الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الهبة والعطية
الهبة تمليك جائز التصرف مالًا معلومًا موجودًا مقدورًا على تسليمه غير واجب في الحياة بلا عوض
(1)
يعد هبة عرفًا من لفظ هبة وتمليك، فتجهيز المرأة إلى بيت زوجها تمليك، وهبة التلجئة باطلة
(2)
وأنواع الهبة صدقة
(3)
وهدية ونحلة، ومعانيها
متقاربة، فإن قصد بإعطائه ثواب الآخرة فصدقة، وإن قصد إكرامًا وتوددًا أو مكافأة فهدية، وإلا فهبة وعطية ونحلة، ومن وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع بها ما لم يرض منها
(4)
وإذا علم المهدي له أنه أهدى حياء وجب رد هديته إليه قاله ابن الجوزي
(5)
وهي مستحبة
(6)
قال الحارثي: وجنس الهبة مندوب إليه لشموله على التوسعة على الغير ونفي الشح، والصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق
(7)
قال
الشيخ والصدقة أفضل من الهبة إلا أن يكون في الهبة
(1)
(بلا عوض) فخرج بالمال الاختصاصات، وبالمعلوم المجهول الذي لا يتعذر علمه فلا تصح هبته كبيعه، وبالموجود المعدوم كعبد في ذمته، وبالمقدور على تسليمه الحمل، وبغير الواجب الديون والنفقات ونحوها، وبغي الحياة الوصية، وبلا عوض عقود المعاوضات.
(2)
(باطلة) بحيث توهب في الظاهر وتقبض مع اتفاق الواهب والموهوب له أنه ينتزعه منه إذا شاء.
(3)
(صدقة إلى آخره) الصدقة والهدية متغايران وإن دخلا في اسم الهبة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فالصدقة أن ينوى التقرب إلى الله والهدية الدفع إلى إنسان للتقرب إليه والمحبة له وجميع ذلك مندوب إليه لقوله عليه الصلاة والسلام "تهادوا تحابوا".
(4)
(ما لم يرض منها) لقول عمر: من وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها، وروي معناه عن علي.
(5)
(قاله ابن الجوزي) قال في الآداب: وهو حسن، لأن المقاصد في العقود عندنا معتبرة. منتهى.
(6)
(هي مستحبة) إذا قصد بها وجه الله تعالى كالهبة للعلماء والفقراء والصالحين وما قصد به صلة رحم.
(7)
(أفضل من عتق) لما في الصحيحين عن ميمونة أنها أعتقت وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لو أعطيتها لأخوالك كان أعظم لأجرك.
معنى تكون به أفضل من الصدقة مثل إهداء إلى قريب يصل به رحمه أو لأخ في الله فهذا قد يكون أفضل من الصدقة، ووعاء هدية كهي مع عرف، ومن أهدى ليهدي له أكثر فلا بأس لغير النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
ولا تقتضي عوضًا
(2)
وتلزم بقبضها ولو في غير مكيل ونحوه
(3)
وعنه تلزم في غير مكيل وموزون بمجرد الهبة
(4)
ولا يصح قبض إلا بإذن واهب، ولواهب الرجوع في هبته قبل قبض مع الكراهة، ويقبل لطفل
(1)
(لغير النبي صلى الله عليه وسلم) فكان ممنوعًا منه لقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي لا تعط شيئًا لتأخذ أكثر منه.
(2)
(ولا تقتضي عوضًا) ولو مع قرينة فكأن يعطيه ليعاوضه لأن مدلول اللفظ انتفاء العوض والقرينة لا تساويه.
(3)
(في غير مكيل ونحوه) وهو قول أكثر أهل العلم، قال المروذي: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، على أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة. وروي عن النخعى والثوري والشافعي والحسن بن صالح وأصحاب الرأي.
(4)
(بمجرد الهبة) فروي عن علي وابن مسعود أنهما قالا: الهبة جائزة إذا كانت معلومة قبضت أو لم تقبض، وهو قول مالك وأبي ثور. ولنا إجماع الصحابة فإنه مروي عن أبي بكر وعمر ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف، وقد روي عن عائشة أن أبا بكر تحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية فلما مرض قال يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ووددت أنك حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال الوارث فافتسموه على كتاب الله تعالى.
أبوه فقط من نفسه
(1)
ومن غيره وليه الأمين ثم وصى، وعند عدمهم يقبض له من يليه من أم وقريب
(2)
ويصح قبض صغير للمأكول الذي يدفع مثله للصغير
(3)
وما يدفع إلى شيخ زاوية ونحوها من صدقة
الظاهر أنه لا يختص به، وله التفضيل في القسم بحسب الحاجة
(4)
والهبة من الصبي لغيره باطلة ولو أذن فيها وليه لأنه تبرع. ولو وهب الغائب هبة وأنفذها مع رسول الموهوب أو وكيله ثم مات الواهب أو الموهوب قبل وصولها لزم حكمها، وأن أنفذها مع رسوله نفسه ثم مات أحدهما قبل وصولها بطلت
(5)
ويصح أن يهب شيئًا ويستثنى نفعه مدة معلومة، وأن يهب أمة، ويستثنى ما في بطنها. وتصح هبة المشاع
(6)
وإن وهب أو وصى أو باع أرضًا احتاج إلى أن يحدها
(7)
ويصح هبة مصحف كل ما يصح بيعه فقط
(8)
(1)
(من نفسه) فيقول: وهبت ولدي كذا وقبضته له ولا يحتاج إلى قبول.
(2)
(من أم وقريب) سئل أحمد: يعطى الصبي من الزكاة؟ قال: نعم، يعطي أباه أو من يقوم بشأنه.
(3)
(يدفع مثله للصغير) لحديث أبي هريرة "كان الناس إذا رأوا أول الثمار جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه قال: اللهم بارك لنا في ثمرنا، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان" أخرجه مسلم.
(4)
(بحسب الحاجة) لأن الصدقة يراد بها سد الخلة، مع أنه لم يصدر إليه ما يقتضي التسوية، والظاهر تفويض الأمر إليه في ذلك.
(5)
(بطلت) وكانت للواهب أو ورثته لعدم القبض، لحديث أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت "لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: أني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة عليّ، فإن رت فهي لك. قالت. فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وردت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من المسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة" رواه أحمد.
(6)
(هبة المشاع) وبه قال مالك والشافعي، منقولًا كان أو غير منقول، لما في الصحيح "إن وفد هوازن لما جاءوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد ما غنمه منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان لي ولبني المطلب فهو لكم" رواه البخاري.
(7)
(أن يحدها) بأن يقول: كذا سهم من كذا، قيل له وهبت لك نصيبي من الدار؟ قال: إن كان يعلم نصيبه فجائز.
(8)
(كل ما يصح بيعه فقط) لأنها تمليك في الحياة فما لايصح بيعه لا تصح هبته على المذهب اختاره القاضي وقدمه في الفروع.
وإذنه في جز الصوف على الظهر وحلب اللبن
إباحة لا هبة، قال أبو العباس: ويظهر لي صحة هبة الصوف على الظهر قولًا واحدًا، وإن مت - بضم التاء - فأنت في حل صح الإبراء عند وجود شرطه.
ولا يصح تعليقها على شرط مستقبل
(1)
واختار الشيخ الجواز، ولا توقيتها كقوله: وهبتك هذه سنة إلا في العمرى والرقبى وهو أن يقول: أعمرتك هذه الدار أو أرقبتكها أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت فيقبلها، فتصح وتكون للمعمر بتفتح الميم ولورثته من بعده
(2)
ولا يصح إعمار المنفعة ولا إرقابها، فلو قال: سكنى هذه الدار لك عمرك أو غلة هذا البستان لك عمرك فعارية له الرجوع فيها متى شاء في حياته وبعد موته
(3)
ونصه لا يطأ الجارية المعمرة
(4)
وقال مالك والليث: العمرى تمليك المنافع لا تملك بها الرقبة بحال
(5)
وإن شرط رجوعها إلى المعمر عند موته
أو قال هي: لأخرنا موتا صح الشرط
(6)
(1)
(تعليقها على شرط مستقبل) كاذا جاء رأس الشهر فقد وهبتك كذا، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحلة المهداة للنجاشي.
(2)
(ولورثته من بعده) هذا المذهب وبه قال جابر بن عبد الله وابن عمر، وابن عباس وشريح والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وروى جابر عنه عليه الصلاة والسلام" أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيًّا وميتًا ولعقبه" أخرجه مسلم، وفي لفظ "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرى لمن وهبت له" متفق عليه.
(3)
(وبعد موته) لأنها هبة منفعة، وبه قال أكثر أهل العلم، منهم الشعبي والنخعي والثوري والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي، وقال الحسن وقتادة: هي كالعمرى يثبت فيها مثل حكمها.
(4)
(الجارية المعمرة) نقل يعقوب وابن هانئ من يعمر الجارية لا يطأ؟ قال: لا أراه، وحمله القاضي على الورع، لأن بعضهم جعلها تمليك المنافع، قال ابن رجب: وهو بعيد، والصواب تحريمه، وحمله على أن الملك بالعمرى قاصر.
(5)
(بحال) ويكون للمعمر السكنى، فإذا مات عادت إلى المعمر، لما روى يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم قال: سمعت مكحولًا يسأل القاسم بن محمد عن العمرى ما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم: ما أدركت الناس إلا على شروطهم في أموالهم وما أعطوا. ولنا ما روى جابر مرفوعًا في العمرى وتقدم رواه مسلم ومتفق عليه.
(6)
(صح الشرط) وهذا إحدى الروايتين، وبه قال القاسم بن محمد والزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأحد قولي الشافعي واختاره الشيخ.
وعنه لا يصح وتكون للمعمر ولورثته
(1)
.
(فصل) والمشروع في عطية الأولاد على قدر ميراثهم
(2)
إلا في الشيء التافه، وإلا في نفقة كسوة فتجب الكفاية دون التعديل، وعنه المشروع أن يكون الذكر كالأنثى
(3)
ويحتمل دخول أولاد الولد كالأولاد
(4)
فإن خص بعضهم أو فضله فعليه
التسوية بالرجوع أو إعطاء الآخر حتى يستووا
(5)
كما لو زوج أحد بنيه في صحته وأدى عنه الصداق ثم مرض الأب فإنه يعطى ابنه الآخر كما أعطى الأول لا يحسب من الثلث، لأنه تدارك للوجوب أشبه قضاء الدين، وإن مات قبل التسوية ثبت للمعطى
(6)
وعنه لا يثبت
(1)
(ولورثته) من بعده، وهذا المذهب وبه قال الشافعي في الجديد كما ذكرنا في الأحاديث المطلقة، وقال صلى الله عليه وسلم "لا رقبى، فمن أرقب شيئًا فهو له حياته وموته".
(2)
(على قدر ميراثهم) على حسب قسمة الله تعالى، وبه قال عطاء وشريح وإسحق ومحمد بن الحسن.
(3)
(الذكر كالأنثى) وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وابن المبارك، لقوله عليه الصلاة والسلام "أيسرك أن يستووا في برك؟ فقال نعم، قال: فسو بينهم" والبنت كالولد في استحقاق برها. فكذلك في عطيتها واختاره ابن عقيل في الفنون والحارثي لما روى ابن عباس مرفوعًا "سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرًا أحدًا لآثرت النساء على الرجال" رواه سعيد. ولنا أن الله قسم بينهم فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين" وأولى ما اقتدى به قسمة الله تعالى، وحديث ابن عباس الصحيح أنه مرسل، ولأن الذكر أحوج من الأنثى لأنهما إذا تزوجا فالصداق والنفقة على الذكر.
(4)
(كالأولاد) هذا المذهب، وقيل يختص بأولاده لصلبه.
(5)
(حتى يستووا) هذا المذهب وبه قال طاوس وابن المبارك، وكان الحسن يكرهه ويجيزه في القضاء، وقال مالك إلى آخره. زاد.
(6)
(ثبت للمعطى) هذا المذهب وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي أكثر أهل العلم، لقول أبى بكر "وودت" الحديث.
وللباقين الرجوع اختاره أبو عبد الله بن بطة
(1)
وليس عليه التسوية بين سائر أقاربه ولا إعطاؤهم على قدر ميراثهم
(2)
وقال أبو الخطاب: المشروع في عطية سائر الأقارب أن يعطيهم على قدر ميراثهم، ومشى عليه في
الإقناع والمنتهى
(3)
قال في المغنى: إن خص بعضهم لمعنى يقتضى تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك
(4)
ولا يكره قسم ماله بين وراثه
(5)
فإن حدث له وارث سوى بينه وبينهم وجوبًا
(6)
وإن
(1)
(ابن بطة) وهو قول عروة بن الزبير وإسحق واختاره ابن عقيل والشيخ وصاحب الفائق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جورًا والجور لا يحل للفاعل فعله ولا للمعطى تناوله والموت لا يغيره عن كونه جورًا حرامًا، ولأن أبا بكر وعمر أمرا قيس بن سعد برد قسمة أبيه حين ولد لم يكن علم به ولا أعطاه شيئًا وكان ذلك بعد موت سعد.
(2)
(على قدر ميراثهم) سواء كانوا من جهة واحدة كأخوة وأخوات أو من جهات كبنات وأخوات وغيرهم.
(3)
(والمنتهى) قياسًا على الأولاد بجامع القرابة، بخلاف الزوجات والموالى فلا يجب التعديل بينهم في الهبة، وفي الواضح يستحب التسوية بين أب وأم وأخ وأخت. إنصاف.
(4)
(على جواز ذلك) لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، ويحتمل المنع من التفضيل على كل حال لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفضل بشيرًا، والأول أولى لحديث أبى بكر.
(5)
(بين وارثه) على فرائض الله ولو أمكن أن يولد له، لأنها قسمة ليس فيها جور.
(6)
(وجوبًا) ليحصل التعديل، لقوله عليه الصلاة والسلام "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
سأل امرأته هبة مهرها فوهبته أو قال أنت طالق إن لم تبرئيني فأبرأته ثم ضرها بطلاق أو غيره فلها الرجوع
(1)
وغير الصداق كالصداق
(2)
وإن نقصت العين الموهوبة أو زادت منفصلة لم يمنع رجوع الأب، وإن باعه المتهب ثم رجع إليه ببيع أو هبة أو رهنه لم يملك الرجوع
(3)
.
(فصل) ويشترط فيما يأخذه الأب من مال ابنه أن لا تتعلق حاجة الإبن به ولا يجحف به وأن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر
(4)
وقال الشيخ: قياس المذهب أن لا يأخذ في مرض موته ما يخلفه تركة كما لا يأخذ من مال ولده في مرض موت ابنه، وقال: لو أخذ من مال ولده ثم انفسخ سبب استحقاقه بحيث وجب رده إلى الذي كان مالكه فالأقوى أن للمالك الأول الرجوع على الأب
(5)
وإن وطئ جارية
(1)
(فلها الرجوع) لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب به نفسًا، وإنما أباحه الله عن طيب نفسها بقوله {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} .
(2)
(كالصداق) ويؤيده قول عمر "إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئًا ثم أرادت أن تعصره فهي أحق به" رواه الأثرم، وقال الحارثي: المشهور عنه لا رجوع لواحد من الزوجين فيما وهب للآخر، إلا أن تهب المرأة مهرها لسؤال بنه ونحو ذلك فترجع.
(3)
(لم يملك الرجوع) فيها، لأنها عادت إلى الولد بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه فلم يملك إزالته كما لو لم تكن موهوبة.
(4)
(فيعطيه الآخر) والأصل في ذلك حديث عائشة مرفوعًا "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" رواه سعيد والترمذي وحسنه، وقال مالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته.
(5)
(الرجوع على الأب) مثل أن يأخذ صداق ابنته ثم يطلقها الزوج، أو يأخذ ثمن السلعة التي باعها الولد ثم ترد السلعة بعيب أو يأخذ المبيع الذي اشتراه الولد ثم يفلس بالثمن ونحو ذلك فميله في هذه الصور إلى الرجوع على الأب.
ابنه فأحبلها صارت أم ولد له
(1)
وولده حر لا تلزمه قيمته
(2)
ولا مهر ولا حد
(3)
ويعزر في أحد الوجهين
(4)
ولولد الولد مطالبة جده بدينه الذي في ذمته
(5)
ويثبت دين ابن في ذمة أبيه على المذهب
(6)
والهدية تذهب الحقد وتجلب المحبة ولا ترد وإن قلت
خصوصًا الطيب
(7)
ويسن أن يثبت عليها
(8)
وقد يجب الرد كهدية الصيد للمحرم.
(فصل) وأما معاوضة المريض بثمن المثل فتصح من رأس المال وإن كانت مع وارث
(9)
وإن حابى وارثه صح في قدر الثمن وبطل فيما عداه
(10)
وإن باع أجنبيًا وحاباه لم يمنع صحة العقد عند الجمهور
(11)
فعلى هذا لو باع عبدًا لا يملك غيره
قيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى المشتري بثلثى ماله وليس له المحاباة بأكثر من الثلث فإن أجاز ذلك لزم البيع، فإن ردوا فاختار المشتري فسخ البيع فله ذلك، وإن اختار إمضاء
(1)
(صارت أم ولد له إلى آخره) إن كان الإبن لم يكن يطؤها صارت أم ولد لأبيه بلا نزاع، وإن كان الإبن يطؤها فالصحيح من المذهب أنها لا تصير أم ولد للأب نص عليه، وظاهر كلام الموفق أنها تصير أم ولد لأن إحبالها يوجب نقل الملك إليه.
(2)
(حر لا تلزمه قيمته) لأنها لم تأت بالولد إلا في ملك الأب.
(3)
(ولا مهر ولا حد) هذا المذهب لشبهة قوله "أنت ومالك لأبيك" والرواية الثانية يجب الحد قال في الإنصاف وهو أولى.
(4)
(ويعزر في أحد الوجهين) في الأصح لأنه وطئ وطأ محرمًا.
(5)
(الذي في ذمته) إن لم يكن انتقل إليه من أبيه لأنه ليس لورثة الولد مطالبة أبيه.
(6)
(على المذهب) فإن مات الأب رجع الإبن بدينه في تركة أبيه.
(7)
(خصوصًا الطيب) للحديث "ثلاثة لا ترد" فعد منها الطيب مع انتفاء مانع القبول.
(8)
(أن يثبت عليها) فإن لم يستطع فليثن وليقل جزاك الله خيرًا، لحديث "من قال جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء" رواه الترمذي وقال حسن غريب.
(9)
(مع وارث) لعدم المحاباة فلا اعتراض للورثة فيها كما لو وقعت مع غير وارث.
(10)
(فيما عداه) مثل أن يبيع شيئًا بنصف ثمنه فله نصفه بجميع الثمن لأنه تبرع له بنصف الثمن فبطل التصرف فيما تبرع به، وللمشترى الخيار لأن الصفقة تبعضت في حقه فشرع له ذلك لدفع الضرر.
(11)
(عند الجمهور) خلافًا لأهل الظاهر لعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} .
البيع فقال المصنف: الصحيح عندي أنه يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن ويفسخ البيع في الباقي
(1)
.
(فصل) وإن وهب في الصحة وأقبض في المرض لغير وارث فمن الثلث
(2)
وإن عجز الثلث عن
(1)
(ويفسخ البيع في الباقي) لأن ما ذكرناه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر أخذ جميعه بجميعه، فصح ذلك كما لو اشترى سلعتين بثمن فانفسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره، وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، والثاني أنه يأخذ ثلثي المبيع بالثمن كله يستحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن. وقال مالك: له أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة. وقال المصننف: إذا فسخ لا يستحق شيئًا لأن المحاباة إنما حصلت في ضمن البيع فإذا بطل بطلت.
(2)
(فمن الثلث) اعتبارًا بوقت القبض لأنه وقت لزومها، قال في الاختيارات: ليس معنى المرض المخوف الذي يغلب على القلب الموت منه، وإنما الغرض أن يكون سببًا صالحًا للموت فيضاف إليه ويجوز حدوثه عنده، وأقرب ما يقال ما يكثر حصول الموت منه.
التبرعات
(1)
المنجزة بدئ بالأول فالأول منها، ولو قضى المريض
لبعض غرمائه صح ولم يكن لبقية الغرماء الاعتراض عليه، وما لزم المريض في مرضه من حق لا يمكن دفعه وإسقاطه
(2)
وما عاوض عليه بثمن المثل ولو مع وارث
(3)
وما يتغابن الناس بمثله فمن رأس المال
(4)
ولا يبطل تبرعه بإقراره بعده بدين
(5)
وعطية المريض تملك من حينها ويكون مراعى
(6)
وللمريض لبس الناعم وأكل الطيب لحاجة
(7)
.
(1)
(عن التبرعات) التبرع إزالة ملك فيما ليس بواجب بغير عوض، وإن وقعت دفعة واحدة قسم الثلث بين الجميع بالحصص، والسابق يستحقه ولا يسقط بما بعده.
(2)
(لا يمكن دفعه وإسقاطه) كأرش جناية عبده وأرش جنايته.
(3)
(ولو مع وارث) فمن رأس المال لأنه لا تبرع فيها ولا تهمة.
(4)
(فمن رأس المال) لأنه يندرج في ثمن المثل لوقوع التعارف به.
(5)
(بإقراره بعده بدين) لأن الحق ثبت بالتبرع في الظاهر.
(6)
(ويكون مراعى) فإن خرجت من الثلث بعد الموت تبين أن الملك ثابت من حينه.
(7)
(وأكل الطيب لحاجة) لأن حق الورثة لم يتعلق بماله، وإن فعله لتفويت الورثة منع.