الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحرم
(1)
.
كتاب الديات
وهي جمع دية
(2)
وهي المال المؤدى
(3)
إلى مجني عليه أو وليه. كل من أتلف إنسانًا مسلمًا أو ذميًا أو مستأمنًا أو مهادنًا لزمته ديته
(4)
وشبه العمد والخطأ وما جرى مجراه على عاقلته لا يلزم القاتل شثيء منها
(5)
(1)
(لا يحرم) وبه قال الشافعي لما روى جابر "أن رجلًا طعن رجلًا بقرن في ركبته فقال يا رسول الله إفدني قال حتى تبرأ فأبى وعجل فاستقاد له رسول الله صلى الله عليه وسلم فعييت رجل المستقيد وبرأت رجل المستقاد منه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لك شيء إنك عجلت" رواه سعيد مرسلًا. ولنا أن ما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستقاد من جرح حتى يبرأ المجروح. وحديث عمرو بن شعيب وفيه "ثم نهى أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه" وهذه زيادة يجب قبولها وهي متأخرة.
(2)
(دية) مخففة وأصلها ودى والهاء. بدل من الواو وكالعدة من الوعد والزنة من الوزن يقال وديت القتيل إذا أعطيت ديته وائتديت إذا أخذت الدية.
(3)
(المودى) شرعًا كالخلق بمعنى المخلوق وهي ثابتة بالإِجماع وفي الخبر "في النفس مائة من الإِبل".
(4)
(ديته) أجمع أهل العلم على أن دية العمد تجب في مال القاتل لا تحملها العاقلة، وهذا يقتضيه الأصل وهو أن بدل المتلف يجب على المتلف.
(5)
(منها) وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: هو كواحد من العاقلة ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها وهذا يقتضي أنه قضى عليهم بجميعها.
وتجب مؤجلة
(1)
فأما الكفارة ففي
مال القاتل لا يدخلها تحمل
(2)
وإن حفر في فنائه بئرًا أو وضع حجرًا أو رمى قشر بطيخ في طريق أو صب فيها ماء فتلف به إنسان وجب ضمانه
(3)
وإن بالت فيها دابته ويده عليها فتلف بها حيوان وجب ضمانه
(4)
وقياس المذهب أنه لا يضمن ما تلف بذلك لأنه لا يد له على ذلك ولا يمكنه التحرز منه
(5)
وإن حفر بئرًا ووضع آخر حجرًا فعثر به إنسان فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر
(6)
وإذا اجتمع الحافر والدافع فالضمان على الدافع وحده، وعن أحمد الضمان عليهما
(7)
(1)
(مؤجلة) لا نعلم فيه خلافًا، واقتضت الحكمة أن دية الخطأ على العاقلة لأنها تكثر فتجحف في مال الجاني فكانت على العاقلة على سبيل المواساة.
(2)
(تحمل) وقال أصحاب الشافعي تكون في بيت المال في أحد الوجهين لأنها تكثر.
(3)
(ضمانه) هذا المذهب مطلقًا، وقال في الترغيب إن رشه لذهاب الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر في سابلة وفيه روايتان.
(4)
(وجب ضمانه) هذا المذهب سواء كان راكبًا أو سائقًا أو قائدًا لأنه تلف من جهة دابته التي يده عليها.
(5)
(التحرز منه) قاله المصنف والشارح وصاحب الفروع، قال في الإِنصاف وهو الصواب.
(6)
(الحجر) وكذا لو نصب سكينًا فالضمان على ناصب السكين دون الحافر لأنه لم يقصد به القتل لمعين فكان واضع الحجر كالدافع.
(7)
(عليهما) قال في الفروع فيخرج منه ضمان المتسبب كما اختاره ابن عقيل وغيره، ومحل الخلاف إذا تعديا بفعل ذلك، أما إن تعدى أحدهما فالضمان عليه وحده. وقال به الشافعي في ضمان الدافع وحده.
ولو حفر
إنسان في ملكه بئرًا فوقع فيها إنسان أو دابة فهلك به فلا ضمان على الحافر
(1)
.
(فصل) وإن اصطدم نفسان فعل عاقلة كل واحد منهما دية الآخر
(2)
وقيل نصفها وهذا هو العدل لأنه هلك بفعل نفسه وفعل صاحبه فهدر فعل نفسه، وإن كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر
(3)
وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفًا فعلى السائر ضمان الواقف ودابته إلا أن يكون في طريق ضيق فلا ضمان فيه، وإن اركب صبيين لا ولاية له عليهما فاصطدما فماتا فديتهما على الذي اركبهما في ماله
(4)
وإن اصطدمت امرأتان فماتتا فكرجلين وإن أسقطت كل واحدة منهما جنينًا فعلى كل
(1)
(الحافر) لأنه لا عدوان منه إذا دخل بغير إذنه، وإن دخل بإذنه والبئر ظاهرة مكشوفة والداخل بصير فلا ضمان على الحافر، وإن كان أعمى أو في ظلمة فوقع فيها ضمنه، وبهذا قال شريح والشعبي والنخعي وحماد ومالك وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي.
(2)
(دية الآخر) سواء كان اصطدامهما عمدًا أو خطأ، وروي عن علي رضي الله عنه، لأن الصدمة لا تقتل غالبًا.
(3)
(قيمة دابة الآخر) هذا المذهب وبه قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق لأن العاقلة لا تحملها، وقال مالك والشافعي على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر لأن التلف حصل بفعلها، وقدم في الرعاية إن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط لم يضمن وجزم به في الوجيز والترغيب والحاوي الصغير. ولنا أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه، إذا ثبت هذا فإن قيمة الدابتين إن تساوتا تقاصا وسقطا، وإن كانت إحداهما أكثر من الأخرى فلصاحبها الزيادة.
(4)
(في ماله) وهو الصحيح من المذهب اختاره ابن عبدوس وقدمه في الفروع، فإن كان له ولاية مع مصلحتهما فكما لو كانا بالغين عاقلين على ما تقدم، والوجه الثاني على عاقلته جزم به في الوجيز وغيره.
واحدة نصف ضمان جنينها ونصف جنين صاحبتها وعلى كل واحدة عتق ثلاث رقاب
(1)
وإن رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر إنسانًا فعلى
عاقلة كل واحد ثلث ديته، وإن قتل أحدهم سقط فعلى نفسه، وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية
(2)
ويتعلق الضمان بالرامي لا من وضع الحجر وأمسك الكفة
(3)
وإن جنى إنسان على نفسه أو طرفه خطأ فلا دية له
(4)
وعنه على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه
(5)
وإن نزل رجل بئرًا فخر عليه آخر فمات الأول من سقطته فعلى عاقلته
ديته
(6)
، وإن كان الأول جذب الثاني وجذب الثاني
(1)
(ثلاث رقاب) واحدة لقتل صاحبتها واثنتان لمشاركتها في الجنين وإن أسقطت إحداهما دون الأخرى اشتركا في ضمانه وعلى كل واحدة منهما عتق رقبتين.
(2)
(ثلثا الدية) هذا هو المذهب جزم به القاضي في المجرد والمصنف في العمدة وبه قال الشافعي وقد روي نحوه عن علي في مسألة القارصة والقامصة والواقصة قال الشعبي: وذلك أن ثلاث جوار اجتمعن فركبت إحداهن على عنق الأخرى وقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فوقصت عنقها فماتت فرفع ذلك إلى على فقضى بالدية أثلاثًا على عواقلهن وألغى الثلث الذي قابل فحل الواقصة لأنها أعانت على قتل نفسها، وكما لو مات من جراحتهم وجراحة نفسه، وفيه وجه ثالث أن عليها كمال الدية.
(3)
(الكفة) هذا المذهب كمن أوتر القوس وقرب السهم.
(4)
(فلا دية له) هذا المذهب قياسًا على العمد لأن العمد لا شيء له إجماعًا وهذا قول أكثر أهل العلم منهم ربيعة ومالك والشافعي والثوري وأصحاب الرأي، لأن عامر بن الأكوع رجع سيفه عليه يوم خيبر فقتله ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها ولو وجبت لبينها النبي صلى الله عليه وسلم.
(5)
(لنفسه) نص عليه في رواية ابن منصور وأبي طالب وهو من المفردات، وبه قال الأوزاعي وإسحق، وهو ظاهر كلام الخرقي لما روي أن رجلًا ساق. حمارًا فضربه بعصًا كانت معه فطارت منها شظية فأصابت عينه ففقأتها فجعل عمر بن الخطاب ديته على عاقلته وقال: يد من أيدي المسلمين لم يصيبها اعتداء على أحد، ولم نعرف له مخالفًا في عصرهم، والأول أصح في القياس.
(6)
(ديته) هذا المذهب وبه قال ابن الزبير وشريح والنخعي والشافعي وإسحق، لما روي علي بن رباح اللخمي أن رجلًا كان يقود أعمى فوقعا في بئر وخر البصير فوقع الأعمى فوق البصير فقتله فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى فإن مات الثاني بوقوعه على الأول فدمه هدر لأنه مات بفعله، وإن سقط ثالث فمات الأول من سقطتهما فديته على عاقلتهما ودية الثاني على عاقلة الثالث ودم الثالث هدر، هذا إذا كان الوقوع هو الذي قتله فإن كان البئر عميقًا يموت الواقع بمجرد وقوعه فيه فلا ضمان على أحد.
الثالث فلا شيء على الثالث وديته على الثاني
(1)
ودية الثاني على الأول ودية الأول نصفها يقابل فعل نفسه فيلغو ونصفها على عاقلة الثاني والثالث. وإن خر رجل في زبية أسد فجذب آخر وجذب الثاني ثالثًا وجذب الثالث رابعًا فقتلهم فالقياس أن دم الأول هدر وعلى عاقلته دية الثاني وعلى عاقلة الثاني دية الثالث وعلى عاقلة الثالث دية الرابع
(2)
.
(فصل) ومن اضطر إلى طعام إنسان غير مضطر أو شرابه فطلبه منه فمنعه إياه حتى مات بذلك ضمنه المطلوب منه بديته في ماله
(3)
فإن لم يطلبه المضطر لم يضمنه. ومن أمكنه إنجاء آدمي أو غيره من هلكة كماء ونحوه فلم يفعل حتى هلك لم يضمن
(4)
ولو أخذ منه ترسًا يدفع به عنه ضربًا أو ما يدفع به صائلًا فتلف ضمنه.
(1)
(على الثاني) في أحد الوجهين هذا المذهب جزم به في الوجيز ومنتخب الأدمي لأنه هو الذي جذبه وباشر بذلك والمباشرة تقطع حكم السبب وفي الثاني على الأول والثاني نصفين صححه في التصحيح.
(2)
(دية الرابع) ولا شيء عليه لأنه لم يفعل شيئًا وهذا المذهب جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع وفيه وجه آخر أن دية الثالث على عاقلة الأول والثاني نصفين ودية الرابع على عاقلة الثلاثة أثلاثًا لأن جذب الثاني للأول سبب في جذب الثالث وجذب الثالث سبب لإِتلاف الرابع، وقد روى حنش الصنعاني "أن قومًا من أهل اليمن حفروا زبية للأسد فاجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيًا وجذب الثاني ثالثًا ثم جذب الثالث رابعًا فقتلهم الأسد، فرفع ذلك إلى علي فقال: للأول ربع الدية لأنه هلك فوقه ثلاثة وللثاني ثلث الدية لأنه هلك فوقه إثنان وللثالث نصف الدية لأنه هلك فوقه واحد. وللرابع كمال الدية وقال: إنى أجعل الدية على من حضر رأس البئر، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هو كما قال" رواه سعيد بن منصور فذهب أحمد إلى ذلك توقيفًا على خلاف القياس. وقد ذكر بعض أهل العلم أن هذا الحديث لا يثبته أهل النقل وأنه ضعيف والقياس ما قلناه فلا ننتقل عنه إلى مالا ندرى ثبوته ولا معنأه. قال ابن القيم: والصواب أنه مقتضى القياس والعدل لأن الجناية إذا حصلت من فعل مضمون ومهدر سقط ما يقابل المهدر واعتبر ما يقابل المضمون إلى آخر كلامه.
(3)
(في ماله) لما روي أن رجلًا أتى أهل أبيات فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات فأغرمهم عمر ديته حكاه أحمد في رواية ابن منصور وقال أقول به، قال القاضي وأبو الخطاب في رؤس مسائله ولم يعرف له مخالف، ولا تحمله العاقلة في ظاهر كلام أحمد لأن مانع الطعام تعمد الفعل الذي يقتل غالبًا، وقال القاضي تكون على عاقلته.
(4)
(لم يضمن) لأنه لم يتسبب لهلاكه بخلاف التي قبلها.