الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا إذن طعامًا مما يقتات أو يصلح به القوت من الأدم أو غيره أو علفًا فله أكله وعلف دابته
(1)
ما لم يحرز أو يوكل الإِمام من يحفظه فلا يجوز إذن، فمن باعه رد ثمنه في المغنم
(2)
ولا يركب دابة من دواب المغنم، ولا يتخذ النعل من جلودها، وله أخذ سلاح من الغنيمة ولو لم يكن محتاجًا
إليه يقاتل به حتى تنقضى الحرب ثم يرده
(3)
وليس له القتال على فرس من الغنيمة ولا لبس ثوب
(4)
ومن أعطى دابة ليغزو عليها غير عارية ولا خبيس فغزا عليها ملكها، ومثلها سلاح ونفقة، فإن باعه بعد الغزو فلا بأس ولا يشتريه من تصدق به، ولا يركب دواب السبيل في حاجة نفسه ويركبها ويستعملها في سبيل الله، ولا بأس أن يركبها لعلفها وسقيها، وسهم الفرس الحبيس لمن غزا عليه.
باب قسمة الغنيمة
(5)
وهي ما أخذ من مال حربي قهرًا بقتال وما لحق به
(6)
ولم تحل الغنيمة لغير هذه الأمة
(7)
وإن أخذ منهم مال مسلم أو معاهد فأدركه صاحبه قبل القسمة لم يقسم ورد إلى صاحبه بغير شيء
(8)
ويلزم السيد أخذ أم ولده ولو قسمت بالثمن، وإن غنم
المسلمون شيئًا عليه علامة المسلمين ولم يعرف صاحبها قسم وجاز
(1)
(وعلف دابته) لقول ابن عمر "نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه" رواه البخاري.
(2)
(رد ثمنه في المغنم) لما روى سعيد "أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر: إنا أصبنا أرضًا كثيرة الطعام والغلة، وكرهت أن أتقدم في شيء من ذلك. فكتب إليه: دع الناس يأكلون ويعلفون، فمن باع شيئًا بذهب أو فضة ففيه خمس الله وسهام المسلمين" قال في المبدع: وظاهره أن البيع صحيح.
(3)
(ثم يره) لقول ابن مسعود "انتهيت إلى أبي جهل فوقع السيف من يده فأخذته فضربته به حتى برد" رواه الأثرم.
(4)
(ولا لبس ثوب) لما روى رويفع بن ثابت الأنصاري مرفوعًا "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من دواب المسلمين، حتى إذا أعجفها ردها فيه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوبًا من فئ المسلمين، حتى إذا أخلقه رده" رواه سعيد.
(5)
(الغنيمة) وأصلها الربح والفضل، والأصل فيها قوله تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية.
(6)
(وما لحق به) كهارب استولينا عليه وهدية الأمير وما أهدى لبعض قواد الأمير بدار الحرب.
(7)
(لغير هذه الأمة) لحديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم تحل الغنائم لقوم سود الرءرس غيركم كانت تنزل نار من السماء تأكلها" متفق عليه.
(8)
(بغير شيء) لما روى ابن عمر "أن غلامًا له أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده النبي صلى الله عليه وسلم" رواه أبو داود.
التصرف فيه وصاحبه أحق به بثمنه بعد قسمه، وإن كانت جارية لمسلم أولدها أهل الحرب فلسيدها أخذها دون أولادها
(1)
وإن وجده بيد مستول عليه وقد جاءنا بأمان أو مسلمًا فلا حق له فيه
(2)
وإن أخذه من الغنيمة بغير عوض أو سرقه أحد من الرعية من الكفار فصاحبه أحق به بغير شيء
(3)
وترد مسلمة سباها العدو إلى زوجها وولدها من الحربيين كولد ملاعنة وزنا
(4)
وما لم يملكوه كالوقف فلا يغنم بحال ويأخذه مجانًا ولو بعد إسلام من هو معه أو قسمه
(5)
وإن جهل ربه وقف حتى يعلم ربه، ويملك أهل الحرب مال مسلم بأخذه
(6)
ولو قبل حيازته إلى دار الكفر حتى أم ولد في إحدى الروايتين
(7)
ولو بقي مال مسلم معهم حولًا أو أحوالًا فلا زكاة فيه
(8)
وقال الشيخ: الصواب أنهم يملكون أموال المسلمين ملكًا مقيدًا لا يساوي أملاك
المسلمين من كل وجه. اهـ
(9)
. ولا يملكون حبيسًا ووقفًا ولا ذميًا وحرًا، ويعمل بوسم على حبيس ونظيره، وما أخذه من دار الحرب من مع الجيش وحده أو بجماعة لا يقدر عليه بدونهم فهو غنيمة، وإذا قال الإِمام من أخذ شيئًا فهو له أو فضل بعض الغانمين لم يجز في إحدى الروايتين
(10)
وإن عجز
(1)
(دون أولادها) للحوق النسب للمالك لأنهم يملكونها بالاستيلاء كسائر أموالنا.
(2)
(فلا حق له فيه) لحديث "من أسلم على شيء فهو أحق به" فعلى هذا كل ما قبضه الكفار من الأموال قبضًا يعتقدون جوازه فإنه يستقر لهم بالإِسلام كالعقود الفاسدة والأنكحة والمواريث وغيرها، ولهذا لا يضمنون ما أتلفوه على المسلمين إجماعًا قال معناه الشيخ.
(3)
(بغير شيء) لحديث عمران بن حصين "أن قومًا أغاروا على سرح النبي صلى الله عليه وسلم فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أيامًا ثم خرجت في بعض الليل، قالت: فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطتها ثم وجهت إلى المدينة ونذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها، فقلت: يا رسول الله إني نذرت أن أنحرها. قال؛ بئس ما جازيتها، "لا نذر في معصية الله" وفى رواية "لا نذر فيما لا يملك ابن آدم" أخرجه مسلم.
(4)
(وزنا) لأنه لا ملك لهم ولا شبهة ملك، ويجبر ولد المسلمة على الدخول في الإِسلام.
(5)
(أو قسمه) لأنه ليس بمال لهم ولم يزل ملك ربه عنه.
(6)
(بأخذه) لأن الاستيلاء سبب يملك به المسلم مال الكافر فكذلك عكسه كالبيع وكما يملكه بعضهم من بعض، وهذا قول مالك وأبي حنيفة.
(7)
(في إحدى الروايتين) قدمه في الشرح وغيره، وهو قول مالك وأبي حنيفة.
(8)
(فلا زكاة فيه) لأنه خرج عن ملك المسلم، وإن كان عبدًا فأعتقه سيد لم يعتق.
(9)
(من كل وجه) لما ذكروا أن ربه إذا أدكه أخذه إما مجانًا أو بالثمن على ما وضحوه.
(10)
(إحدى الروايتين) وهو المذهب، لأنه عليه الصلاة والسلام والخلفاء من بعده كانوا يقسمون الغنائم والثانية يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام يوم بدر "من أخذ شيئًا فهو له" ويأتي.
عن قسمه وحمله جاز أخذه وإحراقه. ولا سهم لعبد، ويسهم لكافر في إحدى الروايتين
(1)
وإذا لحق المسلمين مدد أسهم لهم وجعلوا كمن حضر الوقعة كلها
(2)
وإن كان بعد تقضى الحرب ولو لم تحرز الغنيمة فلا يسهم لهم
(3)
. وإن انصرف أحد من العسكر قبل الإِحراز أو مات فلا شيء له، وظاهر ما قدمه في المقنع أن الميت يستحق سهمه بمجرد انقضاء الحرب.
(فصل) وإذا أراد القسمة بدأ بالاسلاب فدفعها إلى أهلها، فإن كان في الغنيمة مال مسلم أو ذمي دفع إليه، ثم بمؤنة الغنيمة من أجرة نقَّال وحمَّال ونحوه، وإعطاء جعل من دل على مصلحة إن شرطه من مال العدو، ثم يخمس الباقي فيقسم على
خمسة أسهم
(4)
سهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يسقط بموته يصرف
(1)
(الروايتين) وهي المذهب، وبه قال الزهري والأوزاعي والثوري وإسحق، لما روى الزهري "أنه عليه الصلاة والسلام استعان في حربه بناس من اليهود فأسهم لهم" رواه سعيد، والثانية يرضخ له، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة، لأنه من غير أهل الجهاد كعبد.
(2)
(الوقعة كلها) لما روى عن عمر أنه قال "الغنيمة لمن شهد الوقعة" ولأنهم شاكوا الغانمين في السبب فشاكوهم في الاستحقاق.
(3)
(فلا يسهم لهم) لحديث أبى هريرة "أن أبان بن سعيد بن العاص وأصحابه قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد أن فتحها فقال: أقسم لنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس يا أبان. ولم يقسم له" رواه أبو داود. وعن طارق بن شهاب "أن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة، فكتب في ذلك إلى عمر فكتب عمر: أن الغنيمة لمن شهد الوقعة" رواه سعيد.
(4)
(خمسة أسهم) نص عليه لقوله تعالى: {واعلموا أنما غنتم من شيء فإن لله خمسه} الآية. وسهم الله وسهم رسوله شيء واحد.
مصرف الفئ
(1)
قال في المبدع: وانقطع الصفى بموته صلى الله عليه وسلم بغير خلاف نعلمه. وسهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب ابنا عبد مناف
(2)
دون غيرهم، ويجب تعميمهم وتفرقته بينهم للذكر مثل حظ الانثيين حيث كانوا حسب الإِمكان غنيهم وفقيرهم فيه سواء
(3)
جاهدوا أو لا، فإن لم يأخذوا رد في سلاح وكراع
(4)
وسهم لليتامى الفقراء، واليتيم من الأب ولم يبلغ
(5)
ولو كان له أم، ويستوى الذكر والأنثى. وسهم للمساكين فيدخل فيهم الفقراء
(6)
. وسهم لأبناء السبيل. ويشترط في ذوى قربى ويتامى ومساكين وأبناء سبيل كونهم مسلمين وأن يعطوا كالزكاة ويعم بسهامهم جميع البلاد، وإن اجتمع في واحد أسباب استحق بكل واحد منها
(7)
ثم يعطى الإِمام النفل بعد ذلك
(8)
من أربعة أخماس الغنيمة وهو الزيادة على السهم لمصلحة وهو المجعول
لمن يعمل عملًا، ويرضخ لمن لا سهم له وهم العبيد
(9)
والنساء
(10)
والصبيان المميزون على ما يراه الإِمام من التسوية بينهم والتفضيل، ولا يبلغ برضخ الراجل سهم راجل ولا لفارس سهم فارس، ويكون الرضخ له ولفرسه في ظاهر، كلامهم
(11)
وإن انفرد بالغنيمة من لا سهم له كعبد
(1)
(مصرف الفيء) للمصالح لقوله عليه الصلاة والسلام "ليس لي من الفئ إلا الخمس، وهو مردود عليكم" رواه سعيد. وفي الانتصار: وهو لمن يلى الخلافة بعده وقاله طائفة من العلماء. لقول أبى بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله إذا أطعم نبيًا طعمة فهي للذي يقوم من بعده" رواه أبو داود، وعنه تصرف في الخيل والسلاح روى عن أبى بكر وعمر.
(2)
(ابنا عبد مناف) لما روى جبير بن مطعم قال "قسم النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القرب بين بني هاشم وبني المطلب وقال: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" وفي رواية "لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام" رواه أحمد والبخاري بمعناه.
(3)
(سواء) لأنه عليه الصلاة والسلام لم يخص فقراء قرابته بل أعطى الغني كالماس وغيره.
(4)
(وكراع) أي خيل معدة في سبيل الله لفعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ذكره أبو بكر.
(5)
(ولم يبلغ) لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يتم بعد احتلام" ولا يدخل فيه ولد الزنا.
(6)
(الفقراء) فهما صنفان في الزكاة فقط، وفى سائر الأحكام صنف واحد.
(7)
(بكل واحد منها) كالمسكين اليتيم ابن السبيل لأنها أسباب لأحكام فوجب أن تثبت أحكامها مع الاجتماع.
(8)
(النفل بعد ذلك) أي بعد الخمس لما روى معن بن زائدة مرفوعًا "لا نفل إلا بعد خمس" رواه أبو داود.
(9)
(وهم العبيد) لحديث عمير مولى آبى اللحم قال شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا فيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أنى مملوك فأمر لي بشيء من خرسي المتاع" رواه أبو داود واحتج به أحمد.
(10)
(والنساء إلى آخره) لحديث ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة ولا يضرب لهن سهم" رواه مسلم.
(11)
(في ظاهر كلامهم) قال في شرح المنتهى: إن غزا الصبي على فرس له والمرأة على فرس لها رضخ الفرس ولراكبها لأنه لو أسهم للفرس كان لمالكها فإذا لم يستحق مالكها السهم بحضوره للقتال فبفرسه أولى.
وصبيان دخلوا دار الحرب فغنموا أخذ خمسه وما بقى لهم. ومن استعار فرسًا أو استأجره أو كان حبيسًا وشهد به الوقعة فله سهمه، ومن غصب فرسًا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه.
(فصل) ثم يقسم باقي الغنيمة. ويحرم قول الإِمام من أخذ شيئًا فهو له ولا يستحقه
(1)
وقيل يجوز لمصلحة
(2)
ويجوز تفضيل بعض الغانمين على بعض لغناء
(3)
وإلا حرم، ولا تصح الإِجارة على الجهاد، ولو كان ممن لا يلزمه فيرد الأجرة وله سهمه أو رضخه، ومن أجر نفسه بعد أن غنموا على حفظ الغنيمة أو حملها أو سوق الدواب ورعيها أو أبيح له أخذ الأجرة على ذلك ولم يسقط من سهمه شيء. ومن مات بعد انقضاء الحرب فسهمه لوارثه
(4)
ومن وطئ مطرية من المغنم قبل قسمة ممن له فيها حق أو لولده أدب ولم يبلغ به الحد
(5)
وعليه مهرها يطرح في
المقسم. إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها فقط
(6)
وتصير أم ولد له والولد حر ثابت النسب، وقطع في المغنى وغيره كالشرح لا يعتق رجل قبل خبرة الإِمام
(7)
ويحرم الغلول وهو كبيرة
(8)
ولا يحرم سهمه وإن حرق رحله فإن تاب قبل القسمة رد ما أخذه في المقسم، وإن تاب بعدها أعطى الإِمام خمسة وتصدق ببقيته على مستحقه
(9)
وليس بغال من سرق من الغنيمة وما أخذه
(1)
(ولا يستحقه) لأن الغزاة اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية، وتقدم.
(2)
(يجوز لمصلحة) لقوله عليه الصلاة والسلام يوم بدر "من أخذ شيئًا فهو له".
(3)
(لغناء) بفتح المعجمة: النفع على سبيل النفل.
(4)
(لوارثه) لاستحقاق الميت له بانقضاء الحرب ولو قبل إحراز الغنيمة، لقول عمر "الغنيمة لمن شهد الوقعة.
(5)
(ولم يبلغ به الحد) لأن له في الغنيمة ملكًا أو شبهة ملك فيدرأ عنه الحد.
(6)
(قيمتها فقط) دون مهرها وقيمة الولد لأنه ملكها حين علقت.
(7)
(الإِمام) لأن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وعم علي وعقيلًا أخا علي كانا في أسرى بدر ولم يعتقا عليهما.
(8)
(كبيرة) للوعيد عليه، وهو كتمان ما غنمه أو بعضه.
(9)
(على مستحقه) وهذا قول الحسن والزهري ومالك والأوزاعي والليث، وقال الشافعي: لا أعرف للصدقة وجهًا وحديث الغال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا أقبله منك حتى تجئ به يوم القيامة" ولنا ما روي عن حوشب بن سيف قال "غزا الناس الروم وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغل رجل مائة دينار، فلما قسمت الغنيمة وتفرق الناس ندم فأتى عبد الرحمن ليقبلها منه، فأبى عبد الرحمن وقال: تفرق الناس، فأتى معاوية فأبى أن يقبضها: فخرج وهو يبكى فمر على عبد الله بن الشاعر فأخبره فقال: انطلق إلى معاوية فأعطه خمسة وعشرين دينارًا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش، فإن الله يعلم أسماءهم ومكانهم، وإن الله يقبل التوبة عن عباده، فقال معاوية: أحسن" وقد قاله ابن مسعود في المال الذي لا يعرف صاحبه، ومعاوية ومن بعدهم، ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعًا.