الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجَيْبِ (104)، وسَجْفِ الْفِرَاءِ وغيرِها؛ لأنَّه دَاخِلٌ فيما تَنَاوَلَه الحديثُ.
فصل:
(105) فإنْ لبس الحريرَ للْقَمْلِ أو الحِكَّةِ أو المرضِ يَنْفَعُهُ لُبسُ الحريرِ، جازَ، [في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ](106)؛ لأنَّ أنَسًا رَوَى، أنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ، والزُّبَيْرَ بنَ العوَّامِ، شَكَوا القَمْلَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فرخَّصَ لهمَا في قَميصِ الحريرِ في غَزَاةٍ (107) لهما، وفي روَايَةٍ: شَكَيَا إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القَمْلَ (108) فرخَّصَ لهما في قُمُصِ الحَرِيرِ، ورأَيْتُهُ عليهما. مُتَّفَقٌ عليه (109). وما ثَبَتَ في حقِّ صحابىٍّ ثَبَتَ في حَقِّ غيرِهِ، ما لم يَقُمْ دَلِيلٌ على اخْتصاصِه (110)، وغيرُ القَمْلِ الذي [ينْفَع فيه لُبْسُ](111) الحَرِيرِ في معنَاهُ. فيُقَاسُ عليه. والرِّوَايَةُ الأُخْرَى، لا يُبَاحُ لُبْسُهُ للمرَضِ؛ لاحْتِمَالِ أن تكونَ الرُّخْصَةُ خاصَّةً لهمَا، وهو قولُ مالكٍ. والأوَّلُ أصحُّ؛ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى؛ [لأنَّ تَخْصيصَ الرُّخْصةِ بهما](112) على خلافِ الأصلِ. فَأمَّا لُبْسُهُ للحربِ، فإنْ كانَ بهِ حاجَةٌ إليهِ، كَأنْ كانَ بطانَةً لبَيْضَةٍ أوْ دِرْعٍ ونحوهِ، أُبِيحَ. قالَ بعضُ أصحابِنا: يجُوزُ مِثْلُ ذلكَ مِن الذَّهَبِ؛ كدِرعٍ مُمَوَّهٍ بالذَّهَبِ، وهو لَا يَسْتَغْنِى عن لُبْسِه، وهو مُحْتَاجٌ إليه. وإنْ لم يكنْ
(104) لبنة الجيب: بنيقة القميص. وقيل: رقعة تعمل موضع جيب القميص.
(105)
سقط من: م.
(106)
سقط من: م.
(107)
في م: "غداة" تحريف.
(108)
سقط من: م.
(109)
أخرجه البخاري، في: باب الحرير في الحرب، من كتاب الجهاد، وفى: باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 4/ 50، 7/ 195. ومسلم، في: باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1646. كما أخرجه أبو داود، في: باب في لبس الحرير لعذر، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 372. والترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في لبس الحرير في الحرب، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذى 7/ 226. وابن ماجه، في: باب من رُخِّص له في لبس الحرير، من كتاب اللباس. سنن ابن ماجه 2/ 1188. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 122، 127، 180، 192، 210، 252، 255، 273.
(110)
في م: "التخصيص".
(111)
في م: "ينتفع فيه بلبس".
(112)
في م: "والتخصيص".
به حاجَةٌ إليه، فعلَى وجْهَيْنِ: أحدُهُما يُبَاحُ لأنَّ المَنْعَ من لُبْسِهِ للْخُيَلَاءِ، وكَسْرِ قُلُوبِ الفقراءِ، والخُيَلَاءُ في وقْتِ الحَرْبِ غيرُ مَذْمُومٍ [قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حين رأى بعضَ أصحابِه يمْشِى بين الصَّفَّين يخْتالُ في مِشْيتهِ:"إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ"] (113). والثانى، يَحْرُمُ؛ لعُمُومِ الخبَرِ. [وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، رحمه الله، إباحَتُهُ مُطْلَقًا، وهو قولُ عطاءٍ](114)، قال الأثْرَمُ: سِمعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْألُ عن لُبْسِ الحريرِ في الحَرْبِ؟ فقالَ: أرْجُو أن لا يكُونَ به بأْسٌ. ورَوَى الأَثْرَمُ بإسنادِهِ عن عُرْوَة، [وعَطاء، أنَّه كان لِعُرْوةَ](115) يَلْمَقُ (116) مِنْ دِيبَاجٍ، بِطانَتُهُ سُنْدُسٌ، محْشُوًّا قَزًّا، كانَ يَلْبَسُهُ في الحربِ. فأمَّا المَنْسُوجُ من الحَرِيرِ وغيرِهِ، كَثْوبٍ مَنْسُوجٍ مِن قُطْنٍ وإبْرِيسَم، أَوْ قُطْنٍ وكَتَّانٍ فالحُكْمُ لِلأغْلَبِ منْهما. واليَسِيرُ (117) مُسْتَهْلَكٌ فِيهِ، فهو كالضَّبَّةِ (118) مِن الفِضَّةِ، والعَلَمِ مِنَ الحريرِ. وقد رُوِىَ عن ابْنِ عبَّاسٍ قال: إنَّما نهى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عن الثَّوْبِ المُصْمَتِ مِن الحَرِيرِ، وأمَّا العَلَمُ، وسَدَى الثَّوْبِ، فليس بهِ بأْسٌ. رَوَاهُ الأثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ، وأبو داوُد (119). قال ابْنُ عبدِ البَرِّ: مذهبُ ابنِ عبَّاسٍ وجماعةٍ مِن أهلِ العِلْمِ، أنَّ المُحَرَّمَ الحريرُ الصَّافِى، الذي لا يُخَالِطُهُ غيرُه، فإن كان الأقلَّ الحَرِيرُ فهو مُبَاحٌ، وإنْ كانَ القُطْنُ فهو مُحَرَّمٌ. فَإِنِ اسْتَوَيَا ففى تحْرِيمِهِ وإبَاحَتِهِ وجهانِ.
(113) سقط من: م.
وأخرجه الهيثمي، عن الطبراني، في: باب في وقعة أحد، من كتاب المغازى والسير. مجمع الزوائد 6/ 109.
(114)
سقط من: الأصل.
(115)
في م: "أنه كان له".
(116)
اليلمق: القباء.
(117)
في م: "لأن الأول".
(118)
في م: "كالبيضة" تحريف.
والضبة من حديد أو صفر أو فضة يشعب بها الإناء.
(119)
في: باب الرخصة في العلم وخيط الحرير، من كتاب اللباس. سنن أبي داود 2/ 372.