المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صفة الحج والعمرة - الزوائد على زاد المستقنع - آل حسين - الكتاب

[محمد بن عبد الله آل حسين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب(1)الطهارة

- ‌باب الآنية

- ‌زوائد باب الاستطابة وآداب التخلى

- ‌باب السواك وغيره

- ‌باب الوضوء

- ‌باب مسح الخفين(2)وسائر الحوائل

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل(3)وما يسن له

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة الحكمية

- ‌باب الحيض(3)والاستحاضة والنفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإِقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة، وهو الشرط السادس

- ‌باب اجتناب النجاسة ومواضع الصلاة

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية(5)وهو الشرط التاسع

- ‌باب آداب المشي إلى الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة وبيان ما يكره فيها وأركانها وواجباتها وسننها وما يتعلق بذلك

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الذهب والفضة(1)وحكم التحلي

- ‌باب زكاة عروض التجارة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب ما يفسد الصوم(2)ويوجب الكفارة

- ‌باب ما يكره في الصوم وما يستحب، وحكم القضاء

- ‌باب صوم التطوع وما يكره منه، وذكر ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف(3)وأحكام المساجد

- ‌كتاب مناسك الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإِحرام والتلبية وما يتعلق بهما

- ‌باب محظورات الإِحرام

- ‌باب الفدية

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب صيد الحرمين ونباتهما

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب ما يلزم الإِمام والجيش

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌باب الفئ

- ‌باب الأمان(1)وهو ضد الخوف

- ‌باب الهدنة

- ‌باب عقد الذمة

- ‌باب أحكام الذمة في ما لهم وعليهم

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار في البيع والتصرف في المبيع قبل قبضه والإِقالة

- ‌باب الربا(4)والصرف وتحريم الحيل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌باب السلم(2)والتصرف في الدين

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان(1)والكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌باب الحجر

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الشركة

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإِجارة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصى له

- ‌باب الموصى به

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصى إليه

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب قسمة التركات

- ‌باب المفقود

- ‌كتاب العتق

- ‌باب التدبير، وهو تعليق العتق بالموت

- ‌باب الكتابة

- ‌باب الولاء

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أركان النكاح(2)وشروطه

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌باب العيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌باب الصداق

- ‌باب الوليمة وآداب الأكل

- ‌باب عشرة النساء والقسم والنشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب طلاق السنة والبدعة

- ‌باب صريح الطلاق وكنايته

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌باب الاستثناء في الطلاق

- ‌باب الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌كتاب الإِيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب اللعان(1)أو ما يلحق من النسب

- ‌كتاب العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة

- ‌باب كفارة القتل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوى(5)والبينات

- ‌باب تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب من تقبل شهادتهم

- ‌باب موانع الشهادة

- ‌باب ذكر أقسام المشهود به وذكر عدد شهوده

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإِقرار

- ‌باب ما يحصل به الإِقرار

- ‌باب الحكم إذا وصل بإقراره ما يغيره

- ‌باب الإِقرار بالمجمل

الفصل: ‌باب صفة الحج والعمرة

قصر من جميع شعره وقد حل

(1)

ولا يسن تأخير التحلل

(2)

فإن ترك التقصير أو الحلق فعليه دم، فإن وطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة

(3)

وإن كان معه هدى أدخل الحج على العمرة، وليس له أن يتحلل ولا يحلق حتى يحج ويحل منهما يوم النحر

(4)

وإن كان معتمرًا غير متمتع فإنه يحل ولو كان معه هدى في أشهر الحج

(5)

وغيرها، وإن كان حاجًا بقى على إحرامه حتى

يتحلل يوم النحر.

‌باب صفة الحج والعمرة

(6)

(1)

(وقد حل) فيستبيح جميع محظورات الإحرام، والأفضل هنا التقصير ليتوفر الحلق للحج.

(2)

(تأخير التحلل) لحديث ابن عمر قال "تمتع الناس مع رسول الله بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال: من كان معه هدي فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضى حجه، ومن لم يكن معه هدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل" متفق عليه.

(3)

(وعمرته صحيحة) وبهذا قال مالك وأصحاب الرأي، وحكى عن أصحاب الشافعى أن عمرته تفسد لأنه وطئ قبل حله من عمرته، ولنا ما روى عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة معتمرة وقع عليها زوجها قبل أن تقصر قال: من ترك من مناسكه شيئًا أو نسيه فليهرق دمًا. قيل إنها موسرة. قال فلتنحر ناقة، ولأن التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بالوطء كالرمي بالحج.

(4)

(يوم النحر) لحديث، حفصة "قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت؟ قال: لبدت رأسى وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر" متفق عليه.

(5)

(في أشهر الحج) لم يقصد الحج من عامه أو في غيرها ولو قصده في عامه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعض عمره في ذي القعدة وكان يحل منها.

(6)

(صفة الحج والعمرة) فنذكر من حديث جابر ما يناسب ذلك، قال "فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، فسار رسول الله

صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له. فأتى بطن الوادي فخطب الناس" إلى أن قال "ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه" واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة، كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان واحد وإقامة. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه كبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، إلى أن قال "احتى أتى بطن وادى محسر فحرك قليلًا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصا الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه" ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بنى عبد المطلب، يسقون على زمزم فقال: انزعوا بنى عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم. فناوله دلوًا فشرب منه" رواه مسلم.

ص: 305

يستحب للمتمتع الذي حل وغيره من المحلين بمكة الإحرام بالحج يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة من مكة، والأفضل أن يحرم منها، ومن أيها أحرم جاز، وإن أحرم خارجًا منها من الحرم جاز، ويصح ويجوز أن يحرم من خارج الحرم

(1)

ويستحب أن يفعل عند إحرامه ما يفعله عند إحرامه من الميقات من غسل وغيره، ثم يطوف أسبوعًا ويصلى ركعتين ثم يحرم بالحج ولا يطوف بعد لوداع البيت فيصلى الظهر بمنى مع الإمام، وليس ذلك بواجب بل سنة لفعل عائشة وابن الزبير، ولو

صادف يوم الجمعة ممن تجب عليه وزالت وهو بمكة فلا يخرج حتى يصليها، فإن خرج الامام أصر من يصلى بالناس

(1)

(الحرم) في إحدى الروايتين، وهو الصحيح ولا دم عليه نقله الأثرم وابن منصور ونصره القاضي وأصحابه.

ص: 306

ويخطب الإمام أو نائبه بنمرة إذا زالت الشمس استحبابًا خطبة واحدة يقصرها

(1)

يفتتحها بالتكبير يعلم الناس فيها مناسكهم من الوقوف ووقته والدفع من عرفات والمبيت بمزدلفة وغير ذلك، فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جمعًا إن جاز له بأذان وإقامتين، وإن لم يؤذن للصلاة فلا بأس لأن كلًا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا يجمع غيره ولو منفردا، ثم يأتى موقف عرفة ويغتسل له استحبابًا، وحد عرفات من الجبل المشرف على عرفة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بنى عامر، ولا يشرع صعود جبل الرحمة، ويقف مستقبل القبلة راكبًا بخلاف سائر المناسك والعبادات فراجلًا

(2)

ويكثر من الدعاء ومن قول "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير. اللهم اجعل في قلبي نورًا وفى بصرى نورًا ويسر لي أمري"

(3)

ويدعو بما أحب. ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة

(4)

واختار

الشيخ وغيره وحكى ابن عبد البر إجماعًا من الزوال

(5)

ويستحب أن

(1)

(يقصرها) لقول سالم للحجاج بن يوسف يوم عرفة: إن كنت تريد أن تصيب السنة فقصر الخطبة وعجل الصلاة، فقال ابن عمر: صدق. رواه البخاري.

(2)

(فراجلًا) قيل: إن الحسن بن علي حج خمسة عشر حجة ماشيًا، وقيل خمسًا وعشرين والنجائب تقاد معه.

(3)

{وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} لما روى عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكثر دعاء الأنبياء قبلي ودعائى عشية عرفة" فذكر قريبًا منه.

(4)

(يوم عرفة) لحديث عروة بن مضرس الطائى "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله، إنى جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه" قال الترمذي حديث حسن صحيح، وهذا يؤذن بأن ما قبل الزوال من يوم عرفة وقت للوقوف كما بعد الزوال.

(5)

(من الزوال) وهو قول مالك والشافعى وأكثر الفقهاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقف بعد الزول.

ص: 307

يقف طاهرًا من الحدثين، ويصح وقوف الحائض، ووقفت عائشة رضى الله عنها حائضًا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يشترط ستارة ولا استقبال ولا نية

(1)

وإن خاف فوت الوقوف صلى صلاة خائف إن رجا إدراكه، ووقفة يوم الجمعة في آخر يومها ساعة الاجابة، فإذا اجتمع فضل يوم الجمعة ويوم عرفة كان لها مزية على سائر الأيام

(2)

قال ابن القيم في الهدى: وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين فباطل لا أصل له.

(فصل) ويلبى في طريقه بين عرفة ومزدلفة ويذكر الله تعالى، فإذا وصل مزدلفة صلى المغرب والعشاء جمعًا قبل حط رحله بإقامة لكل صلاة بلا أذان

(3)

، وإن أذن للأولى فقط فحسن

(4)

، ولا يتطوع بينهما

(5)

فإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأته. وحد المزدلفة ما بين المأزمين ووادي محسر، ويدعو عند المشعر: يحمد الله

ويهلله ويكبره ويقول: "اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغقر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ

(1)

(ولا نية) فإن مر بها مجتازًا فلم يعلم أنها عرفة أجزأه وبه قال مالك والشافعى وأبو حنيفة لعموم قوله "وقد أتى عرفة ليلًا أو نهارًا".

(2)

(مزية على سائر الأيام) وحجة النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع كانت يوم الجمعة، ولهذا اشتهرت بالحج الأكبر.

(3)

(بلا أذان) هذا اختيار الخرقي قال ابن المنذر: هو رواية أسامة، وهو أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم. وظاهر كلام الأكثرين يؤذن للأولى.

(4)

(فحسن) لحديث مسلم عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع، فصلى المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة.

(5)

(ولا يتطوع بينهما) لقول أمامة وابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما" لكن لا يبطل جمع التأخير بالتطوع بين المجموعتين بخلاف جمع التقديم.

ص: 308

الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الآية إلى أن يسفر جدًّا

(1)

ولا بأس بتقديم الضعفة والنساء بعد نصف الليل

(2)

ويكون ملبيًا إلى جمرة العقبة، ومن حيث أخذ الحصى جاز، ويكره تكسيره، ويجزى نجس مع الكراهة فإن غسله زالت. وأول ما يبدأ به الرمى راكبًا أو ماشيًا لأنه تحية منى بعد طلوع الشمس ندبًا، فإن رمى بعد نصف ليلة النحر أجزأه

(3)

وإن غربت الشمس رمى الجمرة فبعد الزوار عن الغد

(4)

فإن رماها دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن واحدة ويؤدب نصًّا

(5)

وشترط علمه بحصولها في المرمى

(6)

وفي سائر الرميات، ولا يجزى وضعها بل طرحها ولو أصابت مكانً صلبًا في غير المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو أصابت ثوب إنسان ثم طارت فوقعت في المرمى أجزأته، وكذا لو نفضها عن وقعت على ثوبه فوقعت في المرمى نصًّا، وقال ابن عقيل: لا يجزيه لأن حصولها في المرمى بفعل الثاني، قال في الفروع: وهو

أظهر، قال في الإنصاف وهو الصواب، وهو كما قال، والمرمى مجتمع الحصى كما قال الشافعى لا نفس الشاخص ولا مسيله ويقول: "اللهم اجعله حجا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وعملًا مشكورًا

(7)

وله رميها من فوقها

(8)

ولا يقف عندها بل يرميها وهو ماش

(9)

فإن رمى بغير الحصى ولو طينا أو بحجر رمى به لم يجزئه، فإن لم يكن معه

(1)

(إلى أن يسفر جدًّا) لما في حديث جابر "فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا" وبه قال الشافعى وأصحاب الرأي، وكان مالك يرى الدفع قبل الإسفار.

(2)

(بعد نصف الليل) من مزدلفة إلى منى، لحديث ابن عباس قال "كنت فيمن قدم النبي صلى الله عليه وسلم في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى" متفق عليه.

(3)

(أجزأه) لأن أم سلمة رمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، رواه أبو داود.

(4)

(من الغد) لقول ابن عمر "من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرمى حتى تزول الشمس من الغد" وبه قال أبو حنيفة وإسحق، وقال الشافعى ومحمد بن يوسف وابن المنذر: يرمي ليلًا، لقوله عليه الصلاة والسلام "ارم ولا حرج" ولنا حديث ابن عمر، وقال مالك: يرمي ليلًا وعليه دم، وقال مرة: ولا دم عليه.

(5)

(ويؤدب نصا) لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى سبع رميات وقالا خذوا عنى مناسككم".

(6)

(بحصولها في المرمى) لأن الأصل بقاء الرمي في ذمته فلا يزول عنه بالظن ولا بالشك.

(7)

(وعملًا مشكورًا) لحديث ابن عمر مرفوعًا رواه حنبل، وكذا كان ابن عباس يقوله، مبرورًا أي مقبولًا.

(8)

(من فوقها) أي جمرة العقبة لأن ابن عمر جاء والزحام عندها فرماها من فوقها، والأول أفضل.

(9)

(وهو ماش) لقول ابن عمر وابن عباس "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف" رواه ابن ماجة "وروى البخاري معناه".

ص: 309

هدي وعليه هدي واجب اشتراه، وإن أحب أن يضحي اشترى ما يضحي به ثم حلق رأسه

(1)

ويبدأ بأيمنه

(2)

وإن قصر فمن جميع شعر رأسه لا من كل شعرة بعينها

(3)

ويسن أخذ أظفاره وشاربه ونحوه

(4)

ومن عدم الشعر استحب أن يمر الموصى على رأسه

(5)

ثم قد حل له كل شئ إلا النساء

(6)

.

(فصل) ويحصل التحلل الأول باثنين من ثلاثة: رمى. وحلق أو تقصير، وطواف إفاضة

(7)

والثاني بالثالث منها فالحلق أو التقصير نسك

(8)

وإن أخره عن أيام منى فلا دم عليه

(9)

وعنه أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور لاشئ في تركه

(10)

وإن قدم الحلق على الرمى أو النحر أو طاف للزيارة أو نحر قبل

(1)

(ثم حلق رأسه) لحديث ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع" متفق عليه.

(2)

(ويبدأ بأيمنه) أي بشق رأسه الأيمن لحديث أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى وأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر. ثم جعل يعطيه الناس" رواه مسلم.

(3)

(بعينها) نص عليه، لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه. والأصل في ذلك قوله تعالى:{مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} .

(4)

(وشاربه ونحوه) قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه قلم أظافره. وكان ابن عمر يأخذ شاربه وأظفاره.

(5)

(يمر الموسى على رأسه) وروى عن ابن عمر، ولا يجب، خلافًا لأبي حنيفة.

(6)

(إلا النساء) نص عليه في رواية الجماعة من الوطء ودواعيه لحديث عائشة مرفوعًا قال: إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب كل شيء إلا النساء" رواه سعيد، وقالت عائشة "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت متفق عليه.

(7)

(وطواف إفاضة) فلو حلق وأفاض ثم واقع أهله قبل الرمي فحجه صحيح وعليه دم، وتقدم حديث عائشة.

(8)

(أو التقصير نسك) هذا المذهب وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعى لقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} الآية. فوصفهم وامتن عليهم بذلك فدل على أنه من العبادة، وحديث عائشة وفيه "وحلقتم".

(9)

(فلا دم عليه) هذا إحدى الروايتين لأنه لآخر لوقته لكن يكره.

(10)

(لا شيء في تركه) كسائر محظورات الإحرام كان محرمًا عليه فأطلق فيه كاللباس، فعلى هذه الرواية يحصل التحلل بدونه بالرمي وحده كطريقة المقنع لحديث أبى موسى "أمرني فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قال لي حل" متفق عليه والأول أصح.

ص: 310

رميه ولو عالما فلا شئ عليه.

(فصل) ثم يفيض إلى مكة فيطوف متمتع طواف الزيارة ويسعى بين الصفا والمروة وكذا مفرد وقارن لم يسعيا مع طواف القدوم، وعنه يطوف متمتع لقدومه بلا رمل ومفرد وقارن برمل إن لم يكونا دخلا مكة قبل يوم النحر وطافا للقدوم نصًّا

(1)

واختار

الشيخ والموفق الأول، ورد الموفق الثاني وقال: لا نعلم أحدًا وافق أبا عبد الله على ذلك بل المشروع طواف واحد للزيارة

(2)

قال ابن رجب: وهو الأصح، ويعينه بنيته بعد وقوفه بعرفة وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج

(3)

فإن رجع إلى بلده قبله رجع باقيًا على إحرامه فلا تحل له النساء، فإن وطئ فعليه بدنة كما تقدم فإذا رجع إلى مكة أحرم من الميقات بعمرة، فإذا فرغ منها طاف للزيارة ولا شيء عليه بتأخيره ثم يسعى إن كان متمتعًا، ويستحب له التطيب عند الاحلال، ثم يأتي زمزم فيشرب منها لما أحب ويتضلع منه

(4)

ويقول: بسم الله. اللهم اجعله

(1)

(نصًّا) واحتج بحديث عائشة "فطاف الذين أهلُّوا بعمرة بين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا" واختار ذلك الخرقى وأكثنر الأصحاب.

(2)

(طواف واحد للزيارة) كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة فإنه يكتفى بها عن تحية المسجد، ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع ولا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا، وحديث عائشة دليل على هذا.

(3)

(الذي به تمام الحج) فهو ركن من أركانه إجماعًا قاله ابن عبد البر لقوله تعالى: {لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وعن عائشة قالت: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد منها النبي صلى الله عليه وسلم ما يريد الرجل من أهله فقالت يا رسول إنها حائض. قال أحابستنا هي؟ قالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر، قال أخرجوا" متفق عليه، فعلم منه أنها لو لم تكن أفاضت يوم النحر كانت حابستهم فيكون الطواف حابسًا لمن لم يأت به.

(4)

(ويتضلع منه) لحديث ابن عباس "إذا شربت فاستقبل الكعبة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثًا وتضلع منها، فإذا فرغت منها فاحمد الله" إلى آخره في الزاد.

ص: 311

لنا علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وريًا وشبعًا شفاء من كل داء، واغسل به قلبي واملأه من خشيتك وحكمتك. ويسن أن يدخل البيت والحجر منه فإن لم يدخل فلا بأس، ويتصدق بثياب الكعبة إذا نزعت

(1)

، ولا يأخذ من طيب الكعبة شيئًا

(2)

.

(فصل) ثم يرجع فيصلي ظهر يوم النحر بمنى

(3)

ويبيت بها لياليها، ويرمي الجمرات بها أيام التشريق كل جمرة بسبع حصيات

(4)

وعنه يجزيه خمس

(5)

ولا يجزى غير سقاة ورعاة رمي إلا نهارًا بعد الزوال

(6)

ويسن قبل صلاة الظهر

(7)

ويستقبل القبلة في الجمرات كلها

(8)

وإن أخل بحصاة من الأولى لم يصح رمى الثانية، وإن أخر الرمى كله مع رمي يوم النحر فرماه آخر أيام التشريق أجزأه أداء لأن أيام الرمي

كلها بمثابة اليوم الواحد وكان تاركًا للأفضل، وإن غربت الشمس يوم النحر ولم يرم جمرة العقبة رماها في اليوم

(1)

(إذا نزعت) لفعل عمر رواه مسلم عن أبى نجيح عنه فهو مرسل، وروى الثوري أن شيبة كان يدفع خلقان البيت على المساكين وقياسًا على الوقف المنقطع.

(2)

(شيئًا) لأنه موقوف على الكعبة ولا يجوز صرفه إلى غيره، وهي لا تضر ولا تنفع لقول عمر في الحجر عند تقبيله.

(3)

(بمنى) لحديث ابن عمر مرفوعًا "أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى" متفق عليه.

(4)

(بسبع حصيات) واحدة بعد أخرى، وهذا المذهب، ويشبه مذهب الشافعى وأصحاب الرأي لأنه عليه الصلاة والسلام رمى بسبع.

(5)

(يجزيه خمس) وهو قول مجاهد وإسحق، ولا ينقص أكثر من ذلك نص عليه، وينبغي أن لا يتعمد ذلك فإن تعمد تصدق بشيء.

(6)

(بعد الزوال) حتى يوم يعود من مكة، فإن رمى ليلًا أو قبل الزوال لم يجزئه لحديث جابر "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس" وقد قال "خذوا عني مناسككم".

(7)

(قبل صلاة الظهر) لحديث ابن عباس مرفوعًا "كان يرمى الجمار إذا زالت الشمس، فإذا فرغ من رميه صلى الظهر" رواه ابن ماجة.

(8)

(في الجمرات كلها) لحديث عائشة مرفوعًا "فمكث ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع، يكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية ويتضرع، ويرمى الثالثة ولا يقف عندها" رواه مسلم. قال ابن المنذر: كان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند الرمي "اللهم حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا".

ص: 312

الثاني بعد الزوال وتقدم، وللسقاة والرعاة الرمي ليلًا ونهارًا ولو في يوم واحد أو ليلة واحدة من أيام التشريق

(1)

والترتيب شرط فيه، وإن أخر الرمى عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى ليلة أو أكثر فعليه دم ولا يأتي به

(2)

وفى ترك حصاة ما في شعرة، وفى حصاتين ما في شعرتين، وفى أكثر من ذلك دم

(3)

فإن غربت الشمس وهم بمنى لزم الرعاء البيتوتة دون أهل السقاية، وقيل أهل الأعذار من غير الرعاة كالمريض ومن له مال يخاف ضياعه حكمهم حكم الرعاة في ترك البيتوتة

(4)

وإن كان مريضًا أو محبوسًا أو له عذر جاز أن يستنيب من يرمى عنه، والأولى أن يشهده إن قدر، ويستحب أن يضع الحصى في يد النائب ليكون له عمل. ويستحب خطبة إمام أو نائبه في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال يعلمهم فيها

حكم التعجيل والتأخير والتوديع

(5)

ولكل حاج ولو أراد الإقامة بمكة التعجيل إن أحب

(6)

إلا الإمام المقيم للمناسك فليحله التعجيل لأجل من يتأخر، فإن أحب أن يتعجل خرج قبل غروب الشمس ولا يضر

(1)

(من أيام التشريق) لما روى ابن عمر "أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته فأذن له" متفق عليه، وعن عاصم قال"رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاة الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمى اليومين بعد فيرمونه في أحدهما" رواه أحمد، وأخرج الترمذي نحوه عن مالك وفيه قال ظننت أنه قال "في أول يوم منها ثم يرمون يوم النفر" وقال حسن صحيح.

(2)

(ولا يأتى به) أي بالمرمى بعد أيام التشريق كالبيتوتة بمنى إذا تركها لا يأتى بها لفوات وقته واستقرار الفداء الواجب فيه.

(3)

(دم) وهذا إنما يتصور في آخر جمرة من آخر يوم، وإلا لم يصح رمى ما بعدها.

(4)

(البيتوتة) جزم به الموفق والشارح وابن تميم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهؤلاء تنبيها على غيرهم فوجب إلحاقهم بهم لوجود المعنى فيهم.

(5)

(والتوديع) لحديث صراء بنت نبهان قالت: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس" الحديث.

(6)

(إن أحب) لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} الآية، ولقوله عليه الصلاة والسلام "منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه" رواه أبو داود.

ص: 313

رجوعه إلى منى بعد ذلك. ويسن إذا نفر من منى نزوله بالأبطح

(1)

وهو المحصب وحده ما بين الجبلين إلى المقبرة ثم يدخل مكة. وقال ابن عباس التحصيب ليس بشئ إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

(فصل) وطواف الوداع على كل خارج من مكة إن لم يرد الإقامة بحرمها

(3)

ثم يصلي ركعتين خلف المقام ويأتى الحطيم وهو ما تحت الميزاب فيدعو، ثم يأتى زمزم فيشرب منها ثم يأتى الحجر فيقبله ويدعو في الملتزم، وله بعده شد رحله وشراء حاجة طريقه وصلاة، فإن خرج قبله فعليه الرجوع إليه ليفعله إن

(1)

(بالأبطح) قال نافع كان ابن عمر يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة، وذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عمر "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون الأبطح" قال الترمذي حسن غريب.

(2)

(منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعن عائشة "إن نزول الأبطح ليس سنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه إذا خرج" متفق عليه.

(3)

(الإقامة بحرمها) من حاج وغيره، لما في مسلم عن ابن عباس قال "كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" ولأبى داود "حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت" ولا يستحب له المشى قهقرى بعد، قال الشيخ: هذا بدعة مكروهة.

ص: 314

كان قريبًا

(1)

ولا

شيء عليه إذا رجع، فإن لم يرجع إليه بعد مسافة قصر فعليه دم

(2)

ومتى رجع مع القرب لم يلزمه إحرام، ويلزمه مع البعد إحرام بعمرة يأتى بها ثم يطوف للوداع. وإن طهرت حائض قبل مفارقة البنيان رجعت فودعت، فإذا فرغ من الوداع واستلم الحجر وقبله وقف في الملتزم بين الحجر وباب الكعبة فيلتزمه ملصقًا به وجهه وصدره ويبسط يديه عليه

(3)

ويدعو بما أحب من خيرى الدنيا والآخرة ومنه "اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتنى على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتنى في بلادك، حتى بلغتنى بنعمتك إلى بيتك، وأعنتنى على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عنى فازدد عنى رضى وإلا فمن

(4)

الآن قبل أن تنأى عن بيتك دارى، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا بيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك. اللهم فأصحبنى العافية في بدنى، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن

منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيرى الدنيا والآخرة، إنك على كل شئ قدير، وإن أحب دعا بغيره، ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم والحج من سبيل الله، فإذا

(1)

(إن كان قريبًا) ولم يخف على نفسه أو ماله أو فوات رفقته أو غير ذلك من الأعذار.

(2)

(فعليه دم) رجع إلى مكة وطاف للوداع أولا، لأنه استقر عليه ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعه كمن تجاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم ثم رجع إلى الميقات.

(3)

(يديه عليه) ويجعل يمينه نحو الباب ويساره نحو الحجر، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قال "طفت مع عبد الله، فلما جاء دبر الكعبة قلت: ألا تعوذ؟ قال أعوذ بالله من النار ثم استلم الحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطًا وقال: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل" رواه أبو داود.

(4)

(فمن) الوجه فيه ضم الميم وتشديد النون على أنه صفة أمر من من يمن مقصودًا به الدعاء ويجوز كسر الميم وفتح النون على أنه حرف جر لابتداء الغاية.

ص: 315

خرج ولاها ظهره ولا يلتفت.

(فصل) فإذا فرغ من الحج استحب له زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقصد بها زيارة القبر لقوله عليه الصلاة والسلام "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد" الحديث، فإذا دخل مسجدها سن أن يقول ما يقول في دخول غيره من المساجد، ثم يصلى تحية المسجد ثم يأتى القبر الشريف فيقف قبالة وجهه صلى الله عليه وسلم مستدبر القبلة ويستقبل جدار الحجرة فيسلم عليه فيقول السلام عليك يا رسول الله" كان ابن عمر لا يزيد على ذلك، وإن زاد فحسن

(1)

ولا يرفع صوته به، ثم يتقدم من مقام سلامه نحو ذراع على يمينه فيسلم على أبى بكر ثم يتقدم نحو ذراع على يمينه أيضًا فيسلم على عمر

(2)

ولا يمسح ولا يمس قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا حائطه ولا يلصق به صدره ولا يقبله

(3)

قال الشيخ: يحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، وقال: واتفقوا على أنه لا يقبله

(1)

(وإن زاد فحسن) قال في الشرح: ويقول "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله وخيرته من خلقه وعباده، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".

(2)

(فيسلم على عمر) فيقول: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر.

(3)

(ولا يقبله) لما فيه من إساءة الأدب والابتدع، قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم بل يقومون ناحية فيسلمون.

ص: 316

ولا يتمسح به فإنه من الشرك، قال ابن عقيل وابن الجوزى: يكره قصد القبور للدعاء، قال الشيخ: ووقوفه عندها له أيضًا، وتستحب الصلاة بمسجده صلى الله عليه وسلم وهي بألف صلاة، وبالمسجد الحرام بمائة ألف وفى الأقصى بخمسمائة، وحسنات الحرم

كصلاته

(1)

وتعظم السيئات به

(2)

ويسن أن يأتى مسجد قبا

(3)

فيصلى فيه

(4)

ويسن أن يقول عند منصرفه من حجه متوجهًا إلى بلده "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"

(5)

ولا بأس أن يقال للحاج إذا قدم:

تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك، قال في المستوعب: كانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب

(6)

.

(فصل) في صفة العمرة. من كان في الحرم من مكي وغيره خرج إلى الحل فأحرم من أدناه ومن

(1)

(وحسنات الحرم كصلاته) لما روى عن ابن عباس مرفوعًا من حج من مكة ماشيًا حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل وما حسنات الحرم؟ قال: بكل حسنة مائة ألف حسنة.

(2)

(وتعظم السيئات به) سئل أحمد في رواية ابن منصور: هل تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ قال: لا إلا بمكة لتعظيم البلد. ولو أن رجلًا بعدن هم أن يقتل عند البيت أذاقه الله من العذاب الأليم اهـ. وظاهر كلامه في المنتهى تبعًا للقاضي وغيره أن المضاعفة الكم كما هو ظاهر نص الإمام وكلام ابن عباس "مالى وبلد تضاعف فيه السيئات كما تضاعف الحسنات" وهو خاص فلا يعارضه عموم الآيات بل يخصص به، لأن مثله لا يقال من قبل الرأي فهو بمنزلة المرفوع.

(3)

(قبا) بضم القاف يقصر ويمد ويصرف، على ميلين من المدينة من جهة الجنوب قاله في الحاشية.

(4)

(فيصلى فيه) لما في الصحيحين "أنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه راكبًا وماشيًا فيصلى فيه ركعتين" وفيهما "كل سبت، وكان ابن عمر يفعله".

(5)

(وهزم الأحزاب وحده) لما روى البخاري عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثم يقول" فذكره.

(6)

(بالذنوب) وفى الخبر (اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج".

ص: 317

التنعيم أفضل

(1)

ثم من الجعرانة

(2)

ثم من الحديبية

(3)

ثم ما بعد، فإن أحرم من الحرم انعقد وعليه دم، فإن خرج قبل الطواف ثم عاد أجزأه لأنه جمع بين الحل والحرم، وإن لم يخرج حتى قضى عمرته صح

(4)

ومن كان خارج الحرم دون الميقات فمن دويرة أهله، وتباح كل وقت، فلا يكره الإحرام بها يوم عرفة والنحر والتشريق، ولا بأس أن يعتمر في السنة مرارًا

(5)

ويكره الإِكثار منها والموالاة بينها نصًّا باتفاق السلف قاله في الفروع، قال أحمد: إن شاء كل شهر، وقال: لابد يحلق أو

يقصر في عشرة أيام يمكنه واستحبه جماعة

(6)

وهي في غير أشهر الحج أفضل، وأفضلها في رمضان، ويستحب تكرارها فيه لأنها

(1)

(ومن التنعيم أفضل) لأمره به عائشة، وإنما لزم الإحرام من الحل ليجمع في النسك بين الحل والحرم.

(2)

(الجعرانة) بكسر الجيم وإسكان العين، وقد تكسر العين وتشد الراء، قال الشافعي: التشديد خطأ وهو موضع بين مكة والطائف خارج من حدود الحرم يعتمر منه.

(3)

(الحديبية) مصغر وقد تشدد: بئر قرب مكة أو شجرة حدباء كانت هناك.

(4)

(صح) لأنه قد أتى بأركانها، وإنما أخل بالإحرام، وقد جبره. وهذا قول أبى يوسف وأصحاب الرأي وأحد قولي الشافعى.

(5)

مرارًا، روى عن علي وابن عمر وابن عباس وعائشة، لأن عائشة اعتمرت مرتين بأمر النبي كل عمرة مع قرانها، وعمرة بعد حجها. وقال عليه الصلاة والسلام "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما" متفق عليه.

(6)

(واستحبه جماعة) وقال على: في كل شهر مرة، وكان أنس إذا حمم رأسه خرج فاعتمر رواهما الشافعى في مسنده.

ص: 318

تعدل حجة

(1)

وتجزى عمرة القارن وعمرة التنعيم عن عمرة الإسلام

(2)

ويحل بالحلق أو التقصير، فإن وطئ قبله فعليه دم.

(فصل) أركان الحج أربعة

(3)

وعنه أنها ثلاثة وأن السعى سنة

(4)

واختار القاضي أنه

واجب وليس بركن

(5)

واختلفت الرواية في الإحرام هل هو ركن أو شرط؟ والمذهب أنه ركن. وواجباته سبعة. وأركان العمرة الطواف وألاحرام والسعى

(6)

. وواجباتها: الإحرام من الحل والحلق أو التقصير. وشهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة، زاد الشيخ: محرمة، ومثله ما يفعله الحاج المصري ليلة بدر في المحل المعروف بجبل الزينة، وقال: ومن اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب بعد تعريفه إن

(1)

(تعدل حجة) لحديث ابن عباس مرفوعًا "عمرة في رمضان تعدل حجة" متفق عليه. قال أحمد: من أدرك يومًا من رمضان فقد أدرك عمرة رمضان، قال إسحق: معنى هذا الحديث مثل ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ قل هو الله أحد فقد قرأ ثلث القرآن".

(2)

(عن عمرة الإسلام) لحديث عائشة حين قرنت الحج والعمرة فقال لها حين حلت منها "قد حللت من حجك وعمرتك" وإنما أعمرها من التنعيم قصدًا لتطييب خاطرها وإجابة مسئلتها لا لأنها واجبة عليها.

(3)

(أركان الحج أربعة) هذا المذهب، فلا يتحلل التحلل الثاني إلا بالسعي، لحديث حبيبة بنت أبي تجراة قالت: (رأيت رسول الله يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم، وهو يسعى حتى أرى كبتيه من شدة السعى يدور إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى" رواه أحمد. وعن عائشة ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة" متفق عليه مختصرًا.

(4)

(وأن السعي سنة) يجب بتركه دم، روى عن ابن عباس وابن الزبير وأنس وابن سيرين، لقوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ} وإنما ثبتت عنة بقوله: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} .

(5)

(وليس بركن) هذه رواية جزم بها في الوجيز، فعلى هذا إن تركه جبره بدم، وهو قول الحسن والثوري، وقال في المغنى: قول القاضي أقرب إلى الحق إن شاء الله، وفي الشرح: وهو أولى.

(6)

(والسعى) هذا المذهب، وفى رواية أن الإحرام والسعى ليس بركن.

ص: 319