الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: كان خِيارُنا يقرأون في المصاحفِ. ورُوِىَ ذلك عن عَطاء، ويحيى الأنْصارِىِّ، وعن الحسن، وابنِ سِيرِينَ، في التَّطوُّعِ. ورُوِيتْ كَراهةُ ذلك عن سعيد بن المُسَيَّب، والحسن، ومُجاهد، وإبراهيم، وسليمان بن حَنْظَلةَ، والرَّبِيع. وقال سعيد، والحسنُ: تُرَدِّدُ ما معك من القرآنِ، ولا تقرأُ في المصحفِ. وذلك لأنَّه يشْغَلُ عن الخُشوعِ في الصَّلاةِ، والنَّظرِ إلى موضع الثُّبوتِ. وكُرهَ في الفَرْضِ علَى الإِطْلاقِ؛ لأن العادةَ عدمُ الحاجةِ إليها فيه. وقال أبو حنيفةَ: تَبْطُلُ الصَّلاةُ إذا لم يكنْ حافظًا؛ لأنَّه عملٌ طويلٌ. ورُوِىَ عن ابن عبَّاسٍ، قال: نهانا أميرُ المؤمنين أنْ نَؤُمَّ النَّاسَ في المصاحفِ. وأن يَؤُمَّنا إلَّا مُحْتَلِمٌ. رواه ابنُ أبي داودَ في كتاب "المصاحف"(40). ولَنا، أنَّ عائشةَ كان يؤُمُّها عبدٌ لها في المصحفِ. رواه الأثْرَمُ، وابن أبي داود (41)، وقَوْلُ الزُّهْرِىِّ: كان خِيارُنا يفعلونَه، ولأنَّه نظرٌ إلى موضعٍ مُعَيَّنٍ، فلم تَبْطُلِ الصلاةُ به، كما لو كان حافظا، وكالنَّظَرِ إلى القلمِ. ولم يُكْرَهْ في قيامِ رمضانَ إذا لم يكنْ حافظًا؛ للحاجةِ إلى سماعِ القرآن، وتَعَذُّرِه بدونه، وكُرِه في الفَرْضِ في حقِّ الحافظِ، لما فيه من الاشْتغالِ عن الخُشوعِ في الصلاةِ، مع الغِنَى عنه.
189 - مسألة؛ قال: (وَلَا يزيد عَلَى قِرَاءَةِ أُمِّ الكِتَابِ في الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وعِشَاءِ الآخِرَةِ والرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ مِنَ المَغْرِبِ)
[أكثرُ أهلِ العلمِ يَرَوْنَ أنْ لا تُسَنَّ الزِّيادَةُ على فاتحةِ الكتابِ في غير الركعتينِ الأولَيَيْنِ](1)، قالَ ابْنُ سِيرِينَ: لا أعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ في (2) أنَّه يَقْرَأُ في الرَّكْعتينِ الأُولَيَيْنِ
= متصل، واختصت الكراهة بمن يحفظ؛ لأنه يشتغل بذلك عن الخشوع في الصلاة والنظر إلى موضع السجود لغير حاجة. وكره في الفرض على الإطلاق؛ لأن العادة أنه لا يحتاج إلى ذلك فيها، وأبيحت في غير هذين الموضعين، لموضع الحاجة إلى سماع القرآن، والقيام به. واللَّه أعلم".
(40)
صفحة 189.
(41)
في كتاب المصاحف 192.
(1)
في م: "وجملة ذلك أنه لا تسن زيادة القراءة على أم الكتاب في الركعتين غير الأوليين".
(2)
سقط من: م.
بفاتحَةِ الكتابِ وسورةٍ، وفى الأُخْرَيَيْنِ بفاتحةِ الكتابِ. ورُوِىَ ذلكَ عن ابنِ مسعودٍ، وأبى الدَّرْدَاءِ، وجابرٍ، وأبى هُرَيْرةَ، وعائشة [وبه قال مالك، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وهو أحد قَوْلَىِ الشَّافِعىّ، وقال في الآخَرِ: يقرَأُ بسورةٍ مع الفاتحةِ في الأُخْريَيْن](3)؛ لِما رَوَى الصُّنَابِحِىُّ (4)، قال: صَلَّيْتُ خلفَ أبى بكرٍ الصِّدِّيقِ المغربَ، فدَنَوْتُ منهُ حتى إنَّ ثِيَابِى تكادُ تَمَسُّ ثيابَهُ، فقرأ في الرَّكْعةِ الأخِيرَةِ بِأُمِّ الكِتَابِ، وهذه الآيَةِ {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا} (5). ولَنا: حديثُ أبى قَتادةَ (6)، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يقْرأُ في الظُّهْرِ في الرَّكْعتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بأُمِّ الكتابِ وسُورتَيْنِ، وفى الرَّكْعتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأمِّ الكتابِ، ويُسْمِعُنَا الآيَةَ أحْيَانًا (7). وكتبَ عمرُ إلى شُرَيْح: أنِ اقْرَأْ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ وسورةً، وفى الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ (8). وما فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ رحمه الله إنَّمَا قَصَدَ بِهِ الدُّعاءَ، لا القراءَةَ. [ولو قَصَد به القراءةَ لَكان الاقْتداءُ بالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى، مع أن قَوْلَ عمرَ وغيرِه من الصَّحابةِ بخلافِه](9).
(3) في م: "رواه إسماعيل بن سعيد الشالنجى عنهم بإسناده، إلا حديث جابر، فرواه أحمد، وهو قول مالك وأبى حنيفة، واختلف قول الشافعي، فمرة قال كذلك، ومرة قال: يقرأ بسورة مع الفاتحة في كل ركعة، وروى ذلك عن ابن عمر".
وحديث جابر، نقول: هو جابر بن سمرة. انظر: الفتح الربانى 3/ 209، 210.
(4)
أبو عبد اللَّه عبد الرحمن بن عُسَيْلة بن عسل الصُّنَابِحِىّ، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد مات قبله بخمس ليال أو ست، وكان ثقة، قليل الحديث، توفي ما بين السبعين والثمانين. تهذيب التهذيب 6/ 229، 230.
(5)
سورة آل عمران 8.
(6)
تقدم تخريجه في صفحة 150.
(7)
سقط من: م.
(8)
في الأصل: "القرآن".
(9)
في م: "ليكون موافقا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وبقية أصحابه، ولو قدر أنه قصد بذلك القراءة فليس بموجب ترك حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ثم قد ذكرنا مذهب عمر وغيره من الصحابة بخلاف هذا".