المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الحجر (1) وهو منع الإِنسان من التصرف في ماله. وهو - الزوائد على زاد المستقنع - آل حسين - الكتاب

[محمد بن عبد الله آل حسين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب(1)الطهارة

- ‌باب الآنية

- ‌زوائد باب الاستطابة وآداب التخلى

- ‌باب السواك وغيره

- ‌باب الوضوء

- ‌باب مسح الخفين(2)وسائر الحوائل

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل(3)وما يسن له

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة الحكمية

- ‌باب الحيض(3)والاستحاضة والنفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإِقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب ستر العورة، وهو الشرط السادس

- ‌باب اجتناب النجاسة ومواضع الصلاة

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌باب النية(5)وهو الشرط التاسع

- ‌باب آداب المشي إلى الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة وبيان ما يكره فيها وأركانها وواجباتها وسننها وما يتعلق بذلك

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة الذهب والفضة(1)وحكم التحلي

- ‌باب زكاة عروض التجارة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب ذكر أهل الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب ما يفسد الصوم(2)ويوجب الكفارة

- ‌باب ما يكره في الصوم وما يستحب، وحكم القضاء

- ‌باب صوم التطوع وما يكره منه، وذكر ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف(3)وأحكام المساجد

- ‌كتاب مناسك الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإِحرام والتلبية وما يتعلق بهما

- ‌باب محظورات الإِحرام

- ‌باب الفدية

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب صيد الحرمين ونباتهما

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضاحي والعقيقة

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب ما يلزم الإِمام والجيش

- ‌باب قسمة الغنيمة

- ‌باب حكم الأرضين المغنومة

- ‌باب الفئ

- ‌باب الأمان(1)وهو ضد الخوف

- ‌باب الهدنة

- ‌باب عقد الذمة

- ‌باب أحكام الذمة في ما لهم وعليهم

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار في البيع والتصرف في المبيع قبل قبضه والإِقالة

- ‌باب الربا(4)والصرف وتحريم الحيل

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌باب السلم(2)والتصرف في الدين

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان(1)والكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الصلح وحكم الجوار

- ‌باب الحجر

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الشركة

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإِجارة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصى له

- ‌باب الموصى به

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصى إليه

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب قسمة التركات

- ‌باب المفقود

- ‌كتاب العتق

- ‌باب التدبير، وهو تعليق العتق بالموت

- ‌باب الكتابة

- ‌باب الولاء

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب أركان النكاح(2)وشروطه

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط في النكاح

- ‌باب العيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌باب الصداق

- ‌باب الوليمة وآداب الأكل

- ‌باب عشرة النساء والقسم والنشوز

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب طلاق السنة والبدعة

- ‌باب صريح الطلاق وكنايته

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌باب الاستثناء في الطلاق

- ‌باب الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌كتاب الإِيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب اللعان(1)أو ما يلحق من النسب

- ‌كتاب العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة

- ‌باب كفارة القتل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد المحاربين

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوى(5)والبينات

- ‌باب تعارض البينتين

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب من تقبل شهادتهم

- ‌باب موانع الشهادة

- ‌باب ذكر أقسام المشهود به وذكر عدد شهوده

- ‌باب الشهادة على الشهادة

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإِقرار

- ‌باب ما يحصل به الإِقرار

- ‌باب الحكم إذا وصل بإقراره ما يغيره

- ‌باب الإِقرار بالمجمل

الفصل: ‌ ‌باب الحجر (1) وهو منع الإِنسان من التصرف في ماله. وهو

‌باب الحجر

(1)

وهو منع الإِنسان من التصرف في ماله. وهو على ضربين: حجر لحق الغير كحجر على مفلس

(2)

وهو من لا مال له ولا ما يدفع به حاجته

(3)

وشرعًا من لزمه أكثر من ماله

(4)

والثاني: حجر لحفظ نفسه

(5)

فحجر المفلس منع الحاكم من عليه دين حال يعجز عنه ماله الموجود مدة الحجر من التصرف فيه، وإن أراد سفرًا طويلًا

(6)

يحل الدين قبل فراغه، أو بعده وليس به رهن يفى به ولا كفيل ملئ فلغريمه منعه في غير جهاد متعين حتى يوثقه بأحدهما، وإن أراد سفرًا وهو عاجز عن وفاء

دينه فلغريمه منعه حتى يقيم كفيلًا ببدنه قاله الشيخ

(7)

، ولا يملك تحليل محرم، وإن كان دينه حالًا وهو قادر على وفائه وطلب منه فسافر قبل وفائه لم يجز له أن يترخص بقصر ولا غيره، فإن كان له سلعة فطلب أن يمهله حتى يبيعها

(1)

(الحجر) الأصل في مشروعيته قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} لكن أضيفت إلى الأولياء لأنهم قائمون عليها مدبرون لها، وقوله:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} الآية، وإذا ثبت الحجر على هذين ثبت على المجنون من باب أولى.

(2)

(كحجر على مفلس) لحق الغرماء، ومريض مخوف الموت على ما زاد على الثلث لحق الورثة وغير ذلك.

(3)

(ما يدفع به حاجته) من العروض فهو المعدم، ومن الخبر المشهور "من تعدون المفلس فيكم؟ قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: ليس ذلك المفلس، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد ظلم هذا" الحديث.

(4)

(من لزمه أكثر من ماله) وسمى مفلسًا وإن كان ذا مال لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم، وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم مفلس الآخرة فإنه أخبر أن له حسنات أمثال الجبال لكنها لم تف بما عليه وبقى لا شيء له.

(5)

(حجر لحفظ نفسه) كحجر على صغير ومجنون وسفيه، إذ فائدة الحجر عليهم لا تتعداهم.

(6)

(سفرًا طويلًا) فوق مسافة القصر عند الموفق وابن أخيه وجماعة، قال في الإنصاف: ولعله أولى، ولم يقيده في التنقيح ولعله أظهر.

(7)

(قاله الشيخ) لأنه قد يؤسر في البلد الذي يسافر إليه فلا يتمكن الغريم من طلبه بإحضاره.

ص: 436

ويوفيه من ثمنها أمهل بقدر ذلك، وكذلك إن أمكنه أن يحتال لوفاء دينه فيمهل بقدر ذلك، ولو مطل حتى شكى عليه فما غرمه فعلى المماطل

(1)

وفي الرعاية لو أحضر مدعى به ولم يثبت للمدعى لزمه مؤنة إحضاره ورده وإلا لزم المنكر

(2)

. وقال الشيخ: لو تغيب مضمون عنه فغرم الضامن بمه جبه

(3)

أو غرم بسبب كذب عليه عند ولى الأمر رجع على المتسبب

(4)

وإن ادعى من علمه الدين الإِعسار وأنه لا شيء معه فقال المدعى للحاكم المال معه وسأل تفتيشه وجب على الحاكم إجابته إلى ذلك، وإن صدقه غريمه لم يحبس ووجب إنظاره ولما تجز ملازمته، وإن كذبه وكان دينه عن عوض كالبيع القرض أو عرف له مال سابق والغالب بقاء ذلك حبس

(5)

إلا أن يدعى تلفا ونحوه ويصدقه رب الدين، فإن أنكر إعساره حبس، فإن أقام المدعى بينة على إعساره أو حلف مع عدم بينة المدعى خلى سبيله، فإن شهدت البينة بنفاد ماله أو تلفه ولم تشهد بعسرته حلف معها أنه لا مال له في الباطن

(6)

، وإن شهدت بإعساره

اعتبر فيها أن تكون ممن تخبر باطن حاله لأنها شهادة على نفى قبلت للحاجة

(7)

ويكتفى فيها باثنين، ولا يحلف معها على الصحيح من المذهب لأنه تكذيب للبينة، ويكفى في الحالين أن تشهد بالتلف أو الإِعسار، وتسمع قبل حبسه كبعده

(8)

وإن كان دينه عن غير مقابلة مال أخذه كأرش جناية وكالضمان ونحوه ولم يعرف له مال ولم

(1)

(فعلى المماطل) إذا كان غريمه على الوجه المعتاد.

(2)

(لزم المنكر) لحديث "على اليد ما أخذت حتى تؤديه".

(3)

(بسببه) رجع بما غرمه أو أنفقه في الحبس، وقيده في آخر بقادر على الوفاء، ولعله إذا ضمن بإذنه.

(4)

(رجع على المتسبب) وقرار الضمان على الآخذ إن كان الأخذ ظلمًا.

(5)

(حبس) لأن الأصل بقاء ماله، وحبسه وسيلة إلى قضاء دينه إلا أن يقيم بينة تخبر باطن حاله.

(6)

(لا مال له في الباطن) على الصحيح من المذهب. لأن اليمين على أمر محتمل غير ما شهدت به البينة.

(7)

(قبلت للحاجة) لأن الإعسار من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط فهذه الشهادة وإن تضمنت النفى فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها بالمشاهدة. ولا يعتبر في البينة إذا شهدت بتلف ماله أو نفاده أن قكون تخبر باطن حاله.

(8)

(كبعده) لكن قال في الاختيارات: ليس له إثبات عند غير من حبسه بلا إذنه، ولا يجب الحبس بمكان معين.

ص: 437

يقر أنه ملئ حلف أنه لا مال له وخلى

(1)

وإذا حبست الزوجة زوجها لم يسقط من حقوقه عليها شيء، ولو قامت للمفلس بينة بمال معين فأنكر ولم يقر به لأحد أو قال هو لزيد فكذبه زيد قضى منه دينه

(2)

وإن صدقه زيد فهو له مع يمينه، ويحرم على المعسر أن ينكر أن لا حق عليه وأن يحلف أنه لا حق له ويتأول، وفي الإِنصاف: ولو قيل بجوازه إذا تحقق ظلم رب الحق له وحبسه ومنعه من القيام على عياله لكان له وجه، كل ما فعله المفلس في ماله قبل الحجر عليه فهو نافذ

(3)

وإن استغرق جميع ماله، مع أنه يحرم إن أضر بغريمه.

(فصل) ويتعلق بالحجر على المفلس أربعة أحكام: أحدها تعلق حق الغرماء بماله، فلا ينفذ تصرفه فيه إلا التدبير، وإلا العتق في إحدى الروايتين، والأخرى لا ينفذ

عتقه

(4)

وله رد ما اشتراه قبل الحجر بعيب أو خيار غير مقيد بالأحظ، ويكفر هو وسفيه بصوم، فإن كان المفلس صانعا كالقصار والحائك وفي يده متاع فأقر به لأربابه لم يقبل، وتباع العيبن التي في يده وتقسم قيمتها بين الغرماء وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها

(5)

وفيه وجه يقبل مع أمن التهمة، وإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها قضى عليه فكان إقراره يلزم في حقه دون الغرماء، وإن ثبت عليه حق ببينة شارك صاحبه الغرماء، وإن جنى جناية موجبة للمال شارك المجني عليه الغرماء

(6)

، وإن جنى عبده قدم المجنى عليه بثمنه على

(1)

(وخلى) سبيله وهو الصحيح من المذهب، لأن الأصل عدم المال.

(2)

(قضى منه دينه) قال في الفروع: وظاهر هذا أن البينة هنا لا يعتبر لها تقدم دعوى، بل تحتاج إلى دعوى من الغريم.

(3)

(فهو نافذ لأنه مالك جائز التصرف على الصحيح من المذهب، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي، وقيل لا ينفذ تصرفه إذا ضاق ماله عن ديونه اختارها الشيخ وصوبه في الإنصاف.

(4)

(لا ينفذ عتقه) وبه قال مالك وابن أبي ليلى والثوري والشافعي واختاره أبو الخطاب في رءوس المسائل.

(5)

(إذا قدر عليها) بعد فك الحجر عنه مؤاخذة له بإقراره.

(6)

(شارك المجنى عليه الغرماء) بإرش الجناية لأنه حق ثبت على الجاني بغير اختيار من له الحق ولم يرض بتأخيره كما قبل الحجر.

ص: 438

الغرماء

(1)

. الثاني: أن من وجد عنده عينًا باعها إياه

(2)

ولو بعد الحجر عليه غير عالم به أو عين قرض أو رأس مال سلم أو غير ذلك حتى عينًا مؤجرة ولم يمض من المدة شيء فهو أحق بها إن شاء ولو بعد خروجها من ملكه وعودها إليه بفسخ أو شراء ونحو ذلك، فلو اشتراها ثم باعها ثم اشتراها فهي لأحد البائعين بقرعة

(3)

وإن بذل الغرماء لصاحب السلعة الثمن من أموالهم أو خصوه به من مال المفلس لتركها أو قال

المفلس أنا أبيعها وأعطيك ثمنها لم يلزمه قبوله، وإن دفعوا إلى المفلس الثمن فبذله له لم يكن له الفسخ

(4)

ومن استأجر أرضًا للزرع فأفلس قبل مضى شيء من المدة فللمؤجر فسخ الإجارة، وإن كان بعد انقضائها أو بعد مضى بعضها لم يملك الفسخ تنزيلًا للمدة منزلة المبيع ومضى بعضها بمنزلة تلف بعضها

(5)

بشرط أن يكون المفلس حيًّا حين أخذه

(6)

ولم ينقد من ثمن المبيع شيئًا ولا أبرأه البائع من بعضه

(7)

والسلعة بحالها

(8)

(1)

(على الغرماء) لتعلق حقه بعينه كما يقدم المجنى عليه على المرتهن.

(2)

(باعها إياه) روى ذلك عن عثمان وعلى وأبى هريرة، وبه قال عروة ومالك والشافعي والأوزاعى والعنبري وإسحق وأبو ثور وابن المنذر، وقال الحسن والنخعى وابن شبرمة وأبو حنيفة: هو أسوة الغرماء، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام "من أدرك متاعه بعينه عند إنسان أفلس فهو أحق به" متفق عليه.

(3)

(بقرعة) لأنه يصدق على كل منهما أنه أدرك متاعه عند من أفلس.

(4)

(لم يكن له الفسخ) واستقر البيع لزوال العجز عن تسليم الثمن ويلزمه قبوله، وبه قال الشافعي خلافًا لمالك.

(5)

(بمنزلة تلف بعضها) أي بعض العين المبيعة، وهو مسقط الرجوع كما يأتي.

(6)

(حيا حين أخذه) لما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء" رواه مالك وأبو داود مرسلًا، ورواه أبو داود عن أبى هريرة مسندًا لأن الملك انتقل عن المفلس إلى الورثة أشبه ما لو باعه.

(7)

(من بعضه) فإن قبض بعض ثمنها سقط الرجوع، وبهذا قال إسحق، لما روى أبو هريرة مرفوعًا "أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ولم يكن أقبض من ماله شيئًا فهو له" رواه أحمد.

(8)

(والسلعة بحالها) لم يتلف بعضها، وبهذا قال إسحق، وقال مالك والأوزاعي والشافعي والعنبري: له الرجوع في الباقي، ويضرب مع الغرماء بحصة التالف. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام "من أدرك، متاعه بعينه" وهذا لم يجده بعينه.

ص: 439

لم يزل ملكه عن بعضها بتلف ولا غيره. فإن تلف جزء منها لم يكن للبائع الرجوع، وإن باع بعض المبيع أو وهبه أو وقفه فكلفته، هذا إذا كانت عينًا واحدة في مبيع، وإن كانت عينين كعبدين ونحوهما وبقى واحدة رجع فيها

(1)

ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها كنسج غزل وخبز دقيق ولم يتعلق بها حق من شفعة أو جناية أو رهن، لكن إن كان الرهن أكثر من الدين فما فضل منه رد على المال ولم تزد ريادة متصلة كسمن وتعلم صنعة، وعنه أن الزيادة لا تمنع الرجوع

(2)

ويشترط أيضًا أن يكون البائع حيًّا إلى حين الرجوع، وقال في المبدع: والأصح أنه يثبت للورثة، وإن كان الثمن مؤجلًا رجع فيها فأخذها عند حلول الأجل فتوقف إليه ويصح الرجوع فيها وفى غيرها

(3)

بالقول هلو على التراخى وهو فسخ بلا حكم حاكم فأما الزيادة المنفصلة كالولد والثمرة والكسب والنقص بهزال أو نسيان صنعة أو كتابة فلا يمنع الرجوع، والزيادة للمفلس

(4)

وعنه للبائع

(5)

وإن غرس الأرض أو بنى فيها فله الرجوع فيها

(6)

ودفع قيمة الغراس

(1)

(رجع فيها) لأنه وجدها بعينها فيدخل في العموم، فإنه لا يلزم من تلف إحدى العينين تلف شيء من العين الأخرى، ويفرف بين هذه وبين ما إذا ما قبض بعض الثمن.

(2)

(لا تمنع الرجوع) وهذا مذهب مالك والشافعي، ولنا أنه سبب حادث فلم يملك به الرجوع.

(3)

(وفى غيرها) كالقرض ورأس مال السلم ونحوه.

(4)

(والزيادة للمفلس) هذا ظاهر كلام الخرقي، لأنه منع الرجوع بالزيادة المتصلة لكونها للمفلس فالمنفصلة أولى، وهذا قول ابن حامد والقاضي ومذهب الشافعي وهو الصحيح إن شاء الله وجزم به في الوجيز.

(5)

(وعنه للبائع) وهو المذهب ومذهب مالك، ونقل حنبل عن أحمد ولد الجارية ونتاج الدابة وهو للبائع كالمتصل، ولنا أنها زيادة في ملك المشتري فكانت له كما لو رده بعيب، ولأنه فسخ استحق به استرجاع العين فلما يستحق أخذ الزيادة المنفصلة وقول النبي صلى الله عليه وسلم "الخراج بالضمان" يدل على أن النماء ولغلة للمشتري لكون الضمان عليه، وقول أحمد يحمل على أنه باعها في حال حملها فيكونان مبيعين.

(6)

(فله الرجوع فيها) لأنه أدرك متاعه بعينه، ومال المشترى دخل على وجه التبع كالصبغ.

ص: 440

والبناء فيملكه أو قلعه وضمان نقصه، إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع فيلزمهم إذن تسوية الأرض وأرش نقصها الحاصل به ويضرب به البائع مع الغرماء، وإن امتنعوا من القلع لم يجبروا عليه لأنهما وضعا بحق، وإن أبوا

القلع وأبى دفع القيمة سقط الرجوع

(1)

. الثالث بيع الحاكم ماله وقسم ثمنه

(2)

على الفور، ويجب عليه ذلك، وإن كانت ديونهم من جنس الأثمان أخذوها، وإن كان ثانى فيهم من دينه من غير جنس الأثمان وامتنع من أخذ عوضه وطلب جنس حقه اشترى له بحصته من الثمن من جنس دينه ولا يحتاج إلى استئذان المفلس في البيع، لكن يستحب أن يحضره أو كيله

(3)

وأن يحضره الغرماء، وإن باعه من غير حضورهم جاز، ويأمرهم الحاكم أن يقيموا مناديًا ينادي على المتاع، ويجب أن يشك له من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم

(4)

إن لم يكونا عين مال الغرماء، فإن كانا لم يترك له منه شيء ولو كان محتاجًا إلى ذلك: لكن إن كان له مسكن واسع عن سكنى مثله بيع واشترى له مسكن مثله ورد الفاضل على الغرماء، ويترك له أيضًا آلة حرفة، فإن لم يكن صاحب حرفة ترك له ما يتجر به لمؤنته وينفق عليه وعلى من تلزمه نفقته من ماله بالمعروف، وهو أدنى ما ينفق على مثله من مأكل ومشرب كسوة إلى أن يفرغ من قسمه بين غرمائه إن لم يكن له كسب يفي بذلك، ويكفن إن مات في ثلاثة أثواب كما كان يلبس في حياته، وقدم في الرعاية في ثوب واحد، وإن تلف شيء من ماله تحت يد الأمين فمن ضمان المفلس، ويبدأ ببيع أقله بقاء أكثره مؤنة، فيبيع أولًا ما يسرع إليه الفساد كالطعام والرطب ثم الحيوان ثم الأثاث ثم العقار

(5)

ويبيع

(1)

(سقط الرجوع) لما فيه من الضرر على المشترى والغرماء، ولا يزال بمثله.

(2)

(وقسم ثمنه) بين الغرماء بالمحاصة لأنه عليه الصلاة والسلام لما حجر على معاذ باع ماله في دينه وقسم ثمنه بين غرمائه، ولفعل عمر على الفور، لأن تأخيره مطل وفيه ظلم لهم.

(3)

(أو وكيله) وقت البيع لفوائد منها أن يضبط ثمن متاعه، ومنها أنه أعرف بالجيد من متاعه، ومنها أنه تكثر فيه الرغبة، ومنها أنه أطيب لنفسه وأسكن لقلبه.

(4)

(وخادم) وقوله عليه الصلاة والسلام "خذوا ما وجدتم" قضية عين يحتمل أنه لم يكن فيما وجدوه مسكن ولا خادم.

(5)

(العقار) لأنه لا يخاف عليه وبقاؤه أشهر له وأكثر لطلابه، والعهدة على المفلس إذا ظهر مستحقًا فقط، قاله في الشرح.

ص: 441

بنقد البلد أو بجنس الدين، ويعطى مناد وحافظ المتاع

والثمن أجرتهم من مال المفلس تقدم على ديون الغرماء إن لم يوجد متبرع، ونظير ما يستدان على تركة الميت لمصلحة التركة فإنه مقدم على الديون الثابتة في ذمة الميت، ويبدأ بالمجني عليه إذا كان الجاني عبد المفلس سواء كانت الجناية قبل الحجر أو بعده فيدفع إليه الأقل من الأرش أو ثمن الجاني ولا شيء له غيره، وإن كان الجاني المفلس فالمجني عليه أسوة الغرماء، ثم بمن له رهن لازم فيخص بثمنه، وإن فضل له فضل ضرب به مع الغرماء، وإن فضل منه فضل رد على المال، ثم بمن له عين مال أو عين مؤجرة

(1)

أو منفعة عين هو مستأجرها من المفلس فيأخذها

(2)

وكذا مؤجر نفسه، وإن بطلت الإِجارة في أثناء المدة

(3)

ضرب له بما بقي مع الغرماء ولو باع شيئًا أو باعه كيله وقبض الثمن فتلف وتعذر رده وخرجت السلعة مستحقة ساوى المشتري الغرماء

(4)

وذكر القاضي احتمالًا يقدم على الغرماء

(5)

وإن أجر دارًا أو بعيرًا بعينه أو شيئًا غيرهما بعينه ثم أفلس لم تنفسخ الإِجارة بالفلس وكان المستأجر أحق بالعين أو استأجرها من الغرماء حتى يستوفى حقه، فإن هلك البعير أو انهدمت الدار قبل انقضاء المدة انفسخت الإِجاره ويضرب مع الغرماء ببقية الأجرة، وإن استأجر جملًا في الذمة ثم أفلس المؤجر فالمستأجر أسغ الغرماء، وإن أجر دارًا ثم أفلس فاتفق المفلس والغرماء على البيع قبل انقضاء مدة الإِجارة فلهم ذلك ويبيعونها مستأجرة، فإن اختلفوا قدم قول من طلب البيع في الحال، فإذا استوفى المستأجر

تسلم المشتري، ولو باع سلعة ولو مكيلًا أو موزنًا وقبض ثمنها أو لا ثم أفلس قبل

(1)

(أو عين مؤجرة) استأجرها المفلس منه ولم يمض من مدتها شيء.

(2)

(فيأخذها) لأن حقه متعلق بالعين والمنفعة وهي مملوكة له هذه المدة.

(3)

(في أثناء المدة) بأن ماتت العين التي استأجرها من المفلس وقد عجل له الأجرة.

(4)

(ساوى المشتري الغرماء) لأن حقه لم يتعلق بعين المال فهو بمنزلة أرش جناية المفلس.

(5)

(يقدم على الغرماء) لأنه لم يرض بمجرد الذمة فكان أولى كالمرتهن، ولأنه لو لم يقدم على الغرماء لامتنع الناس من شراء مال المفلس خوفًا من ضياع أموالهم فتقل الرغبات فيه ويقل ثمنه فكان تقديم المشترى بذلك على الغرماء أنفع لهم، وهذا وجه لأصحاب الشافعي، ولنا أن هذا لم يتعلق بعين المال فلم يقدم كالذي جنى عليه المفلس.

ص: 442

تقبيضها فالمشتري أحق بها من الغرماء، وإن كان على المفلس دين سلم فوجد المسلم الثمن بعينه فهو أحق به كما تقدم، وإن لم يجده وحل قبل القسمة ضرب مع الغرماء بقيمة المسلم فيه، وإن لم يكن فيه من جنس حقه عزل له من المال قدر حقه فيشترى به المسلم فيه فيأخذه وليس له أن يأخذ المعزول بعينه، ثم يقسم الباقي بين باقي الغرماء على قدر ديونهم، ولا يلزم بيان أن لا غريم سواهم

(1)

فإن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحل

(2)

وعنه أنه يحل

(3)

فيشاركهم، وإن حل في أثناء القسمة شاركهم فيما لم يقسم. ومن مات وعليه دين مؤجل لم يحل إن وثق الورثة بعد موت المدين، وعنه أنه يحل إذا مات المدين

(4)

فإن تعذر التوثيق لعدم وارث أو غيره حل كله

(5)

وحكم من طرأ عليه جنون حكم المفلس والميت في حلول الدين وعدمه، ولا يمنع الدين انتقال التركة إلى الورثة إذا مات المدين

(6)

ويتعلق حق الغرماء بها كلها وإن لم يستغرقها الدين، سواء كان لآدمي أو لله، والدين باق في ذمة الميت وفي التركة حتى يوفى، ويصح تصرف الورثة في التركة بشرط الضمان، ومتى

دخل الورثة بين التركة والغرماء سقط مطالبتهم بالديون

(7)

فإذا تعذر وفاؤه

(1)

(لا غريم سواهم) بخلاف من ثبت أنه وارث خاص لأنه مع كون الأصل عدم غريم لا يحتمل أن يقبض أحدهم فوق حقه.

(2)

(لم يحل) لأنه لا يوجب حلول ماله فلا يوجب حلول ما عليه ولا يوقف له شيء.

(3)

(وعنه أنه يحل) وهو قول مالك، وعن الشافعي كالمذهبين، واحتجوا بأن الإفلاس يتعلق به الدين بالمال فأسقط الأجل. زاد.

(4)

(إذا مات الدين) وبه قال الشعبى والنخعى ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، لأنه لا يجوز إبقاؤه في ذمة الميت لتعذر مطالبته، ولا ذمة الورثة لأنهم لم يلتزموها ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله لأنه ضرر بالميت وصاحب الدين. زاد.

(5)

(حل كله) إن اتسعت التركة له، أو يحاص به الغرماء.

(6)

(إذا مات المدين) لقوله عليه الصلاة والسلام "من ترك حقًّا أو مالًا فلورثته".

(7)

(سقط مطالبتهم بالديون) ونصب الحاكم من يوفيهم منها ولم يملكها الغرماء بذلك.

ص: 443

فسخ تصوفهم، فعلى هذا إن تصوفوا بعتق لم يتأت فسخه، وعليهم الأقل من قيمته أو الدين، وإن بقى على المفلس بقية وله صنعة لم يجبر على إيجار نفسه لقضاء ما عليه في إحدى الروايتين

(1)

والثانية يجبر

(2)

وعلى إيجار وقف وأم ولده استغنى عنهما لا إن لزمه حج وكفارة

(3)

ولا يجبر على قبول هبة وصدقة ووصية ولو كان المتبرع إبنًا، ولا يملك غير المدين وفاء دينه مع امتناعه ولا يملك الحاكم قبض ذلك لوفائه بلا إذنه لفظي أو عرفي، ولا تجبر امرأة على نكاح نفسها لتوفي من مهرها دينها. ولا على تزوج امرأة بذلت له مالًا ليقبله، ولا على أخذ دية قود وجب له، ولا تسقط الدية بعفوه على غير مال

(4)

وإذا فك عنه الحجر فليس لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالًا، وإن لزمته ديون بعد فك الحجر عنه وحجر عليه ثانيًا شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني في ماله، وإن كان للمفلس حق به شاهد فأبى أن يحلف معه لم يجبر ولم يكن لغرمائه أن يحلوا. الرابع: انقطاع المطالبة عنه

(5)

.

(فصل) الضرب الثاني المحجور عليه لحظه وهو الصبي والمجنون والسفيه، فلا يصح تصرفهم في أموالهم ولا ذممهم قبل الإذن، ومن أعطوه مالًا ضمنه حتى يأخذه وليه، وإن أخذه ليحفظه لم يضمنه كمغصوب أخذه ليحفظه لربه

(6)

. ويستحب أن لا يدفع لهم مالهم إلا بإذن قاض وبينة بالرشد وبالدفع ليأمن التبعة،

(1)

(في إحدى الروايتين) وبه قال مالك والشافعي لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ولما روى أبو سعيد "أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا ما وجدتم، فليس لكم إلا ذلك" رواه مسلم.

(2)

(والثانية يجبر) وبه قال عمر بن عبد العزيز وسوار والعنبري وإسحق، لما روى الدارقطني "أن النبي صلى الله عليه وسلم باع سرقًا في دينه بخمسة أبعرة" والحر لا يباع فثبت أنه باع منافعه. إذا ثبت هذا لا يجبر إلا من في كسبه فضل عن نفقة من يمونه.

(3)

(لا إن لزمه حج كفارة) ونحوهما من حقوق الله، لأن ماله لا يباع فيه فنفعه أولى فلا يجبر على إيجارهم.

(4)

(على غير مال) ويأتي في القصاص أن له العفو مجانًا لأن المال لم يجب عينًا.

(5)

(انقطاع المطالبة عنه) لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ولقوله عليه الصلاة والسلام لغرماء معاذ "ليس لكم إلا ذلك".

(6)

(ليحفظه لربه) فلا يضمن، لأن ذلك إعانة على رد الحق إلى مستحقه وفيه إحسان.

ص: 444

ولا يدفع إليه ماله قبل رشده ولو صار شيخًا. وحتى يختبر بما يليق به ويؤنس رشده

(1)

فإن كان من أولاد التجار وهم من يبيع ويشترى فبأن يتكرر منه ذلك فلا يغبن غالبًا فاحشًا، وأن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه، وليس الصدقة به وصرفه في أبواب بر ومطعم ومشروب وملبس ومنكح ما يليق به تبذيرًا إذ لا إسراف في الخير

(2)

ويختبر ابن الزراع بما يليق بالزراعة والقيام على العمال، وابن صاحب الصناعة بما يتعلق بحرفته، وابن الرئيس باستيفائه على وكيله فيما وكل فيه فهذا مما يدل على رشده، قال الشيخ: وإن توزع في الرشد فشهد شاهدان قبل لأنه يعلم بالاستفاضة، ومع عدمها له اليمين على وليه أنه لا يعلم رشده، ولو تبرع وهو تحت الحجر فقامت بينة برشده نفذ، والأنثى يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من الغزل والاستغزال بأجرة المثل وتوكيلها بشراء الكتان ونحوه وحفظها الأطعمة، فإن وجدت ضابطة لما في يدها مستوفية من وكيلها فهي رشيدة، ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة والمفسدة، وبيع الاختبار وشراؤه صحيح

(3)

وعنه لا يدفع إلى

الجارية مالها بعد رشدها حتى تتزوج أو تلد أو تقيم في بيت الزوج سنة

(4)

.

(فصل) ولوليهما الإنفاق عليهما من مالهما بغير حاكم كلقيط، ولو أفسد نفقته دفعها إليه يومًا

(1)

(ويؤنس رشده) قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والشام والعراق ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرًا كان أو كبيرًا، وروى الجوزجاني قال: كان القاسم بن محمد يلي أمر شيخ من قريش ذي أهل ومال لضعف عقله.

(2)

(لا إسراف في الخير) قال في الاختيارات: الإسراف ما صرفه في المحرمات أو كان صرفه في المباح يضر بعياله أو أسرف في مباح قدرًا زائدًا على المصلحة اهـ، والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغى.

(3)

(وشراؤه صحيح) لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} ولا يأمر بغير صحيح.

(4)

(سنة) المشهور من المذهب أن الجارية كالغلام يدفع إليها مالها إذا بلغت ورشدت وإن لم تتزوج كما تقدم وبه قال عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهذه الرواية، روى عن عمر وبه قال شريح والشعبي وإسحق، لما روى عن شريح أنه قال "عهد إلى عمر أن لا أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولًا أو تلد" رواه سعيد، ولنا ما تقدم على أن حديث عمر مختص بمنع العطية.

ص: 445

بيوم

(1)

ومتى كان خلط قوته أرفق به فهو أولى للآية، ولو أفسد كسوته ستر عورته فقط في بيت ومتى رآه الناس ألبسه فإذا عاد نزع عنه ويقيد المجنون بالحديد لخوف عليه أو إذا خيف منه، ويجب على وليهما إخراج زكاة مالهما وفطرتهما، ولا يصح إقراره عليهما

(2)

ويستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه ودفع الإِهانة عنه، فجبر قلبه من أعظم مصالحه قاله الشيخ

(3)

ولوليهما مكاتبة رقيقهما وعتقه على مال إن كان فيه حظ، وله تزويج عبيد وإماء لمصلحة والسفر بمالهما لتجارة وغيرها في مواضع آمنة حتى في بحر

(4)

وله بيعه نساء لملئ وقرضه لمصلحة

فيهما ولو بلا رهن ولا كفيل، قال القاضي: ومعنى الحظ أن يكون للصبي مال في بلد فيريد نقله إلى بلد آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقضيه بدله في بلده يقصد به حفظه من التغير، وحديثه خير من قديمه كالحنطة ونحوها، وإن أراد أن يودع ماله فقرضه ثقة أولى، كل موضع قلنا له قرضه فلا يجوز إلا لأمين، ولا يقترض وصي ولا حاكم منه شيئًا لنفسه

(5)

ولوليهما شراء العقار لهما وبناؤه بما جرت عادة أهل بلده، وله شراء الأضحية ليتيم له مال كثير من مال اليتيم

(6)

في إحدى

(1)

(يومًا بيوم) وعلم أن من يفسدها يجوز أن يعجل له ما جرت به عادة أهل بلده.

(2)

(إقراره عليهما) لأنه إقرار على الغير، بخلاف تصرفاته فيصح إقراره بها كالوكيل.

(3)

(قاله الشيخ) لحديث أبي الدرداء مرفوعًا "أتحب أن يلين قلبك، وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه".

(4)

(أمنة حتى في بحر) وبه قال ابن عمر والنخعى والحسن بن صالح ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ولى يتيمًا له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" وروى موقوفًا وهو أصح من المرفوع، ولا نعلم أحدًا كره التجارة فيه إلا الحسن ولعله أراد اجتناب المخاطرة به ورأى خزنه أحفظ له.

(5)

(لنفسه) وظاهره أن الأب له ذلك لعدم التهمة، وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والشافعي وزاد: والجد.

(6)

(من مال اليتيم) وهذا قول أبي حنيفة ومالك، وعن أحمد رواية أخرى لا يجوز وهو مذهب الشافعي لأنه إخراج شيء من ماله بغير عوض.

ص: 446

الروايتين وتحرم صدقته بشيء منها

(1)

ويجوز تركه في المكتب وتعليمه الخط والرماية والأدب وما ينفعه وأداء الأجرة عنه، وتسليمه لصناعة إذا كانت مصلحة، ومداواته، وحمله ليشهد الجماعة بأجرة فيهما بلا إذن حاكم إذا رأى المصلحة في ذلك كله، ولا يبيع عقارهما

(2)

إلا لمصلحة ولو لم يحصل زيادة على ثمن مثله. وأنواع المصلحة كثيرة إما لاحتياجه إلى نفقة أو كسوة أو قضاء دين أو لابد منه، وليس له ما تدفع به حاجته أو يخاف عليه الهلاك بغرق أو خراب أو نحوه أو يكون في بيعه غبطة وهي أن يبذل فيه زيادة كثيرة عن ثمن مثله، ولا يتقيد بالثلث، أو يكون في مكان لا ينتفع

به أو نفعه قليل فيبيعه ويشتري له في مكان يكثر نفعه

(3)

أو يرى شيئًا يباع في شرائه غبطة لا يمكن شراؤه إلا ببيع عقاره، وقد تكون داره في مكان يتضرر الغلام بالمقام فيه فيبيعها ويشتري له بثمنها دارًا يصلح له المقام بها، وأشباه هذا مما لا ينحصر. وللولى أن يأذن للصغيرة أن تلعب بلعب غير مصورة أي بلا رأس وله شراؤها من مالها نصًّا. وله تجهيزها إذا زوجها بما يليق بها. وإن لم يمكن الولى تخليص حق موليه إلا برفعه إلى وال يظلمه فله رفعه كما لو لم يمكن رد المغصوب إلا بكلفة عظيمة

(4)

.

(فصل) ومن بلغ سفيهًا أو مجنونًا فالنظر إلى وليه قبله. وإن فك عنه الحجر فعاود السفه أو جن أعيد الحجر عليه. ولا يحجر عليهما ولا ينظر في أموالهما إلا الحاكم

(5)

ولا ينفك عنهما إلا بحكمه. وإلشيخ

(1)

(صدقته بشئ منها) ولو قيل بجواز الصدقة منها بما جرت العادة به لكان متجهًا اهـ إنصاف، وبه قال أبو حنيفة، خلافًا للشافعي.

(2)

(ولا يبيع عقارهما) من غير حاجة إذا كان نظرًا لهما، وبه قال الثوري والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي.

(3)

(في مكان يكثر نفعه) لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن باع دارًا أو عقارًا ولم يصرف ثمنه في مثله لم يبارك له فيه.

(4)

(بكلفة عظيمة) فإن للمالك تكليف الغاصب ذلك والمؤنة على الغاصب لأنه المتسبب.

(5)

(إلا الحاكم) من جنون أو سفه بعد بلوغه ورشده وبهذا قال مالك والقاسم والأوزاعي والشافعي وإسحق وأبو ثور وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد، هذا واضح بالنسبة لمن سفه، وأما من جن فالجنون قال في المبدع لا يفتقر إلى اجتهاد بغير خلاف.

ص: 447

الكبير إذا اختل عقله حجر عليه بمنزلة المجنون. ومن حجر عليه استحث إظهاره عليه والإشهاد عليه لتجنب معاملته، ولا يصح تزوجه إلا بإذن وليه إن لم يكن محتاجًا إليه، والأصح وإن عضله الولي بالزواج استقل به فلو علم أنه يطلق اشترى له أمة ولا ينفذ عتقه

(1)

وينفق عليه ويكسى بالمعروف. ولا يصح وقفه وهبته ويصح تدبيره ووصيته

(2)

، وله المطالبة

بالقصاص والعفو على مال، وتعتق الأمة المستولدة بموته، وإن أقر بحد أو طلق زوجته أو خلعها بمال صح، ويلزمه حكمه في الحال، ولا تبرأ المرأة بدفعها إليه، ويصح إقراره بما يوجب القصاص، ويصح ظهاره وإيلاؤه ولعانه، وإن أقر بنسب ولد صح ولزمته أحكامه، ويصح منه كل عبادة بدنية كحج وغيره، لا نذر عبادة مالية. وإن أحرم بحج فرض صح والنفقة من ماله، وإن لزمته كفارة يمين أو كفارة غيرها كفر بالصوم، وحكم تصرف وليه حكم تصرف ولي الصغير والمجنون.

(فصل) وإذا كان الولي غنيًا لم يجز له الأكل من مال المولى عليه إذا لم يكن أبًا، فإن فرض الحاكم شيئا جاز له أخذه مجانًا ولو مع غناه، وللحاكم الفرض حيث رأى فيه مصلحة، ويأكل ناظر وقف بمعروف نصًّا إذا لم يشترط الواقف له شيئًا، وظاهره ولو لم يكن محتاجًا قاله في القواعد، وقال الشيخ: له أخذ أجرة عمله مع فقره

(3)

والوكيل في الصدقة لا يأكل منها شيئًا لأجل العمل

(4)

ولا يأكل لفقره ولو كان محتاجًا لأنه منفذ، وليس لزوج حجر على امرأته الرشيدة في التبرع بشئ من مالها ولو زاد على الثلث

(5)

وليس لحاكم حجر على مقتر على نفسه وعياله

(1)

(ولا ينفذ عتقه) لأنه تبرع، بخلاف الطلاق فليس بإتلاف ماله.

(2)

(ووصيته) لأن ذلك محض مصلحة لأنه تقرب إلى الله بماله بعد غناه عنه، وكذا إن علق الوقت بالموت.

(3)

(مع فقره) قال في الفائق: وإلحاقه بعامل الزكاة في الأكل مع الغني أولى.

(4)

(لأجل العمل) لأنه يمكنه موافقة الموكل على أجرة بخلاف الوصى أشار إليه القاضي.

(5)

(ولو زاد على الثلث) لقوله عليه الصلاة والسلام "يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن" وكن يتصدقن ويقبل منهن ولم يستفصل، هذه إحدى الروايتين وهي المذهب، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر والثانية ليس لها أن تصدق في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها وهو قول مالك ونصره القاضي وأصحابه لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها إذا ملك عصمتها" رواه أبو داود ولنا الخبر.

ص: 448

لكن ينفق عليه جبرًا بالمعروف من ماله

(1)

.

(فصل) ولولي مميز وسيد عبد الإِذن لهما في التجارة فينفك عنهما الحجر فيما أذن لهما فيه فقط، وفى النوع الذي أمرا به فقط، ويصح إقرارهما بقدر ما أذن لهما

فيه، وليس لأحد منهما أن يوكل فيما يتولى مثله بنفسه، وإن أذن له في جميع أنواع التجارة لم يجز أن يؤجر نفسه ولا يتوكل لغيره ولو لم يقيد عليه، وإن كل فكوكيل

(2)

ومتى عزل سيد قنه انعزل وكيله

(3)

وإن رآه سيده أو وليه يتجر فلم ينهه لم يصر مأذونًا له، قال الشيخ ولكن يكون تغريرًا فيكون ضامنًا بحيث أنه ليس له أن يطالب المشتري بالضمان

(4)

وإذا تصرف غير المأذون ببيع أو شراء بعين المال أو في ذمته أو بقرض لم يصح، ثم إن وجد ما أخذه فلربه أخذه منه ومن سيده إن كان بيده وحيث كان، فإن تلف في يد السيد أو غيره رجع عليه بذلك، وإن شاء كان متعلقًا برقبة العبد وإن أهلكه العبد تعلق برقبته يفديه سيده أو يسلمه

(5)

إن لم يعتقه، فإن أعتقه لزم السيد الذي عليه قبل العتق، ويضمنه بمثله إن كان مثليًا وإلا فبقيمته، ويتعلق دين مأذون له في التجارة

(1)

(على نفسه وعياله إلخ) يعنى في العقود والتصرف في ماله.

(2)

(وإن وكل فكوكيل) يصح فيما يعجزه وفيما لا يتولى مثله بنفسه فقط.

(3)

(انعزل كيله) لأنه متصرف لغيره بإذنه، وتوكيله فرع إذنه فإذا بطل الإِذن بطل ما هو مبني عليه، بخلاف وكيل صبي ومكاتب وراهن أذنه مرتهن في بيع رهن "فإذا وكلوا وبطل الإذن لم تبطل الوكالة لأن كلًا منهم متصرف في مال نفسه فلم ينعزل كيله بتغير الحال، لكن لا يتصرف في حال المنع كموكله.

(4)

(بالضمان) فإن ترك الواجب عندنا كفعل المحرم، كما نقول فيمن قدر على إنجاء إنسان من مهلكة، بل الضمان أقوى، وقال الشيخ أيضًا إن علم السيد بتصرفه لم يقبل ولو قدر صدقة فتسليطه عدوان منه فيضمن.

(5)

(يفديه سيده أو يسلمه) هذا المذهب، والرواية الثانية يتعلق بذمته ويتبع به بعد العتق وهو مذهب الشافعي.

ص: 449