الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجنايات
(1)
قتل الآدمى بغير حق ذنب عظيم
(2)
وأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وتوبته مقبولة
(3)
(1)
(الجنايات) جمع جناية، وهي لغة التعدى على بدن أو مال، وشرعًا التعدى على الأبدان بما يوجب قصاصًا أو غيره.
(2)
(عظيم) وفاعله فاسق لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية وقوله عليه الصلاة والسلام "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" متفق عليه.
(3)
(مقبولة) لعموم الأدلة، وقاله أكثر أهل العلم وحجتهم قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ} به - إلى قوله - لِمَنْ يَشَاءُ}.
ولا يسقط حق المقتول في الآخرة بمجرد التوبة
(1)
فإن اقتص من القاتل أو عفا عنه فهل يطالبه في الآخرة؟ على وجهين
(2)
. وتجب دية المقتول في تركته. والعيان الذي يقتل بعينه ينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبًا
(3)
وإن أمسك إنسانًا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين
(4)
والرواية الثانية يقتل أيضًا
(5)
وإن شهد اثنان فأكثر على شخص يقتل عمدًا
(1)
(التوبة) قال الشيخ: فعلى هذا يأخذ المقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته.
(2)
(على وجهين) أحدهما يطالبه، قال القاضي عياض وحديث صاحب النسمة وهو حديث صحيح مشهور فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما تريد أن تبوء بإثمك وإثم صاحبك" وجاء في الحديث الآخر فهو كفارة له أي لحق الله قال في النهاية في باب النون مع السين بالكسر سير مضفور يجعل زمامًا للبعير وغيره قد ينسج عريضة يجعل على صدر البعير.
(3)
(غالبًا) قاله ابن نصر الله في حواشي الفروع فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص، وإن فعل ذلك بغير قصد الجناية فيتوجه أنه خطأ يجب فيه ما يجب في قتل الخطأ وكذا ما أتلفه بعينه يتوجه فيه القول بضمانه، قال ابن القيم في شرح منازل السائرين: إن كان ذلك بعير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه وعليه الدية، وإن عمد ذلك وقدر علي رده وعلم أنه يقتل ساغ للوالي أن يقتله بمثل ما قتل به فيعينه إن شاء كما عان هو المقتول، وأما قتله قصاصًا بالسيف فلا لأنه غير مماثل للجانية، والعين نظر باستحسان مشوب بحسد من حيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر، قال بعضهم وإنما يحصل ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون.
(4)
(في إحدى الروايتين) هذا المذهب وبه قال عطاء وربيعة وروي ذلك عن علي لما روى الدارقطني عن ابن عمر "إذا أمسك الرجل وقتله آخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك "ومقتضى كلام المصنف أنه يطعم ويسقى" وفي المبدع يحبس عن الطعام والشراب حتى يموت.
(5)
(يقتل أيضًا) اختارها أبو محمد الجوزي وبه قال مالك، وقال سليمان بن موسى الإِجماع فينا أن يقتلا لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر يعاقب ويأثم ولا يقتل فعلى المذهب لو قتل الولي الممسك فقال القاضي عليه القصاص، ومفهوم كلام المجد سقوط القصاص بشبهة الخلاف وتابعه الشارح.
وأربعة فأكثر بزنا محصن ونحو ذلك مما يوجب القتل فقتل بشهادتهم ثم رجعوا واعترفوا بتعمد القتل فعليهم القصاص
(1)
وكذا الحاكم إذا حكم على شخص بالقتل عالمًا بذلك فعليه القصاص، وإن أقر الشاهدان والولى والحاكم
جميعًا بذلك فعلى الولي القصاص وحده
(2)
فيختص به مباشر للقتل عالم بأنه ظلم ثم الولي ثم بينة وحاكم علموا
(3)
واختار الشيخ أن الدال يلزمه القود إن تعمد وإلا فالدية.
(فصل) وشبه العمد
(4)
أن يقصد الجناية إما لقصد العدوان عليه أو التأديب له فيسرف فيه بما لا يقتل غالبًا ولم يجرحه بها فلا قود فيه
(5)
إن مات وفيه الكفارة في مال جان والدية على
(1)
(القصاص) لقول علي: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وغرمهما دية يده.
(2)
(القصاص وحده) لأنه باشر القتل عمدًا عدوانًا، قال في الشرح: ينبغى أن لا يجب على غيره شيء لأنهم متسببون، والمباشرة تبطل حكم التسبب كالدافع مع الحافز، ومتى لزمت الدية الحاكم والبينة فهي بينهم سواء على الحاكم مثل واحد منهم.
(3)
(علموا) وبهذا قال الشافعي، وروى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي كرم الله وجهه على رجل فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال على: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وغرمهما دية يده.
(4)
(شبه العمد) وسمى خطأ العمد وعمد الخطأ لإِجتماعهما فيه لأنه عمد الفعل وخطأ القتل.
(5)
(فلا قود فيه) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا قال "عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه" رواه أحمد وأبو داود.
عاقلته
(1)
وإمساك الحية جناية فلو قتلت ممسكها فقاتل نفسه، ومع الظن فشبه عمد
(2)
.
(فصل) ومن الخطأ أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيًا فيتبين مسلمًا أو يرمى إلى صف الكفار فيصيب مسلمًا أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة
(3)
بلا دية، قال الشيخ: هذا في المسلم الذي بين الكفار معذورًا
(4)
وفي قتل الكافر الذي له عهد دية وكفارة
(5)
.
(فصل) تقتل الجماعة بالواحد إذا كان فعل كل واحد منهم صالحًا للقتل
(6)
وإلا فلا
(7)
ما لم يتواطئوا
(1)
(على عاقلته) لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الهذليتين "دية المرأة على عاقلتها" متفق عليه.
(2)
(فشبه عمد) ونظير ذلك ما يقتل غالبًا من المشى في الهواء على الحبال في المواضع البعيدة مما يفعله أرباب البطالة والشطارة، ويحرم إعانتهم على ذلك وإقرارهم عليه، قاله في شرح الإِقناع.
(3)
(فيه الكفارة) روي عن ابن عباس لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .
(4)
(معذورًا) كالأسير والمسلم الذي لا يمكنه الهجرة والخروج من صفهم، فأما الذي يقف في صف قتالهم باختياره فلا يضمن بحال.
(5)
(كفارة) لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .
(6)
(للقتل) به لو انفرد به لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} الآية فلو لم يشرع القصاص في الجماعة بالواحد بطلت مشروعية القصاص؛ ولإِجماع الصحابة، وروي ابن المسيب أن عمر قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلًا.
(7)
(وإلا فلا) أي وإن لم يصلح فعل كل واحد من الجماعة للقتل كما لو ضربة كل واحد بحجر صغير فمات ما لم يتواطنوا.
على ذلك.
(فصل) وإذا اشترك عامد وخاطيء في قتل شخص مسلم معصوم الدم فلا قصاص على العامد
(1)
وعلى شريك الخاطيء نصف الدية في ماله دون عاقلته، وإذا اشترك في القتل صبي ومجنون وبالغ فلا قصاص على البالغ
(2)
ولا على شريك السبع وشريك نفسه في أحد الوجهين
(3)
ولو جرحه إنسان عمدًا فداوى جرحه بسم قاتل فقد قتل نفسه بعد أن جرح، وينظر في الجرح فإن كان موجبًا للقصاص فلوليه استيفاؤه وإلا فله الأرش، وإن كان لا يقتل غالبًا أو خاطه في اللحم الحي فمات فلا قود، وإذا لم يجب القصاص فعلى الجارح نصف الدية
(4)
.
(1)
(على العامد) في إحدى الروايتين وهو المذهب وبه قال أكثر العلماء، لأنه يتمحض عمدًا، وعن أحمد يقتص مطلقًا.
(2)
(البالغ) على الصحيح من المذهب وبه قال الحسن والأوزاعي وإسحق وأبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قول الشافعي، وعن أحمد رواية أخرى أن القود يجب على البالغ حكاه ابن المنذر وحكى ذلك عن مالك وهو القول الثاني للشافعي، وروي عن قتادة والزهري وحماد.
(3)
(في أحد الوجهين) وهو المذهب وبه قال أصحاب الرأي، فعلى هذا يجب نصف الدية عليه في ماله على الصحيح من المذهب.
(4)
(نصف الدية) لأن فعده في نفسه عمد خطأ والحكم في شريكه كالحكم في شريك الخاطئ.