامَحْ فيه بالنِّسْيَانِ، كالعَمَلِ الكَثِيرِ من غيرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ. النَّوْع الثَّانى، أنْ يَظُنَّ أن صلاتَه تَمَّتْ، فَيَتَكَّلَمُ، فهذا إنْ كان سَلَامًا لم تَبْطُل الصَّلاةُ، رِوَايةً واحِدَةً؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابَه فَعَلُوه، وبَنَوْا على صَلَاتِهم، ولأنَّ جِنْسَه مَشْرُوعٌ في الصَّلَاةِ، فأشْبَه الزِّيَادَة فيها من جنْسِها. وإن لم يكنْ سَلَامًا، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، في رِوَايةِ جَماعَةٍ من أَصْحَابِه، أنَّه إذا تَكَلَّمَ بشيءٍ ممَّا تَكْمُلُ به الصَّلَاةُ، أو شيءٍ من شَأْنِ الصَّلَاةِ، مثلِ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذا اليَدَيْنِ، لم تَفْسُدْ صلاتُه. وإنْ تَكَلَّمَ بشيءٍ من غيرِ أمْرِ الصَّلَاةِ، كقولِه: يا غُلَامُ اسْقِنِى ماءً. فصلاتُه باطِلَةٌ. وقال، في رِوَايةِ يوسفَ بن موسى (10): مَن تَكَلَّمَ نَاسِيًا في صَلَاتِه فظَنَّ (11) أنَّ صلاتَه قد تَمَّتْ، إن كان كلامُه فيما تَتِمُّ به الصَّلاةُ، بَنَى على صلاتِه، كما كَلَّمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ذَا اليَدَيْن. وإذا
(9) سقط من: م.
(10)
يوسف بن موسى العطار الحربى، كان يهوديا، أسلم على يدى الإمام أحمد، وهو حدث، فحسن إسلامه، ولزم العلم، وروى عن الإمام أحمد أشياء. طبقات الحنابلة 1/ 420، 421.
(11)
في م: "يظن".
قال: يا غُلَامُ اسْقِنِى ماءً. أو شِبْهَهُ، أعَادَ. ومِمَّن تَكَلَّم بعدَ أنْ سَلَّمَ، وأتَمَّ صَلَاتَهُ، الزُّبَيْرُ، وابْناه عبدُ اللهِ وعُرْوَةُ، وصَوَّبَه ابنُ عَبَّاسٍ. ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم في عَصْرِهِم خِلَافَه. وفيه رِوَايَةٌ ثانِيَةٌ، أنَّ الصَّلاةَ تَفْسُدُ بِكُلِّ حالٍ. قال في رِوَايةِ حَرْبٍ: أمَّا من تَكَلَّمَ اليَوْمَ [وأجابهَ أحَدٌ](12) أعادَ الصَّلَاةَ. وهذه الرِّوَايةُ اخْتِيَارُ الخَلَّالِ. وقال: على هذا اسْتَقَرَّت الرِّوَايَاتُ عن أبي عبدِ اللهِ بعد تَوَقُّفِه. وهذا مَذْهَبُ أصْحابِ الرَّأْىِ؛ لِعُمُومِ الأخْبارِ في مَنْعِ الكلامِ. وفيه رِوَايةٌ ثَالِثَةٌ، أنَّ الصَّلاةَ لا تَفْسُدُ بالكلامِ في تلك الحال بحالٍ، سَوَاءٌ كان من شَأْنِ الصَّلَاةِ، أو لم يكنْ؛ إمَامًا كان أو مَأْمُومًا. وهذا مَذْهَبُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه نَوْعٌ من النِّسْيَانِ، فأشْبَهَ المُتَكَلِّمَ جَاهِلًا، ولذلك تَكَلَّم النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُه، وبَنَوْا على صَلَاتِهم. وتُخَرَّج (13) فيه رِوَايةٌ رَابِعَةٌ، وهو أنَّ المُتَكَلِّمَ إن كان إمَامًا تَكَلَّم لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لم تَفْسُدْ صَلَاتُه، وإن تَكَلَّمَ غيرُه فَسَدَتْ صَلَاتُه. ويَأْتِى الكَلَامُ على الفَرْقِ بينهما فيما بعدُ، إن شاءَ اللهُ تعالى. القِسْمُ الثَّالِثُ، أن يَتَكَلَّمَ مَغْلُوبًا على الكلامِ، وهو ثلاثةُ أنْواعٍ: أحَدُها، أن تَخْرُجَ الحُرُوفُ من فِيهِ بغيرِ اخْتِيَارِهِ، مثلَ أن يَتَثَاءَبَ، فيقول: هاه، أو يَتَنَفَّسَ، فيقول: آه. أو يَسْعُلَ، فَيَنْطِقَ في السَّعْلَةِ بِحَرْفَيْنِ، وما أَشْبَهَ هذا، أو يَغْلَطَ في القِرَاءَةِ، فيَعْدِلَ إلى كَلِمَةٍ مِن غيرِ القُرْآنِ، أو يَجِيئَه البُكاءُ، فَيَبْكِى ولا يَقْدِرُ على رَدِّه، فهذا لا تَفْسُدُ صلاتُه. نَصَّ عليه أحمدُ في الرَّجُلِ يكونُ في الصَّلَاةِ فَيَجِيئُه البكاءُ فيَبْكِى، فقال: إذا كان لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ لا تَفْسُدُ صَلَاتُه. وقال: قد كان عمرُ يَبْكِى، حتى يُسْمَعَ له نَشِيجٌ. وقال مُهَنَّا: صَلَّيْتُ إلى جَنْبِ أحمدَ، فتثَاءَبَ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وسَمِعْتُ لِتَثَاؤُبِه: هاه هاه. وهذا لأنَّ الكلامَ ههنا لا يُنْسَبُ إليه، ولا يَتَعَلَّقُ به حُكْمٌ من
(12) سقط من: م.
(13)
سقط "تخرج" من: م.
أحْكامِ الكلامِ. وقال القاضي في مَن تَثَاءَبَ، فقال آه آه: تَفْسُدُ صَلَاتُه. وهذا مَحْمُولٌ على من فَعَل ذلك غيرَ مَغْلُوبٍ عليه؛ لِما ذَكَرْنا من فِعْلِ أحمدَ خِلافَه. النَّوْعُ الثانِى، أن ينامَ فَيَتَكَلَّم، فقد توَقَّفَ أحمدُ عن الجَوَابِ فيه. ويَنْبَغِى أن لا تَبْطُلَ صَلَاتُه؛ لأنَّ القَلَمَ مَرْفُوعٌ عنه. ولا حُكْمَ لِكَلَامِه، فإنَّه لو طَلَّقَ أو أَقَرَّ أو أعْتَقَ، لم يَلْزَمْه حُكْمُ ذلك. النَّوْعُ الثَّالِثُ، أن يُكْرَهَ على الكَلَامِ، فيَحْتَمِلُ أن يُخَرَّجَ على كَلَامِ النَّاسِى؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَع بينهما في العَفْوِ، بقوله صلى الله عليه وسلم:"عُفِىَ لأُمَّتِى عن الخَطَإِ، والنِّسْيَانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عليه"(14). وقال القاضي؛ هذا أوْلَى بالعَفْوِ، وصَحَّت الصَّلَاةُ؛ لأنَّ الفِعْلَ غيرُ مَنْسُوبٍ إليه، ولهذا لو أُكْرِهَ على إتْلَافِ مالٍ لم يَضْمَنْه، ولو أتْلَفَه ناسِيًا ضَمِنَه. والصَّحِيحُ، إن شاءَ اللهُ، أنَّ هذا تَفْسُدُ صَلَاتُه؛ لأنَّه أتَى بما يُفْسِدُ الصَّلاةَ عَمْدًا، فأشْبَهَ ما لو أُكْرِهَ على صَلَاةِ الفَجْرِ أرْبَعًا، أو على أن يَرْكَعَ في كلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ. ولا يَصِحُّ قِيَاسُه على النَّاسِى لِوَجْهَيْنِ: أحَدُهما، أنَّ النِّسْيَانَ يَكْثُرُ، ولا يُمْكِنُ التَّحَرُّز منه، بِخِلَافِ الإِكْرَاهِ. والثَّانِى، أنَّه لو نَسِىَ فَزَادَ في الصَّلَاةِ، أو نَسِىَ من (15) كلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً، لم تَفْسُدْ صَلَاتُه، ولم يَثْبُتْ مثلُ هذا في الإِكْرَاهِ. القِسْمُ الرَّابِعُ، أن يَتَكَلَّمَ بكَلَامٍ واجِبٍ، مثلَ أن يَخْشَى على صَبِىٍّ أو ضَرِيرٍ الوُقُوعَ في هَلَكَةٍ، أو يَرَى حَيَّةً ونَحْوَها تَقْصِدُ غافِلًا أو نَائِمًا، أو يَرَى نَارًا يخافُ أن تَشْتَعِلَ في شيءٍ، ونحو هذا، ولا يُمْكِنُ التَّنْبِيهُ بالتَّسْبِيحِ. فقال أصْحَابُنا: تَبْطُلُ الصَّلاةُ بهذا. وهو قولُ بعضِ (16) أصْحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لما ذَكَرْنا في كَلَامِ المُكْرَهِ. ويَحْتمِلُ أن لا تَبْطُلَ الصَّلاةُ به. وهو ظاهِرُ قَوْلِ أحمدَ، رحمه الله؛ فإنَّه قال في قِصَّةِ (17) ذِى
(14) تقدم في 1/ 146.
(15)
في أ، م:"في".
(16)
سقط من: الأصل.
(17)
في الأصل: "قضية".