الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ذكر أهل الزكاة
وسئل الشيخ عمن ليس معه ما يشتري به كتبًا يشتغل فيها فقال: يجوز أخذه وما يحتاج إليه من كتب العلم التي لابد لمصلحة دينه ودنياه منها
(1)
وما يعرض لجائع وعار وأسير ونحوه فيجب عند وجود سببه مع أنه ليس في المال حق سوى الزكاة
(2)
وإذا تفرغ للعلم قادر على التكسب أعطى لا للعبادة، ومن ملك نقدًا ولو خمسين درهمًا
(3)
أو أكثر أو قيمتها من الذهب أو غيره ولو كثرت قيمته لا يقوم بكفايته فليس بغني فيأخذ تمام كفايته سنة. قال أحمد: إذا كان له ضيعة أو عقار يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تكفيه يأخذ من الزكاة وكذا من لها حلى للبس أو كراء تحتاج إليه. والغنى هنا ما يحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه الزكاة وإن لم يملك شيئًا، وإن كان محتاجًا حلت له ولو ملك نصابًا فأكثر
(4)
ومن أبيح
له أخذها أبيح له سؤاله ويحرم السؤال وله ما يغنيه. ولا بأس بمسئلة شرب الماء والاستعارة والاستقراض. وإن أعطى مالًا من غير مسئلة ولا استشراف نفس مما يجوز أخذه استحب أخذه وإن
(1)
(لمصلحة دينه ودنياه منها) قلت واسل ذلك غير خارج عن الأصناف، لأن ذلك من جملة ما يحتاجه طالب العلم فهو كنفقته.
(2)
(سوى الزكاة) وفاقًا. وعن ابن عباس مرفوعًا "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقى من أموالكم.
(3)
(ولو خمسين درهمًا) إما حديث ابن مسعود فأجب عنه بضعف الخبر، وحمله المجد على وقت كانت الكفاية الغالبة فيه خمسين درهمًا".
(4)
(نصابًا فأكثر) لقواله في حديث قبيصة "حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش" رواه مسلم. وقول عمر: أعطوهم ولو راحت عليهم الإِبل كذا وكذا.
استشرفت نفسه فلا بأس بالرد، وإن سأل غيره لمحتاج غيره فلا بأس، والتعريض أعجب إلى أحمد، وإن أعطى مالًا يفرقه جاز أخذه وعدمه، وحسن أحمد عدم الأخذ، وأجرة كيلها ووزنها في أخذها ومؤنة دفعها على المالك. وإن ادعى العامل دفعها إلى الفقير وأنكر صدق الكل بلا يمين، وإن رأى الإِمام إعطاء العالم أجرته من بيت المال أو يجعل له رزقًا فيه ولا يعطيه منها شيئًا فعل، وإن عمل الإِمام أو نائبه على الزكاة لم يكن له أخذ شيء منها لأنه يأخذ رزقه من بيت المال، ويقدم العامل بأجرته على غيره من أهل الزكاة
(1)
وإن تطوع بعمله فأعطى فله أخذه لقصة عمر
(2)
ولا يجوز له قبول هدية من أرباب المال ولا أخذ رشوة، قال الشيخ: ويلزمه رفع حساب ما تولاه إن طلب منه، ويجوز الدفع إلى سيد المكاتب بلا إذنه وهو أولى، فإن رق أخذت من سيده
(3)
ولو عتق تبرعًا من سيده أو غيره فما معه منها له في قول ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها، وعنه لا
يجوز، ولا يجوز إعتاق عبده أو مكاتبه عنها
(4)
ومن أعتق
(1)
(من أهل الزكاة) لأنه يأخذ في مقابلة عمله بخلافهم.
(2)
(لقصة عمر) وهي "أنه عليه الصلاة والسلام أمر له بعمالة فقال: إنما عملت لله، فقال إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكل وتصدق" متفق عليه.
(3)
(من سيده) بخلاف ما لو دفعت إلى المكاتب ثم دفعها لسيده.
(4)
(عنها) ولو كان ماله عبيدًا للتجارة لأن ذلك ليس إيتاء للزكاة، وهو بمنزلة العروض.
من الزكاة فما رجع من ولائه رد في عتق مثله في رواية، وما أعتقه الساعي من الزكاة فولاؤه للمسلمين
(1)
ولا يعطى المكاتب بحكم الفقر لأنه عبد ويدفع لمن غرم لغيره ما يؤدى حمالته وإن كان غنيًا أو شريفًا وإن كان قد أدى ذلك لم يكن له أن يأخذ لأنه سقط الغرم، ويجوز الأخذ لقضاء دين الله تعالى، ومن دفع له لفقر جاز أن يقضى به دينه فالمذهب أن من أخذ شيئًا بسبب يستقر الأخذ به وهو الفقر والمسكنة والعمالة والتأليف صرفه فيما شاء كسائر ماله، وإن لم يستقر صرفه فيما أخذه له خاصة لعدم ثبوت ملكه عليه من كل وجه، وإن دفع المالك إلى الغريم بلا إذن الفقير صح
(2)
كما أن للإِمام قضاء الدين عن الحي من الزكاة بلا وكالة، والحج من سبيل الله نصًّا
(3)
فيأخذ ما يؤدى به فرض حج وعمرة أو يستعين به فيه، وحرز القاضي الأخذ لحج التطوع وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي
(4)
.
(فصل) ولا يعطى أحد مع الغنى
(5)
إلا أربعة: العامل والمؤلف والغازى والغارم
لإِصلاح ذات البين
(6)
وإن فضل مع غارم ومكاتب - حتى ولو سقط ما عليهما ببراءة أو غيرها - وغاز وابن سبيل شيء بعد حاجتهم لزمهم رده، وإن فضل مع المكاتب شيء عن حاجته من صدقة تطوع لم يسترجع منه. والباقون يأخذون أخذا مستقرًا فلا يردون شيئًا. ولو ادعي الفقر من عرف بالغنى لم يقبل إلا ببينة، ويكفى اشتهار الغرم
(1)
(فولاؤه للمسلمين) لأنه نائب عنهم، وأما المكاتب إذا عتق بأدائه من الزكاة فولاؤه لسيده لأنه عتق بسبب كتابته.
(2)
(صح) وبرئ لأنه دفع الزكاة في قضاء دين المدين أشبه ما لو دفعها إليه فقضى بها دينه.
(3)
(نصًّا) روى عن ابن عباس وابن عمر، لما روى أبو داود "أن رجلًا جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم "اركبيها فإن الحج من سبيل الله".
(4)
(الخرقي) وصححه بعضهم لأن كلا من سيل الله والفقير لا فرض عليه فهو منه كالتطوع.
(5)
(مع الغني) لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تحل الصدقة لغني ولا ذي مرة سوى" رواه أبو داود والترمذي من حديث عمرو بن العاص، والمرة القوة والشدة، والسوى الخلق التام الأعضاء.
(6)
(ذات البين) لحديث أبي سعيد مرفوعًا "لا تحل الصدقة لغني، إلا لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها أو لغارم" رواه أبو داود.
لإِصلاح ذات البين، والبينة فيمن عرف بالغنى ثلاثة رجال
(1)
وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى وكان جلدًا ولم يعرف له مال وذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين بعد أن يخبره وجوبًا أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، والقدرة على اكتساب المال بالبضع ليس بغنى معتبر
(2)
ويستحب صرفها في الأصناف الثمانية، ولا يجب الاستيعاب ولا التعداد من كل صنف، فلو اقتصر على صنف منها أو واحد منه أجزأه
(3)
وليس لرب المال ولا لوكيله في تفرقتها أخذ نصيب العامل لكونه فعل وظيفة العامل
(4)
ويجزى السيد دفع زكاته إلى مكاتبه وإلى غريمه ليقضى
بها دينه ما لم يكن حيلة نص عليه. وقال: إن أراد إحياء ماله لم يجز. وقال القاضي وغيره: معنى الحيلة أن يعطيه بشرط أن يردها عليه من دينه لأن من شرطها تمليكًا صحيحًا. وإن رد الغريم من نفسه ما قبضه وفاء عن دينه من غير شرط ولا مواطأة جاز أخذه وإن كان الأجنبي أحوج فلا يعطى القريب ويمنع البعيد، ولا يحابي بها قريبه ولا يدفع بها مذمة ولا يستخدم بسببها قريبًا ولا غيره ولا يقى بها ماله، والجار أولى من غيره، والقريب أولى منه، ويقدم العالم وأهل الدين وذو العائلة على ضدهم.
(فصل) ولا يجوز دفعها إلى الوالدين وإن علوا ولا الولد وإن سفل في حال وجوب نفقتهم عليه إجماعًا، وإن كانوا في حال لا تجب نفقتهم فكذلك على المذهب، وقيل تجوز والحالة هذه واختاره الشيخ ويأخذ لكونه عاملًا مؤلفًا وغازيًا وغارمًا لإِصلاح ذات البين ولغرم نفسه في اختيار الشيخ، كل عصبة غيرهم إذا لم يرث يعطى، ولبني هاشم - إلا النبي صلى الله عليه وسلم - الأخذ من صدقة التطوع
(5)
ومن وصايا الفقراء
(1)
(ثلاثة رجال) لما في حديث قبيصة من قوله عليه الصلاة والسلام "لا تحل المسئلة إلا لأحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسئلة حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش" رواه مسلم.
(2)
(ليس بغني معتبر) فلا تمنع المرأة الفقيرة من أخذ الزكاة إذا كانت ممن يرغب في نكاحها وتقدر على تحصيل المهر بالنكاح لأنه لا يقصد المال.
(3)
(أجزأه) نص عليه، تتمته في الزاد، ولحديث قبيصة "أقم عندنا حتى تأتينا الصدقة حتى نأمر لك بها" ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحد.
(4)
(وظيفة العامل) لأن أداءه واجب عليه فلا يأخذ في مقابلته عوضًا، ولأنه يسمى عاملًا.
(5)
(من صدقة التطوع) لأنهم إنما منعوا من الزكاة لكونها أوساخ الناس، وصدقة التطوع ليست كذلك.
ولا يجزى دفعها إلى سائر من تلزمه مؤنته من أقاربه ممن يرثه، فلو كان أحدهما يرث والآخر لا يرثه كأخوين لأحدهما ابن ونحوه فذو الابن يرث الآخر دون عكسه فالوارث منهما تلزمه مؤنته فلا يدفع زكاته إلى الموررث، وغير الوارث يجوز له دفعها إلى الوارث، وإن تبرع بنفقة قريب أو يتيم أو غيره ضمه إلى عياله دفعها إليه، كل من حرمت عليه الزكاة فله قبولها هدية ممن أخذها من أهلها
(1)
والصغير ولو لم يأكل الطعام كالكبير فيصرف ذلك في أجرة رضاعه وكسوته وما لابد منه ويقبل ويقبض له منها ولو مميزًا ومن هبة ماله وهو وليه، وفي المغنى يصح قبض
المميز اهـ. وعند عدم الولي يقبض له من يليه من أم وغيرها
(2)
ولو دفع صدقة التطوع إلى غنى وهو لا يعلم لم يرجع
(3)
وصدقة التطوع مستحبة كل وقت إجماعًا
(4)
وفي السر أفضل وبطيب نفس، وهي على ذي الرحم صدقة وصلة لا سيما مع العداوة: الحار، ومن كان له عائلة ولهم كفاية أو يكفيهم بكسبه وأراد الصدقة بماله كله ويعلم من نفسه حسن التوكل والصبر
(1)
(من أهلها) لقوله عليه الصلاة والسلام "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل أو رجل اشتراها بماله أو غاز في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه فأهدى منها لغني أو لغارم" رواه أبو داود وابن ماجه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم "أكل مما تصدق به على أم عطية وقال: إنها بلغت محلها" متفق عليه.
(2)
(من أم وغيرها) نص عليه، نقل هارون الحمال في الصغار يعطي أولياؤهم: فقلت ليس لهم ولي، قال: يعطي من يعنى بأمرهم.
(3)
(لم يرجع) لأن المقصود الثواب ولم يفت، بخلاف الزكاة إذا دفعها لكافر ونحوه.
(4)
(إجماعًا) لأن الله تعالى أمر بها ورغب فيها وحث عليها قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ} الآية وحديث أبي هريرة في الزاد، وعن أنس مرفوعًا "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء" رواه الترمذي وحسنه.
عن المسئلة فله ذلك
لقصة الصديق
(1)
وإلا كره
(2)
وتضاعف الحسنات في كل زمان ومكان فاضل كالعشر والحرمين، والفقير لا يقترض ويتصدق، ووفاء الدين مقدم على الصدقة،
وتجوز الصدقة على الكافر
(3)
والغني ولهم أخذها، ويستحب التعفف فلا يأخذ الغني صدقة ولا يتعرض لها
(4)
ويحرم المن بالصدقة،
(1)
(لقصة الصديق) رضي الله عنه، وهي أنه جاء بجميع ما عنده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقال: الله ورسوله" وكان تاجرًا ذا مكسب.
(2)
(وإلا كره) لما روى جابر قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها صدقة، ما أملك غيرها. فأعرض عنه. ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن، فأعرض عنه، فأتاه من قبل ركنه الأيسر فأعرض عنه، ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته، فقال عليه الصلاة والسلام: يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، رواه أبو داود، وفي رواية "خذ مالك لا حاجة لنا فيه".
(3)
(على الكافر إلى آخره) لأن عمر كسا خاله مشركًا حلة كان النبي صلى الله عليه وسلم كساه إياها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبنت أبى بكر، صلى أمك" وكانت قدمت عليها مشركة.
(4)
(ولا يتعرض لها) وروى أبو سعيد مرفوعًا "فمن يأخذ مالا بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالًا بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع" متفق عليه.