الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صيد الحرمين ونباتهما
يحرم صيد حرم مكة على الحلال والمحرم إجماعًا
(1)
فمن أتلف منه شيئًا ولو كان المتلف كافرًا أو صغيرًا أو عبدًا فعليه ما على المحرم في مثله، ولا يلزم المحرم جزاآن نص عليه، وحكم صيده حكم صيد الإحرام مطلقًا، إلا القمل فإنه لا يضمن ولا يكره قتله فيه، وإن رمى الحلال من الحل صيدًا في الحرم أو بعض قوائمه فيه أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدًا على غصن في الحرم أصله في الحل
(2)
أو أمسك طائرًا في الحل فهلك فراخه في الحرم ضمنه ولا يضمن أمه، وإن قتل من الحرم صيدًا في الحل بسهمه أو كلبه أو قتل صيدًا على غصن في الحل أصله في الحرم أو أمسك حمامة في الحرم فهلك فراخها في الحل لم يضمن
(3)
وإن أرسل كلبه
على صيد في الحل فقتله أو غيره في الحرم أو فعل ذلك بسهمه لم يضمن
(4)
ولا يؤكل كما لو ضمنه.
(فصل) ويحرم قطع شجر الحرم المكي حتى ما فيه مضرة كشوك وعوسج
(5)
وحشيش الحرم ويضمنه إلا اليابس، وما زال بفعل غير آدمى وما انكسر ولم يبن فإنه كظفر منكسر والكمأة والفقع
(6)
وقيل تبقى
(1)
(إجماعًا) لما روى ابن عباس مرفوعًا أنه قال يوم فتح مكة. الحديث، وعلم أن مكة كانت حرامًا قبل إبراهيم، وعليه أكثر العلماء.
(2)
(أصله في الحل) لأن الهواء تابع للقرار فهو من صيد الحرم.
(3)
(لم يضمن) في أصح الروايتين، لأن الأصل الإباحة، وليس من صيد الحرم فليس بمعصوم والثانية يضمن اختارها أبو بكر والقاضي وغيرهما.
(4)
(بسهمه لم يضمن) هذا المذهب وهو قول الشافعى وأبى ثور وابن المنذر، والثانى يضمن وبه قال عطاء وأبو حنيفة وصاحباه لأنه قتل صيدًا حرميًا.
(5)
(وعوسج) للعموم، وقال أكثر أصحابنا لا يحرم ما فيه مضرة لأنه مؤذ بطبعه كسباع.
(6)
(والكمأة والفقع) لأنهما لا أصل لهما فليسا بشجر ولا حشيش.
الكمأة في الأرض فيمطر عليها مطر الصيف فتستحيل أفعى
(1)
وإلا الثمرة، وما زرعه آدمى من بقل ورياحين وزرع وشجر غرس من غير شجر الحرم فيباح أخذه والانتفاع به
(2)
وبما انكسر من الأغصان وانقطع من الشجر بغير فعل آدمي، والورق الساقط، ولا يحتش حشيشه، ويجوز رعيه
(3)
وإذا قطع ما يحرم قطعه حرم انتفاعه وانتفاع غيره به كصيد ذبحه محرم ومن قطعه ضمن الشجرة الكبيرة والمتوسطة ببقرة والصغيرة عرفًا بشاة
(4)
والحشيش والورق
بقيمته نصًّا، وإن استخلف الغصن والحشيش سقط الضمان، وكذا لو رد شجرة فنبتت، ويضمن نقصها إن نبتت ناقصة، وإن قلع شجرًا من الحرم فغرسه في الحل لزمه رده، فإن تعذر أو يبست أو قلعها من الحرم فغرسها في الحرم فيبست ضمنها، ويخير بين الجزاء وبين تقويمه، ويفعل بثمنه كجزاء صيد، قال أحمد: لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل إليه من الحل
(5)
ولا يخرج من حجارة مكة إلى الحل، واقتصر في الشرح على الكراهة، ولا يكره إخراج ماء زمزم لأنه يستخلف فهو كالثمرة
(6)
.
(فصل) ومكة أفضل من المدينة
(7)
وتستحب المجاورة بها، ولمن هاجر منها المجاورة بها كغيره،
(1)
(أفعى) قاله القزوينى في عجائب المخلوقات عن العرب، وكذا أخبر بها غير واحد قاله في حاشيته.
(2)
(والانتفاع به) لأنه مملوك الأصل كالأنعام فلا يضاف إلى الحرم بل يضاف إلى مالكه فلا يعمه الخبر.
(3)
(ويجوز رعيه) في أصح الوجهين، وهذا مذهب عطاء والشافعى لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه فلم ينقل أنها كانت تسد أفواهها. وحديث ابن عباس المتفق عليه وفيه "فدخلت في الصف وتركت الأتان ترتع".
(4)
(بشاة) لما روى ابن عباس "في الدوحة بقرة وفي الجزلة شاة" وقاله عطاء. والدوحة الشجرة العظيمة والجزلة الصغيرة.
(5)
(من الحل) كذا قال ابن عمر وابن عباس، وقال بعض أصحابنا يكره إخراجه إلى الحل، وفى إدخاله روايتان، وفي الفصول يكره تراب المسجد كتراب الحرم، وظاهر كلام بعض أصحابنا يحرم لأنه انتفاع بالوقف في غير جهته.
(6)
(كالثمرة) قال أحمد أخرجه كعب اهـ. وروي عن عائشة أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله وراه الترمذي وقال حسن غريب.
(7)
(أفضل من المدينة) لحديث عدى بن الحمراء أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله. ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" رواه أحمد وغيره وصححه الترمذي وما خالفه فلم يصح.
وجزم في المغنى وغيره بأن مكة أفضل والمجاورة بالمدينة أفضل، وذكر قول أحمد: المقام بالمدينة أحب إلى من المقام بمكة لمن قوى عليه لأنها مهاجر المسلمين
(1)
وما خلق الله أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وأما نفس تراب
تربته فليس هو أفضل من الكعبة بل الكعبة أفضل منه ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد عليه
(2)
وحد الحرم على طريق المدينة ثلالة أميال
(3)
ومن طريق اليمن سبعة ومن العراق سبعة ومن الجعرانة تسعة ومن جدة عشرة أميال ومن الطائف على عرفات من بطن نمرة.
(فصل) ويحرم صيد المدينة
(4)
والأولى أن لا تسمى بيثرب
(5)
فلو صاد وذبح صحت تذكيته
(6)
ويجوز
(1)
(مهاجر المسلمين) وقال صلى الله عليه وسلم "لا يصبر أحد على لأوائها وشدتها إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة" رواه مسلم، وفي لفظ "أو شهيدًا" وتضاعف الحسنات والسيئات بمكان وزمان فاضلين لقول ابن عباس، وسئل أحمد: هل تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ قال: لا إلا بمكة، قال لتعظيم البلد، ولو أن رجلًا بعدن هم أن يقتل عند البيت لأذاقه الله العذاب الأليم.
(2)
(عليه) هذا معنى كلام الشيخ، وقال: المجاورة بمكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان.
(3)
(ثلاثة أميال) عند بيوت السقيا ويعرف الآن بمساجد عائشة وهو دون التنعيم.
(4)
(صيد المدينة) لحديث عامر بن سعد عن أبيه مرفوعًا إني أحرم المدينة ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها ويقتل صيدها.
(5)
(لا تسمى بيثرب) لأن النبي صلى الله عليه وسلم غيره لما فيه من التثريب وهو التعيير والاستقصاء في اللوم، وما وقع في القرآن فهو حكاية عن المنافقين.
(6)
(تذكيته) قال القاضي: تحريم صيده يدل على أنه لا تصح ذكاته.