الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلاةَ، وكان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى في مَرَابِض الغنَم. مُتَّفَقٌ عليه (17). وقال:"صَلُّوا في مَرَابِض الغَنَمِ". مُتَّفَقٌ عليه (18). وهو إجْمَاعٌ، كما ذَكَرَ ابنُ المُنْذِرِ، وصَلَّى أبو موسى في مَوْضِعٍ فيه أبْعَارُ الغَنَمِ. فقِيلَ له: لو تَقَدَّمْتَ إلى ههُنا؟ فقال: هذا وذاك واحِدٌ. ولم يكن للنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِه ما يُصَلُّونَ عليه من الأوْطِئَةِ والمُصَلِّيَاتِ، وإنما كانوا يُصَلُّونَ على الأرْضِ، ومَرَابِضُ الغَنَمِ لا تَخْلُو من أبعارِها وأبْوالِها، فدَلَّ على أنَّهم كانوا يُبَاشِرُونَها في صَلاتِهِم، ولأنَّه مُتَحَلِّلٌ (19) مُعْتَادٌ من حَيَوانٍ يُؤْكَلُ لَحْمُه، فكان طاهِرًا كاللَّبَنِ، وذَرْقِ الطَّائِرِ عندَ مَن سَلَّمهَ، ولأنَّه لو كان نَجِسًا لَتَنَجَّسَتِ الحُبُوبُ التي تَدُوسُها البَقَرُ، فإنَّها لا تَسْلَمُ من أبْوَالِها، فيَتَنَجَّسُ بعضُها، ويَخْتَلِطُ النَّجِسُ بالطَّاهِرِ، فيصيرُ حُكْمُ الجَمِيعِ حُكْمَ النَّجِسِ.
فصل:
فأمَّا الخارِجُ من غيرِ السَّبِيلَيْنِ، فالحَيَوانَاتُ فيه أرْبَعَةُ أقْسامٍ: أحَدُها: الآدَمِىُّ، فالخارجُ منه نَوْعانِ، طاهِرٌ، وهو رِيقُه ودَمْعُه وعَرَقُه ومُخَاطُه ونُخَامَتُه،
= 2/ 443، 444، والترمذي، في: باب ما جاء في شرب أبوال الإبل، من أبواب الأطعمة، وفى الباب نفسه، من أبواب الطب. عارضة الأحوذى 8/ 35، 197. والنسائي، في: باب بول ما يؤكل لحمه، من كتاب الطهارة، وفى: باب تأويل قول اللَّه عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وباب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حميد، وباب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف. . . إلخ، من كتاب تحريم الدم. المجتبى 1/ 129 - 131، 7/ 86 - 92. وابن ماجه، في: باب من حارب وسعى في الأرض فسادا، من كتاب الحدود، وفى: باب أبوال الابل، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 861، 1158. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 107، 163، 170، 177، 186، 198، 205، 233، 287، 290.
(17)
أخرجه البخاري، في: باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، من كتاب الوضوء، وفى: باب هل تنبش قبور مشركى الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، وباب الصلاة في مرابض الغنم، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 68، 117. ومسلم، في: باب ابتناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 373، 374. كما أخرجه أبو داود، في: باب في بناء المساجد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 107. والترمذي، في: باب ما جاء في الصلاة في مرابض الغنم وأعطان الابل، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 146. والنسائي، فى: باب نبش القبور واتخاذ أرضها مسجدا، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 32. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 123، 131، 194، 212، 244.
(18)
تقدم في صفحة 469.
(19)
في الأصل: "متخلل".
فإنَّه جاءَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في يَوْمِ الحُدَيْبِيَةِ، أنَّه ما تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلّا وَقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهم، فَدَلَكَ بها وَجْهَهُ. رَوَاه البُخارِىُّ (20). ولولا طهارتُها لم يفْعلُوا ذلك، وفى حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَىَ نُخَامَةً في قِبْلَةِ المَسْجدِ، فأقْبَلَ على النَّاسِ، فقال:"مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ يَسْتَقْبِل رَبَّه، فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ! أَيُحِبُّ أنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ في وَجْهِه؟ فإذا تَنَخَّعَ أَحَدُكُم فَلْيَتَنخَّع عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإنْ لمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هكَذَا". وَوَصَفَ القاسِمُ: فَتَفَلَ في ثَوْبِه، ثم مَسَحَ بَعْضَه ببَعْضٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (21). ولو كانت نَجِسَةً لَما أمَرَ بِمَسْحِها في ثَوْبِه وهو في الصَّلاةِ، ولا تَحْتَ قَدَمِه. ولا فَرْقَ بين ما يَخْرُجُ من الرَّأْسِ والبَلْغَمِ الخَارِجِ من الصَّدْرِ. ذَكَرَه القاضي. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ. وقال أبو الخطَّابِ: البَلْغَمُ نَجِسٌ؛ لأنَّه طَعَامٌ اسْتَحَالَ في (22) المَعِدَةِ، أشْبَهَ القَىْءَ. ولَنا، أنَّه دَاخِلٌ في عُمُومِ الخَبَريْنِ، ولأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ النُّخَامَةِ، أَشْبَهَ الآخَرَ، ولأنَّه لو كان نَجِسًا نَجِسَ به الفَمُ، ونَقَض الوُضُوءَ، ولم يَبْلُغْنَا عن الصَّحابةِ رَضِىَ اللهُ عنهم، مع عُمُومِ البَلْوَى به، شيءٌ من ذلك. وقَوْلُهم: إنَّه طَعَامٌ مُسْتَحِيلٌ في المَعِدَةِ. غير مُسَلَّمٍ، إنَّما هو مُنْعَقِدٌ من الأبْخِرَةِ، فهو كالنَّازِلِ من الرَّأْسِ، وكالمُخَاطِ، ولأنَّه يَشُقُّ التَّحَرُّزُ منه، أشْبَهَ المُخَاطَ. النَّوْعُ الثَّانى: نَجِسٌ، وهو الدَّمُ وما تَوَلَّدَ منه من القيْحِ والصَّدِيدِ، وما يَخْرُجُ من المَعِدَةِ من القَىْءِ والقَلْسِ، فهذا نَجِسٌ، وقد تَقَدَّمَ بَيانُ حُكْمِهِ. القِسْمُ الثَّانِى: ما أُكِلَ لَحْمُه، فالخَارِجُ منه ثلاثةُ أنْوَاعٍ: أحَدُها، نَجِسٌ، وهو الدَّمُ، وما تَوَلَّدَ منه. الثَّانِى، طَاهِرٌ، وهو الرِّيقُ والدَّمْعُ والعَرَقُ واللَّبَنُ. فهذا لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. الثَّالِثُ، القَىْءُ، ونَحْوُه، فَحُكْمُه حُكْمُ بَوْلِه؛ لأنَّه طَعامٌ مُسْتَحِيلٌ، فأشْبَهَ
(20) في: باب البزاق والمخاط ونحوه، من كتاب الوضوء، وفى: باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، من كتاب الشروط. صحيح البخاري 1/ 69، 70، 3/ 254. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 329، 330.
(21)
تقدم في صفحة 400.
(22)
في الأصل: "من".