الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيما يشتريه للمضاربة في أحد الوجهين.
باب الوديعة
(1)
(1)
(الوديعة) اسم للمال أو المختص ككلب صيد، والمودع بفتح الدال أي المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض، فيخرج عن هذا ما لا يحترم كالخمر، وبقيد عدم العوض الأجير على حفظ المال.
والإِيداع توكيل في حفظه تبرعًا، والاستيداع توكل في حفظه كذلك بغير تصرف، وقبولها مستحب لمن يعلم من نفسه الأمانة
(1)
، وهي أمانة لا ضمان عليه فيها
(2)
. وإن تلفت من بين ماله لم يضمن في أصح الروايتين
(3)
ولو لم يتلف من ماله شيء. وإن شرط عليه ضمانها أو قال أنا ضامن لها لم يضمن، فإن أذن المالك في التصرف وفعل صارت عارية مضمونة، وهي عقد جائز من الطرفين، ومن حصل بيده أمانة بغير
رضا صاحبها كاللقطة. ومن أطارت الريح إلى داره ثوبًا وجب المبادرة إلى الرد مع العلم بصاوبها والتمكن منه، وله إعلامه ذكره جمع
(4)
، وإن قال: لا تخرجها ولو خفت عليها فأخرجها عند الخوف أو تركها لم يضمن
(5)
ووديع البهيمة إن تعذر عليه صاحبها أو وكيله رفع أمرها إلى الحاكم
(1)
(الأمانة) لأن فيه قضاء حاجة أخيه المؤمن ومعاونته.
(2)
(لا ضمان عليه فيها) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم "من أودع وديعة فلا ضمان عليه" رواه ابن ماجة.
(3)
(في أصح الروايتين) والثانية إن ذهبت من بين ماله ضمنها، لما روي عن عمر أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله، والأول أصح لأن الله سماها أمانة، والضمان ينافيها وقال عليه الصلاة والسلام "ليس على المودع غير المغل ضمان" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
(4)
(ذكره جمع) قال في الإِنصاف: وهو مراد غيرهم، لأن مؤنة الرد لا تجب، وإنما يجب التمكين من الأخذ.
(5)
(لم يضمن) هذا المذهب، فإن أخرجها في هذا الحال لغير خوف ضمن.
وفعل ما يرى الحظ لصاحبها
(1)
وإن خاف المقيم على الوديعة إذا سافر بها ولم يجد مالكها ولا وكيله في قبضها دفعها إلى الحاكم المأمون
(2)
، فإن تعذر ذلك أودعها ثقة
(3)
أو دفنها وأعلم بها ثقة يسكن تلك الدار، وحكم من حضرته الوفاة حكم من أراد سفرًا في دفعها إلى الحاكم أو ثقة وإن منعها بعد أن طالبها شرعًا ضمن، ولا تعود وديعة إلا بعقد جديد، وإن أنكر صاحبها موجب التلف من نار أو سبيل أو أمر ظاهر لزم المستودع البينة، فإذا ثبت
لم يلزمه بينة التلف لتعذره
(4)
وإن خلطها بمتميز
(5)
أو اختلط غير متميز بغير
(1)
(ما يرى الحظ لصاحبها) فإن أذن الحاكم لمن هي بيده أن ينفق عليها فالأولى أن يقدره له قطعًا للنزاع ويرجع به على صاحبها.
(2)
(الحاكم المأمون) والصواب هنا أن يراعى الأصلح في دفعها إلى الحاكم والثقة، فإن استوى الأمران فالحاكم.
(3)
(أودعها ثقة) لفعله عليه الصلاة والسلام "لما أراد أن يهاجر، أودع الودائع التي عنده لأم أيمن" الحديث.
(4)
(لتعذره) فلم يطالب بها كما لو أدى نقلها بأمر خفى، وهذا قول الشافعي.
(5)
(وإن خلطها بمتميز) كدراهم بدنانير أو دراهم بيض بسود.
تفريط منه لم يضمن، فإن ضاع البعض جعل من مال المودع، وقال المجد: لا يبعد أن يكون الهالك منهما، وإن أخذ درهمًا ثم رده أو بدله متميزًا
(1)
أو أذن له في أخذه منها ورد بدله بلا إذن فضاع الكل ضمنه وحده، وإن رد بدله غير متميز ضمن الجميع
(2)
، ويحتمل أن لا يضمن غيره
(3)
، وإن أودعه صبي وديعة ضمنها ولم يبرأ إلا بالتسليم إلى وليه إلا أن يأخذها لحفظها حسنة فلا ضمان عليه
(4)
، وإن أودع الصبي وديعة فتلفت بتفريطه أو أتلفها لم يضمن
(5)
، وقال القاضي: يضمن، ويضمن العبد المكلف في رقبته إذا أتلفه؛ وإذا مات إنسان وثبت عنده وديعة ولم توجد بعينها فهي
دين عليه تغرم من تركته
(6)
.
(فصل) والمودع أمين، والقول قوله في الإِذن في دفعها إلى إنسان
(7)
وقيل لا يقبل
(8)
ولو سلم
(1)
(أو بدله متميزًا) إلى آخره، هذا المذهب وبه قال الشافعي، وقاك مالك: لا ضمان عليه إذا رده أو مثله، ولنا أن الضمان تعلق بذمته بالأخذ، بدليل أنه لو تلف في يده قبل رده ضمنه، فلا يزول إلا برده إلى صاحبه كالمغصوب.
(2)
(ضمن المجميع) هذا المذهب، لخلطه الوديعة بما لا تتميز منه.
(3)
(أن لا يضمن غيره) وهو رواية، جزم به القاضي في التعليق وقطع به أبو الحسين القاضي واختاره أبو بكر، وقال الحارثي: وهو المذهب، ومال إليه في المغنى.
(4)
(فلا ضمان عليه) كالمال الضائع والموجود في مهلكة إذا أخذه وتلف، وكذا لو أخذ المال من الغاصب تخليصًا له ليرده إلى مالكه.
(5)
(لم يضمن) هذا المذهب، وهو ظاهر قول أبي حنيفة، قال ابن عقيل: وهو أصح عندي.
(6)
(تغرم من تركته) وهكذا مضاربة ورهن ونحوها من الأمانات، لأنه لم يتحقق براءته كبقية الديون.
(7)
(في دفعها إلى إنسان) هذا الصحيح، وهو من المفردات، وبه قال ابن أبي ليلى.
(8)
(وقيل لا يقبل) وبه قال مالك والشافعي والثوري وأصحاب الرأي، قال الحارثي: وهو أقوى.
وديعة إلى غير ربها كرهًا لم يضمن، وإن آل الأمر إلى الحلف حلف متأولًا
(1)
وإن حلف ولم يتأول أثم ووجبت الكفارة، لكن إثم حلفه دون إثمه بإقراره
(2)
، وإن أكره على الحلف بالطلاق فكإكراهه على إيقاعه، ولو دخل حيوان لغيره إلى داره فعليه أن يخرجه ليذهب كما دخل
(3)
ويجب رد الوديعة إلى ربها إذا طلبها، وليس على المستودع مؤنة الرد ولا مؤنة حملها بل عليه التمكين من الأخذ فقط.
(فصل) وإن قال لم تودعني ثم أقر بها أو ثبتت ببينة فادعى الرد أو التلف قبل جحوده
(4)
، وأقام بينة لم يقبل قوله، ولا بينته
(5)
، ويحتمل أن تقبل بينته
(6)
، وإن كان ما ادعاه من الرد والتلف بعد جحوده
(7)
وأقام بذلك بينة قبلت بهما لأنه ليس بمكذب لها وإن وجد خط مورثه "لفلان عندي وديعة" أو على كيس ونحوه "هذا لفلان" عمل به وجوبًا
(8)
وإن وجد خطه بدين له على فلان جاز للورثة الحلف
(1)
(متأولًا) وإن لم يحلف حتى أخذت منه وجب الضمان.
(2)
(دون إثمه بإقراره) أثم لكذبه، ولكن حفظ مال الغير عن الضياع آكد من بر اليمين.
(3)
(ليذهب كما دخل) لأن يده لم تثبت عليه، بخلاف الثوب ذكره ابن عقيل.
(4)
(قبل جحوده) بأن يدعى عليه الوديعة يوم الجمعة فينكرها ثم يقر أو تقوم بينة بها فيقيم بينة بأنها تلفت أو رها يوم الخميس أو قبله مثلًا.
(5)
(ولا بينته) هذا المذهب وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وإسحق لأنه مكذب لإنكاره الأول ومعترف على نفسه بالكذب المنافى للأمانة.
(6)
(ويحتمل أن تقبل بينته) لأن صاحبها لو أقر بذلك سقط عنه فتسمع البينة به، قال الحارثي: وهو الحق والمذهب عندي.
(7)
(بعد جحوده) كما لو ادعى عليه بالوديعة يوم الخميس إلى آخره.
(8)
(عمل به وجوبًا) على الصحيح من المذهب، وقيل لا يعمل به ويكون تركة اختاره المصنف والشارح وغيرهما.
مع شاهد
(1)
ودفع إليه بخلاف الشهادة
(2)
وإن وجد خطه بدين عليه عمل به
(3)
وإن ادعى الوديعة اثنان فأقر بها لأحدهما فهي له
(4)
مع يمينه ويحلف المودع أيضًا
للمدعى الآخر
(5)
. وإن أقر بها لهما فهي بينهما ويحلف لكل واحد منهما، وإن قال: لا أعرف صاحبها حلف
(6)
أنه لا يعلم ويقرع بينهما، فمن قرع صاحبه حلف وأخذها
(7)
.
(1)
(الحلف مع شاهد) إذا كان يعلم أن وارثه لا يكتب إلا حقًّا.
(2)
(بخلاف الشهادة) فيجوز الخلف على ما لا تجوز الشهادة به، إذ لا يشهد على شهادة أبيه أو غيره إذا رآها بخطه.
(3)
(عمل به) وجوبًا ودفع إلى من هو مكتوب باسمه، وقيل لا يعمل به.
(4)
(فهي له) لأن اليد كانت للمودع ونقلها إلى المدعى فصارت اليد له، ومن كانت اليد له قبل قوله مع يمينه.
(5)
(للمدعى الآخر) لأنه منكر لدعواه، وتكون على نفى العلم قاله في المبدع، فإن نكل لزمه بدلها له لأنه فوتها عليه.
(6)
(حلف) إن كذباه، وإن صدقاه أو سكتا فلا يمين عليه.
(7)
(وأخذها) وقال الشافعي: يتحالفان وتوقف بينهما حتى يصطلحا، وهو قول ابن أبي ليلى لأنه لا يعلم المالك منهما، وللشافعى قول آخر أنها تقسم بينهما وحكاه ابن المنذر عن أبي ليلى وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه.