الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمَّهَاتِهِ، عن أُمِّ فَرْوَةَ، قالتْ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "إنَّ أحَبَّ الأَعْمَالِ إلَى اللهِ عز وجل الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِها"(67). ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤخِّرها، وإنما أخَّرها ليلةً واحدةً، ولا يفعلُ إلَّا الأفْضَلَ. ولَنا، قولُ أبى بَرْزَةَ: إنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَحِبُّ أن يُؤَخِّرَ من العِشَاءِ التي يدْعُونَها العَتَمَةَ (68). وقولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أنْ أُشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ أنْ يُؤَخِّرُوا العِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أوْ نِصْفِهِ (69) ". وهو حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ، وأحَادِيثُهم ضعيفةٌ. أمَّا خَبَرُ:"الوَقْتُ الأَوَّلُ رِضْوَانُ اللهِ" فيَرْوِيهِ عبدُ اللهِ [بن عمرَ](70) العُمَرىّ، وهو ضَعِيفٌ (71)، وحديثُ أُمِّ فَرْوَة رُوَاتُهُ مَجَاهِيلُ، قال أحمدُ، رحمه الله: لا أعْرِفُ (72) شَيْئًا ثَبَتَ (73) في أَوْقَاتِ الصلاةِ: أَوَّلُها كذا، وأَوْسَطُها كذا، وَآخِرُهَا كذا. يَعْنِى مَغْفِرَةً ورِضْوَانًا، وقال: ليس ذا ثابِتًا. ولو ثَبَتَ فالأَخْذُ بأحادِيثنا الخَاصَّة أَوْلَى من الأَخْذِ بِالعُمُومِ، مع صِحَّةِ أخْبَارِنا، وَضَعْفِ أخْبَارِهِم.
فصل:
وإنَّما اسْتُحِبَّ (74) تَأْخِيرُهَا لِلْمُنْفَرِدِ ولجَماعةٍ (75) رَاضِينَ بالتَّأْخِيرِ؛
(67) أخرجه الدارقطني، في: باب فضل الصلاة لأول وقتها، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 247، 248. والبيهقي، في: باب الترغيب في التعجيل بالصلوات في أوائل الأوقات، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى 1/ 434.
(68)
تقدم الحديث في صفحة 32، 33.
(69)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في تأخير العشاء الآخرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 1/ 278. والنسائي، في: باب ما يستحب من تأخير العشاء، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 214. وابن ماجه، في: باب وقت صلاة العشاء، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 226. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 245. وانظر: باب السواك، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 11. وباب ما جاء في السواك، من أبواب الطهارة، من سنن الترمذي. عارضة الأحوذى 1/ 40.
(70)
سقط من: الأصل.
(71)
بَيَّن الشيخ ناصر الدين الألباني، في إرواء الغليل 1/ 287 - 290، أنه موضوع.
(72)
في م: "أعلم".
(73)
سقط من الأصل.
(74)
في م: "يستحب".
(75)
في م: "الجماعة" خطأ.
فأمَّا مع المَشَقَّةِ على المَأْمُومِينَ أو بَعْضِهِم فلا يُسْتَحَبُّ، بل يُكْرَهُ. نَصَّ عليهِ أحمدُ، رحمه الله، قال الأَثْرَمُ: قلتُ لأبِى عبدِ اللهِ: كم قدْرُ تَأْخِيرِ العِشَاءِ؟ فقال ما قَدَرَ (76) يُؤَخِّرُهَا بعد أنْ لا يَشُقَّ على المَأْمُومِينَ. وقد تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَأْخِيرَ العِشَاءِ، والأمْرَ بتَأْخِيرِهَا، كراهيَةَ المَشَقَّةِ على أُمَّتِهِ، وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ شَقَّ عَلَى أُمَّتِى شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ"(77). وإنما نُقِلَ التَّأْخِيرُ عنه مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ، ولعلهُ كان لشُغْلٍ، أو بيانِ (78) آخِرِ الوقتِ، وأما في سائِرِ أوقاتِهِ فإنَّما (79) كان يُصَلِّيها، على ما رَوَاهُ جابِر، أحيانًا وأحيانًا، إذا رَآهُمْ قد اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذا رَآهُمْ قد أبْطَأُوا أَخَّرَ (80). وعلى ما رَوَاهُ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيرٍ، أنه كان يُصَلِّى العِشَاءَ لِسُقُوطِ القمَر لثَالِثَةٍ (81). فَيُسْتَحَبُّ للإِمامِ الاقْتَدَاءُ بالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم في إحْدَى هاتَيْنِ الحالَتَيْنِ، ولا يُؤَخِّرها تأخيرًا يَشُقُّ على المَأْمُومِينَ؛ فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يأمُرُ بِالتَّخْفِيفِ، رِفْقًا بالمَأْمُومِينَ، وقال:"إنِّي لأَدْخُلُ في الصَّلَاةِ، وأنَا أرِيدُ إطَالَتَها، فأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ، فأُخَفِّفُهَا كَرَاهِيَةَ أنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ". مُتَّفَقٌ عليه (82).
(76) في م: "قد".
(77)
لم نجده بهذا اللفظ، وعن عائشة رضى اللَّه عنها، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا، فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ". أخرجه مسلم، في: باب فضيلة الإمام العادل، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم 3/ 1458. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 62، 93، 257، 258، 260.
(78)
في م: "إتيان".
(79)
في م: "فإنه".
(80)
تقدم حديث جابر، في صفحة 33.
(81)
تقدم حديث النعمان بن بشير، في صفحة 26.
(82)
أخرجه البخاري، في: باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبى، وباب انتظار الناس قيام الإمام العالم، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 181، 219. ومسلم، في: باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 343. كما أخرجه أبو داود، في: باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 182. والترمذي، في: باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأسمع بكاء الصبى في الصلاة فأخفف، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 169. والنسائي، في: باب ما على الإمام من التخفيف، من كتاب الإِمامة. وابن ماجه، في: باب الإمام يخفف الصلاة إذا حدث أمر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 316. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 305. وانظر: المسند 3/ 109، 153، 156، 182، 205، 233، 240، 257.