الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرهن
(1)
وهو توثقة دين بعين يمكن أخذه، أو بعضه منها أو من ثمنها إن تعذر الوفاء من
غيرها والمقدم لا يصح رهن الدين ولو لمن هو عنده خلافًا لما قدمه في السلم والرهن جائز بالإِجماع
(2)
ويجوز في الحضر والسفر
(3)
ويجوز رهن كل عين يجوز بيعها حتى المؤجر، ولا بد من معرفته وقدره وجنسه وملكه ولو منافعه بأن يستأجر شيئًا أو يستعيره ليرهنه بإذن ربه فيهما ولو لم يبين لهما قدر الدين ولكن ينبغى أن يذكره، ومتى شرط شيئًا من ذلك فخالف ورهنه بغيره لم يصح الرهن، وإن أذن له في رهنه بقدر من المال فرهنه بأكثر صح في القدر المأذون فيه فقط، ولمعير أن يكلف راهنه فكه في محل الحق وقبله وله الرجوع قبل إقباض المرتهين لا المؤجر عينًا لمن يرهنها قبل مضى مدة الإِجارة ويباع إن لم يقض الراهن الدين فإن بيع رجع بمثله في المثلى وإلا بأكثر الأمرين من قيمته أو ما بيع به
(4)
. ولو تلف ضمن المستعير فقط، وإن فك المعير أو المؤجر الرهن وأدى الذي عَليه بإذن الراهن رجع به عليه، وإن قضاه بغير إذنه ناويًا الرجوع رجع، قال في الفائق: قلت: وعليه يخرج الرهن على عواري الكتب الموقوفة ونحوها. اهـ
(5)
. ويجوز في أحد الوجهين
(1)
(الرهن) لغة الثبوت والدوام، يقال ماء راهن أي راكد ونعمة راهنة أي دائمة، وشرعًا توثقة إلى آخره.
(2)
(جائز بالإجماع) وليس بواجب بالإجماع لأنه وثيقة بالدين فلم يجب كالضمان.
(3)
(في الحضر والسفر) لفعله عليه الصلاة والسلام، والآية خرجت مخرج الغالب.
(4)
(أو ما بيع به) والمنصوص يرجع ربه بقيمته لا بما بيع سواء زاد على القيمة أو نقص، صححه في الإنصاف وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاويين.
(5)
(الكتب الموقوفة) يعني إن قلنا هي مضمونة صح أخذ الرهن بها وإلا فلا، وعلم ذلك أنه يصح أخذ الرهن للوقف فيصح الضمان أيضًا.
أن يزيد في الدين ويرهن به المرهون، لأنه لو زاده رهنًا جاز فكذلك إذا زاد في دين الرهن
(1)
ويصح على نفع إجارة في الذمة كخياطة ثوب وبناء دار ونحو ذلك. وعن أحمد في رواية الميموني أن الرهن يلزم بمجرد العقد كالبيع، وقال بعض أصحابنا في غير المكيل
والموزون رواية أخرى أنه يلزم بمجرد العقد كالبيع
(2)
، ويصح رهن ما يسرع إليه الفساد بدين حال أو مؤجل، فإن كان مؤجلا وكان الرهن مما يمكن تجفيفه كالعنب فعلى الراهن تجفيفه، وإن كان مما لا يجفف كالبطيخ وفاكهة رطبة بيع وجعل ثمنه رهنا مكانه
(3)
وإن شرط أن لا يباع لم يصح كما لو شرط عدم النفقة على الحيوان، وإن لم يتفقا على من يبيعه باعه الحاكم وجعل ثمنه رهنًا إلى الحلول، وكذلك الحكم إن رهنه ثيابًا فخاف تلفها أو حيوانًا فخاف موته ويصح رهن المدبر
(4)
فإن مات السيد قبل الوفاء فعتق المدبر
(5)
بطل الرهن، وإن عتق بعضه بقى الرهن فيما بقى منه قنا، وإن لم يكن للسيد ما يفضل عن وفاء الدين بيع المدبر في الدين وبطل التدبير
(6)
ولا يصح رهن المكيل والموزون والمعدود والمذروع قبل قبضه وحكم القاضي بجواز رهنه واختاره الشيخ ولو رهن
(1)
(في دين الرهن) وبه قال مالك وأبو يوسف والمزنى وأبو ثور وابن المنذر، والوجه الثاني في الزاد.
(2)
(كالبيع) وبه قال مالك، لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع، والثانية في الزاد.
(3)
(رهنا مكانه) صرح به في المغنى والشرح، ونقل أبو طابى فيمن رهن وغاب يأتي السلطان حتى يبيعه، كما أرسل ابن سيرين إلى إياس يأذن له في بيعه، فإذا باعه حفظ ثمنه.
(4)
(رهن المدبر) في ظاهر المذهب بناء على جواز بيعه، ومنع منه أبو حنيفة والشافعي لأنه معلق عتقه بصفة، ولنا أن الدين يمنع عتق المدبر بالتدبير ويقدم عليه.
(5)
(فعتق المدبر) لخروجه كله من الثلث بعد التدبير.
(6)
(وبطل التدبير) وإن كان الدين لا يستغرق بيع منه بقدر الدين وعتق ثلث الباقى منه بالتدبير وباقيه للورثة إرثًا.
الوارث تركة الميت أو باعها وعلى الميت دين ولو من زكاة صح
(1)
، فإن قضى الحق من غيره فالرهن بحاله وإلا فللغريم
انتزاعه
(2)
وكذا حق تجدد تعلقه بالتركة مثل إن وقع إنسان أو بهيمة بعد موته في بئر حفره في غبر ملكه تعديًا، لأن تصرف الوارث صحيح لكن غير نافذ، فإن قضى الحق من غيره نفذ وإلا فسخ البيع والرهن، وإن امتنع الراهن من إقباضه لم يجبر، لكن إن شرطه في عقد بيع وامتنع من إقباضه فللبائع فسخ البيع، وإن أقر الراهن بالتقبيض ثم أنكره وقال أقررت بذلك ولم أكن أقبض شيئا، أو أقر المرتهن بالقبض ثم أنكره فقول المقر له
(3)
وإن طلب المنكر يمينه فله ذلك، ولا يمنع من إصلاح الرهن ودفع الفساد عنه، وإن أذن المرتهن للراهن في بيعه بشرط أن يعجل دينه من ثمنه صح البيع ولغا الشرط
(4)
ويكون الثمن رهنًا مكانه، وللمرتهن الرجوع في كل تصرف أذن فيه قبل وقوعه: وقال مالك والشافعي في القول الثالث: لا ينفذ عتق الراهن موسرًا أو معسرًا، وهو رواية اختارها الشيخ. وإذا رهن أرضًا أو دارًا أو غيرهما تبعه في الرهن ما يتبع في البيع من شجر وغيره وما لا فلا.
(فصل) ومؤنة الرهن على الراهن
(5)
فإن تعذر أخذ ذلك من الراهن بيع منه فيما يجب عليه فعله
(1)
(صح) الرهن والبيع لانتقال التركة إليه بموته، وتعلق الدين بها كتعلق أرش الجناية برقبة الجاني لا يمنع صحة التصرف لأنه تصرف صادف ملكه ولم يتعلق به حق فصح، وفيه وجه لا يصح.
(2)
(فللغريم انتزاعه) لبطلان تصرفه لسبق حقهم فيباع ويوفى من ثمنه ما على الميت وإن فضل شئ فللورثة.
(3)
(فقول المقر له) وقول المرتهن في الأولى مؤاخذة للراهن بإقراره وللراهن في الثانية مؤاخذة للمقر لحديث "لا عذر لمن أقر".
(4)
(ولغا الشرط) لأن التأجيل أخذ قسطًا من الثمن فإذا أسقط بعض مدة الأجل في مقابلة الإذن فقد أذن بعوض وهو ما يقابل الباقي من مدة الأجل من الثمن وهذا لا يجوز أخذ العوض عنه فيلغو.
(5)
(على الراهن) لحديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه" رواه الشافعي والدارقطنى وقال إسناده حسن متصل، وبه قال مالك والشافعي وإسحق.
بقدر الحاجة، فإن خيف استغراقه بيع كله، وإن كان الرهن ثمرة واتفقا على بيعها وجعل ثمنها رهنًا بدين مؤجل جاز، وكذلك إن كانت مما تقل قيمته بالتجفيف وقد جرت العادة ببيعه رطبًا فيباع ويجعل ثمنه رهنًا، وإن كانت الثمرة مما لا ينتفع بها قبل كمالها لم يجز قطعها ولم يجبر عليه، وإن قضى بعض دينه أو أبرأ منه وببعضه رهن أو كفيل وقع مما نواه الدافع أو المبرئ
(1)
والقول قوله النية واللفظ فإن أطلق صرفه إلى أيهما شاء
(2)
وله غرس أرض رهن على مؤجل
(3)
ويكون الغرس رهنًا معها.
(فصل) ولا ينقل عن يد من شرط كونه بيده مع بقاء حاله إلا باتفاق راهن ومرتهن وللمشروط جعله تحت يده رده عليهما، ولا يملك رده إلى أحدهما ويضمنه مرتهن بغصبه، وإن استحق رهن بيع رجع مشتر على راهن
(4)
وإن كان المرتهن قبض الثمن رجع المشترى عليه به
(5)
وإن رآه مشتر بعيب لم
(1)
(الدافع أو المبريء) لأن التعيين في ذلك له فينصرف إلى ما عينه، فمن عليه مائتان بإحداهما رهن أو كفيل فوفى منهما مائة فإن نوى القاضي المائة التي بها الرهن أو الكفيل وقع عنها وانفك الرهن وبرئ الكفيل، وإن نوى الأخرى وقع عنها والرهن والكفيل بحاله.
(2)
(إلى أيهما شاء) لأن له ذلك ابتداء فكان له ذلك بعده، كما لو كان له مالان حاضر وغائب فأدى زكاة قدر أحدهما كان له صرفه إلى أيهما شاء.
(3)
(رهن على مؤجل) لأن تعطل منفعتها إلى حلول الدين تضييع للمال، بخلاف الحال يجبر على فك الرهن بالوفاء أو بيعه.
(4)
(رجع مشتر على راهن) ولو كان الثمن تلف بيد العدل لأن المباشر نائب عنه، وكذا كل من باع مال غيره ثم بان مستحقًا.
(5)
(رجع المشتري عليه به) لأنه عين ماله صار إليه بغير حق فكان رجوعه عليه وهو قول الشافعي.
يرجع على مرتهن
(1)
بل على
الراهن
(2)
وإن باعه العدل أو المرتهن ولم يعلم مشتر أنه وكيل رجع على بائع
(3)
، وإن تلف رهن بيد مشتر ثم بان مستحقًا قبل دفع ثمنه فلربه تضمين من شاء من غاصب وعدل ومشتر
(4)
وقرار ضمانه على مشتر لتلفه بيده، وورجع على الراهن بالثمن الذي أخذه إن كان أخذه منه. وإن وطيء مرتهن مرهونة ولا شبهة حد ورق ولده ولزمه المهر، وإن أذن راهن فلا مهر، وكذا لا حد إن جهل تحريمه ومثله يجهله وولده حر ولا فداء عليه
(5)
، ولا يلزم من له دين ونحوه بوثيقة دفع الوثيقة، بل يلزمه الإشهاد
بأخذه، قال في الترغيب. لا يجوز للحاكم إلزامه به. وكذا الحكم في تسليم بائع كتاب ابتياعه إلى مشتر، ويأتي آخر الوكالة، ويجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن راهن مجانًا وبعوض ولو
(1)
(لم يرجع على مرتهن) لأنه قبضه بحق. ولا على عدل أعلمه أنه وكيل لأنه أمين فتعين راهن.
(2)
(على الراهن) لأن الرهن ملكه وعهدته عليه.
(3)
(رجع على بائع) يرجع مشتر لأنه غره، ويرجع بائع على راهن إن أقر أو قامت بينة بذلك.
(4)
(غاصب وعدل ومشتر) لأن كل واحد منهم قبض ماله بغير حق.
(5)
(ولا فداء عليه) لأنه حدث من وطء مأذون فيه، بخلاف المغرور، ولا حد للشبهة.
بمحاباة، وله بيع رهن جهل ربه إن أيس من معرفته والصدقة بثمنه بشرط ضمانه
(1)
وله أخذ حقه من ثمنه
(2)
وعنه لا يستوفي حقه من الثمن، ولو باعها الحاكم ووفاه من ثمنها جاز.
(1)
(بشرط ضمانه) لربه أو ولاته إذا عرفهم خيرهم بين الأجر أو يغرم لهم، وظاهر كلامه يبيعه ولو بلا إذن، قال في تصحيح الفروع: الصواب استئذان الحاكم في بيعه إن كان أمينًا، ويأتي في باب الغصب لو بقيت في يده غصوب ونحوها.
(2)
(أخذ حقه من ثمنه) قال أبو الحارث عن أحمد في الرهن يكون عنده السنين ييأس من صاحبه: ببيعه ويتصدق بالفضل، فظاهر هذا أنه يستوفي حقه.