الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الضمان
(1)
والكفالة
الضمان التزام من يصح تبرعه ولو مفلسًا برضاهما
(2)
ما وجب أو يجب على غيره مع بقائه عليه
(3)
ويصح بلفظ ضمين وكفيل وكل ما يؤدى معنى التزام ما عليه،
فإن قال لشخص أنا أؤدى أو أحضر ما عليه لم يصر ضامنًا، وقال الشيخ: قياس المذهب يصح بكل لفظ فهم منه الضمان عرفا مثل زوجه وأنا أؤدي الصداق أو بعه وأنا أعطيك الثمن
(4)
ويثبت الحق في ذمة الضامن مع بقائه في ذمة المضمون عنه
(5)
وإن ضمن وهو مريض مرضًا غير مخوف أو مخوفًا ولم يتصل به الموت فكالصحيح ويصح الضمان من أخرس بإشاره مفهومة ولا يثبت بكتابته مفردة عن إشارة يفهم بها المقصود، وكذلك سائر تصرفاته، ويصح أن يضمن الحق عن واحد اثنان فأكثر، سواء ضمن كل واحد جميعه أو جزءًا منه، ولا يعتبر كون الحق معلومًا
(6)
ولا واجبًا إذا كان مآله إلى العلم والوجوب
(7)
فإذا قال ضمنت مالك على فلان أو ما تداينه
(1)
(الضمان) مشتق من الضم قدمه في المغنى والشرح والفائق فيثبت في ذمتهما جميعًا.
(2)
(برضاهما) لأن الحجر عليه في ماله لا في ذمته كالراهن يتصرف في غير الرهن.
(3)
(مع بقائه عليه) وعلة ذلك أن المضمون عنه لا يبرأ بنفس الضمان كما يبرأ بنفس الحوالة قبل القبض.
(4)
(وأنا أعطيك الثمن) أو لا تطالبه وأنا أعطيك ما عليه، لأن الشرع لم يحد ذلك فرجع إلى العرف، وحجة الأول أنه وعد.
(5)
(في ذمة المضمون عنه) لحديث "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" وفى حديث أبى قتادة "الآن بردت عليه جلدته" حين أخبره بقضاء دينه، وهو ثابت بالإِجماع، وسنده قوله تعالى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} يعنى كفيل.
(6)
(كون الحق معلومًا) وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، وقال الثوري والليث والشافعي وابن المنذر: لا يصح لأنه التزام مال فلم يصح كالثمن. ولنا قوله: {حِمْلُ بَعِيرٍ} وهو غير معلوم لاختلافه.
(7)
(إلى العلم والوجوب) لأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة فصح في المجهول كالإقرار.
به
(1)
أو ما يقر لك به أو ما تقوم به البينة عليه أو يخرجه الحساب بينكما ونحوه
صح
(2)
ومنه ضمان السوق، وهو ما يلزم التاجر من دين وما يقبضه من عين مضمونة، قال الشيخ: تجوز كتابته والشهادة به لمن لم ير جوازه لأنه محل اجتهاد
(3)
واختار صحة ضمان الحارس ونحوه وتجار حرب ما يذهب من البلد أو البحر وأن غايته ضمان ما لم يجب، وضمان المجهول كضمان السوق وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التجار للناس من الديون وهو جائز عند أكثر العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد وقال أيضًا: الطائفة الواحدة الممتنعة من أهل الحرب التي ينصر بعضها بعضا تجرى مجرى الشخص الواحد في معاهداتهم، وإذا شرطوا على أن تجارهم يدخلون دار الإسلام بشرط أن لا يأخذوا للمسلمين شيئًا وما أخذوه كانوا ضامنين له والمضمون يؤخذ من أموال التجار جاز ذلك ويجب على ولى الأمر إذا أخذوا مالا لتجار المسلمين أن يطالبهم بما
(1)
(أو ما تداينه به) صح وهو من أمثلة ما يؤول إلى الوجوب.
(2)
(صح) ذلك وهو من أمثلة المجهول أيضًا.
(3)
(لأنه محل اجتهاد) قال: وأما الشهادة على العقود المحرمة على وجه الإِعانة عليها فحرام.
ضمنوه ويحبسهم على ذلك كالحقوق الواجبة اهـ. وله إبطال الضمان قبل وجوبه.
(فصل) ويصح أن يضمن الضامن آخر فيثبت الحق في ذمم ثلاثة أيهم قضاه بزلت ذممهم كلها، فإن أبرأ الغريم الضامن الأول بريء الضامنان وإن أبرأ الثاني برئ وحده، ومتى حصلت براءة الذمة بالإِبراء فلا رجوع فيها. والكفالة كالضمان في هذا المعنى. ويصح ضمان دين الميت ولو غير مفلس ولا تبرأ ذمته قبل القضاء
(1)
قال الشيخ: أو تغيب مضمون عنه أطلقه في موضع وقيده في موضع بقادر على الوفاء فأمسك الضامن وغرم شيئًا بسبب ذلك وأنفقه في الحبس رجع به على المضمون عنه
(2)
ويصح ضمان نفقة الزوجة مستقبلة كانت أو ماضية، ويلزمه ما
يلزم الزوج ولو زاد على نفقة المعسر، وإن قضى الضامن الدين أو أحال به ناويًا الرجوع يرجع
(3)
ولو كان الضمان والقضاء أو أحدهما بغير إذن المضمون عنه
(4)
وإن ادعى ألفا على حاضر وغائب وأن كلًّا ضامن عن صاحبه فاعترف الحاضر بذلك أو قامت به بينة فله أخذ الألف منه، فإذا قدم الغائب واعترف رجع عليه صاحبه بنصفه، وإن أنكر فقوله مع يمينه، وإن أنكر الحاضر فقامت عليه بينة فاستوفى منه لم يرجع على الغائب بشئ
(5)
فإن اعترف الغائب ورجع الحاضر فله
(1)
(قبل القضاء) لقوله عليه الصلاة والسلام "الآن بردت عليه جلدته" رواه أحمد.
(2)
(على المضمون عنه) قال في الإنصاف: وهو الصواب الذي لا يعدل عنه اهـ، لأنه تسبب في غرمه، لكن قال في شرح المنتهى. إذا ضمنه بإذنه وإلا فلم يتسبب في ظلمه.
(3)
(يرجع) وأجاب في المغني والشرح عن قضية أبي قتادة أنه تبرع بالضمان والقضاء قصدًا لتبرئة ذمته ليصلي عليه الصلاة والسلام عليه، مع علمه بأنه لم يترك وفاء وبه قال مالك والشافعي.
(4)
(بغير إذن المضمون عنه) هذه رواية، وبها قال مالك، والثانية لا يرجع، وبها قال أبو حنيفة والشافعي.
(5)
(لم يرجع على الغائب بشيء) لإِقراره أن لا حق عليهما وإنما المدعى ظلمه.
الاستيفاء منه، ويصح ضمان الحال مؤجلًا
(1)
وإن ضمن المؤجل حالًا صح ولم يلزم قبل أجله.
(فصل) والكفالة صحيحة
(2)
وهي التزام رشيد برضاه إحضار من عليه حق مالي إلى ربه. وتنعقد بألفاظ الضمان كلها، وإن ضمن معرفة إنسان
(3)
أخذ به وقال الشيخ: معناه أني أعرفك من هو وأين هو، كأنه قال ضمنت لك إحضاره، فإن لم يعرفه ضمن، وإن عرفه فليس عليه أن يحضره
(4)
قال الشيخ: إن كان المكفول في حبس الشرع فسلمه إليه فيه برئ الكفيل، ولا يلزمه إحضاره منه إليه عند أحد من الأئمة ويمكنه الحاكم من الإِخراج ليحاكم غريمه ثم يرده. ولو قال: أعط فلانًا ألفًا ففعل لم يرجع على الآمر، ولم يكن ذلك كفالة ولا ضمانًا. ولو خيف من غرق السفينة فقال بعض أهلها ألق متاعك فألقاه فلا ضمان على الآمر. والسجان كالكفيل فيغرم إن هرب المحبوس وعجز عن إحضاره قاله الشيخ
(5)
. ولو كان لرجل على آخر دين وله بالدين ضامن فأبرأ الأصيل مثل أن قيل ضع عن من عليه الدين بعضه ونحو ذلك فقال إن دينى على الضامن مالى على هذا دين على ظنه أن
الأصل يبرأ لم تحصل البراءة
(6)
.
(1)
(ضمان الحال مؤجلًا) نص عليه الحديث رواه ابن ماجة عن ابن عباس مرفوعًا، فإن قيل الدين الحال لا يتأجل فكيف تأجل على الضامن قلنا: الحق يتأجل في ابتداء ثبوته إذا كان ثبوته بعقد، وهذا ثبوته في حق الضامن ابتداء فإنه لم يكن ثابتًا عليه حالًا.
(2)
(والكفالة صحيحة) لقوله تعالى: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} .
(3)
(إن ضمن معرفة إنسان) بأن جاء إنسان إلى آخر يستدين منه فقال له: أنا لا أعرفك، فضمن له إنسان معرفته.
(4)
(فليس عليه أن يحضره) مفرعًا على ما اختاره، قال وظاهر رواية أبي طالب المذكورة لا يخالف ذلك بل يوافقه.
(5)
(قاله الشيخ) واقتصر عليه في الفروع وقال ابن نصر الله: الأظهر أنه كالوكيل في حفظ الغريم إن هرب بتفريطه لزمه إحضاره وإلا فلا.
(6)
(لم تحصل البراءة) أفتى به الشيخ ابن عبد الوهاب وقال ابن عطوة أفتى شيخنا في رجل له على آخر دين له به ضامن، فسئل أن يضع بعضه فقال ديني إلى آخره، وقال ابن عقيل نعوذ بالله أن نلزم أحدًا بلازم من لوازم قوله وهو يفر من ذلك اللازم لم يسقط به حقه اهـ. وفى المغنى ولا من رضى شيئًا بناء منه على ظن فتبين خلافه.