الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العين المعارة تجب على المالك أو على المستعير لا أعرف فيها نقلًا، إلا أن قياس المذهب فيما يظهر لي أنها تجب على المستعير
(1)
لأنهم قالوا إنه يجب عليه مؤنة ردها وضمانها إذا تلفت، وهذا دليل على أنه يجب عليه ردها إلى صاحبها كما أخذها منه سوى نقص المنافع المأذون فيها، فإن رد الدابة إلى اصطبل
(2)
المالك أو غلامه لم يبرأ
(3)
إلا أن يردها إلى من جرت عادته بجريان ذلك على يده كالسائس ونحوه.
كتاب الغصب
(1)
(على المستعير) قال أبو المعالي بن المنجا في شرح الهداية: ونفقة العين المعارة واجبة على المعير، ووافقه في الرعاية، وذكرها الحلواني في التبصرة وقال إنها على المستعير.
(2)
(إلى إصطبل) بقطع الهمزة مكسورة وفتح الطاء وسكون الباء غير عربي، أي القائم بحوائجه.
(3)
(لم يبرأ) وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يبرأ، ولنا أنه لم يردها إلى مالكها ولا إلى نائبه فلم يبرأ منها.
الغصب حرام إجماعًا
(1)
وهو استيلاء غير حربي
(2)
على حق غيره قهرًا بغير حق من عقار وغيره، لكن لا تثبت يد على بضع
(3)
ولا يشترط نقل العين فيكفى مجرد الاستيلاء عرفًا
(4)
، وعنه ما يدل على أن العقار لا يضمن بالغصب
(5)
.
(1)
(إجماعًا) لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} وقوله عليه الصلاة والسلام "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس" رواه ابن ماجة والدارقطني. وهو لغة أخذ الشيء ظلمًا قاله الجوهري وابن سيده. وفي الشرع: استيلاء إلى آخره.
(2)
(غير حربى) فإن استيلاء أهل الحرب على المسلمين ليس من الغصب المذكور حكمه بإجماع المسلمين إذ لا خلاف أنه لا يضمن بالإتلاف ولا بالعلف، وإنما الخلاف في وجوب رد عينه إذا قدرنا على أخذه.
(3)
(على بضع) بضم الباء جمعه أيضًا، يطلق على الفرج والجماع لفظًا، فيصح تزويج سيد أمة بيد غاصب.
(4)
(عرفًا) أي ما يعد استيلاء في العرف، فلو ركب دابة واقفة لإنسان ليس صاحبها عندها صار غاصبًا.
(5)
(لا يضمن بالغصب) قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يتصور غصبها ولا تضمن بالغصب، فإن أتلفها ضمنها كما لو حال بينه وبين متاعه فتلف، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام "من غصب شبرًا من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغصب ويظلم فيه، ولأنه يمكن الاستيلاء عليه على وجه يحول بينه وبين مالكه، مثل أن يسكن الدار ويمنع مالكها من دخولها فأشبه ما لو أخذ الدابة.
وتضمن أم الولد بالغصب
(1)
ويحرم رد خمر على مسلم
(2)
وإن منع الحر أو العبد من العمل من غير جنس لم تلزمه أجرته، ويتوجه بلى، قلت وهو الصواب. ويلزم رد المغصوب ولو بنى عليه
(3)
إلا أن يكون قد بلى فتجب قيمته، وإن سمر بالمسامير بابًا لزمه قلعها وردها، وإن زرع الأرض
(4)
(1)
(بالغصب) وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: لا تضمن، لأنها لا تجرى مجرى المال، ولأنها تضمن بالقيمة.
(2)
(على مسلم) لأنه إعانة له على ما يحرم عليه، بل تجب إراقته.
(3)
(ولو بنى عليه) وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة، لا يجب رد الخشب والحجر لأنه صار تابعًا لملكه يستضر بقلعه. ولنا أنه مغصوب أمكن رده فوجب.
(4)
(وإن زرع الأرض) هذا المذهب، قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافًا، لأنه نماء ماله.
فردها بعد أخذ الزرع فعليه أجرتها وعليه أجر المثل إلى وقت التسليم وضمان النقص ولو لم يزرعها وإن ردها صاحبها والزرع قائم خير بين تركه إلى الحصاد بأجرته وبين أخذه بنفقته في إحدى الروايتين
(1)
والثانية
يأخذه بقيمته لأنه بدل عن الزرع ولا أجرة على الغاصب مدة مكثه في الأرض إذا أخذه بنفقته، ويزكيه المالك إن أخذه قبل وجوب الزكاة وبعد على الغاصب، وقال أكثر الفقهاء: يملك إجبار الغاصب على قلعه
(2)
ويؤخذ بقلع الغراس والبناء
(3)
وإن طلب رب الأرض أخذه مجانًا أو بقيمته وأبي مالكه إلا القلع فله ذلك. وقال المجد في شرح الهداية: ولصاحب الأرض تملك الغراس والبناء بقيمته مقلوعًا إذا كانت الأرض تنقص بقلعه، وإن غصب أرضًا وغراسًا من رجل واحد فغرسه فيها فالكل لمالك الأرض، وإن أراد الغاصب قلعه ومنعه المالك لم يملك قلعه
(4)
وإن رد إليه الشجر بعد أخذ الغاصب الثمرة فهي للمالك كما لو وجدها عليه
(5)
وعنه كالزرع إن أدركها قبل الجذاذ أخذها وإلا فهي للغاصب، وإن أخذ
(1)
(في إحدى والروايتين) وهي المذهب، وهو قول أبي عبيد، فيرد البذر وعوض لواحقه من حرث وسقي وغيرها، لحديث رافع "وهذا خلاف القياس فإن القياس أن الزرع لصاحب البذر لأنه نماء ماله، وصرح به أحمد للأثر.
(2)
(على قلعه) لقوله عليه الصلاة والسلام "ليس لعرق ظالم حق" ولنا حديث رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" رواه أبو داود والترمذى وقال حسن.
(3)
(والبناء) لو كان شريكًا أو لم يغصبها لكن غرس من غير إذن للتعدى.
(4)
(لم يملك قلعه) لأن الجميع ملك للمغصوب منه فلم يملك غيره التصرف فيه بغير إذنه.
(5)
(كما لو وجدها عليه) بخلاف الزرع لأنها ثمرة شجرة، قدمه في المغنى والشرح والفائق والرعايتين والحاوى الصغير والمبدع، والقياس على الزرع ضعيف.
تراب الأرض فضربه لبنًا
رده ولا شيء له، وإن طالبه المالك بحله لزمه إن كان فيه غرض صحيح، وإن كان اللبن والأرض للمالك واختار الغاصب نقضه فللمالك منعه، وذبح الغاصب الحيوان لا يحرمها
(1)
لكن لا يجوز لأحد أكلها ولا التصرف فيها إلا بإذن مالكها، وإن غصب خيطًا فخاط به حيوانًا وخيف عليه من قلعه فعليه قيمته إلا أن يكون لا حرمة له
(2)
أو يكون مأكولًا للغاصب
(3)
وإدق غصب فحل غيره فأنزاه على دابته فالولد تبع
لأمه ويلزمه أرش نقصه، وإن غصب دابة ضمن ما نقص من قيمتها ولو بتلف إحدى عينيها
(4)
.
(فصل) وإن نقص المغصوب نقصًا غير مستقر
(5)
خير بين أخذه مثله وبين تركه حتى يستقر فساده فيأخذه وأرش نقصه، وإن جنى المغصوب فعلى الغاصب أرشها
(6)
وتضمن زوائد الغصب
(7)
كالولد والثمرة إذا تلفت أو نقصت كالأصل، وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز لزمه مثله منه
(1)
(لا يحرمها) بمعنى أنها صارت كالميتة لأنها مذكاة ممن فيه أهلية الذكاة، وتأتي في السرقة.
(2)
(لا حرمة له) كالمرتد والخنزير والكلب العقور، فيجب رده لأنه يتضمن تفويت ذي حرمة، أشبه ما لو خاط به ثوبًا.
(3)
(للغاصب) والقول الثاني لا يجب قلعه، لأن للحيوان حرمة في نفسه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبح الحيوان لغير مأكلة.
(4)
(إحدى عينيها) فيغرم أرش نقصها فقط لأنه الذي فات على المالك، وما روي عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع قيمتها" وروي عن عمر قال في المبدع: لا تعرف صحته، مع أن قول عمر محمول على أنه قدر نقصها.
(5)
(غير مستقر) كحنطة ابتلت وعفنت، لأنه لا يجب له المثل ابتداء لوجود عين ماله، ولا أرش العيب لأنه لا يمكن معرفته ولا ضبطه إذن.
(6)
(فعل الغاصب أرشها) سواء جنى على سيده أو غيره على غاصبه وماله هدر، إلا في القتل فيقتل ويرجع الغاصب بقيمته.
(7)
(زوائد الغضب) وسواء تلف منفردًا أو مع أصله، وبه قال الشافعي، وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجب ضمانه إلا أن يطالب بها فيمتنع من أدائها.
في أحد الوجهين
(1)
ولا يجوز للغاصب أن يتصرف في قدر ماله منه ولا إخراج قدر الحرام منه بدون إذن المغصوب منه، فلا يقاسم نفسه إن عرف ربه وإلا تصدق به عنه، وإن اختلط درهم بدرهمين من غير غصب فتلف اثنان فما بقى بينهما نصفين
(2)
وإن وهب الغاصب الصبغ لمالك الثوب
أو تزويق الدار ونحوها لزمه قبوله
(3)
لا هبة مسامير سمر بها بابًا مغصوبًا
(4)
وإن وطئ الجارية مع العلم بالتحريم فعليه الحد، وإن جهل فالولد رقيق تبعًا لأمه ويضمن نقص الولادة
(5)
وإن تلفت عند مشتر جاهل بالغصب فعليه قيمتها ولا يرجع بها ولا بأرش بكارة
(6)
بل بثمن على الغاصب سواء جهل أو علم بالغصب لانتفاء صحة العقد
(7)
وبمهر وأجرة نفع وثمرة بستان كسب وقيمة ولد
(8)
. والأيدي المترتبة على الغاصب عشر:
(1)
(في أحد الوجهين) هذا المذهب، وفى الآخر يلزمه مثله من حيث شاء.
(2)
(بينهما نصفين) لأنه يحتمل أن يكون التالف الدرهمين فيختص صاحب الدرهم به، ويحتمل أن يكون التالف درهمًا لهذا ودرهمًا لهذا فيختص صاحب الدرهمين بالباقى فتساويا لا يحتمل غير هذا، وقال في تصحيح الفروع: قلت ويحتمل القرعة وهو أولى، لأنا متحققون أن الدرهم لواحد منهما لا يشركه غيره، وقد اشتبه علينا فأخرجناه بالقرعة كما في نظائره وهو كثير.
(3)
(قبوله) إذا صبغ بصبغه ثوبًا مغصوبًا ونحوه، هذا المذهب لأنه صار من صفات العين كنسج الغزل وعمل حديد إبرا ونحوه: والثاني لا يلزمه، قال الحارثي: هذا أقرب إن شاء الله تعالى.
(4)
(بابًا مغصوبًا) لأنها أعيان متميزة أشبهت الغراس.
(5)
(نقص الولادة) لأنه حصل بتعديه، ولا ينجبر بزيادة أمه بالولد وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ينجبر نقصها بولدها.
(6)
(ولا بأرش بكارة) على الغاصب. لأنه دخل على ضمان العين لأنه بذل الثمن في مقابلتها.
(7)
(لانتفاء صحة العقد) لأن البائع وكذا المؤجر ليس مالكًا ولا مأذونًا فلا يملك الثمن بالعقد الفاسد.
(8)
(وقيمة ولد) لأنه دخل على أن ذلك غير مضمون عليه.
المشتري والمستعير
(1)
والمستأجر
(2)
والمودع والمتهب
(3)
ويد المتزوج
(4)
ويد المتصرف في المال بما ينميه
(5)
ويد القابض بغير عقد البيع
(6)
ويد المتلف
(7)
ويد الغاضب من الغاصب
(8)
. وإن أخذه مالكه بقرض أو شراء أو هبة لم يبرأ
(9)
وقال
أحمد في رجل يجد سرقته عند إنسان بعينها قال: هو ملكه يأخذه، إذهب إلى حديث سمرة
(10)
.
(1)
(والمستعير) إذا تلفت العين في يد غير الغاصب فللمالك تضمينه بقيمتها ولو طالب المالك الغاصب بالثمن إذا كان أزيد.
(2)
(والمستأجر) عكسها إذا ضمنه استقر عليه ضمان المنفعة دون العين، ورجع على الغاصب بالأجرة.
(3)
(والمتهب) يرجعان بهما على الغاصب وهو الصحيح من المذهب في المتهب لأنه دخل مع الغاصب على أن يسلم له العين فينبغى أن يرجع بما غرم من قيمتها على الغاصب.
(4)
(ويد المتزوج) إن ولدت منه فمات الولد غير عالم بالغصب ولم يشترط حريته وضمنه بقيمته يرجع على الغاصب.
(5)
(بما ينميه) كالمضارب والشريك والمساقي والمزارع إذا تلف ذلك بيد العامل ونحوه، فإن ضمنه المالك رجع على الغاصب بقيمة وأجرة عمل، وإن ضمن الغاصب رجع بما قبض عامل لنفسه من ربح وثمر وزرع بقيمته مع عاصب لأنه لا يستحق ما قبضه من ذلك لفساد العقد، وللعامل على الغاصب أجر مثله لأنه غره.
(6)
(البيع) كمن قبض العين عن دين إن غرم قابض رجع بقيمة منفعة، وإن غرم غاصب رجع بقيمة عين والدين بحاله.
(7)
(المتلف) للمغصوب نيابة عن الغاصب كالذابح للحيوان والطابخ له، وهذا يرجع على الغاصب بما ضمنه للمالك مع عدم العلم بالحال.
(8)
(من الغاصب) فالقرار على الثاني مطلقًا.
(9)
(لم يبرأ) إلا أن يعلم، لكن القياس أن الغاصب يبرأ إذا أخذه المالك قرضًا أو شراء من العين لأن مالكها دخل على أنها مضمونة عليه.
(10)
(سمرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم، من وجد متاعه عند رجل فهو أحق به ويتبع المبتاع من باعه" رواه هشيم.
(فصل) وإن تلف المغصوب ضمنه بمثله إن كان مكيلًا أو موزونًا، وكذا لو أتلفه تماثلت أجزاؤه أو تباينت
(1)
إذا كان باقيًا على أصله
(2)
وإن أعوز المثل فعليه قيمة مثله يوم إعوازه
(3)
وقال القاضي: يضمنه بقيمته يوم قبض البدل
(4)
وعنه تلزمه قيمته يوم تلفه
(5)
وإن لم يكن مثليًّا
(6)
ضمنه بقيمته يوم تلفه في بلده، فإن كان مصوغًا
(7)
من النقدين أو تبرأ تخالف قيمته وزنه قومه بغير جنسه
(8)
وقال القاضي وابن عقيل
وصاحب الفائق: يجوز تقويمه بجنسه لأن ذلك قيمة والصنعة لها قيمة
(9)
فإن كان محلى بالنقدين
(1)
(أو تباينت) هذا المذهب وعليه الأصحاب كالأثمان والحبوب والأدهان وغير ذلك، وحكاه ابن عبد البر إجماعًا في المأكول والمشروب، وعنه يضمنه بقيمته.
(2)
(على أصله) على حاله حين غصبه، قال أحمد في رواية حرب: ما كان من الذهب والدنانير وما يكال وما يوزن فعليه مثله لا قيمته.
(3)
(مثله يوم إعوازه) هذا المذهب وهو من المفردات، لأن القيمة وجبت في الذمة حين انقطاع المثل فاعتبرت القيمة حينئذ كتلف المتقوم.
(4)
(يوم قبض البدل) لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل بدليل أنه لو وجد المثل بعد إعوازه لكان هو الواجب دون القيمة.
(5)
(يوم تلفه) لأن القيمة إنما تثبت في الذمة حين التلف.
(6)
(مثليًّا) كالثوب والعبد والدابة.
(7)
(مصوغًا) متى كان المصاغ تزيد قيمته على وزنه أو تنقص والصناعة مباحة كحلى النساء وجب ضمانه بقيمته.
(8)
(قومه بغير جنسه) فيقوم الذهب بالفضة والفضة بالذهب لئلا يفضى ذلك إلى الربا.
(9)
(قيمة) بدليل أنه لو استأجره لعملها جاز، ولو كسر الحلى وجب عليه أرش ذلك، قال بعض أصحاب الشافعي: هذا مذهب الشافعي، وذكر بعضهم مثل القول الأول لأن القيمة مأخوذة على سبيل العوض فالزيادة ربا كالبيع.
معًا قومه بما شاء منهما وأعطاه بقيمته عوضًا
(1)
فإن كانت الصناعة حرامًا فبالوزن
(2)
. وفي الانتصار والمفردات لو حكم حاكم بغير المثل في المثلي وبغير القيمة في المتقوم لم ينفذ حكمه، وكذا متلف بلا غصب ومقبوض بعقد فاسد مما لم يدخل في ملكه
(3)
فلو دخل التالف في ملك متلفه بأن أخذ معلومًا بكيل أو وزن أو حوائج بقال أو نحوه في أيام ولم يقطع سعرها
(4)
ثم يحاسبه بعد فإنه يعطيه بسعر يوم أخذه
(5)
ولو غصب جماعة مشاعًا بين جماعة فرد واحد منهم سهم واحد إليه لم يجز حتى يعطى شركائه
(6)
قال في الفروع: ويتوجه أنه كبيع المشاع
(7)
وإن
تعذر رد المغصوب مع بقائه
(8)
ضمن قيمته، وإن قدر عليه بعد رده وأخذ القيمة
(9)
.
(1)
(عوضًا لئلا يفضى إلى الربا، ولا يمكن تقويمه إلا بأحدهما لأنهما قيم الأموال المتلفات وليس أحدهما بأولى من الآخر.
(2)
(فبالوزن) فلا يجوز ضمانه بأكثر من وزنه وجهًا واحدًا كالأوانى وحلى الرجال، لأن الصناعة لا قيمة لها شرعًا.
(3)
(في ملكه) أي القابض كالمقبوض على وجه السوم فيضمن مثلى بمثله ومتقوم بقيمته.
(4)
(ولم يقطع سعرها) ويدل على أن العقد صحيح. وهذا وإن لم يعين الثمن صحيح لأقامه العرف مقام النطق.
(5)
(بسعر يوم أخذه) لأنه ثبتت قيمته يوم أخذه لتراضيهما على ذلك ولا يراد المثل.
(6)
(حتى يعطى شركاءه) وكذلك لو صالحوه عنه بمال نقله حرب فلا يطيب الانفراد به لأن نصيبه شائع فلا يختص بالمردود.
(7)
(كبيع المشاع اهـ) فيصح ويطيب له المال قاله في الإقناع.
(8)
(مع بقائه) كعبد آبق وفرس شرد أو شيء تعذر رده.
(9)
(وأخذ القيمة) وبه قال الشافعي، ولا يملك الغاصب العين، وقال مالك وأبو حنيفة: يخير المالك بين الصبر إلى إمكان رها فيستردها وبين تضمينه إياها ويزول ملكه عنها.
(فصل) وإن كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب أجرة مثله مدة مقامه في يده
(1)
وعنه التوقف في ذلك، وإن تلف المغصوب فعليه أجرته إلى وقت تلفه، ومنافع المقبوض بعقد فاسد كمنافع المغصوب تضمن بالفوات والتفويت
(2)
.
(فصل) وتصرفات الغاصب الحكمية
(3)
كالحج وسائر العبادات كالطهارة بماء مغصوب والعقود كالبيع والنكاح ونحوها باطلة في إحدى الروايتين، والأخرى صحيحة
(4)
وتحرم التصرفات غير الحكمية
(5)
فإن اتجر بالدراهم فالربح والسلع
المشتراة للمالك
(6)
سواء قلنا بصحة الشراء أو ببطلانه، وإن اشترى في
(1)
(مدة مقامه في يده) هذا المذهب وبه قال الشافعي، وسواء استوفى المنافع أو تركها تذهب، وقال أبو حنيفة لا يضمن المنافع، وهو الذي نصره أصحاب مالك.
(2)
(والتفويت) فيضمنها القابض سواء استوفى المنافع أو تركها تذهب لما تقدم، بخلاف عقود الأمانات وكالوديعة ونحوها فلا ضمان في صحيحها، ولهذا يرجع من غرم بسبب ذلك على الغاصب بما غرم.
(3)
(الحكمية) وهي ما لها حكم صحة وفساد توصف تارة بالصحة وتارة بالفساد.
(4)
(صحيحة) وهذا ينبغى أن يتقيد في العقود بما لم يبطلها المالك، فأما ما اختار المالك إبطاله وأخذ المعقود علية فلا نعلم فيه خلافًا، وأما ما لم يدركه المالك فوجه الصحيح فيه أن الغاصب تكثر تصرفاته. ففي القضاء ببطلانها ضرر كثير، وربما عاد الضرر على المالك. وأن الحكم بصحتها يقتضى كون الربح للمالك والعوض بزيادته ونمائه له، والحكم ببطلانها يمنع ذلك.
(5)
(غير الحكمية) كإتلافه وإستعماله كأكله ولبسه وكوبه وحمل عليه وسكنى العقار لحديث "إن أموالكم وأعراضكم حرام عليكم".
(6)
(المشتراة للمالك) لحديث عروة بن الجعد، وهذه المسألة مشكلة جدًّا على قواعد المذهب لأن تصرفات الغاصب غير صحيحة، ولكن نصوص أحمد متفقة على أن الريح للمالك، فخرج الأصحاب ذلك على وجوه كلها ضعيفة، فبناه ابن عقيل على صحة تصرف الغاصب وتوقفه على الإِجازة، وتبعه المغنى، وبناه غيرهما على غير ذلك.
ذمته ثم نقدها فكذلك
(1)
، وعنه الربح للمشتري وهو قياس قول الخرقي، وتفيد تذكية الغاصب للحيوان حل أكلها في إحدى الروايتين وهي المذهب وتقدم، وإن لم يبق درهم مباح أكل عادته لدعاء الحاجة إلى ذلك
(2)
قال في القواعد: فعلى هذا يتخرج جواز أخذ الفقراء من الصدقة من يد من ماله حرام كقطاع طريق. وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها فسلمها إلى الحاكم ويلزمه قبولها بريء من عهدتها كلقطة لم تملك بالتعريف أو لم يعرفها
(3)
وله الصدقة بها بشرط ضمانها
(4)
وبالقيمة ويتملكها
(5)
ومن
الصدقة بما ذكر وقفه أو شراء عين به يقفها كما ذكره الشيخ نصًّا ويسقط عنه إثم الغصب
(6)
وليس لمن هي عنده أخذ شيء منها ولو كان فقيرًا، وقال الشيخ: له الأكل ولو كان عاصيًا إذا تاب وكان فقيرًا ولو ندم ورد ما غصبه على الورثة بريء من إثمه لا من إثم الغضب
(7)
وذكر المجد فيمن أدان على أن يؤديه
(1)
(فكذلك) هذا المذهب، فعلى هذا فالعقد صحيح والإقباض فاسد بمعنى أنه غيره مبرئ لعدم إذن المالك لقول ابن عمر "ادفع إليه دراهمه بنتاجها" ولم يستفصل عن عين أو ذمة، ومقتضى ما قيده في المنتهى أنه إذا لم ينو نقد الثمن من المغصوب أن الملك والربح للغاصب.
(2)
(الحاجة إلى ذلك) لا ما عنه غنى كحلوى وفاكهة، قاله في النوادر، قال في الفروع: إذ لا مبيح للزيادة على ما تندفع به الحاجة.
(3)
(أو لم يعرفها) لقيام الحاكم مقام أربابها بالقبض.
(4)
(بشرط ضمانها) لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك لا على وجه بدل وهو غير جائز.
(5)
(ويتملكها) نقل صالح عن أبيه الجواز فيمن اشترى آجرًا وعلم أن البائع باعه ما لا يملك ولا يعرف له أرباب: أرجو إن أخرج قيمه الآجر فتصدق به أن ينجو من إثمه.
(6)
(إثم الغصب) لأنه عاجز عن رها إلى أصحابها، فإذا تصدق بها عنهم كان ثوابها لأربابها فيسقط ذلك إثم غصبها، ولأن قضاء الحقوق في الآخرة بالحسنات وحمل السيئات، فإذا طلب منه عوض الغصب أحالهم بثواب الصدقة.
(7)
(لا من إثم الغصب) فلا يبرأ منه بل يبقى عليه إثم ما أدخل على قلب مالكه ومضرة المنع من ملكه مدة حياته، والقضاء بلا توبة يزول به حق الآدمي ويبقى مجرد حق الله.
فعجز: لا يطالب في الدنيا ولا في الآخرة
(1)
، ولو رده وارث الغاصب فللمغصوب منه مطالبته في الآخرة نصًّا
(2)
.
(فصل) وإن أكره على إتلافه ضمنه مكرهه، وكذا من أغرى ظالمًا بأخذ مال إنسان، وإن حفر بئرًا في فنائه لنفسه ضمن ما ظف بها
(3)
وإن حفرها في سابلة واسعة لنفع المسلمين لم يضمن، فإن كانت ضيقة ضمن بلا نزاع، وإن بسط في
مسجد حصيرًا أو علق فيه قنديلًا لم يضمن ما تلف به، وإن ربط دابة في طريق ولو واسعًا أو أوقفها فيه
(4)
ويده عليها فأتلفت شيئًا أو ترك فيه طينًا ولو قشر بطيخ فتلف به شيء ضمنه الملقى، ومن ضرب دابة مربوطة في طريق ضيق فرفسته فمات ضمنه صاحبها ذكره ابن عقيل، وظاهره لو كانت واسعة لا ضمان
(5)
وله قتل هر بأكل لحم ونحوه.
(فصل) وإن مال حائطه قبل وقوعه إلى ملك غيره وكان بحيث لا يمكن نقضه فلا ضمان عليه
(6)
فإن أمكنه نفضه فلم ينقضه ولم يطالب بذلك لم يضمن
(7)
وإن
طولب بنقضه فلم يفعل فقد توقف أحمد عن الجواب فيها، وقال أصحابنا يضمن
(8)
ولو انفلتت الدابة ممن هي بيده وأفسدت فلا
(1)
(ولا في الآخرة) وقاله أبو المعالى الصغير ويقتضى أنه وفاق.
(2)
(نصًّا) لأن المظالم لو انتقلت لما استقر لمظلوم حق في الآخرة.
(3)
(ضمن ما تلف بها) هذا المذهب، وسواء أذن فيها الإمام أو لا، وقال أصحاب الشافعي: إن حفرها بإذن الإِمام لم يضمن. وفي الأحكام السلطانية: له التصرف في فنائه بما شاء من حفر وغيره إذا لم يضر.
(4)
(أو أوقفها فيه) في إحدى الروايتين وهو مذهب الشافعي، لأن الانتفاع بالطريق مشروط بالسلامة، والثانية لا يضمن لأنه غير متعد بوقوفها في الطريق الواسع.
(5)
(لا ضمان) لعدم حاجته إلى ضربها فهو الجاني على نفسه.
(6)
(فلا ضمان عليه) لأنه لم يتعد ببنائه ولا فرط في ترك نقضه لعجزه عنه.
(7)
(لم يضمن) في المنصوص عن أحمد، والظاهر عن الشافعي، ونحوه قول الحسن والنخعي والثوري وأصحاب الرأى، لأنه بناء في ملكه، والميل حادث بغير فعله، وفيه وجه عليه الضمان.
(8)
(يضمن) وهو مذهب مالك، وعن أحمد رواية، ونحوه قال الحسن والنخعي، وقال أبو حنيفة استحسانًا والقياس عنده عدم الضمان.
ضمان
(1)
ويضمن ما وطئت برجلها
(2)
ومن طرد دابة من مزرعته لم يضمن ما أتلفته من مزرعة غيره، وإن اتصلت المزارع صبر ليرجع على ربها بالقيمة، ولو ادعى صاحب الزرع أن غنم فلان رعت فيه ليلًا ووجد في الزرع أثر غنم ولم يكن هناك غنم لغيره قضى عليه
(3)
والحطب على الدابة إذا خرق ثوب بصير فهدر، وكذا لو كان مستديرًا وصاح به منبهًا له فلا ضمان
فيهما ولا قصاص في المال مثل ثوب ونحوه
(4)
وعنه في الثوب والعصا والقصعة ونحوها يضمنها بالمثل مراعيًا للقيمة اختاره الشيخ وصاحب الفائق وإن اصطدمت سفينتان فغرقتا ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر وما فيها
(5)
وإن لم يفرط فلا ضمان على واحد منهما لعدم مباشرته التلف
(6)
فإن كانت إحداهما منحدرة فعلى صاحبها ضمان المصعدة إلا أن يكون قد غلبه ريح فلم يقدر على ضبطها ولو أتلف لغيره وثيقة بما لا يثبت ذلك المال إلا بها ففي إلزامه ما تضمنته
(1)
(فلا ضمان) على أحد لقوله "العجماء جرحها جبار" وحديث حزام في الزاد.
(2)
(ما وطئت برجلها) لما روى النعمان بن بشير مرفوعًا "من أوقف دابته في سبيل المسلمين أو أسواقهم فأوطأت بيد أو رجل فهو ضامن" رواه الدارقطني.
(3)
(قضى عليه) أي اختص بالضمان عملًا بالقرينة، وعبارة المنتهى: لا تختص المسألة بالغنم، قال الشيخ: هذا قياسه في الأموال.
(4)
ونحوه على الصحيح من المذهب، بل أرش أو البدل.
(5)
(وما فيها) لأن التلف حصل بسبب فعلها، وإن فرط أحدهما ضمن وحده، والقول قوله في الغلبة عليه وعدم التفريط.
(6)
(لعدم مباشرته التلف) والتفريق أن يكون قادرًا على ضبطها أو يكمل آلتها.
احتمالان
(1)
، ومن أتلف كتب مبتدعة أو كتب أكاذيب أو كتب كفر لم يضمنها لعدم احترامها، وله الدعاء بما آلمه بقدر يوجبه ألم ظلمه، ولا يفترى على من كذب عليه، بل يدعو الله فيمن يفترى عليه نظيره.
(1)
(احتمالان) أحدهما يلزمه كقول المالكية، قاله في الفائق، قال في الإِنصاف: وهو الصواب.